“قوة عربية بديلة” في سوريا.. فرص النجاح ومعوقاته

حجم الخط
2

إسطنبول: بدت فكرة إنشاء “قوّة عربية بديلة” استجابةً سريعة من المخططين الأمريكيين لتفادي تداعيات إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سحب قوات بلاده من سوريا “قريباً جداً”.

وتسعى الولايات المتحدة قبل انسحابها من سوريا للتأكد من القضاء الكامل على تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش)، وضمان عدم سقوط المناطق التي كان يسيطر عليها بيده مرةً أخرى، إضافةً إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في شمال شرقي سوريا الغنية بالنفط.

ويخشى المخططون الأمريكيون من احتمالات حدوث فراغ أمنى في شرق وشمال شرقي سوريا يُمهد لعودة تنظيم الدولة “داعش” بعد هزيمته عسكرياً، أو استثمار إيران والقوات الحليفة لهزيمة التنظيم بغية تحقيق مكاسب وفرض وقائع جديدة تُعزّز النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.

ووفقَ تقارير متطابقة، ستعمل “القوّة العربية البديلة” إلى جانب ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية” الحليفة للولايات المتحدة لضمان عدم عودة تنظيم “داعش” بعد هزيمته عسكرياً، ومنع القوات الحليفة لإيران من ملء الفراغ الذي ستُخلفه القوات الأمريكية بعد انسحابها من شرق وشمال شرقي سوريا.

أما الدول العربية التي “قد” تشارك في “القوّة العربية البديلة”، وفي مقدمتها السعودية، فإنّها تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة، إضافةً إلى الهدف المشترك مع الولايات المتحدة في هزيمة “داعش” بالكامل.

الفكرة مطروحة سابقا:

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد كشفت في 16 أبريل/ نيسان 2018 عن دخول مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون مفاوضات مع مسؤولين مصريين وسعوديين وإماراتيين وقطريين تتعلق بإمكانية مشاركتهم في تشكيل “قوّة عربية” تحلُّ محل القوات الأمريكية وجنود دول التحالف الدولي والمتعاقدين الأمنيين، كما ناقش معهم مشاركة تلك الدول مالياً في الإنفاق على النشاطات العسكرية والمدنية في سوريا.

وتحدّث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 17 أبريل/ نيسان 2018 عن نقاشاتٍ تجريها المملكة مع “الولايات المتحدة منذ بداية هذه السنة”، وهي ليست بالفكرة الجديدة “لكنّ إدارة أوباما في النهاية لمْ تتخذْ إجراءً بخصوص هذا المقترح”.

وسبقَ أنْ نُوقشت فكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا في قمّة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والتي عُقدت في مايو/ أيار 2015 في كامب ديفيد؛ وسبق هذا أيضاً، دعوات عدد من قادة دول عربية ومن مجلس جامعة الدول العربية لإرسال قوات عربية إلى سوريا.

وخلال زيارة الرئيس الأمريكي إلى الرياض في أيار/ مايو 2017 لحضور القمة الأمريكية الإسلامية، كانت هناك بعض الاقتراحات لتشكيل منظومة دفاع إقليمية تعتمد على قوات التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية في عام 2015 بمشاركة الولايات المتحدة لتشكيل ما يُشبه “ناتو” عربي إسلامي لتحقيق الاستقرار في سوريا والعراق اللتين خضعت أجزاءٌ واسعةٌ منهما حينذاك لسيطرة تنظيم “داعش”.

لكنّ تلك الاقتراحات لمْ تتجسدْ بخطواتٍ عمليةٍ أغفل قائد التحالف الإسلامي الجنرال الباكستاني راحيل شريف الإشارةَ إليها في مناسباتٍ عدة، منها خطابه العلني الأول الذي ألقاهُ بالعاصمةِ البحرينيةِ في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.

ويُفهم مما نشرته شبكة “سي إنْ إنْ” الإخبارية الأمريكية نقلاً عن مسؤولٍ مطلع، أنّ كلاً من مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد جون بولتون والمرشح لتولي منصب وزير الخارجية مايك بومبيو، يقفان وراء فكرة إنشاء “قوّة عربية بديلة” عن القوات الأمريكية لإرساء الاستقرار في شرق وشمال شرقي سوريا.

عناصر مرشحة للقوة العربية البديلة:

تضمُّ قائمة الدول المرشحة للإسهام بتشكيل “القوّة العربية البديلة” عن القوات الأمريكية، كلا من السعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن ومصر.

وباستثناء المملكة العربية السعودية التي أعلن وزيرُ خارجيتها استعداد بلاده لإرسال جنود إلى سوريا، لمْ تصدر عن الدول الأخرى موافقات رسمية للمشاركة في “القوّة العربية” التي لمْ تُعلن الولايات المتحدة رسمياً تبنّيها فكرة تأسيسها والتحرك لتنفيذها.

إلا أن مسؤولين أمريكيين، منهم المتحدث باسم القوات المشتركة لعملية العزم الصلب (الاسم العسكري للتدخل العسكري الأمريكي ضد “داعش” في العراق وسوريا) العقيد ريان ديلون، أشارَ في مؤتمرٍ صحافي روتيني في 17 نيسان/ أبريل 2018 إلى أنّ “الدول المعنية مسؤولةٌ عن إعلان مساهماتٍ محدّدة لقوتها على الأرض في سوريا” من حيث تقديم الدعم الجوي أو الميداني أو التدريب.

القوة البديلة جزء من الإستراتيجية الأمريكية:

تؤكدُ فكرة إنشاء “قوّة عربية بديلة” لتحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا أنّها جزء من إستراتيجية الوجود العسكري الأمريكي في هذه المناطق واحتمالات انحساره وحاجة واشنطن لقوّة تملأ الفراغ الناجم عن ذلك؛ وتفترضُ الفكرة تراجعاً عسكرياً أمريكياً مع الحاجة إلى قواتٍ حليفةٍ تعمل مع “الإدارة الذاتية” التي تفرض سلطاتها على هذه المناطق لقتال تنظيم “داعش” ومنع عودته.

وتعتمدُ المقاربة الأمريكية في إنشاء “قوّة عربية بديلة” على إستراتيجية الحفاظ على النفوذ والمصالح الأمريكية في شمال شرقي سوريا من دون وجود جنود أمريكيين على الأرض، أو من دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

صراع المحاور:

يمكن أنْ تكون فكرة إنشاء “قوّة عربية بديلة” رداً أمريكياً عربياً مشتركاً على دور محور إيران وروسيا في سوريا الذي يمضي بعيداً عن التنسيق مع الولايات المتحدة التي ليس من ضمن أولوياتها الاهتمام بالملف السوري بمجمله، واختيار ما يتعلق بمصالحها الخاصة في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في شمال شرقي سوريا، وفصائل المعارضة المسلحة “المعتدلة” في شرقي وجنوبي سوريا.

قدْ تجد الولايات المتحدة بالتنسيق مع هذه الدول العربية بدائلَ مجدية أكثر قابلية للتنفيذ على الأرض مع ضمان تحقيق الأهداف المُنتظرة من تشكيل “القوّة العربية البديلة” باستخدام قوى حليفة من فصائل المعارضة السورية المسلحة لتخوض حربها بالوكالة بعد تأمين مستلزمات الدعم التسليحي والاستشارات والتدريب.

تحديات ومعوقات:

ليس من الواضح أنّ جميع، أو معظم، الدول “المكلفة” لديها ما يكفي من الرغبة لإرسال جنودها إلى سوريا في مرحلةٍ متأخرةٍ باتت محاور الصراع الإقليمي والدولي أكثر استقطاباً، وأقرب إلى مسار الصدام المسلح على الأراضي السورية، خاصة بين إيران وإسرائيل. ستجد “القوّة العربية البديلة” نفسها في بيئةٍ “عدائيةٍ” مكتملة الأركان تتشكل من قوات “الحشد الشعبي” العراقي الحليفة لإيران على جانبي الحدود العراقية السورية، وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران على الأراضي السورية، واحتمالات الصدام مع الجنود السعوديين تبعا لحالة “العداء” السعودي الإيراني.

بدائل القوة العربية: لا توجد خيارات متعددة أمام مراكز صنع القرار الأمريكي بديلة عن إنشاء “قوّة عربية” للحلول محل القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي وشركات الحماية الأمنية.

من المرجح أن “القوّة العربية البديلة” لنْ ترى النور، ولن يتم إرسال جنود من الدول العربية “المكلفة” والاكتفاء بقيام هذه الدول بتقديم الدعم المالي والعسكري لـ”قوات سوريا الديمقراطية” لتخفيف الأعباء عن الولايات المتحدة وتحقيق رؤية الرئيس الأمريكي في تقليل كَلَفة الوجود العسكري الأمريكي المالية بإسهامات الدول “المكلفة”.

كما أنّ الخيار العملي الآخر البديل عن القوّة العربية، قد يكون ما ناقشه أريك برنس مؤسس شركة بلاك ووتر مع مسؤولين عرب، وتجنيد مقاتلين من الدول النامية والفقيرة على أنْ تتكفل الدول “المكلفة” بتحمل النفقات المالية. (الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابوعمر:

    ترمب يقرر والعبيد في ثكنات مصر والامارات والسعودية..وقد تنطم اليم الاردن.يستعدون لأستخلاف الجيش الامريكي.في سوريا…ترمب يريد الحفاظ على جنوده وتهريبهم من المعارك التي حتما ستحتدم بين(جيوش العبيد مصر.الامارات.السعودية)والجيش التركي المرابط في الشمال…والخاسر سيكون الدم العربي المسلم…

  2. يقول Sam ark:

    الدول ألعربيه امرهم فوضى و قلوبهم شتى. مصدر رزق اخر للانظمه المشاركة وهي غالبا الدول ألعربيه الفقيره ذات الفائض البشري والاقتصاد الهش.

    لن يستفيد الشعب السوري الا بالقدر الذي يسمح به الساده في الشرق و الغرب

    يا تري كم هي كلفه البلوط سالعسكري على الارض السورية ؟

    لنفتح المزاد

إشترك في قائمتنا البريدية