كريستين شويري: أتمنى لو وجدت وكالة تتحدث بإسم الفنان وتختار الأعمال المناسبة له

زهرة مرعي
حجم الخط
0

حضرت كالنسمة في فيلم «أرض الوهم» وفي شخصية تختلف مع مضمونها

بيروت ـ «القدس العربي»: من دون تمثيل كريستين شويري شخصية هادئة، مطمئنة ومتصالحة مع ذاتها. حضرت في العديد من الأفلام اللبنانية والمصرية والسورية، ودائماً كانت في الدور الذي تمنحه كافة قدراتها، وتنجح.

جديد كريستين شويري دور لفتني مضمونه في فيلم «أرض الوهم» للمخرج والكاتب كارلوس شاهين. إنها «أوجيني» الزوجة المستسلمة لقدرها، الراضية بلقب «الشيخة» من دون أن يكون لها رأي أو موقف أو اعتراض. تكتفي بالصلاة والعبادة والتضرع للسيدة العذراء، تؤمن بأنها ستحلّ مشاكلها جميعها. كان حضورها كما النسمة.
على صعيد الدراما التلفزيونية فقد ظهرت كريستين شويري في أهمها في نتاجات لبنانية وسورية. منذ سنتين ليس لها جديد على الشاشة الصغيرة. تمنت لو وجدت وكالة متخصصة ينتمي إليها الفنانون، وهي من تتكلّم بأسمائهم مع المنتجين والمخرجين.
بعد «أرض الوهم» ستبدأ تصوير فيلم لبناني جديد في أيار/مايو المقبل.
مع كريستين شويري هذا الحوار:
○ أين انت من «أوجيني» في فيلم «أرض الوهم»؟
• «أوجيني» إمرأة لا تُشبهني في الحياة الطبيعية. لست إنساناً يرضى بمجتمع وعادات وتقاليد وزوج يحدد مسار تصرفي وحركتي. «أوجيني» تنتمي لحقبة الخمسينيات من القرن الماضي، وشبيهاتها من اللواتي يرتضين هذا النوع من السلطة كثيرات، وخاصة في القرى حيث تنتشر الإقطاعيات وحملة الألقاب من مشايخ وسواهم. حينها لم يكن للمرأة حق الإدلاء بدلوها، باستثناء قلة معدودة، وهؤلاء اللواتي أشبههنّ. عندما قرأت الدور تساءلت لماذا «أوجيني» على هذه الدرجة من الرضى؟ ولماذا كل هذا القبول بحالها؟ وسألت لماذا كإمرأة وأم لا تفهم حال ابنتها وأحاسيسها، وتالياً يكون لها رأي؟ حتى يومنا هذا نجد من يشبه تلك النسوة، وهنّ يبررن مواقفهنّ حفاظاً على لمعان ووهج الإسم في المجتمع، إلى القبول الذي تعيشه «أوجيني» فهي أيضاً إمرأة متدينة جداً، وتؤمن أن السيدة العذراء أم الجميع، وهي من ستجد حلولاً لكافة مشاكلها،
وإليها تلجأ وتصلي على الدوام. من هنا استنتج أن الدين له تأثيره على البشر، ويساهم في أن يكونوا «مْسَلمين أمورهم» ومُستسلمين في الوقت نفسه. في النهاية تقتنع النساء بأن لا كلمة لهنّ، وهنّ مُسيرات لا مخيرات، وحلول مشاكلهم بيد الله. وهكذا وجدت «أوجيني» ملجأها بعيداً عن المشاكل.
○ هل أحببت دور أم البنات من دون تردد؟
• بالأساس أحببت فكرة فيلم «أرض الوهم» ككل من دون النظر إلى خصوصية دور الأم. جذبتني قصص الجميع في الفيلم ووجدتها جميلة، رغم مرور بعضها بسرعة، هكذا تعاملت مع الفيلم.
○ إن أتيح لك تعديل مسار أوجيني في الحياة فأين تتدخلين؟
• لكنت جعلتها تساند بناتها، وأن تفهمهنّ أكثر مما كانت عليه. كذلك كنت أضفت كلاماً إلى حضورها في الفيلم، فهي كانت شخصية غلب عليها السكوت، وتركتها في حالة تفاعل و«حركشة» بزوجها، والمجتمع المحيط بها، بهدف الإقتراب من بناتها وجيلهنّ.
○ برأيك أين الوهم الأكبر في الوطن المفكك المفاصل أم في سلطتي الإقطاع والآباء؟
• نعيش الوهم على كافة الصعد، وفي كل مرّة نكتشف أننا «منفوت بالحيط» نتيجة الوهم المعشعش برؤسنا، ونحن مستمرون على الحال نفسه حتى اللحظة. شخصياً يحكمني التفاؤل، وفي بالي أن الأمور سوف تستتب في يوم ما.
○ ويتحقق الحلم؟
• تضحك وتقول: المشكلة في اختلاف أحلامنا. وكل منا لديه فكرة وطن يختلف عن الآخر، ولست أدري أي حُلُم سيتحقق. حتى معزوفة العيش المشترك التي تغنينا بها طويلاً ليست سوى وهم. إنها الصراعات والنكايات والطمع بالمال والسلطة.
○ هل نقول أنك فرحت بثورة البنات في الفيلم ككريستين وليس «أوجيني»؟
• أكيد. وما حدث كان ضرورياً، لا بل المطلوب أكثر من ذلك. في زمن الخمسينيات كانت الثورات حقيقية أكثر مما هو حالنا. فيما أرى جيلنا شبيهاً بكتلة من العقد. مرحلة الخمسينيات تلازمت مع الثورات على صعيد العالم أجمع وفي مختلف المجالات، من ثقافة وفن وتحرر من الاستعمار، بينما نحن الآن لا نشكّل أكثر من مجموعة كذّابين. حتى ثورات هذه المرحلة لا نعرف منطلقها، أما ثورات الماضي فكانت حقيقية.
○ من تختارين من الفتيات الثلاث في الفيلم؟
• هنّ ليلى وإيفا وندى. الإختيار صعب، فلكل واحدة منهنّ كراكتير خاص بها، وكل منهنّ لها قوتها في مكان ما، وإن كانت متفاوتة ومختلفة. ليلى حطمت كافة القيود. لقد فهمت شخصيتها جيداً، ما لم أفهمه أنها أم، والطفل هو الأهم، حتى أهم من الطموح والإحلام، وأي رغبات أخرى.
○ ليلى في عشرينيات العمر وحياتها جروح عاطفية ويبقى الطفل الأهم برأيك والعيش بالكذب؟
• يمكنها أن لا تستمر بالكذب وتطلب الطلاق. للطفل أهمية في حياة والدته رغم تفاوت المشاعر بين الأمهات. شخصياً أرى حقوقي كمرأة لها حدودها في حال وجود طفل. لا أرضى بأن تؤثر حقوقي كمرأة على النمو العاطفي للطفل، فأنا من أنجبته وأريده مثالياً ضمن الممكن والمتاح.
○ حتى وإن كان الزواج لمصلحة الوالد الإقطاعي؟
• كان لها أن تُحادث والدها وتتفاهم معه وهي تعرف كم يحبها، ويرغب بتنفيذ كل ما تريده. نعم الطفل أساس، وبدون ذلك لماذا ننجبه؟ ومع ذلك أتفهم مواقف كافة الأمهات ومشاعرهنّ.
○ لقد ترك فيلم «أرض الوهم» صدى لدى الجمهور؟
• هذا جيد جداً، والأهم أنه ما يزال في صالات السينما للشهر الرابع على التوالي، وهذا مثير للإعجاب كونه فيلم مؤلف، وليس شباك تذاكر.
○ أين أنت في الدراما اللبنانية؟
• منذ سنتين ليس لي أي جديد في الدراما التلفزيونية، ولم يُعرض لي أي عمل. وبالمناسبة أرى الدراما اللبنانية وقد تطورت بشكل ملحوظ جداً منذ دخول المنصّات إلى ساحة الإنتاج، وباتت حوافز العمل الصحيح موجودة، نظراً لوجود المال. عندما وجد المال والصناعة تطورت الكتابة وقصصها. النص هو الأساس، وهو من يمنح للممثل قوة الحضور.
○ ألا تقومين بجهود خاصة لتأكيد حضورك في دراما التلفزيون؟
• لا أطرق باباً ولا أتقن ذلك. اسمي معروف في مهنتي، ومن يريدني له أن يسأل عنّي، ورقم هاتفي لم يتبدّل منذ أكثر من عشرين عاماً.
○ ماذا تقرأين في الكانتونات والمحسوبيات في إطار الإنتاج الدرامي اللبناني؟
• ليست محسوبيات وكانتونات بقدر ما هي أصدقاء ومعارف نظراً لتكرار العمل سوياً، وهذا طبيعي برأي، وقد تطرح منصّات أسماءً دون أخرى. برأي هذا موجود في كافة المهن وليس حكراً على الدراما والتمثيل.
○ لنقل مثلاً أنها علاقات عامة؟
• في جزء كبير منها نعم، وهذا ما لا أتقنه تمام الإتقان، حتى أني لا أتواجد في الصورة كما يجب.
○ أوليس هذا ضد مصالحك في مكان ما؟
• يجوز. لكني على قناعة بأن تسويق نفسي كممثلة ليس مهمتي، ما نحتاجه في لبنان أن يكون هناك وكالة ينتمي إليها الممثل، وهي بدورها تعرف بالإنتاجات المُزمع تصويرها فتطرح اسمه حيث ترى ذلك مناسباً.
○ وماذا عن حضورك في الدراما السورية؟
• آخر مسلسل صورته في سوريا كان في سنة 2011. بدأت الاضطرابات وأنا هناك، كنّا نصور مسلسل «التوق» من الراحل شوقي الماجري، وعرض على الكثير من المحطات، وكان باللغة الفصحى.
○ حاضرة في الدراما السورية منذ زمن بعيد وقبل شعار الدراما المشتركة. هل من اختلاف بين المشاركات السابقة والحالية؟
• أغلب المسلسلات التي شارك فيها لبنانيون قبل سنة 2011 كانت بحاجة لممثل لبناني. الدراما المشتركة الحالية ليس لها قواعد، صار التداخل قائماً بين ممثل سوري، وآخر مصري أو لبناني أو أي بلد عربي آخر. لم تعد اللهجة هي المهمة بل التركيبة الخاصة بالعمل الدرامي، المقارنة ليست جائزة.
○ بين عمل درامي وآخر كوميدي أيهما تختارين؟
• أختار العمل المكتوب بشكل صحيح.
○ هل من دور لا يمكنك نسيانه؟
• ربما أدواراً أثّرت بي أكثر من غيرها. المفارقة أن الأدوار التي تركت أثراً كبيراً كانت في أفلام قصيرة للطلاب، الطلاب مبدعون.
○ بالمناسبة هل تراعين أوضاع الطلاب في بدل الأتعاب؟
• بدون شك أترك من لا يملك المال على راحته وامكاناته. على الطلاب أخذ الممثل بالاعتبار حين يرصدون موازنة فيلم التخرّج، تماماً كما كافة العاملين في الفيلم. للممثل حقه بالأتعاب فهذه مهنته، بالأساس السيناريو هو الذي يحفزني للعمل مع الطلاب، بدونه لا أقدم على التصوير.
○ ماذا عن جديدك؟
• في أوائل أيار/مايو المقبل أباشر بتصوير فيلم سينمائي من كتابة ميشال تيّان وإخراجها، وإنتاج شركة ارجوان.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية