غارات إسرائيلية دامية ضد غزة على وقع اتصالات التهدئة.. وفيديو “القسام” يفجر خلافات داخل تل أبيب

حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”: أبقت قوات الاحتلال على وتيرة هجماتها العنيفة ضد قطاع غزة، وشنت من جديد سلسلة غارات دامية، أوقعت عشرات الضحايا، وذلك على وقع تزايد المطالبات من قبل وزراء في حكومة اليمين، بتسريع العملية العسكرية البرية ضد قطاع غزة، رغم الجهود المبذولة في هذا الوقت من قبل الوسطاء، للتوصل إلى تهدئة توقف الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر.

وعلى غرار الأيام الخمسة الماضية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية عمليات قصف مدفعي استهدفت الأطراف الحدودية لبلدات شمال قطاع غزة، وتحديداً بلدة بيت لاهيا، التي جددت قوات الاحتلال الطلب من سكانها بإخلائها والنزوح منها إلى مناطق في قلب مدينة غزة، كما استهدفت مدفعية الاحتلال محيط منطقة قليبو شمال غزة.

وفي مدينة غزة، استهدفت قوات الاحتلال بعدة غارات مناطق عدة في جنوب المدينة، وتحديداً في منطقة “شارع 8″، كما استهدفت بغارات أخرى حي الزيتون جنوب شرق المدينة.

وكانت قوات الاحتلال استهدفت، ليل السبت، بناية سكنية في حي الرمال، حيث أسفر القصف العنيف عن وقوع عدد من الضحايا.

وفي غارات مماثلة استهدفت قوات الاحتلال مناطق جديدة تقع شمال مخيم النصيرات وسط القطاع.

وذكرت مصادر طبية أن عدد الشهداء الذين سقطوا في استهداف منزل عائلة الجد ارتفع إلى عشرة شهداء، بعد أن فارق مصابون بحالة خطرة الحياة.

كما قصفت مدفعية الاحتلال أرضاً وسط بلدة خزاعة شرق خان يونس، كذلك دمر جيش الاحتلال منزلين في بلدة خزاعة شرقي المدينة، كما شن غارات على بلدة الفخاري.

واستمرت الهجمات الدامية ضد مدينة رفح، التي يعيش فيها في هذا الوقت نحو 1.5 مليون فلسطيني، غالبيتهم من النازحين الذين تركوا منازلهم قسراً بسبب تهديدات جيش الاحتلال، وتنفيذه العمليات البرية، حيث قصفت المدفعية الإسرائيلية بعنف المناطق الشرقية للمدينة.

وارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا في قصف عنيف لأحد منازل المواطنين شمال شرق مدينة رفح إلى عشرة، بعد أن قضى الأحد ثلاثة متأثرين بجراحهم الخطرة.

وضمن الهجمات التي تستهدف المدينة، دمرت إحدى الغارات منزلاً غرب المدينة، وآخر يقع على مقربة من معبر رفح.

واستمر التحليق المكثف للطيران الاستطلاعي الإسرائيلي فوق أجواء المدينة، ضمن عمليات الرصد والتصوير وجمع المعلومات، وما يتخللها من عمليات قصف عنيف للعديد من المناطق.

كما دمرت الغارات الأخيرة مواقع ومباني كثيرة في المدينة، وأحدثت فيها خراباً، على غرار الخراب الذي تركته قوات الاحتلال خلفها، بعدما نفذت توغلات برية كبيرة في مدينتي غزة وخان يونس، خلال الفترة الماضية.

وقالت وزارة الصحة بغزة، في التقرير الذي أصدرته لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ 205 على قطاع غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 66 شهيداً، و 138 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وأكدت أنه لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وأشارت إلى أن حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 34454 شهيداً و77575 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

تحذيرات أممية وفلسطينية

وكانت الأمم المتحدة قدرت حجم الركام والأنقاض الذي يتعين إزالته بـ37 مليون طن في قطاع غزة، وبوجود 300 كيلو من الركام في المتر المربع الواحد.

وقال المسؤول في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بير لودهامار إن إزالة الركام الكبير ستستغرق 14 عاماً، على افتراض استخدام حوالي مئة شاحنة، لافتاً إلى أن الذخائر غير المنفجرة اختلطت بالأنقاض، ما سيؤدي إلى تعقيد المهمة بشكل كبير، مشيراً إلى أن 65% من المباني المدمرة سكنية في قطاع غزة.

وبسبب تصاعد الهجمات، بعث السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (مالطا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ارتكابها “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية” على مدار أكثر من ستة أشهر من الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

وقال إن المقابر الجماعية التي تم العثور عليها في مجمع مستشفى “ناصر” في جنوب قطاع غزة، ومستشفى “الشفاء” في مدينة غزة “تكشف النمط المروع من القتل والاستهتار التام بالحياة البشرية من قبل إسرائيل وجنودها”.

وأكد خلال الرسائل على أن فشل المجتمع الدولي في ضمان المساءلة “لم يؤد إلا إلى تشجيع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم في فلسطين المحتلة بوحشية متزايدة”، منتقداً قرارات “الفيتو” الأمريكي التي تحمي إسرائيل، وقال إن هذه القرارات تعزز اعتقاد دولة الاحتلال بأنها دولة استثنائية فوق القانون.

التحريض ضد رفح

وجاء ذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه تهديدات الاحتلال لشن العملية البرية ضد المدينة، وإجبار سكانها على النزوح القسري، في مناطق جنوب قطاع غزة الضيقة، تمهيداً لشن الهجوم البري.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وبن غفير، طالبا من جديد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشن عملية عسكرية في رفح، وهدّداه بحل الحكومة في حال لم يقم بذلك.

جاء ذلك في أعقاب مطالبات أهالي الجنود والإسرائيليين الأسرى في غزة للحكومة بتنفيذ صفقة تبادل أسرى قريبة، ووقف الهجوم على مدينة رفح.

وأكدت العوائل، في بيان، على وجوب أن تدفع حكومة تل أبيب الثمن لإعادة الأسرى، وأنه يتعين على الحكومة الاختيار ما بين رفح أو الصفقة.

 وقالت إنه يجب على الحكومة ألا تفوت الفرصة الحالية لاستعادة المختطفين من غزة، وذلك بعد نشر الجناح العسكري لحركة “حماس” لقطات فيديو لأسيرين طالبا الحكومة بالعمل على إطلاق سراحهم، قبل أن يفارقوا الحياة، فيما قالت “كتائب القسام” إن عدداً من الجنود قتلوا في ضربات شنها جيش الاحتلال خلال الحرب عائلات الأسرى الإسرائيليين.

وعقب الشريط المصور للقسام، عاد أهالي الأسرى الإسرائيليين ونظموا احتجاجاً في مدينة تل أبيب طالبوا فيه، كما المرات السابقة، بعقد الصفقة وحل الحكومة الحالية.

فيديو “القسام”

وكان الجناح العسكري لحركة “حماس” بث رسالة مصورة لاثنين من الجنود الإسرائيليين، في الوقت الذي ارتفعت فيه لغة تهديد اجتياح رفح من قبل قادة الاحتلال إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة بعد الكشف عن بدء جنود من وحدات عسكرية تخدم في مناطق “غلاف غزة” بتدريبات عسكرية على عملية الاجتياح الخطيرة، التي من شأنها أن تحصد آلاف الضحايا، حيث ذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه تم سحب الكتيبتين 890 و101 من غلاف غزة للتدرب استعداداً لعملية رفح، وقالت إنه في حال تنفيذ العملية من المتوقع أن تشارك قوات نظامية كبيرة في أخرى المعركة.

وظهر في التسجيل المصور أسيرٌ لدى “كتائب القسام” طالبَ نتنياهو وجميع الوزراء بـ “المرونة” في المفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة قريبة، وقال: “نشعر بالمماطلة، وصفقة التبادل استغرقت وقتاً طويلاً”.

وقال مخاطباً نتنياهو: “آن الأوان للتوصل إلى صفقة تخرجنا ونحن على قيد الحياة وبصحة جيدة”، وطالب بالضغط على الحكومة لإنجاز الصفقة، وأضاف: “نعيش أوضاعاً صعبة تحت القصف العنيف”.

ومن جهته، قال رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، داعماً موقف أهالي الأسرى: “إذا كان الخيار بين وقف القتال بغزة أو إبرام صفقة فعلينا التوصل لصفقة”.

وفي محاولة لتهدئة الغاضبين من أهالي الأسرى والمتضامنين معهم، زعم وزير الخارجية الإسرائيلي، أنه في حال تم التواصل إلى صفقة تبادل للأسرى ستوقف حكومته عملية رفح.

وكان غازي حمد، القيادي في حركة “حماس”، قال إنه “لا مجال أمام الإسرائيليين إلا المفاوضات والتوصل إلى الاتفاق لأنهم لن يجنوا شيئاً من دخول رفح”، وأكد أن استخدام ورقة رفح للضغط على “حماس” “لن يجدي، ونحن لن نغيّر موقفنا على الإطلاق”، مؤكداً أن إسرائيل لن تحقق أي شيء حتى من دخول رفح، وقال: “لدينا جاهزية عالية لمواجهة الاحتلال ومقاومته إذا قرر دخول رفح”.

وبدون الكشف عن التفاصيل الخاصة بإمكانية عقد الصفقة، ظل الوفد المصري في إسرائيل حتى ليل السبت، دون أن يكشف عن إمكانية بقائه مدة أطول، في إطار المساعي الرامية لوقف الحرب والتوصل إلى تهدئة.

وذكرت تقارير عبرية أن وفد المخابرات المصرية يجري محادثات مع كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين.

وكانت حركة “حماس” أعلنت تسلمها رد إسرائيل الرسمي على موقف الحركة الذي سلم للوسيطين المصري والقطري، في الثالث عشر من أبريل، بخصوص صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وقال خليل الحية، القيادي في “حماس” إن الحركة ستقوم بدراسة هذا المقترح، وحال الانتهاء من دراسته، ستسلّم ردها.

مقترحات التهدئة الجديدة

ووفق ما كشف موقع “واللا” العبري، فقد سلم الجانب المصري إلى “حماس” اقتراحاً جديداً يتضمن استعداد إسرائيل لتقديم المزيد من التنازلات المهمة، بما في ذلك الاستعداد لمناقشة “مواصلة الاستعادة السلمية” في قطاع غزة بعد تنفيذ المرحلة الأولى والإنسانية من الصفقة.

وأوضح أن هذه هي المرة الأولى التي تعرب فيها إسرائيل عن استعداد ضمني لمناقشة إنهاء الحرب في غزة في المراحل المقبلة من المفاوضات، ونقل عن مسؤول إسرائيلي قوله “إن الاقتراح الجديد تمت صياغته بالاشتراك بين أفراد المخابرات المصرية وفريق التفاوض الإسرائيلي، مع الأخذ في الاعتبار مواقف حماس ومجالات المرونة لدى الحركة”.

وأشار إلى أنه، على سبيل المثال، يتضمن الاقتراح الجديد الاستجابة لمطالب “حماس” الأساسية، مثل الاستعداد لإعادة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم بالكامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الممر الذي يعبر القطاع، والاستعداد للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاقية.

وقال المسؤول الإسرائيلي: “نأمل أن يكون ما اقترحناه كافياً لإدخال “حماس” في مفاوضات جدية، ونأمل أن يكون هذا اقتراحاً يفهمون من خلاله أننا جادون في التوصل إلى اتفاق، ونحن جادون”، عليهم أن يفهموا أنه من الممكن أنه إذا تم تنفيذ المرحلة الأولى، سيكون من الممكن التقدم إلى المراحل التالية والوصول إلى نهاية الحرب”.

وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن إسرائيل تعتقد أن “حماس” تعتبر التهديد المتمثل في العملية العسكرية البرية ضد رفح بمثابة تهديد حقيقي، وقال إن ذلك يعد “أمراً قد يشجع على التوصل إلى اتفاق”.

وحسب إسرائيل فإنها تتوقع أن يكون رد “حماس”، الذي من المتوقع أن يصلها في الأيام المقبلة، “هو الرد الذي يؤدي إلى فتح مفاوضات مكثفة حول التفاصيل”.

إلى ذلك، فقد نقل موقع قناة i24news الإسرائيلية عن مسؤول أمريكي بارز قوله إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يعيد النظر في بعض مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، خاصة إذا مضت قدماً في تنفيذ عملية كبيرة في رفح، لافتاً إلى أن هذه التحذيرات تأتي في ظل مخاوف من عدم وجود خطة إسرائيلية موثوقة لإجلاء المدنيين قبل الهجوم المحتمل.

تشكيك بقدرة جيش الاحتلال

وجاء ذلك في ظل تشكيك مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار في قدرة الجيش على تحقيق أهدافه في أي هجوم محتمل على رفح، وقالوا إن النقاشات التي تجري في الأوساط الإعلامية والاستخباراتية “تعكس عمق التحديات التي تواجه القيادة الإسرائيلية في التعامل مع حركة حماس”.

ونقلت القناة الإسرائيلية عن يوسي كوهين، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، تأكيده أن الإعلانات الرسمية الإسرائيلية حول العزم على دخول رفح “قد تكون مبالغاً فيها”، وشدد على أن التصريحات “المثالية” لا تعكس دائمًا الواقع العملياتي أو الإستراتيجي.

واستبعد كوهين القدرة على “إزالة سلطة حماس في غزة بشكل كامل”، مشيرًا إلى أن التصفية الكاملة للحركة هي “غير واقعية”، حسب تقديره.

وذكرت القناة أن الشكوك المعلنة من قبل المسؤولين الأمنيين السابقين تكشف عن عمق الأزمة الإستراتيجية التي تواجهها إسرائيل في التعامل مع قطاع غزة وحركة “حماس”، في وقت تستمر فيه التحديات الإقليمية والدولية بالتصاعد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية