أخطر ما يمكن أن يصيب انتفاضة العراق الجارية، هو الانزلاق إلى حرب طائفية، أو اعتبار أن الهدف هو إنشاء إقليم للسنة يشمل ست محافظات .
فلم تقم الانتفاضة ولا صمدت ميادينها البطولية، ولا قدمت أفواج الشهداء من أجل تحطيم ما تبقى من العراق، بل من أجل رد اعتبار العراق، واستعادة عروبته، والقضاء على نظام المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومة، وهزيمة الديكتاتور الصغير نوري المالكي، الذي يتحرك بروح طائفية صرفة، وبدواعي العمالة المزدوجة لواشنطن وإيران، وهو الذي قال ذات مرة ‘أنا شيعي أولا، وعراقي ثانيا’، وسعى إلى حصار الانتفاضة الجارية باتهامها بطائفية مضادة، وشحن نفوس الشيعة ضدها، وتنفيذ مذابح بحق الصامدين في الميادين، وخلق ظروف تعيد العراق إلى اقتتال طائفي مجنون، وفرز سكاني مخيف لا يبقي ولا يذر .
وأخطر ما في بيئة العراق الراهنة، أنه يمكن خلط الأوراق بسهولة، فالتدخلات الخارجية كثيفة في الساحة العراقية، والعنف قابل للاستدعاء في أي لحظة، وسواء كان عنف ديكتاتورية المالكي الإرهابية، أو عنف الصحوات التي تشكلت في ظل الاحتلال الأمريكى، أو عنف تنظيم القاعدة الذي تحركه دوافع مريبة، ويعمل في خدمة أجهزة مخابرات معادية تنشر رجالها في العراق من شماله إلى جنوبه، ويعد عدوا ثابتا لمفهوم الدولة الوطنية في العراق كما في غيره، ولا يؤمن بغير التحطيم والتدمير، وتلويث سمعة الإسلام، والإساءة لأهل السنة والجماعة، قبل الإساءة لشيعة آل البيت، وهو ما يلفت النظر بشدة إلى ضرورة استعادة انتفاضة العراق لمعناها الوطني الجامع، فهذه الانتفاضة الشعبية البطلة هي استطراد لحركة المقاومة العراقية المسلحة ضد الاحتلال، وقد بدأت حركة المقاومة المسلحة من ذات الجغرافيا السنية التي بدأت منها الانتفاضة الجارية، ومن دون أن يعني ذلك طائفيتها، فلم تكن هيئة علماء المسلمين التي ناصرت المقاومة المسلحة إطارا طائفيا، بل هيئة وطنية، كذلك لم يكن حزب البعث كذلك لا في تاريخه ولا في حاضره، فأغلبية أعضاء وقادة حزب البعث تاريخيا من الشيعة العراقيين، وقد كانت الهيئة والحزب وراء دعم وبناء حركات المقاومة المسلحة، التي بدأت عملها من جغرافيا السنة، لكنها امتدت بنشاطها إلى العراق كله سنة وشيعة، بل أضاف تنظيم ‘النقشبندية’ إلى المقاومة معنى عراقيا جامعا، وبصورة أوسع من عرب العراق سنة وشيعة، أضاف أكرادا وتركمانا إلى خريطة المقاومة المسلحة، التي ابتعدت في إصرار عن نهج جماعة القاعدة وأخواتها، ووضعت لنفسها هدفا جليلا، وهو إعادة بناء الوطنية العراقية الجامعة، واستطاعت إنهاك قوات الاحتلال الأمريكي، وأعجزتها عن تحقيق أي نصر مستقر، وأرغمتها في النهاية على الانسحاب، وترك ‘حكومات الدمى’ في المنطقة الخضراء المحمية أمريكيا ولاتزال، وهذا هو وضع حكومة المالكي وشركائه، الذين ارتكبوا جرائم قتل وفساد تكفي لتعليقهم على أعواد المشانق، ويسعون دائما إلى كسب مدد أجنبي يحميهم، وعلى طريقة الاستعانة بالوجود الإيراني المسلح، وإلحاق أرض العراق وثرواته بالحوزة الإيرانية، ودفع التكوين العراقي إلى فرز واقتتال طائفي متصل، وهو ما قد يصح أن تعيه قيادات الانتفاضة العراقية الباسلة، فلن يتحرر العراق بحروب الخندقة الطائفية، بل بمواجهات الوطنية العراقية الجامعة ضد الطائفيين جميعا، وليس من طريق لكسر الاصطفافات الطائفية سوى الحفاظ على مبدأ السلمية، فالسلمية هي عنوان التفوق الأخلاقي للثورات العربية الشعبية المعاصرة، وكل خروج عن السلمية يحول الثورات إلى حروب أهلية طائفية الطابع، خاصة في أقطار المشرق العربى فسيفسائية التكوين، التي يلعب فيها أعداء الأمة على وتر الانقسامات الطائفية بالذات، وهو ما جرى ويجري تنفيذه في العراق، وبهدف تحطيم المجتمع نهائيا بعد التحطيم المنهجي للدولة .
وقد يبدو الطريق شاقا أمام الانتفاضة العراقية الشعبية، وطرق الثورات ليست دائما ممهدة، وعناصر الوقت والظروف قد تدفع إلى سلوك يبدو رد فعل طبيعي ومشروع، لكن الوقوع في خانة رد الفعل دائما يسلب الثورات والانتفاضات حيويتها، وقدرتها على خلق الجديد، فليس الرد على عنف المالكي بعنف مضاد هو الحل، بل الحل في الهندسة العكسية تماما لخطط ورغبات الديكتاتور الطائفي، والحل في معاودة التأكيد على سلمية وشعبية التحرك المليوني الصامد، والتأكيد على أن تحرك مدن ومحافظات السنة ليس ضد مدن ومحافظات الشيعة، فبين السنة والشيعة روابط العروبة الأقوى بامتياز، وروابط العشائر نفسها التي يتوزع أفرادها بين سنة وشيعة، ثم روابط التاريخ المشترك في سيرة العراق الحديث والمعاصر، فالهدف هو استعادة العراق لأهله جميعا، ورفع المظلوميات كلها، واستئناف العيش المشترك الجامع، والتركيز على الوطنية العراقية الرافضة لأي إلحاق أو احتلال، والعبور فوق حواجز الطائفية المصنوعة، وهو ما بدت آثاره الإيجابية ملحوظة في الأسابيع الأولى للانتفاضة الشعبية الجارية، فالمطلوب خلق عراق وطني جامع، والمطلوب كسب وحدة العراق وليس المزيد من التقزيم والتقسيم. ولا نظن أن فكرة استخلاص إقليم للسنة تصلح هدفا مشروعا لانتفاضة البذل والعطاء والتضحيات، بل هي وقوع في شراك الخداع، وتقديم الخدمة المباشرة لأعداء الأمة وأعداء العراق، وقد كانت فكرة الاختصاص بإقليم شعارا لدوائر مرتبطة بالجار الإيراني المسيطر على الساحة الشيعية العراقية، ولا يصح أن تعود الفكرة المدمرة ذاتها على لسان المعارضين للتغول الإيراني في العراق، ففكرة الإقليم الخاص لا ترفع المظلومية عن أهل السنة، بل تزيد في مظلومية العراق الممزق، وما وقع على أهل السنة من ظلم التشريد والإقصاء والاعتقال والتعذيب والطرد من الوظائف والمدن، كل هذا الظلم استهدفهم بسبب عراقيتهم المثلى، وليس بسبب كونهم من السنة، فهم علماء وكوادر إدارة واقتصاد من طراز رفيع، وهم مقاومون سبقوا إلى ساحات الفداء، وتحرير العراق من الاحتلال الأمريكي والتغول الإيراني، والوفاء بحقوق دم السنة ليس في إهدار دم الشيعة، بل في بناء عراق جديد بلا مظلوميات، وهذا هو جوهر الصراع مع طغيان المالكي ومن معه.
والمطلوب إسقاط دستور المحاصصة الطائفية والعرقية الذي وضعه الاحتلال الأمريكي، وبناء تحالفات وحركات عراقية لا تختص بطائفة بعينها، وإعادة بناء الدولة على أساس الكفاءة لا الهوية الطائفية، وجعل الوطنية العراقية والعروبة الجامعة هي خط السير للمستقبل، واجتثاث كل نفوذ أجنبي يتغول في العراق، ويسرق ثروة العراقيين، وتشجيع ملايين العراقيين اللاجئين والمهاجرين على العودة لبلادهم، فالعراق بلد غنى بأهله وثرواته وخبرات أبنائه العظام. والمطلوب استعادة عراقية العراق، أي استعادة العراق للعراقيين، وهذا هو مغزى انتفاضة العراق الشعبية الجارية، التي يحاولون زجها إلى نفق اصطفافات طائفية مميتة .
‘ كاتب مصري
كفانا سكب البنزين على النار ويكفينا انتفاضات وثورات ماذا قدمت هذه الثورات غير مزيد من الفقر والفساد والفوضى ولم تغير الا الوجوه وبقيت الانظمة والفساد كما في مصر او تونس ولكن باسماء جديدة او تم الانتقال من دكتاتورية شخص واحد الى دكتاتورية عصابات مسلحة كما في ليبيا وسوريا لا شك ان مجتمعنا العربي غير جاهز ابدا لهذا الربيع االمبكر الذي فتك بالارض الذي حل فيها .ارجو من الكاتب ان يبتعد عن الشحن الطائفي الذي يفتك بالعالم العربي ويأكل الاخضر واليابس
يجب الأخذ بعين الإعتبار في كل محاولة تحرر عربي المعوقات التي يقع تفعيلها من قبل اليهود الصهاينة سواء مباشرة أو عبر من يظمن لهم عدم انجازات هي في صالح الشعوب العربية. من يلاحظ يجد سيطرتهم على مفاصل الحياة في الوطن
وعلى أجزاء كبيرة منه ومن يخططون منهم لذلك هم أعلم من علماء الدين العرب
والمسلمين. وعلمهم تطبيقي في أمور الدنيا الذي يجلب لهم رغد العيش ويجعل منهم
أقوياء رغم ضعفهم وإن استقووا بأي قوة غير قوة الله ويعملون على تهميش العرب
والمسلمين بشتى الوسائل وأعظم دليل هي فلسطين. لقد استحوذ اليهود الصهاينة
على كل مقدرات الشعوب العربية والإسلامية وجلبوا لأنفسهم من يخدمهم ويقوم على ما وقعت أيديهم عليه من مصادر تدر عليهم. والعراق هو من ضمن ما أفسده
الصهاينة دون ارتجال ولكن وفق مخطط فكان منظومة يصعب تفكيكها لإستفحال
ما وقع إرساؤه فيه من أسباب التفكك اليومي والمزمن. من ثار من أحرار العراق
والحال كما هو عليه اليوم يعتبروا قد جازفوا وبكل شجاعة أقدموا على محاولة
التغيير التي باتت من مصدر الداء وليس من نتاجه. تحرير العراق يكون من القدس
وليس من بغداد أو من غيرها من المدن العراقية لأن تفكيك منظومة العراق ما بعد
2003 يكون ممن يتحكم فيها ألا وهو الصهيوني. هل لثوار العراق المقدرة للوصول إلى فلسطين لدحر العدو الصيوني؟ إن استطاعوا ذلك فالعراق يعتبر قد
تحرر وإن لم يكن كذلك فسلام على العراق وأهله الأحرار.