عباس يقبل استقالة حكومة اشتية ويكلفه بتسيير الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله- “القدس العربي”: قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الاثنين، استقالة رئيس الوزراء محمد اشتية، وطلب منه وباقي الوزراء تسيير أعمال الحكومة.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” إن عباس استقبل “رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتية، حيث قدم استقالة الحكومة”.

وأضافت أن عباس “أصدر مرسوما بقبول استقالة الدكتور محمد اشتية، وتكليفه ووزراءه المستقيلين بتسيير أعمال الحكومة مؤقتا، إلى حين تشكيل حكومة جديدة”.

وكما كان متوقعا، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية عن استقالة حكومته أثناء انعقاد الجلسة التي تحمل رقم 245، وذلك بعد أن مضى على تشكيل حكومته الثامنة عشرة خمسُ سنوات.

وكان اشتيه قد تقدم بالاستقالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الثلاثاء الماضي من دون أن تكون مكتوبة أما اليوم فقد قدمها مكتوبة أمام العشرات من وسائل الإعلام، حيث سببها بأنها تأتي “على ضوء مستجدات سياسية وأمنية واقتصادية متعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة والتصعيد غير المسبوق بالضفة الغربية بما فيها مدينة القدس”.

وأضاف: “يأتي في ظل ما يواجهه شعبنا، وقضيتنا الفلسطينية، ونظامنا السياسي من هجمة شرسة، وغير مسبوقة، ومن إبادة جماعية، ومحاولات التهجير القسري، والتجويع في غزة، وتكثيف الاستعمار، وإرهاب المستعمرين، واجتياحات متكررة في القدس، والضفة، للمخيمات، والقرى، والمدن، وإعادة احتلالها، والخنق المالي غيرُ المسبوق أيضا، ومحاولات تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة، والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية، سلطة إدارية أمنية، وبلا محتوى سياسي”.

وخلال الكلمة القصيرة نسبيا قدم رئيس الوزراء المستقيل، الذي ستدير حكومته تصريف الأعمال، إلى حين تعيين الحكومة الجديدة، قدم نصيحته للأخيرة حيث قال “إن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني، مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين”.

فوق وطنية

وتبدو التصريحات السابقة متضمنه لثالوث التحديات التي ستواجه الحكومة القادمة، وبحسب الكاتب والمحلل السياسي الدكتور جهاد حرب فإن هذه الاستقالة تفتح مجالا جديدا لتشكيل حكومة جديدة يفترض أن تكون “موافقا عليها” وتحظى بمباركة الفصائل الفلسطينية المختلفة.

وشدد حرب على أهمية أن تكون الحكومة القادمة “حكومة انقاذ وطني”، بغض النظر عن شكلها، رغم أن ما يرشح من أخبار يشير إلى أن التوجه العام فيما يتعلق بها يدلل على أنها ستكون من التكنوقراط (الخبراء) من أجل النهوض بمهام “فوق وطنية”.

ويرى حرب أنه يقع على عاتق هذه الحكومة إعادة الحياة من جديد لقطاع غزة عبر إعادة الاعمار وتوحيد المؤسسات والتحضير لإجراء الانتخابات العامة رئاسية وتشريعية.

ويصف حرب المهام الملقاة على عاتق الحكومة بأنها “مهام معقدة، وصعبة”، قد تعجز عن مهامها أي حكومة سابقة.

وستستمر الحكومة المستقيلة بتيسير الأعمال حتى تعيين الحكومة القادمة وهو أمر قد يستغرق أشهرا كما تخبرنا التجارب السابقة، لكن المهم بحسب حرب هو أن تخرج بـ”التوافق الوطني”، وهو أمر يفترض أن يكون مجالا للنقاش الجدي في موسكو يوم ٢٩ شباط حيث جلسات الحوار الوطني الذي يستضاف هناك.

ويعلي حرب من ضرورة أن يكون النقاش جديا حول تشكيل حكومة انقاذ وطني في ظل المهمة الصعبة أمام هذه الحكومة، غير أنه يرى أن الأهم الذي يطلب من الحكومة القادمة هو أنها “يجب ان تكون قوية وفاعلة وصادقة وان تحدد ما ستقوم به وان تدرك ما يمكنها أن تقوم به أيضا”.

حكومة بأي مرجعية

أما المحلل السياسي هاني المصري فيرى أن الخلاصة الأهم التي علينا انتظارها هو الإجابة على أسئلة مثل: ما هو البرنامج والخطط والمرجعية للحكومة الجديدة؟ وأضاف: “حتى لو كانت أحسن حكومة فإنها من دون مرجعية ومساءلة ومحاسبة ستنحرف عن الطريق”.

ويرى أنه “حتى الان لا مرجعية للحكومة القادمة، إنما نحن إزاء حكومة يشكلها الرئيس، حيث هناك مصادر سربت الأخبار التي تقول إنه شرع بتشكيل الحكومة الجديدة، رغم أن لقاء موسكو بعد أيام (٢٩ من الشهر الجاري)، الذي يفترض أن يكون تشكيل الحكومة (تكنوقراط) على جدول أعماله.

ويشدد المصري على أن تشكل الحكومية بمرجعية وطنية يجعلها أقوى على العمل، حيث إنه “من دون موافقة ومباركة الفصائل والأحزاب الفلسطينية فإنه سيحدث لهذه الحكومة “مليون مشكلة”، وسيكون أمامها عراقيل كبيرة”.

وطالب المصري كما حرب بضرورة أن تُعطي الحكومة صلاحيات كبيرة جدا وفق القانون الأساس المعدل. بحيث لا تكون عبارة عن “موظف بدرجة وزير”.

ويضيف المصري: “اعتقد أن هناك أسماء جديدة مطروحة للحكومة، لكن المهم هو النهج والبرنامج والسياسات، يرافق ذلك مساع لتحويل الرئيس ليكون فخريا، لكن ذلك عملية لن تتم بيوم وليلة”.

قطع الطريق

بدوره يقول المحلل السياسي سليمان بشارات والباحث في مركز يبوس للأبحاث والدراسات ان الاستقالة تأتي ضمن إطارين، الأول استجابة للمطالب الأمريكية والأوروبية في قضية تجديد الهيئات الفلسطينية، وهو أمر يأتي وفقا لرغبات الأطراف الدولية والإقليمية.

أما الإطار الثاني فيرتبط بخطوة التأسيس لمرحلة سياسية فلسطينية جديدة قادمة وذلك في خطوة تسبق لقاء موسكو القريب، وهي حالة أمام خيارين: حكومة شاملة تمثل الضفة وغزة وفق توافق فلسطيني تكنوقراط أو حكومة توافق وطني.

ويرى بشارات أن هذا يأتي في ظل توجه عام يرى بضرورة إشراك حماس بالنظام السياسي الفلسطيني بشكل مباشر أو غير مباشر.

وبحسب بشارات فإن المهمة الأساسية اليوم تتمثل في أن السلطة تتحرك بشكل قوي جدا لتتولى مهام إعمار قطاع غزة والإشراف على القطاع، وذلك استباقا لأي خطوات قد تتبلور مستقبلا لا تخدم توجهات السلطة، مثل عودة القيادي الفتحاوي محمد دحلان هو أو من يمثله أو يدعمه.

بدوره طالب الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أن تؤدي استقالة حكومة اشتية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية مؤقتة مقبولة من جميع القوى الفلسطينية، تتصدى لمخططات نتنياهو لتكريس احتلال غزة وتضمن وحدة الضفة والقطاع وترمم جراح غزة وتعد لاجراء انتخابات حرة ديمقراطية.

ورأى أن الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون للوحدة الوطنية في ظل مؤامرات التهجير والتطهير العرقي الإسرائيلية وتهديدات نتنياهو بارتكاب مجزرة وحشية لا سابق لها في رفح.

وشدد على أن أهم شيء الان هو تشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة تنبثق عنها حكومة وحدة وطنية مؤقتة تستجيب لمطالب الشعب الفلسطيني وليس لأية إملاءات خارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية