فرنسا: انقسام الطبقة السياسية بشأن قصف النظام السوري

حجم الخط
0

باريس-“القدس العرب”-آدم جابـــر:

في الوقت الذي يبدو هناك شبه إجماع في الولايات المتحدة على ضرورة الرد على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، حيث أعلن رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري بول رايان أن الرئيس دونالد ترامب لديه’’ تفويض’’ بقيادة الرد العالمي بشأن سوريا، يبدو هناك في المقابل انقسام في صفوف الطبقة السياسية في فرنسا، التي أكد رئيسُها إيمانويل ماكرون أن فريقه على اتصال يومي مع فريق ترامب، وأنه ستكون هناك قرارات’’ ستتخذ في الوقت الذي تجد باريس وحلفاؤها أنه الأنسب والأكثر فعالية’’.

ماكرون وفي تصريح، الخميس، أكد أن فرنسا ’’ تمتلك أدلة على استخدام نظام بشار الأسد، على الأقل الكلور، الأسبوع الماضي في دوما. وهو التأكيد الذي أتى أيضا من مسؤولين أمريكيين، بحصولهم على عينات من بول ودم ضحايا هذا الهجوم أثْبت تحليلها وجود الكلور وغاز الأعصاب، حسبما أورد تلفزيون أم أس أن بي سي الأمريكي.

ومع أن المؤسسات في فرنسا تسمح للسلطة التنفيذية بالتحرك بشكل منفرد في مرحلة أولى، ما يعني أنه بإمكان باريس ضرب النظام السوري دون تفويض من الأمم المتحدة، إلا أن الطبقة السياسية الفرنسية تبدو منقسمة حيال هذه المسألة، إذ اعتبر رئيس الحكومة إدورا فيليب خلال جلسة برلمانية أنه’’ لا توجد دبلوماسية ذات مصداقية إذا لم تكن هناك استجابة قوية وموحدة وحازمة من المجتمع الدولي ضد الفظائع التي ترتكب في سوريا’’.

خطر الإفلات من العقاب

تصريحات فيليب لاقت ترحيبا من النائب البرلماني عن حزب اتحاد الديمقراطيين والمستقلين الوسطي ميار حبيب، الذي شدد على ضرورة التدخل في أسرع وقت ضد النظام السوري، معتبرا أن فرنسا بصدد فقدان مصداقيتها، إذا لم تحترم’’ الخط الأحمر’’ الذي وضعته بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.

وأيضا شدد بنوا آمون المرشح الاشتراكي إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، على أن “جريمة قصف دوما بالسلاح الكيميائي يجب ألا تمر دون عقاب”، واستغرب آمون كيف يمكن أن ’’ يترك ديكتاتورا مدعوما من قبل دول كثيرة منها روسيا أن يستمر في ذبح مواطنيه بما في ذلك بالأسلحة الكيميائية؟’’

وعلى نفس المنوال تحدث الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق فرانسوا أولاند، مشددا على أن” الرد الوحيد الممكن” على الهجمات الكيميائية في سوريا هو “ضربة أو ضربات” جوية ضد نظام بشار الأسد. وحذر أولاند الذي تخلى عن فكرة ضرب النظام السوري في عام 2013، بسبب تراجع الحليفين الأمريكي والبريطاني، من مغبة أن: “عدم القيام بأي شيء يعني ذلك الإفلات من العقاب. الأمر الذي سيقود نظام بشار الأسد إلى مواصلة ذبح شعبه”.

غير أن برينو ريتايو رئيس كتلة حزب الجمهوريين اليميني في مجلس الشيوخ، اتهم الرئيس السابق فرنسوا هولاند بـ’إلحاق الضرر بالدبلوماسية الفرنسية عبر إخراجها من اللعبة السياسية في سوريا’’. ولتصحيح ذلك، يقول ريتايو’’ يجب أن تعود فرنسا إلى التحدث مع موسكو ودمشق ولو أنه سيكون على بشار الأسد أن يرد في لحظة ما على جرائمه’’. كما أعرب برينو ريتايو أيضا عن’’ تردده’’ حيال التدخل العسكري ضد النظام السوري. وتساءل هذا الأخير: هل إضافة الحرب إلى الحرب ستدفع إلى السلام؟، مشددا على أنه لا يعتقد أن مفهوم’’ الضربات العقابية سيأتي بجديد’’.

سيناريو العراق

من جانبها، أعربت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان عن قلقها من’’ الاندفاع السريع نحو استخدام القوة دون انتظار حتى إجراء تحقيق دولي حول الموضوع ’’. كما استغربت لوبان من’’ عدم أخذ الرئيس ماكرون وغيره العبرة من التجربة العراقية الفاشلة والسيئة لجورج بوش وتوني بلير’’. نفس التصريحات تقريبا أتت أيضا من حليف لوبان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة نيكولا ديبون-أنيان زعيم حزب إنهضي فرنسا اليميني، معتبرا أن الدول الغربية بما فيها فرنسا تريد’’ تكرار سيناريو العراق الكارثي’’. ووصف ديبون-أنيان فكرة التدخل العسكري في سوريا بـ’’السيئة’’، مطالبا بإجراء تحقيقات أولا.

في حين، طالب جان ليك ميلانشون زعيم حركة فرنسا العصية اليسارية الرئيس إيمانويل ماكرون بتقديم أو الكشف عن الأدلة التي زعم بأنه يمتلكها وتثبت استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي الأسبوع الماضي في دوما. كما دعا ميلانشون الحكومة الفرنسية إلى اقتراح أن تتوجه لجنة تحقيق إلى سوريا، محذرا في الوقت نفسه من مغبة أن فرنسا في صدد’’ ارتكاب خطأ فادح عبر الهرولة خلف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أن دون يكون لها أي مبرر للمشاركة في عمليات انتقامية ليس لها أي معنى في ظل السياق الحالي’’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية