قلة حيلة الحكومة في الحد من انفلات الأسعار… والمقاطعة البورسعيدية أتت ثمارها

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: بايدن ونتنياهو وسائر حفنة الظالمين وأذنابهم وبعضهم يتحدثون لغة الضحايا، ينتظرون لحظة سقوط غزة، ورفع أهلها الراية البيضاء، لكنهم ما زالوا صامدين يصلون الليل بالنهار، ويفتقدون حتى لجرعة ماء، إذ تشير أحدث التقارير لشح المياه، بعد تدمير المحتل بدعم امريكي مباشر، لسائر الآبار، لكنهم لم يستسلموا ولن يركعوا، إذ أن الغزيين اكتسبوا على مدار العقود السبعة الماضية الخبرات التي جعلتهم في صدارة شعوب العالم على التضحية بما تجود به أرواحهم في سبيل تحرير وطنهم من دنس المحتل، ورغم الخسائر الباهظة التي تكبدها الغزيون منذ مولد طوفانهم المبارك، إلا أن عدوهم يتكبد الكثير من الخسائر، رغم الدعم الأمريكي والأوروبي، فحسب تقارير إسرائيلية يصل إجمالي خسائر جيش الاحتلال لـ73 مليار دولار، منذ بداية الحرب على قطاع غزة، بحوالي 270 مليون دولار خسائر يومية، بسبب الإنفاق العسكري، فضلا عن آلاف القتلى والمصابين في صفوف الجنود، أما أهم الخسائر على الإطلاق فتتمثل في أن الكيان بات منبوذا في انحاء المعمورة، وينتظر، حسب تشبيه أنصار القضية وبعض خصومها كذلك، بمن في ذلك داخل الولايات المتحدة، التي تعد ربيبته وحارس مشروعه التوسعي في المنطقة، مصير السفينة تايتانك، إذ كشف النجاح المذهل لقدرة الشعب الفلسطيني على الصمود واحتفاظ قوى المقاومة بمعظم بنيانها سليما معافى، بينما تبدي وكالات التجسس الأمريكية شكوكها في قدرة إسرائيل على تدمير حماس حقا، وقالت: «من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات مقبلة».
بينما يعترف يوفال نوح هراري، أحد أبرز المفكرين في إسرائيل: «أن غطرستنا وشهوتنا في الانتقام، كما يحدث في غزة ستفضي إلى تكبدنا هزيمة تاريخية» فـ»بعد ستة أشهر من الحرب لم نُعِد الأسرى، ولم نلحق هزيمة بحماس، وجل ما جنيناه أن إسرائيل تحولت إلى دولة منبوذة في العالم، بسبب ما تفعله في غزة.
ومن أبرز الشهادات التي تلقاها داعمو القضية بقلق واسع خشية اقتراب سيناريو تفريغ القضية الفلسطينية من جذورها، وفي سياق انتظار العالم لقرار ينهي معاناة الفلسطينيين، قال سامح شكري وزير الخارجية، يجب وضع حل للقضية الفلسطينية، واتخاذ إجراءات وتدابير ملموسة من أجل الوصول الي حل الدولتين، ومنع اتساع دوامة العنف.. وأضاف «قدمنا مقترحا على الطاولة أمام إسرائيل وحماس يفضي لوقف إطلاق النار».. أما الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء فقال، إن مصر تبذل قصارى جهدها لتفادي أي اعتداء على مدينة رفح الفلسطينية. وأضاف في كلمة خلال جلسة على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في العاصمة السعودية الرياض، أن هناك أكثر من 1.1 مليون فلسطيني نزحوا من شمال ووسط غزة، بالإضافة إلى 250 ألف ساكن في المدينة.. وقال إن أي هجوم على رفح سيمثل كارثة وسيؤدي إلى نزوح ثانٍ لهؤلاء الأشخاص، ما يمثل ضغطا على مصر لعبور الحدود. وأكّد أن الحكومة المصرية من الناحية الإنسانية، جاهزة لتزويدهم بأي دعم، لكن من الناحية السياسية سيؤدي إلى إنهاء القضية الفلسطينية، ونزوح كامل للشعب الفلسطيني. وأفاد بأن هناك توافقا دوليا على إنشاء دولة فلسطينية، لكنه تساءل عن كيفية إتمام ذلك إذا لم يكن هناك شعب فلسطيني. واكد أن مصر قدمت 35%من المساعدات لقطاع غزة منذ بداية الحرب. وأكد أن مصر لا تُسمي الوافدين لديها لاجئين، بل هم ضيوف موجودون في مصر، وتستضيف 9 ملايين منهم يكلفون الدولة المصرية 10 مليارات دولار.

أخجلتم تواضعنا
شكرا لطلاب الجامعات الأمريكية وأساتذتها، أخجلتمونا بعطائكم وتضحياتكم ونصرتكم للحق العربي والفلسطيني. 40 جامعة أمريكية تنتفض لمنع إبادة شعب غزة، مطالبة بوقف إطلاق النار، ووقف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، أو على أقل تقدير وقف تعاون جامعاتها مع إسرائيل. وقف الأساتذة والطلاب وفقا لما أخبرنا به الدكتور ناجح إبراهيم في «الوطن» صفا واحدا ضد إسرائيل، انقلب السحر على الساحر، حراك اجتماعي من النخبة الأمريكية لأول مرة ضد إسرائيل، شارك فيها طلاب من كل الأديان والأعراق، بعضهم يهود ومسيحيون ومسلمون، وبوذيون وأديان وملل أخرى. كان المتحدث الرئيسي في جامعة كولومبيا يهودي يقود الحراك الطلابي والاعتصام، ومعه أربعة من المسلمين، الطالبات ومدرسات الجامعة في كل المشاهد والصفوف، منظر حضاري رائع لم يتوقعه البعض في قلب أمريكا حليفة إسرائيل وشريك جرائمها. لم تكن هذه المظاهرات والاعتصامات نزهة خلوية أو وقت للترفيه، تم القبض على 500 طالب وأستاذ، مظاهر القبض على أساتذة الجامعات كان مشينا للديمقراطية الأمريكية، التي تقر التطاول على الله والرسل والأنبياء والكتب السماوية، ولكنها أبدا تتوقف عند نقد إسرائيل، عندها تتبخر الديمقراطية الأمريكية. نقد إسرائيل أكبر جريمة في أمريكا، تنقد أمريكا، أو تنقد الرئيس الأمريكي هذا حلال ومباح، حينما يقول المتظاهرون إسرائيل دمرت المساجد والكنائس والمستشفيات وقتلت 33 ألفا وجرحت 77 ألف فلسطيني 70% منهم من الأطفال والنساء، ودمرت كل البنية التحتية لغزة يأتي رد نتنياهو وحلفائه مثل رئيس مجلس الشيوخ المتصهين ليصرخوا: «هذه معاداة للسامية». رد عليهم طلاب يهود: «نحن معهم ونهتف بهتافهم ونقول برأيهم». نتنياهو صرخ واصفا مظاهرات الطلاب الأمريكيين بأنها «مخزية». رد عليه السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: «هل محاسبتك على جرائمك في غزة معاداة للسامية؟ لا تُهن ذكاء الشعب الأمريكي ولا تستخدم عبارة «معاداة السامية» لصرف أنظار الأمريكيين عن جرائمك».

له ما بعده
اللوبي اليهودي يهتز في أمريكا، يخسر مقاعده القديمة والثابتة، الشباب الأمريكي الجديد لم يعد وفق ما يرى الدكتور ناجح إبراهيم مستعدا لتصديق السردية الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية القديمة «إسرائيل ضحية، إسرائيل رمز للديمقراطية، العرب وحوش ضارية». الشباب الأمريكي الآن يربط ربطا صحيحا بين النازية والصهيونية، يراهما وجهين لعملة واحدة. الإعلام الأمريكي المتصهين فقد بريقه، الشباب الأمريكي يستقى أخباره مباشرة، ولذلك سارعت الإدارة الأمريكية لسن قانون لحظر الـ«تيك توك» من أمريكا. الحراك الطلابي الأمريكي كان مذهلا ورائعا، في إحدى الجامعات وقف الأساتذة نساء ورجالا صفوفا يحمون الطلاب أثناء الصلاة، ذابت الفوارق العرقية والدينية، هذا منظر رائع، نصرة الحق توحِّد الجميع المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي، كلهم انصهروا في بوتقة الإنصاف، وهذا والله عزيز وصعب على الكثيرين، أن تنتصر للحق مهما كان عرق ودين صاحبه، هذه هي بهجة الحياة وجنتها، حقا إنهم يذكروننا بأبي طالب والمطعم بن عدي والملك العادل النجاشي قبل إسلامه، والعملاق مانديلا. هذه أستاذة أمريكية جامعية، يسقطونها أرضا وكأنها مجرمة أو مسلحة، يقيدون يديها من الخلف، منظر مهين للديمقراطية الأمريكية، كل ذلك من أجل عيون إسرائيل. تواطؤ أمريكا مشين ومذل، بايدن الشريك الأكبر لإسرائيل في الإبادة الجماعية لغزة، يعطي إسرائيل الأسلحة الفتاكة ثم يطلق شعارات جوفاء «أدخلوا المساعدات». الحراك الطلابي الأمريكي سيكون له ما بعده في الداخل الأمريكي وخارجها، انتقلت عدوى المظاهرات من أمريكا إلى جامعات فرنسا وتركيا وبريطانيا. سلام على الأحرار في كل مكان، سلام على أهل العدل والإنصاف، تحية لطلاب الجامعات الأمريكية، تحية خاصة لجامعة كولومبيا الرائدة في الضمير العلمي والإنساني.

ما يكرهه بايدن
نحن أمام جيل جديد يصطدم مدفوعا بمثله العليا مع مؤسسات الحكم، البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس والمدعين العامين وحكام الولايات مستندين إلى رؤساء الجامعات، الذين أخذوا يلوحون بالقبضة الأمنية. حسب قراءة تشارلز بلو في الـ»نيويورك تايمز» فإن الجيل الغاضب على حرب فيتنام وفقا لعبد الله السناوي في «الشروق» أنضجته حركة الحقوق المدنية.. والجيل الغاضب على حرب غزة اكتسب وعيه من الحركات الاحتجاجية كـ«احتلوا وول ستريت» و«حياة السود مهمة». أثر ذلك الصدام تبدو أمريكا عند مفترق طرق في إدارة صراعاتها في الشرق الأوسط. سوف يأخذ الصدام مداه قمعا واعتقالا وإغلاقا إداريا وعقابا للأساتذة الذين يدافعون عن حق الطلاب في التعبير عن آرائهم بحرية، أي صدام مع المستقبل خاسر مقدما. هذه حقيقة مؤكدة. لا يوجد غضب خارج سياق مجتمعه. وهذه حقيقة أخرى. وفق استطلاع أخير في صفوف الحزب الديمقراطي فإن (53%) يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل. التطور لافت، رغم ما أبدته المؤسسة التشريعية بجناحيها الجمهوري والديمقراطي، من استعداد للمضي بعيدا في دعم إسرائيل وغض البصر عما يحيق بأهالي غزة من عذاب فوق طاقة بشر على التحمل. كان دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خط المساجلات الأمريكية الداخلية، باتهام الطلاب بـ«معاداة السامية» صبا للزيت على النيران المشتعلة في الصدور، فهو بشخصه وتصرفاته وجرائمه يلخص كل ما يكرهه الجيل الجديد، خاصة في أوساط اليهود الأمريكيين. بالتزامن نشأت حركة احتجاج في جامعة السوربون الفرنسية ضد تورط الرئيس مانويل ماكرون في الحرب على غزة وتعرضت للقمع.

حبا في الفدائي
القمع هو المحرك الأول للتصعيد. كلما أمعنت السلطات في القمع تزايدت مشاعر الغضب. الذين لا يقرأون التاريخ يرتكبون الخطأ نفسه مرة بعد أخرى. تلوح في الأفق مقدمات موجة جديدة من الحركات الطلابية في أنحاء مختلفة من العالم تكاد وفق ما ذكّرنا به عبد الله السناوي تقارب مستويات غضب شباب أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي. في عام (1968) نشأت حركات وانتفاضات طلابية، أهمها وأكثرها دويا الفرنسية والأمريكية والمصرية. اكتسبت انتفاضة مايو/أيار في فرنسا تأثيرها الواسع، من الأفكار التي صاحبتها والرموز الثقافية والفكرية التي شاركت فيها، ومن الآثار الاجتماعية التي ترتبت عليها. لكل حركة طبيعة وأسباب تختلف عن الأخرى، لكن يجمع بينها الغضب على ما هو حولها وأمامها وخلفها. انتشرت في تلك الأيام مسرحية الكاتب البريطانى جون أوسبورن: «انظر وراءك في غضب» رغم أنها كتبت في الخمسينيات – كأنها بدلالات عنوانها ثورة جامحة على الماضي بكل إرثه. شاعت كتابات الفيلسوف الألمانى هربرت ماركوز عن دور الطلاب في صناعة التاريخ، واحتلت صور الثائر الأممى أرنستو تشي جيفارا جدران المدن الجامعية رمزا للتمرد على سطوة النظم. بدأت تظهر مجلات الحائط على جدران الكليات الجامعية بأقلام «فلوماستر» وروح متمردة. وقد استوحيت من الثورة الثقافية في الصين. كانت مجلات الحائط في وقتها وظروفها ثورة في حرية التعبير عما تختلج به النفوس دون رقابة، أو مصادرة. ارتبطت لحظة الميلاد مع نداء استعادة الأراضي المحتلة بقوة السلاح، ورفض المماطلة في اتخاذ قرار الحرب. كما ارتبطت بصورة «الفدائي الفلسطيني» الذي وجد هويته في بندقيته ـ على ما أنشدت أم كلثوم من كلمات نزار قباني. بدت الانتفاضة قوية ومباغتة كأن غضبا مكتوما قد انفجر. بدأت الشرارة في كلية الهندسة وانتقلت بشرعية غضبها إلى كليات أخرى، ومن جامعة القاهرة إلى جامعة الأزهر، ثم إلى جامعات ثالثة ورابعة وخامسة. السيناريو نفسه يكاد يتكرر الآن بحذافيره في جامعة كولومبيا، إنها الروح الجامعية الشابة في كل مكان.

فلنتحرك الآن
لا يمكننا في مصر أن نتغافل عن حقيقة أدركها عبد المجيد خضر في «المشهد» مفادها أننا نمر الآن بأوقات عصيبة، يتملكنا فيها القلق ويتعين علينا أن نكون مستنفرين قيادة وشعبا؛ مع تراكم المعلومات والتصريحات والشواهد الميدانية ـ وفي صدارتها التحضيرات العملياتية التي يقوم بها الكيان في غزة ومحيطها ـ التي تكشف عن اقتراب رئيس وزراء الكيان الصهيوني المختل، من إعطاء الأوامر لعساكره الذين يمثلون بقتلاهم من المدنيين؛ باقتحام منطقة رفح المتاخمة لجزء من الحدود الإدارية لفلسطين التاريخية مع مصر، التي فيها شريط عازل منزوع السلاح؛ يمتد من ساحل المتوسط إلى ساحل خليج العقبة؛ طبقا للبروتوكول الأمني الملحق بمعاهدة السلام المصرية مع الكيان. كما أن الاعتبار المتعلق بأمن مصر القومي وحمايته يستدعي ذلك بالطبع وله خصوصيته، وحيثياته أن جانبا عملياتيا جوهريا من جوانب العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني التي هي في التوصيف العام لها علاقات صراع دائم حتمي ومنطقي وتاريخي؛ تأخذ أشكالا متباينة على مدار السنوات؛ بما في ذلك علاقات عدم الاعتداء التعاقدية المضمونة من الطرف الأمريكي، وهو الجانب المتمثل في أن الوجود المصري المباشر وغير المباشر في قطاع من الأراضي الفلسطينية المحتلة على طول ساحل المتوسط قريبا من عسقلان؛ وصولا إلى الحدود المصرية، يعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي المصري، وهو وجود له أصول تاريخية عتيدة، ويبقى عملياتيا على تماسّ مع قضاء الخليل جنوب الضفة الغربية، ويسهم بشكل حاسم في إدارة هذه العلاقات؛ خاصة في أوقات الصراع المسلح، ونعني بذلك بالطبع ما عرف بعد حرب فلسطين 48 بقطاع غزة. وبالنظر إلى ما تقدم؛ أن الحذر والاستنفار لا يكفيان الآن لتشكيل الحالة التي يجب أن تكون عليها الدولة المصرية، بل يتعين أن نضيف إليهما التوجه فورا إلى اتخاذ إجراءات استباقية حاسمة لمنع الكيان من القيام بعملية عسكرية في رفح.

هكذا يفكر
طبقا للخطة التي وضعتها دوائر التخطيط في جيش الكيان ووافقت عليها واشنطن وباركتها مع تحفظات أقل ما توصف به بأنها إجرامية، الخطة حسب عبد المجيد إبراهيم في «نبض» تتضمن مرحلتين؛ الأولى تتضمن نقل الفلسطينيين في رفح إلى مناطق وسط القطاع وشريط ملاصق لساحل غزة على المتوسط يسمى المواصي؛ بحيث تملأ المربعات التي ينقل منها الفلسطينيون أولا بأول مدرعاتُ جيش الكيان وتجهيزاته القتالية والمخابراتية. وفي المرحلة الثانية؛ يتعامل جيش الكيان مع من بقي من الفلسطينيين في رفح باعتبارهم مقاتلين، ويقوم بالبحث عن قيادات المقاومة وأسراه لدى فصائلها وتدمير بنية المقاومة، وقتل أكبر عدد ممكن من عناصرها هناك. هذه هي الأهداف الموضوعة والمعلنة للعملية المرتقبة؛ بحيث تمكن الكيان، طبقا لرئيس حكومته الموتور، من تحقيق ما يسميه النصر المطلق في غزة، ومن ثم التحول إلى معاركه التالية في لبنان والضفة الغربية وسوريا، وبترتيب يخضع لحسابات ولملابسات تخص تطورات بيئة الصراع؛ ليتفرغ بعدها لإيران وبرنامجها النووي؛ بعد أن تكون العقوبات الغربية القاتلة قد أثخنتها جراحا. هكذا يفكر نتنياهو يبحث عن الجبهة التي يراها الأنسب للحصول على نتائج إيجابية سريعة، وضمنها تسهيل نجاحه في كسب المعركة على الجبهة التالية؛ أيّا كانت، وتهدئة المعارضة داخل كيانه، وتحسين مركزه السياسي في انتخابات تالية، وتحاشي سقوط حكومته أو فض ائتلافه. ومن المرجح أن تكون هذه الجبهة هي سوريا؛ بهدف تدمير البنية العسكرية التي أنشأتها إيران هناك. فهذه الجبهة طبقا لحسابات الكيان قد تكون الأجهز سياسيا لعمليات عسكرية سريعة ومنجزة، وستكون مفيدة أيضا في تسهيل العمل في لبنان لاحقا؛ قبل أن يتفرغ لخصمه الإيراني مع بداية العام المقبل؛ في وجود حليف أمريكي يعتمد عليه؛ يقوده صديقه الإنجيلي ترامب، الذي يحركه صهره اليهودي الورع زوج ابنته المدللة التي يعشقها حموه بجنون.

أين هم؟
كُثر يتساءلون عن العرب الموجودين في تلك الجامعات، أو على رأسها أو عن الآخرين الذين احتلوا مناصب متقدمة فيها، أو في المنظمات الدولية أين هم؟ وبدورها تتساءل خولة مطر في «الشروق»: ألم يستقل بعض العاملين في وزارة الخارجية الأمريكية احتجاجا أو اعتراضا على موقف حكومتهم ودعمها لإسرائيل والإبادة؟ أين العرب من هؤلاء؟ في معظمهم كما تكشف الحقائق – كما رئيسة جامعة كولومبيا – سعوا لسنين عدة لإرضاء صناع القرار في تلك الجامعات، المنظمات، الهيئات البحثية أو المؤسسات الإعلامية، وكأنهم يقولون لهم «نحن معكم، بل مثلكم وربما أكثر». هم من أصبحوا ملكيين أكثر من الملك، وهم من قدموا كل شهاداتهم وبحوثهم وكراماتهم وحرياتهم أيضا ليحصلوا على منصب يتباهون به بين أهاليهم، ويقوم إعلامنا العربي أو بعضه المريض بالتبعية أو الانتهازية، بتمجيدهم ليصبحوا القدوة لشباب اليوم. ها هي جامعات أمريكا تشعل الشرارة كما فعل الطلاب في الستينيات ضد الحرب على فيتنام، يقوم أحفادهم بالثورة على الحرب على فلسطين رافضين الإبادة في غزة وكل الأرض الفلسطينية، فيما بعض طلابنا مهمومون بالتيك توك أو غرس الرؤوس في الرمال، أو التبرير بالسؤال المكرر «ماذا نستطيع أن نفعل في مجتمعات مغمسة بالقمع وانتهاك الحريات؟» وما نستطيع سوى الرد بسؤال على السؤال «ألم تروا كيف قمعت الشرطة في كل العواصم التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان أبناءها وبناتها من الطلاب وأساتذة الجامعات؟» فكم البطش الذي مارسته الأجهزة الأمنية في أمريكا وبعض الدول الأخرى يذكرنا بمواقف عشناها في شوارع مدننا على أيدي رجال الأمن، فقد أسقطت غزة كل الأقنعة للمرة الألف، نقولها حتى ذاك الغشاء الذي غطى بعضهم عورتهم به بادعاءات أنهم معقل محصن للدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. مثير ما يحدث من تغيير في العالم إنه سقوط كل النظام القديم بمجمله، وقد يبنى هؤلاء الطلبة أو يمهدون الدرب لنظام جديد أكثر عدالة وحرية.

تطور مهم
ثمة تخوفات داخل إسرائيل من احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارا باعتقال رئيس الحكومة نتنياهو ومعه وزير الدفاع ورئيس الأركان، لارتكابهم جريمة الإبادة الجماعية.. وإذا حدث ذلك حسبما يتمنى عبد القادر شهيب في «فيتو» ستكون له تداعياته الكبيرة على الحرب التي تشنها إسرائيل ضد أهل غزة منذ سبعة أشهر. صحيح أن تنفيذ أمر مثل ذلك للجنائية الدولية ليس سهلا، لأنه يقتضي تعاون الدول وهذا ليس متاحا، إلا أن ملاحقة نتنياهو وعدد من القادة الإسرائيليين بجريمة الإبادة الجماعية من شأنه إضعافهم، والنيل من مكانتهم وإضعاف قدراتهم السياسية والعسكرية داخل إسرائيل، ويفتح الباب واسعا لتغييرهم، وقد يفضي ذلك أيضا إلى وقف الحرب الوحشية ضد أهل غزة، ولذلك تبذل أمريكا جهودها لحث المحكمة الجنائية الدولية على عدم إصدار قرار باعتقال نتنياهو، رغم أن الإدارة الأمريكية ترغب في حكومة أخرى في إسرائيل لا يرأسها نتنياهو.. فالقرار المحتمل للجنائية الدولية لن يقتصر على اعتقال نتنياهو وحده، وإنما سيشمل وزير الدفاع غانتس الذي تعتبره واشنطن البديل المناسب لنتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية.. ولكن الأهم أن إدانة عدد من قادة إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادةَ الجماعية هى إدانة لإسرائيل كلها، وهو ما تحاول واشنطن حمايتها منه، منذ أن بدأت الجنائية الدولية في النظر في ارتكاب إسرائيل هذه الجريمة الشنيعة دوليا. إننا إزاء تطور مهم في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذا ما أدانت الجنائية الدولية إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.. تطور قد يعتبره البعض تراكما للقرارات الدولية المؤيدةَ للحقوق الفلسطينية، التي لم تمكنهم من الحصول على هذه الحقوق، ولكن إدانة إسرائيل بارتكابها سيسهم بالتأكيد في إضعافها.

المقاطعة الشعبية
لفتت انتباه عبد المحسن سلامة في «الأهرام» حملات المقاطعة الشعبية التي انطلقت لمقاطعة بعض السلع التي زادت أسعارها بطريقة جنونية ولافتة. بدأت حملات المقاطعة من بورسعيد، حيث تبنى أهالي المدينة الباسلة حملة مقاطعة للأسماك، بسبب ارتفاع أسعارها الهائل وغير المسبوق، رغم أن بورسعيد، موطن رئيسي للأسماك، كونها مدينة ساحلية تطل على شاطئ البحر المتوسط، وقناة السويس، بالإضافة إلى انتشار المزارع السمكية بالقرب منها. انطلقت حملة مقاطعة الأسماك من هناك وامتدت إلى المدن الأخرى الساحلية مثل الإسماعيلية، والإسكندرية، ودمياط، والسويس، كما امتدت إلى باقي أنحاء الجمهورية، ما أدى إلى حدوث خفض نسبي وتراجع في أسعار الأسماك غير المجهزة خارج المحال والمطاعم كبداية لامتداد خفض الأسعار إلى المطاعم والمحال التي تقدم الأسماك جاهزة. نجاح حملة مقاطعة الأسماك، وانخفاض أسعارها بنسب تتراوح من 10 إلى 20% شجع العديد من المواطنين على تبني حملات أخرى لمقاطعة بعض السلع التي ارتفعت أسعارها بشكل غير منطقي، ولم تعد إلى حالتها الطبيعية، رغم استقرار الأوضاع الاقتصادية حاليا. حملات مقاطعة السلع ليست جديدة شعبيا ورسميا، وفي اعتقادى أنها أفضل جدا من القرارات الرسمية، لأن القرارات الرسمية تنتج عنها «سوق سوداء» و«تجارة سرية» لمن يستطيع، أما المقاطعة الشعبية فهي اختيارية، وتأثيرها أوسع نطاقا، وأكثر تأثيرا. إلى جوار حملات المقاطعة للأسعار الاستفزازية هناك مبادرات من بعض التجار لخفض الأسعار، وقد اتصل بي عدد من القراء يؤكدون وجود مبادرات لبعض التجار في بعض المناطق لعرض المنتجات بأسعار «معقولة» خاصة السلع الاستهلاكية مثل الزيت والسكر والأرز، كما أن هناك بعض «الجزارين» قاموا بالإعلان عن مبادرات لخفض أسعار اللحوم بعد انخفاض أسعار الأعلاف في الفترة الأخيرة. اعتقد أن من المهم أن تقوم وزارة التموين، والمحافظات، والجهات الرقابية بتشجيع تلك المبادرات، ودعمها معنويا على الأقل، والإعلان عنها، من خلال قيام ممثل وزارة التموين، أو المحافظة المعنية بزيارة أصحاب هذه المبادرات ودعمهم، وتشجيعهم بما يؤدى إلى اتساع نطاق تلك المبادرات، لتعود المنافسة بين التجار على عرض السلع «الأرخص» و«الأجود» بشكل طبيعي، كما كان يحدث قبل الأزمة الأخيرة. إلى جوار ذلك، أتمنى استمرار معارض ومبادرات السلع على طريقة معارض «أهلا رمضان» ومن الممكن أن تكون هناك معارض «أهلا عيد الأضحى» أو «أهلا عيد شم النسيم» وهكذا لتكون تلك المعارض منافذ مستمرة طوال العام تقدم السلع الأرخص والأجود بهامش ربح معقول بعيدا عن المغالاة وجنون الأسعار الحالي.

شكرا بورسعيد
لم يأخذ هشام مبارك في «الوفد» الأخبار التي تواردت عن نية «البورسعيدية» في تنظيم حملة مقاطعة واسعة للأسماك بعد المبالغة الشديدة في أسعارها على محمل الجد. ظننت أنها مجرد كلمات وشعارات مثل التي تترد دائما على لسان أبو العربي، تلك الشخصية البورسعيدية الشعبية التي تتناولها النكات والمأثورات باعتبارها شخصية تتعامل مع كل المواقف باستهانة كبيرة، وخفة دم لا متناهية تجعلك تضحك حتى في أحلك المواقف التي يمر بها. لكن أثبت أبو العربي هذه المرة أنه جاد جدا وأنه عندما يريد أن يبلغ رسالته للطماعين واضحة يستطيع أن يفعلها بكل جرأة ووضوح وتماسك، حيث لم ينجح كبار التجار وأباطرة السمك في بورسعيد في كسر ذلك الإضراب عن شراء السمك، الذي شارك فيه جميع البورسعيدية البواسل. أتساءل كيف يكون لدينا كل هذه السواحل والبحار ونهر النيل والمزارع السمكية العملاقة، ومع ذلك نكاد نكون أكثر الشعوب التي تأكل السمك بأسعار فلكية لا تتناسب أبدا مع كل هذا الإنتاج. لماذا لا تنطبق اقتصاديات السوق على أسواق السمك في مصر، وكيف يكون العرض كبيرا جدا والطلب عاديا، ونجد هذه الأسعار الجنونية. والأغرب أن المدن الساحلية وبدلا من أن تكون أرخص الأسعار في السمك، تجدها من أغلى الأسعار، ما يؤكد وجود مافيا تتلاعب في السوق، وتحرص على استمرار ذلك الخلل الذي ينصب طبعا في مصلحتها الشخصية دون أي اعتبار للمستهلك. ربما يكون الطلب قد ارتفع في الفترة الأخيرة عندما لجأ كثير منا إلى الأسماك كبديل عن اللحوم والفراخ، لكن هل في المقابل يكون من حق كبار التجار أن يضعوا ما يريدون من أسعار تجعل من السمك سلعة بعيدة المنال عنا بينما لجأنا إليها كبديل للحم والفراخ؟

الجيزة تتأهب
مضى هشام مبارك فرحا بنتائج المقاطعة المبشرة: أسعدني أكثر أن محافظة الجيزة بدأت هي الأخرى حملة مماثلة، ومن المؤكد أن كثيرا من المحافظات سوف تسير على النهج نفسه.. لن أقول أنه سهل على المواطن أن يستغني عن كل أنواع البروتين ومقاطعة اللحوم والفراخ والأسماك، لكن صدقوني ليس هناك من وسيلة لردع هؤلاء الجشعين من التجار سوى تلك المقاطعة، خاصة مع قلة حيلة الحكومة وعدم جديتها في الحد من انفلات الأسعار، وعدم تفعيل أدوات جديدة كان يمكن أن تستخدمها لحماية المواطنين مكتفية بطلبها من الناس أن تبلغ عمن يرفع عليهم الأسعار وهو حل غير عملي، ولا يهدف سوى للشو الإعلامي، حيث أن كل السلع التي أعلنت الحكومة انخفاضها لم تتحرك أسعارها في الأسواق، ما جعلنا في موقف سيئ بين تصريحات عن الانخفاض وواقع يُكذّب هذه التصريحات. الشيء المؤكد الوحيد أن تجربة بورسعيد أتت بثمارها مما جعل كثيرا من المحافظات تسير على الدرب نفسه ليس فقط في مقاطعة الأسماك، بل كذلك الفراخ وأيضا اللحوم وغيرها وقد بدأت الجيزة أمس تنظيم حملات مماثلة، وكثير من المحافظات أعلنت عن نيتها في المقاطعة باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يملكها المواطن لمواجهة هذه الأسعار الخرافية التي تنطلق يوميا بسرعة الصاروخ دون ضابط أو رابط. فلن يحدث للإنسان أي شيء لو استغنى أسبوع أو حتى شهر وأكثر عن السمك واللحمة والفراخ، بل على العكس تماما فربما تأتي المقاطعة بنتائج إيجابية على صحة المستهلك والمؤكد أنها ستؤثر إيجابا على «جيبه» وميزانيته المرهقة أصلا بأعباء لا حصر لها.. قاطعوا تَصِحّوا.

ذبحوه لماذا؟
كان متوقعا، انفجر محمد صلاح في وجه مدربه الأثير يورغن كلوب، ضغطه كلوب في الآونة الأخيرة، كما أخبرنا حمدي رزق في «المصري اليوم» حتى انفجر، لم يراعِ حالته النفسية، ورغبته العارمة في تعويض ما فاته وفات ليفربول. أجلسه كلوب على الخط يتلظى، وهو يتحرق لتعويض إخفاقات متتالية، ركنه على الدكة وفريقه في أمس الحاجة لجهوده. صلاح يشاهد سقوط ليفربول من دكة الاحتياطي، ظل يسخن ويسخن منذ منتصف الشوط الأول على أمل اللعب في بداية الشوط الثاني أمام ويست هام، والدقائق تمضي سريعا، وحلم التتويج الأخير تحت إدارة كلوب يتبخر، وتبخر وهو «لساه» على الخط. لم يعرف أحد ماذا قال كلوب لصلاح على الخط، جملة كانت كافية لإخراج صلاح عن طوره، فانفعل الهادئ دوما، فأخطأ في حق نفسه أولا، وحق كلوب ثانيا، والأهم في حق محبيه من جمهور الريدز الذين صُعقوا وهم يرون حامل حلمهم على هذه الحالة من الغضب. ظهر صلاح على الشاشات في عصبية زائدة، لم تفارقه حتى في الملعب، وخرج يدمدم.. ويهدد. وردا على سؤاله حول ما حدث بينه وبين كلوب، قال صلاح في تصريحات نقلها الصحافا الإنكليزي جيمس بيرس: «إذا تحدثت اليوم ستشتعل النار». ذبح صلاح، صلاح وقع هاتوا السكينة، فريق المعتزلين في ليفربول، من يسمونهم أساطير الريدز، انتهزوها فرصة لذبح صلاح معذبهم، ومحطم أساطيرهم. جماعة القاعدين في استديوهات «بي أن سبورت» تباروا في تخطئة صلاح، وطالبوه بالاعتذار علانية، وكان أقساهم كابتن الجماعة أبو تريكة، الذي يزعم حبا لصلاح، فرصة وسنحت لسلخ وجه صلاح، لم يلتمس له عذرا، ولم يطلع على ما قاله كلوب لصلاح وأخرجه عن شعوره إلى هذه الدرجة.

مؤلمة وجارحة
طالب حمدي رزق بما يلي: رفقا بصلاح، ما تعرض له صلاح تنوء به الجبال، سقط مصابا في نهائيات كأس الأمم الافريقية، فلم يرحموه، انكشارية التعليق الرياضي في مصر، خونوه وقالوا في وطنيته وولائه للعلم قولا كريها، وعاد إلى ليفربول يجر أذيال الخيبة. لم يعالج كلوب جرحه، بل ضغطه بشدة، صلاح يتألم. يعاني، نكرانا وجحودا، كل لمسة، كل تمريرة، كل هدف ضائع، غيره يهدر فرصا محققة، والفاشلون واقفون له على كل كرة، ويحكمون عليه بالفشل، ويكتبون نهايته وهو في الملعب واقفا على قدميه.. ويحاول. راجع التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن الصحافة الإنكليزية، مؤلمة، جارحة، بعضها يطالب باعتزاله، وبعضها يطالب برحيله، وبعضها يقذفه بكلمات قاسية كالحجارة. صلاح في محنة، وما حدث ما هو إلا حدث عارض، يقيني صلاح يحتاج إلى علاج نفساني قبل أن يفقد تعاطف جمهور الريدز، يحتاج إلى راحة نفسية وهذا ما لم يتفهمه كلوب. المدرب الألماني، وهو يغادر معقل الريدز، يتعامل مع صلاح باعتباره «بقرة حلوب» تُدر أهدافا، وجماهير الريدز لا ترحم، والصحافة الإنكليزية لا ترى سببا في إخفاقات الريدز المتتالية سوى صلاح، حتى وهو على الخط يُحمّلونه الهزائم المتوالية. صلاح لم يسقط بعد، لسه الأماني ممكنة، ومهما كانت الحمولة ثقيلة، صلاح جمل الحمول، وياما دقت على رأسه طبول، فقط يهدأ، نفس عميق، والتفكير بروية في البقاء في ليفربول، لا يغادره على هذه الصورة الحزينة، ليست هذه النهاية التي يختتم بها صلاح مغامرته الإنكليزية الناجحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية