فرنسا خفضت تعاونها العسكري مع إسرائيل بعد العدوان على غزة

حجم الخط
0

باريس ـ «القدس العربي»: خفضت باريس، منذ بداية العدوان في غزة، من صادراتها من الأسلحة إلى إسرائيل إلى الحد الأدنى الصارم، دون قطع العلاقات العسكرية بشكل كامل، وفق ما أكدت صحيفة «لوموند» مشيرة إلى أن البحرية الفرنسية لم تعد تتوقف في ميناء حيفا لتبادل المعلومات، كما لم يجر التخطيط لمناورات جوية مشتركة هذا العام.
ووفق الصحيفة، التعاون الدفاعي الفرنسي – الإسرائيلي يتعرض لضغوط منذ بدء العدوان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث استمرّت الأصوات في الارتفاع للتنديد بالدول التي تواصل تصدير الأسلحة إلى الدولة العبرية، التي تتعرض عملياتها في قطاع غزة لانتقادات من جميع الجهات، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي أصدر في الخامس من أبريل/نيسان الجاري قراراً يدعو إلى حظر جميع الأسلحة المقدمة إلى إسرائيل.

مسار ضيق

ورغم أن فرنسا امتنعت عن التصويت على القرار، لكن الأخير ألقى بثقل جديد على التعاون الدفاعي الثنائي بين باريس وتل أبيب، الذي يسير بالفعل على مسار ضيق، وفق «لوموند».
من حيث الأسلحة، لا تمثل عمليات نقل المعدات من فرنسا إلى إسرائيل سوى 0.2٪، وهي نسبة صغيرة جداً من صادرات الدفاع الفرنسية.
ويتعلق الأمر في الأساس بعمليات نقل قطع الغيار، وفق ما أكد وزير الجيوش الفرنسية، سيباستيان ليكورنو، خلال مقابلة مع صحيفة لو باريزيان» قبل أيام.
غير أن عمليات النقل هذه تُغطي مجموعة واسعة من المكونات، التي تكون أحياناً أساسية لتصنيع معدات أكثر تعقيداً. ففي 26 مارس/آذار الماضي، مثلاً، كشفت موقعا «ديسكلوز» «مارساكتو» الاستقصائيان عن وجود، شحنة ذخيرة من العيار الصغير، مخصصة لشركة تابعة لشركة الدفاع الإسرائيلية العملاقة «إلبيت» في ميناء مدينة مرسيليا الفرنسية.
ومع أن وزارة الجيوش الفرنسية أكدت أن الترخيص الممنوح يسمح فقط بإعادة التصدير إلى دول ثالثة، وعدم استخدامه من قبل الجيش الإسرائيلي، فإن هذه المعلومات سلطت الضوء على غموض التبادلات الدبلوماسية بين فرنسا والدولة العبرية.
إذ ثمة، منطقة رمادية، تتبناها باريس، وفق «لوموند» التي تنقل عن مسؤول فرنسي لم تذكر اسمه قوله: «مع الإسرائيليين، نساعد بعضنا البعض قليلاً، ونبيع لبعضنا البعض المعدات قليلاً، ونحن قريبون منهم بدرجة كافية لنعرف ماذا يفعلون، ولكن في الوقت نفسه نحن منافسون. وعلاوة كل شيء، هناك علاقة واضحة جداً تتمثل في رغبة فرنسا في عدم مساعدة العمليات المنفذة في غزة والمجازفة بأقل قدر ممكن من المخاطر في تسليم الأسلحة».
كما أن الكشف في عام 2021 عن قضية «بيغاسوس» برنامج المراقبة الإسرائيلي الذي تم بيعه للعديد من الدول، والذي استخدم من قبل بعضها للتجسس على القادة السياسيين الفرنسيين، ترك بصماته أيضاً، على العلاقات العسكرية بين البلدين تبعا لـ«لوموند».

«لوموند» تحدثت عن تراجع صادراتها من الأسلحة إلى الحد الأدنى

ووفق الصحيفة، حتى بداية العدوان على غزة، كانت فرنسا تزود إسرائيل بعناصر يمكن استخدامها لصنع قذائف مدفعية. لكن بعد مراجعة جميع التراخيص الممنوحة للدولة العبرية في نهاية الشهر نفسه، قررت باريس تعليق الصادرات.
وفقاً لآخر التقارير المقدمة إلى البرلمان الفرنسي، حول صادرات الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج، والتي نُشرت في صيف عام 2023، كانت فرنسا ما تزال تمنح، حتى عام 2022، تراخيص لمجموعة كاملة من المعدات التي يمكن استخدامها للمركبات المدرعة بالأشعة تحت الحمراء للتصوير أو حتى المراقبة عبر الأقمار الصناعية.
وما تزال الصادرات تعتبر اليوم للاستخدام «الدفاعي» بما في ذلك المكونات المخصصة للقبة الحديدية، لحماية دولة الاحتلال من نيران صواريخ المقاومة الفلسطينية، وتلك التي أطلقتها مؤخرا إيران.
ولا تتعلق التراخيص الممنوحة بالمعدات التي تمكن من نقل البيانات، الأمر الذي من شأنه أن يستبعد إمكانية استخدامها لأغراض الاستهداف.
وتنقل «لوموند» عن باتريس بوفيريه، المؤسس المشارك لمرصد «التسلح» مركز مستقل، مقره في مدينة ليون، قوله: «نحن في لعبة صناعية معقدة، تظل، في الأساس، شكلاً من أشكال التواطؤ وعدم الامتثال لالتزامات فرنسا الدولية، ولا سيما معاهدة تجارة الأسلحة».
كما نقلت الصحيفة عن أميلي فيري، الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إشارتها إلى التحقيق الذي فُتح في باريس منذ عام 2018 حول التواطؤ في جرائم حرب، وقد استهدف شركة» إكسيليا» الفرنسية التي تم العثور على مكونات تصنعها عادة، في صاروخ أدى إلى مقتل العديد من الأطفال في عام 2014 في قطاع غزة.
وتجزم «لوموند» بتأثير مباشر على التعاون العسكري التقليدي بين فرنسا وإسرائيل. «فلا يوجد بين البلدين اتفاق دفاعي بالمعنى الدقيق للكلمة، بل فقط ترتيب إطاري يعود تاريخه إلى عام 2016، ومنذ أكتوبر/تشرين الأول، تم تعليق جميع التجارة الثنائية».

لا مناورات عسكرية

كما، لم يعد هناك توقف للبحرية الفرنسية في ميناء حيفا، حيث جرت العادة على التوقف خلال الممرات في شرق البحر الأبيض المتوسط، خاصة من أجل تبادل ما شوهد تحت الماء وتحته. ولم يتم التخطيط لأي مناورات جوية مشتركة هذا العام أيضاً، مثل العلم «الأزرق» وهو تدريب نصف سنوي في صحراء النقب، والذي يقام عموماً في أكتوبر/تشرين الأول.
وبصرف النظر عن التعاون الاستخباراتي، لم يبق هناك رسميا سوى تنسيق وظيفي في المجال الجوي، وخاصة فيما يتعلق بتوصيل المساعدات الإنسانية جوا إلى قطاع غزة، تبعا للصحيفة.
وترى فيري أن الوقف الكامل لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل «لن يكون مأساة بالنسبة لقاعدة الصناعات الدفاعية. لكن في الوقت الحالي، يتم رفض هذا الخيار بشكل قاطع في باريس، حيث ما تزال إسرائيل تعتبر شريكاً رئيسياً في الشرق الأوسط».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية