عودة حرب المظاهرات لمصر

حجم الخط
6

كان منظر الصدامات التي وقعت امس بين انصار الرئيس محمد مرسي، ومعظمهم من حركة الاخوان، ومعارضيه الذين ينتمون الى احزاب وجماعات معارضة، خاصة جبهة الانقاذ، صادما بكل المقاييس، وينبئ بمرحلة من عدم الاستقرار في مصر مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العامة.
الصدامات والاشتباكات التي اوقعت 40 جريحا على الاقل، واستخدمت فيها الحجارة وقنابل المولوتوف جاءت عندما توجه متظاهرون من معارضي الرئيس مرسي امس من ميدان التحرير في اتجاه شارع رمسيس المجاور، حيث احتشد الآلاف من جماعة الاخوان المصريين في مظاهرة اطلقوا عليها اسم ‘مظاهرة جمعة تطهير القضاء’ امام دار القضاء العالي (مقر النائب العام ومحكمة النقض) للمطالبة بتطهير القضاء الذي اصدر عدة احكام ضد قرارات الرئيس مرسي، من بينها خصوصا حكم صدر الشهر الماضي بعودة النائب العام السابق عبد المجيد محمود الى منصبه، بعد عزله من قبل الرئيس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وعين مكانه المستشار طلعت عبدالله.
الازمة بلغت ذروتها عندما بدأ مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه انصار الرئيس مرسي، مناقشة اصدار قانون يخفض سن التقاعد بالنسبة للقضاة من سبعين الى خمسة وستين عاما، مما يؤدي الى مساواتهم بموظفي الدولة الآخرين.
مشروع القانون يبدو في صيغته عادلا، لكن معارضي الرئيس مرسي يرون ان الهدف ‘ملغوم’ اي عزل الفي قاض على الاقل واستبدالهم بقضاة من حركة الاخوان، والغاء قرار اعادة النائب العام السابق عبد المجيد محمود لبلوغه سن التقاعد.
هذه المظاهرات والمظاهرات المضادة هي الخطر الاكبر الذي يهدد استقرار مصر ويفاقم من ازمتها الاقتصادية، مثلما تؤكد في الوقت نفسه على فشل النخبة السياسية في مصر بكل الوانها في الارتقاء الى مستوى الوعي، والكف عن المناكفات السياسية والحزبية الضيقة من خلال هدنة، ولو مؤقتة، لمعالجة القضايا الحياتية الاساسية الملحة للشعب المصري.
واللافت ان هذا التصعيد من قبل الجانبين، مؤيدي الرئيس ومعارضيه، يتزامن مع زيارة يقوم بها الرئيس مرسي الى روسيا طلبا لقرض مالي كبير لسد العجز في الميزانية، وتمكين حكومته من شراء احتياجات الشعب من القمح وباقي السلع الرئيسية، وتحريك عجلة الاقتصاد الصدئة والمعطلة.
كنا نوجه اللوم دائما للمعارضة لانها تحتكم الى الشارع، وليس الى صناديق الاقتراع في خلافها مع الرئيس مرسي وحركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها، ونجد انفسنا اليوم، نوجه اللوم نفسه الى انصار الرئيس مرسي باللجوء الى الاسلوب نفسه وهم يمثلون السلطة الحاكمة، ولا يحتاجون الى اللجوء لمثل هذه الاساليب اي النزول الى الشارع، وتوفير الفرصة لبعض البلطجية لممارسة ما يجيدونه من اساليب استفزازية وتأجيج مشاعر الغضب والثأر.
شهود العيان قالوا ان متظاهرين ينتمون الى جهات مجهولة، وليس لاي من الفريقين المتصادمين، استخدموا قنابل دخان وبنادق صيد اطلقوا منها النار على الجانبين، ولا يحتاج المرء للكثير من العناء للاستنتاج بان هؤلاء ينتمون الى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
القضاء المصري قد يكون مليئا ببعض العيوب والثغرات، ومعظم قضاته وصلوا الى وظائفهم في عهد الرئيس مبارك، لكن معالجة هذه العيوب والثغرات يجب ان تتم بطريقة متأنية، وبعيدا عن الانفعال والتسرع، حتى لو كان هذا العلاج ضروريا ومشروعا.
مصر تحتاج الى الحكمة والحكماء في مثل هذا الظرف الصعب والحساس الذي تعيشه حاليا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رضوان بن الشيخ عبدالصمد:

    الغريب أن أنصار الإخوان يتظاهرون أيضا وكأنهم في المعارضة

  2. يقول سامح // الامارات:

    للأسف الشديد : المشهد المصري بالمجمل ضبابي ومشوّش ودخل الحابل بالنابل
    ويكن تلخيصه بكلمة واحدة ( الفوضى ) …؟؟؟
    الى متى تستمر هذه الفوضى الله أعلم ؟
    متى تستقر الأمور الله أعلم ؟؟
    هل سينهض الإقتصاد المصري من كبوته الله أعلم ؟؟؟
    هل ممكن للإخوان تقاسم السلطة مع المعارضة الله أعلم ؟؟؟؟
    طيّب ممكن القول بعد سنة ستشهد مصر الإنفراج ويبدأ مشوار النهضة الحقيقي
    الله أعلم ؟؟؟؟؟
    كل الإحتمالات واردة وغير واردة في نفس الوقت والله أعلم .
    حياكم الله وشكرا .

  3. يقول انتصار سامح ايطاليا:

    يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين لايريدون الدين ولو قال الرئيس محمد مرسي لا إله الاالله سيتظاهرون ويقولون بانه كفر. سياسة امريكية صهيونية لأبعاد الاخوان عن الحكم يريدونهم دوما في غياهب السجون الله يعين الاخوان فالطريق طويل والزاد قليل صبرا فأنتم المعذبون في الارض

  4. يقول فلسطيني من ال48:

    …. الماسونية لن تغيب عن الساحة العربية جميعها, محفور على المدخل الرئيسي في مقرهم في شيكاغو وباللغة العربية: ” الله غالب على أمره”. أي أية من القرآن الكريم, والله وحده يعلم بما يحيكون لمصر وغيرها وإلى أي مدى ستصل.

  5. يقول الحقيقه:

    هناك ظغوط تمارس من القضاء على السلطه الحاكمه في شتاء المجالات بسبب كشف رجال في القضاء استولو على المال العالم وعشعش فيهم الفساد الى الركب فكلما فتح الحزب قضية ماء اصدم بالقضاء الذي لايريد محاكمت اي من الفلول سوى في القضاء او في الموسسات الباقيه اما بالنسبه للبلطجيه هم من شباب الاقباط والكنسيه ويمتلكون الاسلحه والتدريب الكافي بمساندة التيار الشعبي ورموز الفلول يكاد اعمالهم مختصر على الموسسات ومساندة القضاء بالاخبار اول باول

  6. يقول عربي شريف:

    الذي لا يحب الخير لهذا البلذ يتظاهر ضد الشرعية لان الذي يريد الديمقراطية يلجا الصناديق لا الى الشارع يقولون الشعب يريد ثم لما يختار الشعب يقولون امي

إشترك في قائمتنا البريدية