قطعان بن غفير تقمع الطلاب في أمريكا!

حجم الخط
0

هاجم قرابة 100 من «مؤيدي إسرائيل» متضامنين مع فلسطين مخيمين في «دكسون بلازا» في جامعة كاليفورنيا، بمدينة لوس أنجلس، مساء أول أمس الثلاثاء. اعتدى مؤيدو إسرائيل، كما وصفهم الإعلام الأمريكي، على الطلاب المعتصمين بالعصيّ والقضبان الحديدية ومواد كيميائية تستخدم لصد الحيوانات المتوحشة (bear spray) محاولين هدم الخيم التي نصبها المتظاهرون.
أظهرت الفيديوهات التي انتشرت مشاهد لبعض الطلاب المؤيدين لفلسطين وهم يحاولون تغطية أنفسهم بالمظلات لمنع تلقيهم المواد المخرّشة والمؤذية للعيون والجلد، كما أظهرت آخرين يحاولون منع كسر العوارض الخشبية وتهبيط الخيام ليتعرّضوا لأشكال من العنف والضرب بعد نجاح المؤيدين لإسرائيل في كسر الحواجز.
حسب صحيفة محلّية فإن ماري أوساكو، نائبة مدير الجامعة، اتصلت بالشرطة وأبلغت عن «أفعال مرعبة من العنف» تجري ضد المعتصمين، وأن مسؤولي الجامعة «مشمئزون من العنف الوحشي» وأنهم يريدون من قوات الأمن وقفه. ما حصل، وما كشفته بعض اللقطات أن قوات الشرطة التي شهدت وقائع عصف المؤيدين لإسرائيل بالمكان واعتداءاتهم على الطلاب وقفت كي «تراقب» المشهد، وهو ما يذكّر، بالفعل، بأفعال الجيش وقوات الأمن الإسرائيليين في تعاملهم مع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.
الحقيقة أن الشرطة الأمريكية تدخّلت في الليلة نفسها ولكن في مدينة نيويورك حيث اعتقلت العشرات من الطلاب المتضامنين مع فلسطين بعد اعتصامهم في مبنى في جامعة كولومبيا، كما قامت بتفكيك مخيم احتجاج في مدرسة آيفي ليغ، كما فعلت ذلك في «هاميلتون هيل» حيث اعتقلت العشرات من الطلاب، بعد أن قامت رئيسة الجامعة مينوش شفيق (أمريكية من أصل مصري) بطلب مساعدة الأمن لإخراج الطلاب، الذين أعادوا تسمية المكان باسم هند رجب، وهي طفلة بعمر السادسة قتلتها إسرائيل.
المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، عبّرت عن الوضع ببلاغة ووضوح حين قالت إنها أصيبت بالدهشة من العنف الذي تمارسه الشرطة الأمريكية تجاه «متظاهرين ينددون بالإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة أجنبية أخرى» واصفة ذلك بـ«الحقيقة البشعة» مطالبة بضمان أمن الطلاب والأكاديميين المتظاهرين.
يبدو ما حصل ليلة الثلاثاء في كاليفورنيا أول تطبيق فعلي لاقتراح إيتمار بن غفير، وزير «الأمن القومي» الإسرائيلي الذي طالب قائد الشرطة الإسرائيلية بوضع خطة «لإنشاء قوات دفاع محلية» في البلدان التي تتعرض لمعاداة السامية، وهو ما ترجمته نقل التجربة الإسرائيلية في القمع إلى البلدان الأخرى، كما لو أن كل أشكال القمع التشريعي والسياسي والأمني وحتى الإعلامي الذي مارسته الدول الغربية، على المتضامنين مع الفلسطينيين، لا يكفي.
أدى القمع الأمني لطلاب أمريكا حتى الآن إلى اعتقال أكثر من 1000 طالب وطالبة، ولكن ما فعله «مؤيدو إسرائيل» في لوس أنجلس يعطي مؤشرا أكثر بشاعة عما يحصل.
فيما يحتفل العالم بعيد العمال، تعيد وقائع هجوم القطعان المؤيدة لإسرائيل على الطلاب (ومطلبهم الرئيسي، بالمناسبة، هو وقف دعم الجامعات الأمريكية ماليا لإسرائيل) التذكير بالعصابات التي كان يستأجرها أصحاب المعامل والشركات، في أمريكا والعالم الغربي، لكسر إضرابات العمال وسحق مطالباتهم بحقوقهم، لكنّه، في الحالة المستجدة، يجمع، في لحظة تاريخية، بين قضايا استمرار الكولونيالية الاستيطانية الإسرائيلية باعتبارها متابعة للإرث الاستعماري الغربي، مع قضايا العدالة الاجتماعية والحريات السياسية ورفض القمع البوليسي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية