كاتب فرنسي: الغربيون فقدوا السيطرة على العالم وهجوم حماس يشكل الإشارة الأخيرة لهذا التحول

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”:

بمناسبة كتابه الأخير “كم من الوقت سيستغرق الأمر؟”، الذي سيُنشر هذا الخميس، خصّ الصحافي “الاقتصادي” والكاتب الفرنسي فرانسوا لانغلي، صحيفة “لوفيغارو” بمقابلة، حلّل فيها مختلف الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية وحتى المناخية التي تتضافر لتعطيل النظام العالمي.

واعتبر لانغلي أن العالم يَشهد تراجع مجال النفوذ الغربي بعد خمسة قرون من التوسع والهيمنة، وأن الهجوم ضد إسرائيل، الذي نفذته حماس المدعومة من محور طهران- موسكو- بكين، يشكل الإشارة الأخيرة لهذا التحول، الذي بحسب قوله، يجبر الغرب على إعادة التفكير في أمور كثيرة.

ويرى الكاتب أن الدورة الأيديولوجية التي حملها جيل طفرة المواليد، والتي عززت الحرية كقيمة أساسية بعد الحرب، تنتهي لإفساح المجال أمام المطالبة بالحماية والسلطة في مسائل العدالة والهجرة والاقتصاد والتعليم، قائلا: “نحن نشهد في الوقت نفسه نهاية عدة مراحل، أهمها ما يعيد الغرب إلى حدوده الجغرافية، بعد خمسة قرون من التوسع الاستثنائي، منذ اكتشاف أمريكا على يد كريستوفر كولومبوس”.

واعتبر الكاتب أن هذه النهاية للغرب الإمبراطوري كانت متوقعة على نطاق واسع من قبل علماء مثل ألفريد سوفي، أو الاقتصادي جان فوراستي، وحتى الفيلسوف أوزوالد شبنجلر، الذي تنبأ بها في نهاية الحرب العالمية الأولى، وأن الهجوم على إسرائيل يدل على ذلك، لأن حركة حماس مدعومة من محور طهران- موسكو- بكين.

وتابع أن الحرب الأوكرانية “أغلقت باب التفوق الغربي، حيث شهدت فقدان ثلثي البشرية الاهتمام بهذا الصراع الإقليمي، بل إن الكثيرين وقفوا إلى جانب روسيا، فقد استيقظ كل الأشرار: روسيا وحماس وإيران وكيم الكوري الشمالي، لأنهم لم يعودوا خائفين من العقاب”، على حد قول الكاتب الفرنسي.

ويكتسب تطور مجموعة البريكس أهمية خاصة. وبعد أزمة عام 2008، قام الغرب بربط مجموعة البريكس بالحوكمة العالمية من خلال إنشاء مجموعة العشرين، على أساس فكرة مفادها أن هذا من شأنه أن يعزز القيادة الغربية. لكن اجتماع مجموعة العشرين الأخير، كانت الهند هي التي وضعت القانون، والغرب فشل في فرض شروطه في البيان الختامي لإدانة روسيا. وفي المرحلة التالية، تعارض الصين أن تكون الولايات المتحدة الدولة المضيفة. لقد فقد الغرب السيطرة على العالم، والنتيجة هي العولمة الاقتصادية المجزأة، يقول لانغلي.

وفي حين وحّدت القوة الأمريكية العظمى الكوكب، تشكّل كل الإمبراطوريات الصاعدة منطقة نفوذها وتجارتها الخاصة. ومن هنا، تبرز أهمية عودة الحدود والاحتكاكات، التي تعمل على إبطاء التجارة عبر القارات. ويغادر جزء كبير من قطاع أشباه الموصلات الصين، حتى أن شركة أبل تقوم الآن بتصنيعها في الهند وفيتنام.  ومن هنا أيضا تأتي الحاجة إلى “السيادة”، التي ليست أبدا سوى تعبير عن الشعور بالتبعية، والوعي بصغر مجال نفوذ الغربيين.

وتابع لانغلي القول إننا أمام نهاية دورة أو مرحلة أخرى، أكثر كلاسيكية، وهي دورة أيديولوجية الليبرالية الغربية التي عززت الحرية كقيمة أساسية بعد الحرب. والحقيقة السياسية الكبرى اليوم تتلخص في المطالبة بالسلطة، وخاصة في فرنسا، حيث لا يتم تلبية هذا الطلب. لقد حلت الحاجة إلى الحماية محل الرغبة في الحرية. وهذا ما يفسر صعود ما يسمى بالأحزاب الشعبوية.

ومضى الكاتب إلى القول إن الغربيين، لا سميا فرنسا، لا يعرفون كيف يعالجون اليوم التضخم بشكل جيد دون إضعاف المريض، أي الاقتصاد نفسه. وعلى هذا فقد تعمدت السلطات النقدية برمجة الركود، في كل من أوروبا والولايات المتحدة، عن طريق رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي يجعل الائتمان أكثر تكلفة.

وكانت هذه الزيادة أكثر وحشية لأن البنوك المركزية شعرت  ببعض الذنب إزاء ارتفاع الأسعار، الذي ساعدت بلا شك في خلقه من خلال تمويل “كل ما يلزم” بفائدة صفر. وإذا جمعت بين الديون المرتفعة ومعدلات الفائدة المرتفعة والنمو المنخفض، فهذا إفلاس. كما أصبح مستوى أسعار الفائدة مشكلة بالنسبة للدول الأكثر مديونية، مثل فرنسا وإيطاليا. وهذه هي صعوبة مهمة محافظي البنوك المركزية اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية