كيف ستنقلب أوضاع آرتيتا بعد قمة مانشستر سيتي وآرسنال؟

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: بعد عودة اللاعبين من عطلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لا صوت في إنكلترا يعلو فوق قمة الأحد الكروي، التي ستجمع حامل لقب البريميرليغ في المواسم الثلاثة الأخيرة مانشستر سيتي بضحيته المفضلة آرسنال، مساء اليوم على ملعب «الاتحاد»، في ختام مواجهات الجولة الـ30 للدوري الأشهر والأكثر تنافسية على هذا الكوكب، حيث سيرفع كلا الفريقين شعار «لا بديل عن النقاط الثلاث»، أملا بإصابة عصفورين بحجر واحد، الأول وهو الأهم، القتال على الصدارة مع المنافس الثالث ليفربول حتى إشعار آخر، والثاني تحطيم معنويات الخاسر وإخراجه «عمليا» من دائرة المنافسة في الأسابيع التسعة المتبقية على نهاية النسخة المختلفة للدوري الإنكليزي الممتاز، وفي تقريرنا هذا سنستعرض التحول المنتظر في مستقبل مدرب الغانرز ميكيل آرتيتا بعد الاصطدام بمعلمه وأستاذه في المهنة، سواء تمكن من فك عقدته الأزلية في الجزء السماوي لعاصمة الشمال، أو عاد منهزما كما حدث 7 مرات في آخر 8 زيارات للمدفعجية للملعب الذي سيحتضن أم المعارك.

لا أعذار

يبقى الشيء المؤكد والثابت بالنسبة للمنافس قبل المؤيد، أنه بالكاد لم تعد هناك أعذار أو حجج بالنسبة للمدرب آرتيتا من الممكن أن تنطلي على مشجعي النادي، إذا أخفق في كسر عقدة المدفعجية مع البريميرليغ منذ عقدين من الزمن، تحديدا منذ نسخة اللاهزيمة تحت إشراف أستاذ المدربين آرسين فينغر وجيله الذهبي بقيادة الغزال الأسمر تييري هنري وأبناء جلدته روبير بيريز وباتريك فييرا وباقي العصابة، التي كما يقولون ورطت الملايين من عشاقهم في مراحل الطفولة والشباب، في ما تحول مع السنين إلى إدمان وتعلق بماضي آرسنال الجميل إلى الآن، خصوصا في مصر ومنطقة الخليج، رغم حملات السخرية والاستهزاء التي كان يتعرض لها النادي حتى فترة قصيرة، والتي بلغت ذروتها مرتين، الأولى ما تعرف بسنوات العجاف في النصف الثاني من رحلة العراّب الفرنسي، والثانية في فترة ما قبل وصول المدرب الإسباني الحالي، ومن يشاهد أوضاع المان سيتي في الوقت الراهن، سيتأكد أن آرتيتا أمام فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى في السنوات المقبلة، بعد حدوث آخر وأسوأ سيناريو كان ينتظره الفيلسوف بيب غوارديولا، بدأت بتعرض المدافع الأيمن كايل ووكر، لانتكاسة مزعجة على مستوى أربطة الركبة في أول 20 دقيقة في ودية إنكلترا ضد البرازيل، التي انتهت بفوز السحرة بهدف إندريك الوحيد، وفي نفس التوقيت، كان العائد من الإصابة بعد فترة غياب طويلة، جون ستونز، على موعد مع جرعة من الضغط المفاجئ، بإشراكه لمدة 90 دقيقة في المباراة الأولى، واختياره أساسيا في المباراة الثانية أمام بلجيكا التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما، فكانت الضريبة تعرضه لإصابة على مستوى العضلة الضامة، في أحدث انتكاسة للمدافع الجوكر، الذي خاض 11 مباراة فقط ضمن التشكيلة الأساسية للإعصار السماوي منذ بداية الموسم الحالي، حتى مانويل أكانجي، تعرض لكدمة قوية أجبرته على الانسحاب من معسكر المنتخب البلجيكي، والكابوس الحقيقي، ما أثير حول تعرض الحارس الأول إيدرسون، لإصابة على مستوى الفخذ، ناهيك عن غياب كيفن دي بروين وجاك غريليش عن أداء الواجب الوطني مع بلجيكا وإنكلترا، ما يعني أن السيتي قد يخوض مباراته الأهم هذا الموسم، بدون عدد لا بأس به من أسلحته الفتاكة وعناصره الأساسية، أو على أقل تقدير، بعيدا عن الحالة المخيفة التي كان عليها السيتي في فترة ما قبل العطلة الدولية وتراكم الأنباء التعيسة على بيب.

العقدة والشجاعة

في المقابل، يُقال إن الإصابات التي تعرض لها سفراء آرسنال الدوليين، تندرج تحت مسمى طفيفة، مثل بوكايو ساكا مع المنتخب الإنكليزي وغابرييل ماغالاس مع المنتخب البرازيلي، إلى جانب تعافي الشاب مارتينيلي من الجرح السيئ في قدمه، الذي تعرض له في ليلة الاحتفال على شيفيلد يونايتد بسداسة نظيفة مع الرأفة، كمؤشر الى أن الفريق اللندني في الغالب سيخوض المعركة بكامل أسلحته ونفس الأسماء التي سجلت ما مجموعه 17 هدفا في آخر 3 مباريات لعبها الفريق خارج القواعد قبل عطلة الفيفا، ولم يخسروا بوجه عام في 20 مباراة في مختلف المسابقات، في حين لا يبدو المان سيتي في المطلق بنفس الهيمنة والقوة المرعبة التي كان عليها في المواسم الأخيرة، وبالذات موسم الثلاثية الماضي، وظهر ذلك في أكثر من مناسبة، مثل ليلة الاستسلام أمام أستون فيلا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهروبه من «الآنفيلد» بنقطة بطعم الفوز في آخر قمة قبل أسبوع الفيفا، وغيرها من التصدعات التي كانت واضحة أمام توتنهام وكريستال بالاس وتشلسي، وبالطبع آرسنال ومدربه آرتيتا لديهما من الأدوات ما يكفي لزعزعة استقرار مضيفهم، وذلك كما أشرنا أعلاه لاستحالة العثور على فرصة مماثلة في المستقبل، لكن هذا يحتاج أو يتطلب ما أشار إليه مدافع الفريق في بداية الألفية غايل كليشي في تصريحات، بقوله: «يحتاج آرسنال إلى الشجاعة أمام السيتي لتحقيق ما يريد»، لافتا إلى ضرورة التأكيد على تجاوز الحاجز النفسي، الذي بدأ بوقف مسلسل الهزائم المحرجة منذ 2015، بالفوز في قلب ملعب «الإمارات» بهدف مارتينيلي في قمة قمم الأسبوع الثامن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي تحقق بعد تقلص الفجوة مع الدابة السوداء، متمثلة بالإضافة الكبيرة التي قدمها ديكلان رايس على مستوى خط الوسط، وتأثير عودة المدافع الفرنسي ويليام ساليبا، بعد تعافيه من جراحة في الرباط الصليبي، التي تسببت في غيابه عن الفريق في أهم فترات الموسم الماضي، إلى جانب زيادة نضوج وخبرة باقي عناصر الشباب العشريني.

أكون أو لا أكون

كما ستكون مباراة فارقة بالنسبة لآرتيتا ومشروعه مع آرسنال، ستكون فرصة مثالية للمنبوذ الألماني كاي هافرتز، الذي أثيرت حوله الكثير من الشكوك والقيل والقال بعد مباركة صفقة انتقاله من تشلسي الصيف الماضي مقابل رسوم قُدرت بنحو 65 مليون جنيه إسترليني، في ما كان ظاهريا لملء الفراغ الذي سيتركه غرانيت تشاكا بعد الموافقة على بيعه لليفركوزن الألماني في نفس التوقيت، ورغم الحملات الشعواء التي كان يتعرض لها في الأشهر الأولى في رحلته مع المدفعجية، لعدم وضوح دوره في مشروع المدرب آرتيتا، تماما كما كان وضعه مع البلوز، إلا أنه عرف كيف يستغل غياب المهاجم غابرييل جيسوس، ليبدأ في كسب ثقة ودعم المشجعين، لاسيما بعد وصوله لذروة نشاطه التهديفي، بالتسجيل في آخر 3 مباريات خاضها الفريق قبل توقف الفيفا أمام نيوكاسل وشيفيلد يونايتد وبرينتفورد. وكما أشرنا أعلاه، ربما يضطر غوارديولا لبدء المباراة بخط دفاع مؤقت، ومعها تكون فرصة هافيرتز لإسكات كل المشككين في إمكاناته ولو مرة واحدة إلى الأبد، كما اشترى قلوب مشجعي تشلسي إلى يوم يبعثون بفضل هدفه التاريخي في ليلة الفوز التتويج الثاني بدوري أبطال أوروبا على حساب نفس المنافس السماوي في العام التالي لجائحة كورونا، وهذا ما يحلم به آرتيتا ويتمنى رؤيته على أرض الواقع في ملحمة اليوم، ليثبت أنه يستحق التواجد في نفس مستوى ومكانة أستاذه بيب غوارديولا والألماني العبقري يورغن كلوب، لصعوبة وضع كأس الاتحاد الإنكليزي في مقارنة مع الفوز بإحدى البطولتين المرموقتين دوري أبطال أوروبا والدوري الإنكليزي، أما في حال تعرض للهزيمة، فستكون أشبه بالضربة القاضية لفرص المدفعجية للمنافسة على لقب البريميرليغ، مقارنة بالفوز الذي سيدفع آرتيتا ومشروعه إلى آفاق جديدة، أبسطها التقدم خطوة عملاقة نحو تحقيق حلم اللقب الغائب منذ عشرين عاما، وأيضا الاستعداد لموقعة مرتقبة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، حال تمكن الغانرز من رد ديونه القديمة لبايرن ميونيخ، والسيتي واصل توفقه على نادي القرن الماضي ريال مدريد في قمتي ربع نهائي الأبطال، فهل يا ترى سينجح آرتيتا في تجاوز الحاجز النفسي لملعب «الاتحاد»؟ أم سيعود من هناك بأسئلة تشكك في قدرته على أخذ الفريق إلى المستوى التالي أو ما هو أبعد من مجرد المنافسة على البريميرليغ والعودة إلى المشاركة في الكأس ذات الأذنين؟ هذا ما سيجيب عليه صاحب الشأن وكتيبته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية