غضب وتنديد بتصريحات مسؤول أمني سوداني سابق «نزع خلالها الجنسية» عن مكون اجتماعي شرقي البلاد

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: نددت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بتصريحات المدير الأسبق لجهاز المخابرات العامة في ولاية كسلا بدر الدين عبد الحكم، التي نزع خلالها الجنسية السودانية عن إحدى المكونات القبلية، شرقي السودان. فيما اعتبرته نقابة الصحافيين السودانيين سقطة من الإذاعة السودانية التي استضافت الضابط السابق ومخالفة لقواعد وأخلاقيات المهنة.
في الأثناء وضع عضو المجلس السيادي السوداني السابق محمد الفكي، ذلك الحديث في إطار التجهيز لإحداث اضطرابات شرقي البلاد. وقال إن أجهزة الإذاعة والتلفزيون في السودان تقع تحت إشراف مباشر لضباط من جهاز الأمن وعناصر النظام السابق، معتبرا تصريحات المدير الأسبق لجهاز الأمن في ولاية كسلا بأنها محسوبة بدقة، إذ أنه مدرك تماما لخطورة هذا الحديث وما يترتب عليه. وأضاف: بدأ التجهيز لإحداث اضطرابات في شرق البلاد.
وتابع: أن التصريحات تضمنت رسائل لعدة جهات أولها المجموعة العسكرية الموجودة في شرقي السودان إذا ذهبت في طريق الحل السياسي ورفضت استمرار الحرب.
ورأى «أن القيادة العسكرية والإعلامية لم تستطع انتزاع الضباط وعناصر النظام السابق من مؤسسات الإعلام الرسمية، حتى بعد قيامهم بتحويل هذه الأجهزة الحساسة إلى حلبة سيرك، تستضيف شخصيات وهمية وحقيقية تطلق أحاديث تهدد الأمن القومي وتماسك البلاد بصورة مباشرة».
وفي رسالة لمواطني شرق السودان، قال الفكي: «لا تكونوا وقوداً لهذه الفتنة المرسومة بدقة من أجل جر الإقليم للحرب».
واستنكرت نقابة الصحافيين السودانيين بث الإذاعة السودانية للمقابلة، لأنها تناقض قواعد وأخلاقيات المهنة.
ونددت بقوة بتلك العبارات المسيئة التي عدتها نموذجا صارخا لخطاب الكراهية الذي ظلت تدق جرس الانذار تجاه سوئه ومخاطره، وتبذل الجهد لمحاربته منذ وقت طويل.
وقالت إن بث المقابلة المذكورة، يعد سقطة جديدة في مستنقع خطابات الكراهية التي ارتفعت معدلات انتشارها وتداولها بصورة مكثفة منذ بدء الحرب بالسودان في أبريل / نيسان 2023.
وأشارت إلى رصدها أجهزة عديدة، تعمل عبر لافتات مختلفة لتأجيج النعرات القبلية وإذكاء نار الفتنة والاستثمار فيها، مستغلة الظروف الحالية، دون النظر إلى عواقبها الوخيمة على البلاد ووحدتها.
وأعلنت رفضها الكامل والنهائي لكافة أشكال وصور خطاب الكراهية، محذرة المؤسسات الصحافية والإعلامية في السودان من خطورة نشر وتبني خطابات الكراهية.
وأكدت على ضرورة الالتزام الصارم بأخلاقيات العمل الصحافي، مطالبة الإذاعة السودانية بالاعتذار فوراً وعلنا، عن الإشارات المسيئة التي ما كان يجب أن تصدر عن أثيرها الذي يحمل صفة» القومية».
ولفتت إلى أن الإذاعة القومية يجب أن تكون لبنة لبناء الوطن والدفاع عن حقوقه مواطنيه، لا معولاً من معاول هدمه وانتهاك الحقوق.
وحذرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) من محاولات توسيع دائرة الحرب السودانية.وقالت في بيان أمس الإثنين: « تابعنا تصريحاتٍ مدير سابق لجهاز الأمن بولاية كسلا، وجه فيها خطاباً يحض على الكراهية وإثارة الفتن بين المجتمعات المحليةِ والمكوناتِ الاجتماعية في شرق السودان».
وأشارت إلى أن التصريحات تدخل ضمن خطابِ الكراهية والعنصرية والتقسيم الإثني والمناطقي المسبب للفتنة في ولاية كسلا قبل وبعد الحرب والمُغذي لاستمرارها وتوسيع دائرتها في خلقِ إصطفافاتٍ إثنية ومناطقية تخدم مشروع الحركة الإسلامية التي اتهمتها بالسعي إلى حشد السودانيين وعسكرة الحياة المدنية والسياسيةِ وتحويلها إلى حربٍ أهليةٍ شاملة». وقالت: «إن هذه التصريحات اكدت أن أيادي الأجهزة الأمنية والعسكرية عبر عناصر تنظيم الحركة الإسلامية تلعب الدور الأكبر في النزاعات والصراعات القبليةِ والمناطقية في شرق السودان على وجه التحديد وأنحاء البلاد المختلفة بصورةٍ عامة».
ونوهت إلى أن ما ذُكر في المقابلةِ مع هذا الضابط من نزعٍ للجنسية السودانية وإلغاء انتماء إحدى المكونات السودانية، يخالف تماماً مبادئ المواطنة التي تعد أساساً للحقوق والواجبات، معتبرة مثل هذه التصريحات أحد أسباب استمرار الحروب والنزاعات في البلاد وتنامي خطاب الكراهية والعنصرية.
وحذرت من استخدام أجهزة الإعلام الرسمي في توجيه هذا الرسائل التي وصفتها بأنها «مقصودةِ بعنايةٍ لإشعال الفتن وتوسع دائرة الحرب» معتبرة ذلك دليلا واضحا على أن الإذاعة والتلفزيون القومي تداران بواسطةِ منسوبي النظام السابق.
وقالت انها تُستخدم في بث الدعاية السياسية للحرب في إطار الانحياز لأحد طرفيها، مشيرة إلى أن ذلك يعتبر امتدادا لممارسات الأجهزة الأمنية والعسكرية خلال الفترة الانتقالية التي تم الانقلاب عليها في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، متهة إياها ببث الفتن والحث على التناحر بين المكونات الاجتماعية.
وأضافت: «يعد هذا التصريح محرضاً على إثارة الكراهية والفتن الاجتماعية وإشعال لشرارتها وكشف لمخططها، مؤكدة أن الحديث يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية تجاه قائله وفتح ملفاتهِ المهنية أثناء فترة عمله بالولاية.
وألمحت إلى أن الاضطرابات ذات الطابع القبلي التي شهدها شرق السودان خلال السنوات الماضية لم تكن انفلاتاً بقدر ما كانت تعبيراً عن عقلية الضابط السابق والجهات التي تقف خلفه.
وأكدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية رفضها القاطع لخطاب الكراهية والعنصرية والتقسيم الإثني والمناطقي محذرة من أنه سيؤدي في حال عدم التصدي له إلى انهيار وتفكك السودان اجتماعيا وسياسياً واقتصاديا وأمنياً بشكلٍ كامل.
وقالت إن الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني – الحاكم في عهد الرئيس السابق عمر البشير- تحاول عبر أذرعها الأمنية والعسكرية وأصواتها الإعلامية استغلال مؤسسات الدولةِ الرسمية لتوسيع دائرة القتال وتحويل الحرب إلى حربٍ أهلية شاملة.
وجددت دعوتها لطرفي الحرب إلى الاحتكام لصوتِ العقل والحكمةِ والسير بجديةٍ نحو إنهاء الحرب محذرة من آثار استمرارها على السودان ودول الجوار والمحيط الإقليمي ومنطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
وأكدت على ضرورة التصدي عبر مزيدٍ من المبادرات الاجتماعية والأهلية ومبادرات منظمات المجتمع المدني من أجل التصدي لهذا الخطاب «الخطير» الذي يهدد وحدة البلاد وتماسكها الاجتماعي.
وشهد شرق السودان اضطرابات واسعة، تصاعدت وتيرتها في سبتمبر/ أيلول 2021 حيث قامت بعض المكونات بإغلاق ميناء بورتسودان ومداخل ومخارج الإقليم وصولا إلى الانقلاب العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول من ذات العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية