عيد العرب والمسلمين مرّ مفعما بالكآبة بسبب استمرار آلة القتل وانتشار الجوع… والتلاعب بأسعار الدواء

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: بينما مخاوف أن يصرف الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني الأنظار عن المجازر التي لم تتوقف ساعة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدعم أمريكي متواصل، وآمال أن تسفر الصواريخ التي قدرت بمئة صاروخ إيراني، عن ضغوط على الرئيس الثمانيني ومجلس إدارته في البيت الأبيض لوقف العدوان على مليوني غزاوي، أمضى كثير من المصريين ليلة أول من أمس منتظرين ما ستؤول إليه الأمور، بينما نفى مجلس الوزراء إغلاق المجال الجوي المصري بشكل طارئ، مشددا على عدم إصدار أي قرارات في هذا الشأن، من قبل أي جهة رسمية، وأكد أن المجال الجوي المصري، وكذلك الحركة الجوية يعملان بشكل طبيعي دون توقف، مع استمرار مختلف المطارات المصرية في تسيير الرحلات الجوية كافة بشكل منتظم، وفقا لجداول التشغيل اليومية، ما عدا المتجهة لبعض الدول نتيجة لتوقف مجالها الجوي أمام حركة الطيران، مهيبة بالمواطنين عدم الانسياق وراء مثل تلك الأخبار المغلوطة، مع استقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة. بينما أعلنت شركة مصر للطيران، تعليق رحلاتها الجوية إلى الأراضي العراقية والأردنية واللبنانية، عقب إعلانهم غلق المجال الجوي. يأتي ذلك عقب إعلان إيران إطلاقها سلسلة صواريخ وطائرات مسيرة من العاصمة طهران في اتجاه مدن إسرائيلية. فيما أعلنت عدة دول غلق مجالها الجوي تحسبا لأي عمليات هجومية أخرى، فيما قالت طهران أن عمليتها تأتي ردا على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق على يد إسرائيل. وأعربت مصر عن قلقها البالغ تجاه ما تم الإعلان عنه من إطلاق مسيرات هجومية إيرانية ضد إسرائيل، ومؤشرات التصعيد الخطير بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، مطالبة بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر. واعتبرت مصر أن التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة الإيرانية/ الإسرائيلية حاليا، ما هو إلا نتاج مباشر لما سبق وأن حذرت منه مصر مرارا، من مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة، إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والأعمال العسكرية الاستفزازية التي تمارس في المنطقة.
وقد أعرب النائب في البرلمان علاء عابد في تصريحات صحافية أمس، عن قلقه من تصاعد وتيرة العنف في المنطقة، على خلفية ما قامت به إيران من توجيه الطائرات المسيرة في اتجاه إسرائيل، وأوضح، أن الدولة المصرية قادرة على حماية أمنها القومي في مواجهة أي تصعيد محتمل، فضلا عن حماية حدودها وشعبها من أي اعتداءات خارجية. وشدد على ضرورة تحرك الولايات المتحدة الأمريكية لوقف آلة الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، خاصة في ظل اتجاه العديد من الدول الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين.. كما أكد الخبير في الشؤون الإيرانية وجدان عبد الرحمن في تصريحات تلفزيونية أن «إيران كانت تحت ضغوط شعبية وحلفائها للرد على العملية الهجومية التي نفذتها إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق». وشدد على أن العملية الهجومية الإيرانية التي نفذت فجر الأحد الماضي، بمثابة الضوء الأخضر لبنيامين نتنياهو رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي لضرب المنشآت النووية في طهران. وتابع عبد الرحمن: «هناك العديد من الحلفاء يقفون إلى جانب إيران، إذا ما تم التصعيد واستمرار الحرب ضد إسرائيل، موضحا أن تهديد الأمن القومي الإسرائيلي أصبح وشيكا منذ عملية طوفان الأقصى».
متحضرون رغم المأساة

هى مأساة من المفترض أن يغيب عنها النظام والأولويات لتحل محلها الفوضى وشريعة الغاب والاستقواء (ويلا نفسي) لتكون ضحاياها غالبا وفق ما قاله الدكتور محمد قشقوش في “الأهرام”، من الصبية دون سن الطفولة، الذين لم يقووا على النِزال من أجل شربة ماء أو كِسرة خبز أو غَرفة من آنية ضخمة تحت نار بإشعال بدائي، حيث لا تستطيع أن تميز ما بها من حيث اللون على الأقل قبل التذوق الذي لا يعبأ به أغلب المُطعَمين. فهو مجرد حيز بسيط يوزع بشيء من العدل بين الجوعى والمستضعفين في أرض غزة الشامخة، رغم كل هذا القتل والتنكيل والتشريد البغيض الذي لم يكسر شوكة هذا الشعب الأبي، الملقب لدى ياسر عرفات (بالجبارين) ولدى بعض بني إسرائيل في جزء من أرض كنعان (بالعماليق)، بل على العكس فقد جاء السلوك الغزاوي خلال المأساة أكثر تحضرا وتنظيما من مجتمعات أخرى بعيدة عن المأساة، خاصة في مواقف التزاحم والتدافع نتيجة الضغط العسكري القتالي الإسرائيلي، الذي أدى إلى النزوح والترحال الجماعي غير المنظم من قطاع غزة تحت الضغط، ودون إمكانيات. وتكرر ذلك أكثر من مرة من الشمال إلى الجنوب، ومن مدينة غزة إلى دير البلح إلى خان يونس، وأخيرا إلى رفح. مع زيادة الكثافة البشرية كلما تم الانضغاط جنوبا، يزداد التزاحم للحصول على مواد الإعاشة اللوجيستية الأساسية من طعام ومياه شرب وأدوية، أو بعض المواد البسيطة للحماية من المطر وقت هطوله أو تصريفه بعد هطوله خلال بعض مناطق الإيواء غير المجهزة، حيث مرّ صيف وشتاء كاملين وها هم في صيف جديد تخلله شهر رمضان وعيد الفطر المبارك. لنرصد ملامح حقيقية من إرادة الحياة والصمود للمجتمع والأسرة الغزاوية الأبطال. فالصبية ما فوق سن الطفولة ودون سن الشباب من الجنسين، هم من يتولون التوزيع على الأسرة من الطعام المطهي وبغَرفة واحدة دون طلب المزيد رغم قلته. ومن خلال طابور شبه منتظم، حيث تتولى الأُسرة توزيع هذا القليل على عدد ليس بالقليل لعدة أفواه جائعة.

سماء العالم الغائمة

لا يعني وجود سُحُب توتر كثيفة في سماء العالم أنها ستُمطرُ بالضرورة حربا كبرى. قد يكون هذا مؤشرا إلى أن حربا عالمية صارت قريبة، أو لا يكون. والمُستفاد من تاريخ الحربين العالميتين في القرن الماضي من وجهة نظر الدكتور وحيد عبد المجيد في “الأهرام”، أن توقع نشوب هذا النوع من الحروب بالغ الصعوبة. لم يتوقع أحدُ نشوب الحرب الأولى. وهل كان ممكنا التنبؤ بأن طالبا صربيا سيغتال ولي عهد النمسا وزوجته أثناء زيارتهما بلده في 28 يونيو/حزيران 1914، ويتوقع في الوقت نفسه أن ترد فيينا بإنهاء ما سمته حينذاك «سياسة الصبر» مع سراييفو، فتبدأ عجلة الحرب في الدوران؟ لم يكن أي من الصراعات التي اندلعت في السنوات السابقة لتلك الحرب ينذر بتوسعه إلى حدٍ يؤدي إلى حربٍ عالمية. وكان أهمها الصراع الذي أدى إلى نشوب حربي البلقان الإقليميتين. ولكن توقع الحرب العالمية الثانية كان أقل صعوبة، فقد حذر الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، من أن الفوضى الدولية الناشبة حينها قد تقودُ إلى كارثة. ولكن تحذيره لم يُسمع جيدا في عواصم الدول التي سعت إلى احتواء غضب ألمانيا المُتراكم، على الرغم من شدة اندفاع الحزب النازي وزعيمه هتلر، الذي خلق حالة تعبئة متزايدة. لم تُطرح مبادرةُ جادة لاحتواء ذلك الغضب عبر مراجعة التسوية الظالمة التي فُرضت على ألمانيا عام 1919. وربما كان ممكنا، إن حدث هذا، أن تتطور التفاعلات الدولية في اتجاهٍ يُداوي جراح ألمانيا دون قتال. والدرسُ المُستفاد من تجربتي الحربين الأولى والثانية أن الجدل الراهن بشأن اندلاع حرب عالمية ثالثة لا يعني بالضرورة أنها قريبة، بل ربما يكون توسع هذا الجدل مؤشرا إلى حرصٍ على تفادي الوصول إلى وضعٍ يؤدي إليها. ولكن إن افترضنا وجود هذا الحرص فهو لا يُغلقُ الطريق باتجاه حرب كبرى، إذا مضت التفاعلات الدولية بشأن حربي أوكرانيا وغزة في اتجاهٍ واحد، وتعذرت العودة منه. كما أن العالم تغير كثيرا جدا عما كان عند نشوب الحربين الأولى والثانية. وإذا كان في استخلاص دروس منهما ما يفيد، فهو لا يكفي للقياس عليهما. فلكل حربٍ ظروفُها، ولكل زمنٍ خصائصُه.

القيم والمبادئ

لو أن الإعلان عن أن إسرائيل وإندونيسيا توصلتا إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما كان في وقت مختلف لما كان الموضوع يستحق التوقف عنده كثيرا، خاصة في الأجواء التي كانت سائدة قبل العدوان على غزة بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول. فقد كانت الأجواء حسبما يقول عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم” تسودها موجة تطبيع عربي بين تطبيع تم وآخر في الطريق. لكن الأجواء الآن مختلفة؛ لذلك ارتفعت علامات الدهشة، أو بعضها، عند قراءة خبر تطبيع أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان 275 مليون نسمة، حسب إحصاء 2022، في الوقت الذي ما زالت تسيل فيه دماء الفلسطينيين كل يوم. إذا عُرف السبب قد تتراجع بعض علامات الدهشة وتحل محلها صدمة فهم الأمر الواقع، وحقيقة أن المصالح عندما تحضر تتراجع ادعاءات القيم والمبادئ. ويبقى السؤال: إن كان ذلك مقبولا أم مرفوضا أم محل تفهم؟ بذلت إندونيسيا منذ فترة طويلة جهودا للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أنشئت عام 1948، كمنطمة أوروبية للمساعدة في إدارة «خطة مارشال»، لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1961 جرى توسيع العضوية لتشمل الدول غير الأوروبية. تضم حتى الآن 38 دولة معظمها أوروبية، إضافة إلى أمريكا واليابان وأستراليا وإسرائيل وتركيا. والمنظمة أقرب إلى تجمع للأقوياء اقتصاديا للتعاون وتبادل الخبرات. من شروط الموافقة على انضمام عضو جديد أن تكون للدولة علاقات دبلوماسية مع جميع أعضاء المنظمة، قبل أي قرار بقبولها، ويتطلب أيضا موافقة بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك إسرائيل.

محاولات مضنية

تقول الأنباء التي ترددت واهتم بمتابعة تفاصيلها ومن يشاركون في خلفية التوصل للتطبيع بين الكيان المحتل وأكبر دولة إسلامية كثير من المراقبين إنه عقب ثلاثة أشهر من المحادثات السرية، توصلت إسرائيل وإندونيسيا، بالتعاون مع المنظمة، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الدولتين، كجزء من الجهود المبذولة لتسهيل انضمام إندونيسيا إلى المنظمة. محاولات إقامة علاقات بين البلدين، حسبما اوضح عبد اللطيف المناوي ليست حديثة، لكنها كانت دائما تواجه معارضة داخلية من الرأي العام الإندونيسي. بدأت محاولات إقامة العلاقات بين البلدين بعد وقت قصير على إنشاء إسرائيل، لكنها ظلَّت محدودة للغاية واقتصرت على التعاون في مجال التسليح والتدريب والتعاون الأمني في مراحل معينة، وبعض أشكال التبادل الاقتصادي. منذ وقت طويل، سعت إسرائيل للحصول على صك التطبيع الرسمي مع إندونيسيا، التي تمسَّكت في المقابل بربط أي جهود للتطبيع الرسمي بتجاوب إسرائيل مع المقررات الدولية التي تقضي بإقامة دولة فلسطينية، لكن هذه الممانعة الإندونيسية لم تُثنِ إسرائيل عن المحاولة مرارا وتكرارا، لقناعتها بالفوائد التي يمكن أن تُحصِّلها من الرمزية التي تحملها إندونيسيا بوصفها أكبر موطن للمسلمين في العالم. إندونيسيا المعروفة بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية ستكون مطالبة بتعديل موقفها التقليدي تجاه تل أبيب، ومواجهة التأييد الساحق من قِبَل السكان الإندونيسيين، ومواقف الأحزاب السياسية نافذة السلطة في البرلمان. إذا كانت المصلحة مفهومة، فماذا عن التوقيت؟

حروب بالوكالة

يبدو أن هناك من يرغب في زيادة حدة الصراع في الشرق الأوسط، ويبدو أن هناك من يريد التَورُط عن عمد في توسيع حدة المواجهات في المنطقة، ويبدو أيضا حسب بلال الدوي في “الوطن”، أن هناك خططا مُسبقة مُعدة سلفا لإحداث فوضى في المنطقة.. إذن: ماذا يعني كل هذا؟ هذا يعني أن هناك قوى مستفيدة من حالة التصعيد غير المُبررة، في المواجهات، قوى تهدف لتحقيق مصالحها فقط وليذهب أمن واستقرار ومصالح المنطقة إلى الجحيم. ظني أننا أمام ( ربيع عربي جديد)، له أدواته الجديدة لتنفيذه على أكمل وجه، (ربيع عربي جديد) تم فيه طي صفحة الربيع العربي المزعوم الذي بدأ عام 2011، مستوى جديد من الفوضى والعنف والهدم والدمار، لضياع دول وتقسيم دول أخرى، مستوى جديد دخلنا فيه هدفه السيطرة على ثروات الدول بعد تركيعها، وتنفيذ أهداف القوى المُستفيدة من حالة التصعيد، مُستوى جديد دخلنا فيه لتحقيق ترويج في تجارة السلاح في المنطقة، وجعله في يد الميليشيات المُنظمة المسلحة، التي تعمل في الأساس لخدمة مصالح قوى أخرى وتحارب نيابة عنها، لذلك نحن أمام حرب بالوكالة، وهذا أسوأ أنواع الحروب لأنها عبارة عن حرب تتقدم فيها الميليشيات المُسلحة وتتوارى فيها الدِول وتختفي فيها القيم والمبادئ. لم يعُد هناك أدنى شك من أن الشُغل الشاغل للولايات المتحدة الأمريكية أصبح في المقام الأول هو تحقيق أمن إسرائيل والدفاع عنها، ومساندتها رغم الكوارث الإنسانية والمجازر والاعتداءات المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين العُزل في قطاع غزة، فقد قدمت أمريكا دعما عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا فوق الوصف خلال مباحثات مجلس الأمن وداخل أروقة الأمم المتحدة، رغم حالة الإجماع الدولي لإدانة إسرائيل.

لصالح الكيان

يرى بلال الدوي أن من مصلحة إسرائيل توسيع الصراع وتوريط عدد من دول المنطقة فيها، والهدف ليس فقط إطالة عُمر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المُتطرفة، بل الاستمرار في تحقيق الأطماع الإسرائيلية المعروفة لنا، التي أعلنوا عنها مرارا وتكرارا، ويعملون على تنفيذ هذه الأطماع مهما توالت حكومات إسرائيلية ومهما مرت السنوات. توسيع الصراع هدف أساسي من أهداف (قوى أولى) وهذه القوى هي “إسرائيل” لكن هذا الهدف يتصادم مع أهداف دول أخرى في المنطقة، التي تُعتبر بمثابة (قوى ثانية) تسعي لنشر السلام والاستقرار والهدوء في المنطقة، وهذا يتصادم أيضا مع أطماع قوى أخرى تُعتبر (قوى ثالثة) تهدف لاستخدام وكلاء لها لإثارة القلاقل في الدول العربية للسيطرة على ثرواتها وخيراتها ومُقدراتها والتحكُم في قرارها السياسي. يبقى سؤال مُهم وهو: لماذا لا يتم تنفيذ قرار وقف إطلاق النار الصادر عن مجلس الأمن في قطاع غزة؟ أو بمعنى آخر: لماذا لا تقوم أمريكا بالضغط على إسرائيل للرضوخ لقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟ أو بمعنى آخر: هل عدم تنفيذ إسرائيل لقرار مجلس الأمن سيكون ذريعة لنشر الفوضى في العالم، لأنه من الممكن ألا ترضخ دول أخرى لقرارات مجلس الأمن اقتداء بإسرائيل؟ نحن الآن نعيش في مرحلة خطرة جدا من مراحل
“الربيع العربي الجديد” وهي المواجهات الجديدة المُتعمدة في الشرق الأوسط، وإذا لم يُدرك المواطن العربي أن عليه الحفاظ على وطنه وإدراك وفِهِم ما يحاك حولنا من مؤامرات مُدبرة، ستقع الفاس في الراس، فلا بد من الوعي الكامل بما يتم التخطيط له لإيقاع المنطقة في حرب طاحنة لا تبقي ولا تذر.

ليتنا نتعلم

ودعنا أيام البركة والمودة والتراحم، وجاء العيد يحمل البهجة والفرح والسرور، رغم مرارة ما يحدث في غزة، وما يعتصر قلوبنا حسب عبد الغني الحايس في “القاهرة 24” من الانتهاكات والقتل، وحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، من عدو متغطرس تسانده قوى لا إنسانية تدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومجتمع دولي عاجز عن وقف كل تلك التجاوزات، وشعوب حرة خرجت ترفض كل عمليات القتل والتدمير، وتندد بكل تجاوزات العدو الصهيوني، أملا في وقف حرب الإبادة، وأن يستيقظ المجتمع الدولي والمنظمات الأممية، لوقف كامل لإطلاق النار والوصول إلى حل الدولتين. يأتي العيد بعد شهر من الطاعة والعبادة والصلاة والتهجد وقراءة القرآن، وما زال العالم العربي والإسلامي في شتات وتفكك واقتتال بين بعضهم بعضا، وكأنهم لم يقرأوا قول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). فما زال الاقتتال بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني يرمي ظلاله على الشعب السوداني، وكانت من نتائجه تهجير عدد كبير من السودانيين، غير الأزمات الصحية وانتشار الأمراض والأوبئة والمجاعة والقتل والتدمير لخلافات بين الجنرالات، يدفع ثمنها الشعب السوداني، ولم يحتكموا للعقل ومصلحة وطنهم والعمل على رفعته وتقدمه، لكن غلبهم الطمع والمصالح الشخصية والانصياع للشيطان الذي يحرق الأخضر واليابس. ولم يختلف الوضع في الصومال كثيرا عن السودان، وكذلك ليبيا وسوريا واليمن والعراق ولبنان وغيرها من الدول العربية التي تئن تحت وضع قهري وظروف في منتهى الصعوبة، تتحمل شعوبهم تكلفتها، وتعرضهم للوهن والضعف والانصياع للدول الكبرى الرابحة من استمرار الضعف والانكسار العربي العربي.

أحلام بسيطة

متى تستيقظ الشعوب العربية وتتكامل في منظومة متكاملة بشكل صحيح، ويتم تفعيل دور جامعة الدول العربية، وتحقيق حلم السوق العربية المشتركة، وفتح الحدود بين الدول بضوابط يتفق عليها، فنحن وفق ما أشار إليه عبد الغني الحايس لا نطالب بعملة موحدة في الوقت الحالي، إنما نطالب بأن تكون هناك حالة تكامل في كل العمليات التنموية والاستثمارية والاقتصادية والتجارية، وحلما بتحقيق حلف عسكري عربي. وتبقى تلك الأفكار مجرد أحلام، وتحقيقها لا ينقصه سوى إرادة سياسية من قادة الدول العربية، وأن نتجاوز كل الخلافات ونعلي مصلحة الأوطان العربية، ولتكن تجربة الاتحاد الأوروبي أمام أعيننا، فنحن لن نخترع العجلة، وحتى لا يفهمنا أحد خطأ نحن لا نحيي فكرة الخلافة الإسلامية، بل دعونا نقولها فكرة إحياء فكرة التكامل العربي، وإقامة الوطن الأكبر للأمة العربية. علينا أن نعود بالذاكرة إلى الوراء وما تعرضت له الدول العربية من هجمات استعمارية، سواء من الصليبيين أو المغول والتتار والدولة العثمانية، وانتهاء بتقسيم الوطن العربي إلى إرث لدول أوروبا، وعشنا سنوات تحت الاحتلال ينهبون خيرات بلادنا ويستبيحون دماء أجدادنا. ونحن كنا نقود العالم في وقت تكاتفنا تحت راية واحدة، وهم يعيشون في ظلمات وجهل، لكن للأسف أصبحنا نحن الآن من نعيش في هذا التخلف حتى بعد استقلالنا. فما يحدث الآن في فلسطين من مساندة الغرب للعصابات الصهيونية هو من ضمن انكسارنا وضعفنا، ولو كنا قوة مؤثرة بشكل حقيقي في خريطة المجتمع الدولي، لم تكن تجرؤ إسرائيل ولا الغرب المساند لهم اغتصاب أرضنا عنوة، والعمل على تفريقنا وبث الخلافات ونشر النزاعات والصراعات في الدولة الواحدة. والأمثلة على ذلك كثيرة في الدول العربية، فهناك من يساعدهم على توهج تلك الصراعات ومدهم بالأموال وشراء السلاح وبث كل الموبقات لنعيش في شتات.

معضلة الدواء

الدواء لا علاقة له بالحرب الأوكرانية الروسية، ولا علاقة له بالحرب في السودان، أو النزاعات العرقية في بلاد ما، فالمريض على حد رأي الدكتور طارق الخولي في “الوفد”، لا علاقة له بسعر الدولار، فسعر الدواء لا بد من أن يكون ثابتا وليس متغيرا كل يوم أو كل أسبوع، ولا «ينفع» أن كل مرة يبعث المريض أحدا لكي يشتري له دواء ما، إما لا يجده أو يجده قد ارتفع ثمنه فلا يشتريه في كل مرة، أو سيؤخر شراءه «حتى تفرج» والسؤال الآن موجه إلى الحكومة هل تعي ما يحدث في الحال المصري، أو الحال الطبي كل مرة يزيد فيه سعر الدواء بسبب غير مبرر وأقول مرة ثانية غير المبرر لأن في كل دول العالم تحدث طفرة في كل الأسعار ومنها الدواء كل فترة معينة قد تكون خمس أو عشر سنوات، وتملك الدولة الرقابة الكاملة والواعية على سعر الدواء. والسؤال الثاني أيضا موجه إلى الحكومة، هل تملك هي تصنيفا رسميا ومؤيدا بدراسات علمية عن أسعار بعض الأدوية الضرورية جدا في كل تخصص طبي وهي مسؤولة عن توافره باستمرار مثل الخبز، ولا بديل عن دخول هذه الأدوية في دائرة الاستقرار والتوفر دائما. أما إذا كان هناك من لا يفهم أو أصابه العجز في الفهم أو لا يعرف التصرف مع «حرفة توفير الدواء» فتلك مصيبةٌ أعظمُ والعجيب أنك ترى الدواء المصري يباع في صيدليات مصرية بأكثر من ثمن هذا بخلاف الأدوية المستوردة وإن كان التفاوت مبلغا بسيطا، ولكن يبقى السؤال لماذا؟ والأمر الأخير الذي يبدو فيه التلاعب واضحا وغياب الرقابة موجود متى يتم وضع السعر الجديد ورفع السعر القديم وفي أي ساعة من ليل أو نهار؟

الحكومة تلهو

يتذكر الدكتور طارق الخولي موقفا مرّ به مؤخرا: كنت في إحدى الصيدليات المصرية منذ أيام أشتري دواء للضغط فقال لي الصيدلى «أنت حظك حلو يا دكتور أنا هاديهولك بالسعر القديم مش الجديد»، والفرق بين الاثنين ما يقرب من 30%، وقد رأيت بعيني العلبة نفسها واحدة مكتوبا عليها 91 جنيها والثانية مكتوبا عليها 67 جنيها، فمن الذي يحدد ارتفاع السعر ومتى يكون هذا الارتفاع وجدوى رفعه من عدمه على صحة المواطن. هكذا تستهين الحكومة باستقرار سعر الدواء فيستهين المريض بالدواء، ونشأ هذا من عدم معرفة أهمية تثبيت سعر الدواء، لكي تستقر الحالة الصحية في مصر، الذي هو بأهمية تثبيت صرف الصرف الذي وصل إلى 60 جنيها للدولار الواحد، فلن نعرف الدواء المناسب إلا إذا عرفنا «التسعيرة» قبل الكفاءة، وإن كان هذا لا يعيب الدواء، فالمريض الذي أصلا يوفر قيمة الكشف ويدخل الصيدلية يسأل عن دواء لعلة أصابته، ثم يسأل عن سعر هذا الدواء قبل أن يعرف هل سينفعه أم لا، يضاف لملايين المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الآن فلن يدخل حتى الصيدلية إذا وجد كل مرة «الدواء يغلي». نحن نحتاج إلى نظام صارم في تسعير الدواء، ثم استمرار التسعير هذا لمدة عشر أو خمس سنوات على الأقل دون زيادة لكي نستطيع السيطرة على الأمراض ولا يكون المبرر أننا من بلاد العالم الثالث، فيجوز أن «نكون خارج المنطق» لأنه ليس من المنطق هذا الارتفاع اليومي في الأسعار ولا يحدث هذا في «أوروبا والدول المتقدمة» ولا غيره، لأن الدواء أمن قومي فعندما ترتفع أسعار الدواء يوميا سينصرف الناس عن العلاج تلقائيا وسيعملون البدع لكي يقنعوا أنفسهم أنهم ليسوا في حاجة له من الأصل.

خيارات مفزعة

اختبار جديد لدول العالم وللولايات المتحدة بالذات وسط شلالات الدم الفلسطيني، ومع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية حتى الآن.. يتحدث الجميع «بمن فيهم أمريكا» الآن عن حل الدولتين باستثناء وحيد هو إسرائيل، التي يعلن قادتها أن مستقبل الفلسطينيين ينحصر بين القتل أو التهجير، ووسط هذا كله يفتح من جديد حسب جلال عارف في “الأخبار” ملف الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بعد أن جددت السلطة الفلسطينية هذا المطلب المشروع، الذى طرح لأول مرة في عام 2011 على مجلس الأمن وعطلته خلافات الدول الكبرى، لتحصل فلسطين بعد ذلك على وضع العضو المراقب في الأمم المتحدة فقط رغم تأييد معظم دول العالم «140 دولة حتى الآن» لحقها الطبيعي في دولتها المستقلة وسيادتها الكاملة على كل أرضها. الآن يتغير الموقف.. يدرك العالم كله أنه آن الأوان لرفع الظلم التاريخي عن شعب فلسطين، وتدرك معظم الدول التي كانت تسير وراء واشنطن وتتحفظ على قيام دولة فلسطين أنها كانت على خطأ، وأن سياستها ساهمت في بقاء الاحتلال الإسرائيلي وتصاعد العنصرية الصهيونية التي لم تعد تخفي رغبتها في إبادة الشعب الفلسطيني أو تهجيره من أرضه.. في قلب أوروبا ترتفع الأصوات تأييدا للاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وتقود إسبانيا وأيرلندا ومالطا وسلوفاكيا التوجه للاعتراف الفوري، ولا يعطل قرارا للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن إلا دولة أو دولتان لن يصمد موقفهما أمام ضغط شعب واسع يقف مع الحق المشروع لشعب فلسطين في تقرير مصيره وإقامة دولته.

هل ننتظر 30 سنة أخرى

بحث مجلس الأمن الطلب الفلسطيني، وتقرر وفقا لما أخبرنا به جلال عارف إحالة الموضوع للجنة متخصصة تمثل أعضاء المجلس، لبحث المطلب الفلسطيني، على أن تقدم اللجنة توصياتها بهذا الشأن قبل نهاية شهر أبريل/نيسان الجاري، ليبت مجلس الأمن في الأمر بتصويت يتطلب موافقة تسعة أعضاء، وعدم استخدام «الفيتو» من جانب أي من الدول دائمة العضوية، وفي حالة الموافقة يحال الأمر للجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت الذي يتطلب أغلبية الثلثين.. ولا مشكلة أمام فلسطين في كل ذلك إلا في «الفيتو» الذي لا يوجد أي احتمال لاستخدامه، إلا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ليكون اختبارا قاسيا لمدى جديتها في الحديث عن «حل الدولتين» وهل ستترجمه إلى موقف سياسي إيجابي، أم ستبقى وحدها إلى جانب إسرائيل ضاربة عرض الحائط بكل ما كانت تثرثر حول حق تقرير المصير لشعوب العالم؟ لم يصدر قرار رسمي أمريكي بعد، لكن تصريحات المسؤولين في بعثة أمريكا للأمم المتحدة تشير إلى موقف سلبي تماما.. فقد نصحوا الفلسطينيين بألا يواصلوا المحاولة في مجلس الأمن وطرحوا الاعتراضات الإسرائيلية نفسها حول أن الأمم المتحدة ليست المكان المناسب للاعتراف بالدولة الفلسطينية.. بل التفاوض المباشر مع إسرائيل، وهو موقف يتناسى أن دولة إسرائيل نفسها قد قامت بقرار من الأمم المتحدة وليس بالتفاوض، كما يتناسى أن ثلاثين عاما من التفاوض «برعاية أمريكا نفسها» لم تحقق شيئا إلا استمرار الاحتلال لتوسيع الاستيطان وتوالي المجازر الإسرائيلية، والأسوأ أن يتم التغاضي عن تأكيدات نتنياهو بنفسه بأنه قضى عشرين عاما في الحكم، ولا هم له إلا قتل «اتفاق أوسلو»، وأنه سيقضي باقي عمره في قتل أي أمل في قيام دولة فلسطينية، هل تمضي واشنطن في هذا الطريق مرة أخرى وتطلب عشرين أو ثلاثين عاما جديدة من «التفاوض العقيم»، أم أنها ستدرك – ولو متأخرا – أن الاعتراف بدولة فلسطين وسيادتها على كل أرضها هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام واستقرار المنطقة.

هل يغادر صلاح ناديه؟

ربما كان العام المقبل مهما بالنسبة للنجم محمد صلاح، ليحسم أمره من وجهة نظر عبد الله عبد السلام في “الأهرام”: المدير الفني لنادي ليفربول يورغن كلوب سيغادر نهاية هذا الموسم. سيأتي مدرب جديد برؤية جديدة. عقد صلاح سينتهي صيف 2025.. هل سيجدد وبالمبلغ نفسه الذي حصل عليه في السابق، أم يرحل لأحد الأندية السعودية، التي تتطلع بقوة للتعاقد معه؟ مستقبل صلاح بدأ الحديث عنه وبقوة. اللاعب السابق والمحلل الرياضي توني إيفانز يقول: «لو أن أي مدرب جديد لديه النية لإسقاط صلاح من حساباته، يجب عدم التعاقد معه من البداية. صلاح لم يعد ماضيا، إنه يسهم بقوة مع الفريق ولا تكاد تمر مباراة إلا ويحرز هدفا ويصنع لزملائه أهدافا. يكسر أرقام ليفربول من أسبوع لآخر ويتصدر هدافي ناديه». لكن كل شيء لا يمضي كما هو مخطط له، إصابته مع المنتخب كانت من بين الإصابات الأخطر التي تعرض لها، ولم يكن يتصنع أو يضخم فيها. منذ عودته للملاعب، لم يستعد توهجه بعد. صادفه سوء حظ في إنهاء هجمات كثيرة، رغم أن سجله ما زال ممتازا. ليفربول لم يبدأ مفاوضاته معه بشأن التجديد. ربما كان ذلك مفهوما بالنظر لظروف النادي، خاصة مع رحيل كلوب، ثم إن العامل المالي سيلعب دورا مهما في التفاوض. إيفانز لا يتوقع، لو جرى التجديد، أن يكون المبلغ المتفق عليه فوق المئة مليون استرلينى أو يقارب 150 مليونا. سيتراوح بين 85 و90 مليونا. ليفربول معروف بأنه يستثمر في لاعبيه خاصة المتميزين، واللاعب البرازيلى كوتينيو مثلا انتقل إلى برشلونة 2018 مقابل 120 مليون يورو، فهل يفعل النادي ذلك مع صلاح وفان دايك وألكسندر أرنولد. في كل الأحوال، صلاح لديه القدرة والموهبة على تقديم أفضل ما عنده، لكن بالطبع لا يمكن إعادة عقارب الساعة للوراء. صلاح قبل 5 سنوات ليس نفسه الآن في عمر 31 عاما. النقاشات الإنكليزية حول مستقبل صلاح طبيعية، وهى جزء من الثقافة الغربية التي لا تترك أي شيء للمجهول، لكن هناك تعاطفا كبيرا معه باعتباره تعويذة ليفربول، ورغبة أن يختتم حياته الكروية بفانلة النادي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية