فضائح سياسية وأخلاقية تهزّ الكيان الإسرائيلي

حجم الخط
1

الدولة المسمّاة بـ «الديمقراطية الوحيدة» في المنطقة، وجيشها «أطهر» جيوش المنطقة، والمتهم رئيس وزرائها لتسيير الأعمال بثلاث تهم فساد، التي قد تؤدي به إلى السجن، وتقضي على مستقبله السياسي. هذه الدولة لا يكاد يمر شهر فيها من دون فضيحة سياسية أو أخلاقية. آخر هذه القضايا ما كشفه سنودن العميل في وكالة الأمن القومي الأمريكي (إن.إس.أي) الذي سبق أن كشف منظومة تعقب الإدارة الأمريكيّة لمواطنيها، انتقد بشدّةٍ الإسرائيليين لأنّهم لم يحتجوا على قرار نتنياهو استخدام مخزون معلومات بحوزة جهاز الأمن العام (الشاباك)، الذي يطلق عليه اسم «الأداة» لتعقب الإسرائيليين، بادّعاء رصد مصابين بفيروس كورونا.
وقال سنودن في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أجراها في موسكو المُحلِّل المُختّص في الشؤون الأمنيّة والمُخابراتيّة الدكتور رونين بيرغمان، إنّه يصعب عليّ حقًا أن أفهم كيف لم يُثر لديكم هذا الأمر عاصفة كبيرة، وفاجأني أن الجمهور الإسرائيلي، لا يدرك مدى خطورة مخزون معلومات كهذا بأيدي (الشاباك)، على حدّ قوله. وتابع قائلاً: رغم أن إسرائيل في حربٍ دائمةٍ، لكن يجب أن نتذكّر أن قسما كبيرا من السكان موجود هناك نتيجة كارثة، وفظائع متعمدة حدثت من خلال استغلال سيئ لمنظومة السجلات، التي وضعها النازيون في ألمانيا. وأقول للإسرائيليين: ضعوا مشاعركم تجاه نتنياهو، أو تجاه خصومه في المعارضة جانبا، فهم أقل أهميةً، مُضيفًا في الوقت عينه، أن ما يقوم به نتنياهو، من استغلال المعلومات السريّة عن المُواطنين، التي يملكها «الشاباك» هي أكثر خطرا من جائحة كورونا نفسها، طبقًا لأقواله.
ولفت في سياق حديثه إلى أنّه للمرّة الأولى تقوم البشريّة باستخدام هذا النوع من التعقّب، وأنّ إسرائيل هي الدولة الـ”ديمقراطيّة» الوحيدة، التي تستخدِم المعلومات التي جمعها جهاز الأمن العّام لـ”التجسس» على مواطنيها، وهذا الأمر برأيه هو بمثابة تحضير من قبل الجهات الأمنيّة، في كيان الاحتلال، لبنية تحتية للقضاء على حقوق المُواطنين بشكلٍ كلّي، لافتاً إلى أن العثور على مرضى كورونا بواسطة معلومات جهاز المخابرات، ومن ثمّ إرسال العملاء لفتح الأبواب المُغلقة، واقتحام البيوت، لنقل المرضى إلى المُستشفيات، هو أمرٌ لا يُمكِن أن يتحملّه العقل البشريّ. يُشار إلى أن لجنة المخابرات في مجلس النواب الأمريكيّ، كانت قد أصدرت تقريراً يتهم سنودن، بتسريب معلومات ألحقت أضرارا كبيرة بالأمن القومي للولايات المتحدة.
إلى ذلك، قال الصحافي الذي كان أوّل مَنْ نشر تسريبات سنودن، إن الأخير لديه المزيد من الأسرار المتعلقة بإسرائيل ليكشفها. وقد التقى غلين غرينوولد الصحافي في «الغارديان» البريطانيّة وجها لوجه مع سنودن، وكتب أو شارك في تحرير الكثير من التقارير التي نشرتها الصحيفة، واعتمدت فيها على المادة التي جمعها. وخلال مقابلة مع تلفزيون إسرائيلي، سئل عما إذا كان سنودن لديه المزيد من الأسرار المتعلقة بإسرائيل فقال: نعم.
عدا عن فضائح نتنياهو والاتهامات الموجهة إليه، والتي قد لا ينفذ منها، فإن إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اضطر للاستقالة من الحكومة بعد اتهامات له في قضايا فساد، في مايو عام 2014 وكان قد أدين بقبول رشاوى في مشروع إسكان «هولي لاند» في مدينة القدس، وعوقب بالسجن لمدة 6 سنوات، بالإضافة لغرامة قدرها مليون شيكل. وتعود أحداث القضية إلى فترة تولي أولمرت رئاسة بلدية القدس منذ عام 1993 وحتى عام 2003. كذلك الأمر بالنسبة لعيزرا فايتسمان، الذي أجبر على التنحي من منصبه رئيسا لإسرائيل عام 2000، إثر تسرب معلومات في الصحافة عن تلقيه أموالا بشكل غير قانوني من رجل أعمال. أما موشيه كاتساف، فقد أدين بارتكاب جرائم اغتصاب وتحرش جنسي بحق 10 موظفات سابقات عملن معه وعرقلة التحقيقات، وحكم عليه بالسجن 7 سنوات، هذا غيض من فيض فضائح المسؤولين الإسرائيليين. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية وموقع «واللا» و”مدار نيوز» منذ أيام، عن تورط مسؤول رفيع سابق في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بقضية اعتداء جنسي، خلال فترة توليه منصبا حساسا، ما عرضه للاعتقال البيتي وفقا للشرطة الإسرائيلية.

الدولة المسمّاة بـ «الديمقراطية الوحيدة» في المنطقة لا يكاد يمر شهر فيها من دون فضيحة سياسية أو أخلاقية

للعلم، في شهر مارس الماضي، تم التحقيق مع جنرال في الجيش، ومسؤول حكومي كبير، ونائب في البرلمان، بتهم اعتداء جنسي. كما استقال الجنرال أوفيك بوخريس من الجيش الإسرائيلي في يوليو 2016، بعد إدانته بالاغتصاب. وتمكن الجنرال من ابرام صفقة مع الادعاء، تجنب بموجبها الدخول إلى السجن مقابل اعترافه باقامة علاقة جنسية مع جندية برضاها، واعترافه بسلوك غير لائق في قضية اخرى. وأثار الاتفاق غضبا لدى الرأي العام، ما يعكس اتجاها متزايدا بعدم القبول بمثل هذه الاعمال.
وأطلقت أربع شابات خدمن كمجندات في الجيش الاسرائيلي، أغنية في شريط فيديو انتشر عبر الإنترنت، مؤخرا، وحقق نجاحا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي، يحمل عنوان فتيات «بوخريس» وهي نسخة معدلة لأغنية مناهضة للحرب صدرت في 1995، تتضمن انتقادات لطريقة تعامل الجيش مع قضايا التحرش والاعتداءات. وتظاهر مئات من الإسرائيليين مؤخرا، أمام قيادة الجيش ورفعوا شعارا مكتوبا عليه «ما الذي لا تفهمونه في اعترافات المجندات؟”. وأكدت منظمة التظاهرة نوغا شاحار، وهي ممثلة في المسرح القومي الإسرائيلي، لوكالة فرانس برس، أن التظاهرة «لا تتعلق بانكشاف فضائح أكثر من قبل. ببساطة، النساء بدأن يعرفن أن بإمكانهن التحدث، وتقديم شكوى وإعطاء أسماء”، ولكنها أشارت إلى أن «النظام القضائي لا يقوم بملاحقة هذه القضايا”، مذكرة بقضية وصفتها بـ”المثيرة للاشمئزاز”، تتعلق بقيام قاض في الناصرة بالتحرش بموظفة في عام 2010 وقدم القاضي بعدها استقالته، ولكن هناك احتمالا بالتوصل إلى صفقة مع الادعاء، سيتم بموجبها الحكم على القاضي بساعات من الخدمة الاجتماعية، وبدفع تعويض للموظفة بقيمة 2500 شيكل فقط (600 يورو).
لقد أكدت شاحار أنه لا يمكن معرفة الأرقام الدقيقة المتعلقة بالاعتداءات الجنسية في إسرائيل. وتقول مسؤولة في اتحاد مراكز المساعدة لضحايا الاعتداء الجنسي في إسرائيل أوريت سولتسيانو، لوكالة «فرانس برس”، إن السبب يعود إلى أن «غالبية النساء لا يكلفن أنفسهن حتى عناء التوجه إلى الشرطة» إما حياءً، وإما خوفا من تبعات الشكوى. ولكنها تشير إلى أن عمل الاتحاد والوعي المتنامي أديا إلى «تسونامي» من شكاوى الضحايا. وتقول أرقام صادرة عن اتحاد مراكز المساعدة لضحايا الاعتداء الجنسي في إسرائيل، إنه في عام 2015 تم تقديم 197 طلب مساعدة جديدا، بزيادة قدرها 17% عن السنوات الماضية. وتؤكد سولتسيانو أن «هذا ليس سوى جزء من الحقيقة”، مشيرة إلى وجود عوامل في ثقافة الإسرائيليين. وتردف «هذا مجتمع لا يتم فيه إلى درجة كبيرة احترام المساحة الشخصية”.
من ناحية ثانية مدد الرئيس الإسرائيلي ريفلين، مساء الاثنين الماضي، المهلة الممنوحة لرئيس تحالف «أزرق أبيض» بيني غانتس لتشكيل حكومة وحدة بيومين إضافيين، بعد انتهاء المهلة الأصلية عند منتصف ليلة الاثنين/الثلاثاء. واستجاب لطلب مشترك تقدم به غانتس ونتنياهو، وقالا في بيان إنه «تمّ إحراز تقدم كبير نحو تشكيل حكومة طوارئ وطنية. واتفق الطرفان على الاجتماع مرة أخرى صباح الثلاثاء، بحضور فرق التفاوض”. وكان ريفلين قد رفض يوم الأحد تمديد المهلة الممنوحة لغانتس لتشكيل الحكومة، وأعلن أن التكليف سيعود إلى الكنيست (البرلمان) لاختيار مرشح آخر، قبل أن يعلن مساء الاثنين تمديد المهلة ليومين. وخاض كلّ من غانتس ونتنياهو أطول مفاوضات في تاريخ إسرائيل، وثلاث جولات انتخابية في أقلّ من عام، أسفرت جميعها عن كنيست مشتّت القوى، ولم يتمكن أيّ منهما من الحصول على دعم كاف في الكنيست لتشكيل حكومة جديدة.
ما قلناه عن ارتفاع حجم الاغتصاب والفساد في إسرائيل بين القادة سياسيين وعسكريين يبدو طبيعياً، فالدولة قامت على الاغتصاب، الذي أصبح منهجا في إسرائيل. فما يمارسه العسكريون من جرائم بحق الفلسطينيين (وكانت الذكرى 72 لمجزرة دير ياسين في 9 إبريل الحالي، وحكم على القائد مرتكب المجزرة الضابط شيدمي بغرامة قرش واحد، وتم تبرئة قاتل المناضلة الأمريكية راشيل كوري، التي وقفت أمام جرافة في محاولتها منع هدم بيت فلسطيني) ثم أن العنجهية والفوقية والاستعلاء والعنصرية، واقتراف المذابح بشكل دائم ضد شعبنا وأمتنا، وقتل شبابنا ذكورا وإناثا بدم بارد، ووجود ما يربو عن 5000 معتقل، رغم كورونا، والتفرقة في العلاج بين اليهود والفلسطينيين.. كل ذلك يخلق شعورا بالعظمة الزائفة، والحقد والميل إلى ارتكاب الأفعال الوحشية العنفية. هذه الأشكال وغيرها من الفساد المستشري بين القادة الإسرائيليين، باتت تثير في الدولة الحديث عن حرب أهلية إسرائيلية نتيجة لعمق التناقضات القائمة بين الأحزاب والجماعات الصهيونية الإسرائيلية، قد لا تكون الحرب الأهلية على المدى القريب المنظور، ولكن بالمعنى الاستراتيجي.
كاتب فلسطيني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رجا فرنجية:

    ألشكر والتقدير للدكتور فايز رشيد على مقال أليوم ألرائع في سرده لفضائح ألأشكناز ألسياسية وألأخلاقية. أنني هنا أختلف مع قوله بأن هذه ألفضائح تهزّ الكيان الإسرائيلي. أساساً ليس لهذا ألكيان من أخلاق فكيف في هذه ألحال ستهزه ألفضائح التي أأشار اليها كاتبنا ألقدير. أي كيان هذا لا يزال ألنتن-يا-هو وألمجرم وأللص في مركزه. أن ما قام به نتنياهو من أعمال يستوجب محاكمة فورية بصرف ألنظر عن مركزه ألحالي.

إشترك في قائمتنا البريدية