كيف تنظر إسرائيل إلى محور “حزب الله – حماس”؟

حجم الخط
0

تتفق محافل الاستخبارات والتقدير في إسرائيل على أن هذه السنة هي الأكثر تفجراً من أي وقت مضى خصوصاً في شهر رمضان المقبل، الذي سيبدأ بعد أسبوع، وأسباب ذلك متنوعة: موجة الإرهاب التي تتواصل في “المناطق” [الضفة الغربية] منذ أكثر من سنة، ووهن حوكمة السلطة الفلسطينية، والقطيعة بين إسرائيل وأجهزتها الأمنية، والتحريض المستمر من جانب جملة محافل في الشبكات الاجتماعية، وكذا الأزمة الداخلية العميقة في إسرائيل والتي تبعث لدى غير قليل من المحافل في المنطقة أفكاراً تقول إنها هشة أكثر من أي وقت مضى.

وقد قدم نصر الله دليلاً على ذلك، إذ قال في الأسبوع الماضي إن إسرائيل ستنهار قبل أن تحيي سنتها الـ 80. كان نصر الله فناناً معروفاً وناجحاً على نحو خاص في العزف على المشاعر الإسرائيلية، سحره خفت قليلاً لكنه في السنوات الأخيرة، بات يكثر من إطلاق الشعارات عديمة الأساس. وقد نجح هذا على الإسرائيليين بقدر أقل، لأن نصر الله – بينما لا يزال في خندقه في بيروت – يعتبر مهدداً أكثر ومنفذاً أقل.

غير أنه يجدر تناول أقواله الأخيرة بجدية أكبر بقليل. ففي السنة الماضية، رفع نصر الله رهانه عشية التوقيع على الاتفاق على توزيع المياه الاقتصادية بين إسرائيل ولبنان في محاولة لجني مرابح من النجاح أو إعداد التربة للتصعيد في حالة الفشل. منذئذ، هدأ وعاد للاهتمام بشؤون لبنان الداخلية. أما الآن فقد عاد إلى موضوعه المحبب – إسرائيل.

منذ حرب لبنان الثانية في 2006، امتنع نصر الله عن تصعيد غير منضبط للحدود مع إسرائيل. ولم يشذ عن هذه السياسة إلا في حالات قليلة هاجمت فيها إسرائيل لبنان أو مست برجاله (حتى على الأراضي السورية). وأدى هذا في عدة حالات إلى توتر موضعي في الحدود، كان للطرفين مصلحة في تهدئته للامتناع عن سوء تقدير كاد يؤدي إلى تصعيد، بل وإلى حرب.

لكن يخيل أن نصر الله الآن يخطئ في تقدير متجدد بأن إسرائيل هشة أكثر من ذي قبل، ويستعد تنظيمه لذلك منذ زمن. وخير مثال على ذلك إعادة خط الاستحكامات العلني لـ “حزب الله” إلى حدود لبنان لغرض الرقابة وإطلاق القوات. احتجت إسرائيل على ذلك عدة مرات مؤخراً لدى القوات الدولية، بل وحاولت إدخال محافل دولية مختلفة، فيما حذرت من تصعيد محتمل، بلا جدوى حالية.

بالتوازي، سرعت حماس في السنة الأخيرة تموضعها في لبنان، ولا سيما في مخيمات اللاجئين في صور وصيدا. يجري هذا النشاط بقيادة صالح العاروري – المسؤول عن النشاط الخارجي للذراع العسكري لحماس – الذي يسعى لتثبيت جبهة إضافية ضد إسرائيل تستخدم في حالة تصعيد في غزة أو الضفة. جند العاروري ورجاله مئات الفلسطينيين ودربوهم على إطلاق الصواريخ وإعداد العبوات وزرعها، وبنية استخدامهم في يوم الأمر.

منع الصعيد من خلال التنسيق السياسي

نشاط حماس هذا يتم تحت عين “حزب الله” المفتوحة، وبالتنسيق معه. ليس واضحاً ما هي مصلحة نصر الله في ذلك؛ فقد امتنع تنظيمه في السنوات الأخيرة عن تعريض لبنان للخطر أو توريطه، وإذا ما عملت حماس انطلاقاً من مصالحها (أو بضغط إيراني) فربما تجر حدود الشمال و”حزب الله” إلى تصعيد غير مرغوب فيه، يوقع الخراب على لبنان.

ما يميز حماس في السنوات الأخيرة هي سياسة النشاطات هذه التي تتجاوز الساحات؛ فالمنظمة تشجع ناشطيها في الضفة على تنفيذ العمليات، وإن كانت غير معنية بجر حرب في غزة الآن. يخيل أن حماس في هذا السياق لم تستوعب دروس الماضي بعد اختطاف وقتل الفتيان الثلاثة في 2014 مما أدى إلى حملة “الجرف الصامد” في غزة، وربما تعود لتخطئ الآن.

احتمال ذلك يزداد في شهر رمضان المعد للعنف على أي حال، وعلى خلفية مدى واسع لإخطارات العمليات. منذ بداية السنة قتل 14 إسرائيلياً في عمليات إرهابية، وفي بعض الحالات لم تقع إصابات في الأرواح؛ كما حدث في انفجار العبوة أول أمس قرب مفترق مجيدو، الذي أصيب فيه مواطن إسرائيلي عربي بجروح خطيرة. ولما لم يكن للجريح ماض أمني، يبدو أنها محاولة عملية نفذت بواسطة عبوة جانبية، من النوع الذي تعرفه إسرائيل جيداً من عهد وجود الجيش الإسرائيلي في الحزام الأمني في جنوب لبنان.

هذا التحدي متعدد الساحات يلزم إسرائيل بسلوك متوازن ومسؤول في ظل تنسيق بالحد الأقصى مع جملة جهات – من الولايات المتحدة، وأوروبا والأمم المتحدة، وحتى مصر، والأردن ودول الخليج – في محاولة لمنع التصعيد. هذه مهمة غير بسيطة، فيما يكون في داخل الكابينت السياسي الأمني محافل هي بذاتها تضعضع الاستقرار في الوقت الذي يمزق فيه الخلاف حول التشريعات إسرائيل من الداخل ويهدد وحدتها وأهلية جيشها، ومن شأنه أن يحفز أعداءها على العمل.

بقلميوآف ليمور

 إسرائيل اليوم 15/3/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية