فاشيّو العالم وعنصريّوه يستنسخون الصهيونية ويؤيدونها

حجم الخط
1

للأسف، فإن الهند التي كانت تعتبر من أشدّ المناصرين للقضية الفلسطينية والقضايا العربية، وأدانت الصهيونية في مجموعة الـ77 (الدول النامية) عام 1964 باعتبارها حركة عنصرية. وكان ذلك فعليا مقدمة لصدور قرار الجمعية العامة الأمم المتحدة رقم 3379 الصادر عام 1975 والذي يحدد أن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري».
وبفعل الغياب العربي، ونهج النظام الرسمي العربي في التطبيع العلني والسرّي مع دولة الكيان الصهيوني، فإن الهند اليوم، وفقا لمقال نُشر في موقع «ميدل إيست آي» الإخباري البريطاني بدأت تستنسخ الصهيونية وتطبقها في عموم البلاد.
وجاء في المقال الذي كتبه كبير المحررين بالموقع، آزاد عيسى، «أن القومية الهندوسية والصهيونية تتشاطران طموحا مشتركا لبناء دول استعلائية ذات ثقافة واحدة، وعرق واحد وأمة واحدة». ويقول الكاتب: «إن هذا التوجه الجديد للهند برز بشكل واضح مع انتخاب السياسي الهندوسي القومي ناريندرا مودي رئيسا للوزراء عام 2014.
من ناحية ثانية أعلنت حكومة هندوراس أن الرئيس ايرنانديز سيقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل لافتتاح «مكتب دبلوماسي» في القدس، معترفة بذلك بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل. وقال الرئيس: «إن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل مهم للغاية»، موضحا أن افتتاح المكتب هو امتداد لسفارة بلاده الواقعة في تل أبيب.. وكانت الولايات المتحدة نقلت في 14 مايو 2018، سفارتها لدى دولة الكيان من تل أبيب إلى القدس في قطيعة مع سياستها السابقة، منفذة بذلك وعدا قطعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نفسه.
منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، مارست الخارجيتان الأمريكية والصهيونية ضغوطا هائلة على الدول الحليفة لهما، لنقل سفاراتها إلى المدينة الفلسطينية العربية الكنعانية اليبوسية المحتلة. لقد اعتمدت الخارجية الإسرائيلية حزمة من الحوافز، تقديم 15 مليون دولار تشجيعا لكل دولة تنقل سفارتها إلى القدس. ووفقا لصحيفة «إسرائيل هيوم» فإن كلا من الهندوراس والسلفادور وافقتا على نقل سفاراتيهما للقدس، إلا أنهما طلبتا من إسرائيل فتح سفارات كاملة لديها، بينما طلبت دول أخرى الحصول على مساعدات في مجال التطور الاقتصادي وفتح أبواب أمريكا أمامها، ومشاركة إسرائيل في التكاليف الاقتصادية المترتبة على نقل السفارة. وقد صادقت الحكومة الإسرائيلية على قرار يعتبر مسألة نقل السفارات إلى القدس هدفاً قومياً سياسياً واستراتيجياً من الدرجة الأولى.
أما الولايات المتحدة فإلى جانب ضغوطها الدبلوماسية والسياسية، ومساعداتها الاقتصادية (التي تأخذ أثمانها من الأموال العربية)، فرضت على العربية السعودية مبلغ 450 مليار دولار، وتطالبها وغيرها من الأقطار العربية سنويا بدفع «خوّة» حمايتها لوجودها، وتدفع هذه الأموال للكيان الصهيوني في جزء منها، ولخدمة السياسات الإسرائيلية، كنقل السفارات إلى القدس من جهة ثانية.
إلى جانب ذلك، تم سنّ قانونين: المساواة بين اللاسامية ومعاداة الصهيونية، ومحاربة الدول التي تقاطع إسرائيل، تجاريا واقتصاديا وسياسيا، وتشجيع المعارضات فيها (فنزويلا على سبيل المثال).
أما الدول التي تعاطت مع الضغوطات الأمريكية الصهيونية في نقل سفاراتها إلى القدس، فهي: غواتيمالا برئاسة أوتو بيرس وهو ديكتاتور متهم بالفساد، وكانت الدول الثانية بعد أمريكا التي نقلت سفارتها إلى القدس، والدولة الثانية بعد أمريكا التي اعترفت بإسرائيل عام 1948. البارغواي، رئيسها السابق الديكتاتور هورسيو كورتيز قام بنقل السفارة إلى القدس، إلا أن الرئيس الحالي ماريو بينيتز أعادها إلى تل أبيب ليرد نتنياهو بقطع العلاقات مع الباراغواي.
أما حكومة فيكتور اوربان الهنغارية ففتحت في مارس 2019 مكتبا تجاريا في القدس، ويعتبر امتدادا لسفارتها في تل أبيب، لتكون بذلك ثالث دولة لها تمثيل دبلوماسي في القدس. الرئيس البرازيلي الحالي الديكتاتور جايير بولسينورو أعلن خلال زيارته لإسرائيل مطلع أبريل الماضي عن افتتاح مكتب تجاري لبلاده في القدس . هندوراس في عهد رئيسها خوان هيرننادز أعلنت عن موافقتها المبدئية لنقل سفارتها إلى القدس، إلا أنه وضع شروطاً مقابل ذلك من بينها قيام إسرائيل بفتح سفارة لها في بلاده. وبالفعل هذا ما حصل، وافتتح مبنى السفارة بنيامين نتنياهو، أثناء زيارته لبعض دول أمريكا اللاتينية. رومانيا أيضا، فرئيسة الحكومة فيوريكا دانتسيلا أعلنت مرات عديدة عن رغبتها بنقل السفارة الرومانية إلى القدس، إلا أن رئيس الدولة كلاوس يوهانيس الذي يمتلك الصلاحيات، أعرب عن معارضته للخطوة. وفي نوفمبر 2018 قام الرئيس التشيكي ميلوش زامان بافتتاح بيت الثقافة التشيكي في القدس، كما أن الرئيس زامان يدعم نقل السفارة إلى القدس، إلا ان الحكومة التشيكية تعارض الفكرة. سلوفاكيا، أعلنت خلال مارس الماضي عن فتح مكتب تجاري بوضع دبلوماسي في القدس. أما استراليا فقررت  الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل شهرين، إلا أنها امتنعت عن نقل سفارتها، ثم عارضت إسرائيل فتح قنصلية شرفية لها في القدس، ما دفعها إلى فتح ممثلية (تجارية أمنية) في القدس المحتلة.
وفیما تتواصل الحرائق في الجسد العربي، وتنشغل الحكومات بالتآمر على بعضها، وهدر أموال هائلة في حروب بینیة وأهلیة، فإن العدو الصهيوني قرر إنشاء صندوق مساعدات للدول من افریقیا وآسیا وأوروبا الشرقیة وجزر المحیط الهادئ، مقابل التصویت لصالح إسرائیل في الأمم المتحدة. وأدرجت تكاليف الصندوق في المیزانیة عام 2019 مقابل ذلك یغیب العرب عن المشهد، ویتجاهلون أن للدول مصالح ولیس هناك مبادئ وأخلاق في السیاسة. كانت القارة الافریقية لمدة عشرات السنین نصیرا للقضیة الفلسطینیة، عندما كان للعرب حد أدنى من التضامن، أو كان لهم اهتمام بالقارة الافریقیة، كما في زمن الخالد عبدالناصر، لكن بعد اتفاقیات التسویة مع إسرائیل وانهیار النظام الرسمي العربي، استثمرت الأولى الفرصة وبدأت التغلغل في القارة السمراء. وزارها نتنياهو أربع مرات.
وفي انتظار «صفقة القرن»، التي یتم طبخها لتصفیة القضیة الفلسطینیة، جاءت تصریحات ترامب التي وصف فیها البلدان الافریقیة بـ«القذرة»، لتشكل صدمة هائلة هزت القارة الافریقیة والرأي العام العالمي، وجاء رد الفعل شدید اللهجة بإدانة هذه التصریحات العنصریة ومطالبته بـ»الاعتذار»، وكانت فرصة جيدة للعرب لاستثمارها باتجاه استعادة تأیید هذه القارة السمراء الى جانب القضایا العربیة، وقطع الطریق على التغلغل الصهيوني. للعلم، كافة الدول التي نقلت سفاراتها إلى القدس، أو افتتحت فيها مكاتب تحت مسميات مختلفة، تقاد من ديكتاتوريين، تابعين للتحالف الصهيو امريكي.

كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رجا فرنجية:

    كما تفضل الدكتور فايز رشيد بالقول بأنه بفعل الغياب العربي ونهج النظام النظام الرسمي العربي في التطبيع العلني والسرّي مع دولة الكيان الصهيوني، فإن الهند بدأت تستنسخ الصهيونية وتطبقها في عموم البلاد. وهذه الحقيقة بشكل او بأخر تنطبق على معظم ألدول ألتي قامت بنقل سفاراتها او مكاتب تمثيلها الى القدس او تنوي ألقيام بذلك. قبل ان نلوم مثل هذه الدول بما قامت او تنوي القيام به يتوجب علينا اولاً أن نعيد النظر في علاقتنا مع تلك الدول وأن نتوقف عن التعامل مع ما تسمى ب “اسرائيل”. ان هذا ينطبق أساساً على كافة أعمال وأجراءات منظمة التحرير الفلسطينية التي لا صلة لمثل هذه ألأعمال بتحرير فلسطين. ان ما يشفي الغليل في هذا الموضوع هو قيام رئيس دولة الباراغوي الجديد الذي تجري في عروقه دماء مدينة عكا الفلسطينية بسحب سفارة بلاده من القدس.

إشترك في قائمتنا البريدية