عودة التأزم الي الوضع الفلسطيني

حجم الخط
0

عودة التأزم الي الوضع الفلسطيني

عودة التأزم الي الوضع الفلسطيني اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس ان مباحثات تشكيل حكومة وحدة وطنية التي يجريها مع حركة المقاومة الاسلامية حماس قد وصلت الي طريق مسدود، بينما ذهب احد ابرز مساعديه السيد ياسر عبد ربه الي ما هو أبعد من ذلك عندما قال انه، اي السيد عباس، سيلقي خطابا في الايام القليلة المقبلة، يعلن فيه رسميا فشل هذه المباحثات ويحدد خطواته المقبلة.وتصريحات السيد عباس هذه التي اطلقها بعد لقائه مع السيدة كوندوليزا رايس وزيرة خارجية امريكا في اريحا تتناقض مع تصريحات للسيد اسماعيل هنية رئيس الوزراء، قال فيها ان مباحثات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية حققت خطوات ايجابية.وما يمكن استنتاجه من تصريحات الطرفين، هو وجود ازمة كبيرة في قمة العمل الرسمي الفلسطيني مرشحة للتفاقم في الايام القليلة المقبلة. فالاوضاع تعود الي المربع الاول، اي الي مرحلة ما قبل الحوارات الوطنية بين رأسي السلطة. حيث بلغ التوتر ذروته، وترجم علي شكل صدامات مسلحة بين عناصر حركتي فتح و حماس .ويبدو واضحا ان الاتفاق بين الجانبين حول حكومة الوحدة الوطنية لم يكن ممكنا، وربما لا نبالغ اذا قلنا انهما لا يريدان التوصل الي هذا الاتفاق حتي تستمر الاوضاع علي ما هي عليه لأطول فترة ممكنة.فالسيد عباس يريد ان يكون دور حركة حماس في الحكومة هامشيا، اي ان تسيطر حركة فتح التي يتزعمها علي الوزارات السيادية ، مثل الداخلية والمالية والخارجية، وهي وزارات تتبع مكتب قيادة السلطة حاليا، بينما تحصل حركة حماس علي وزارات خدمية اقل أهمية.ومع اعترافنا مسبقا بان القول بوزارات سيادية واخري غير سيادية مضلل وغير دقيق، لان السلطة كلها فاقدة السيادة اساسا، وجميع المناطق الفلسطينية تخضع لاحتلال اسرائيلي هو صاحب الكلمة الاولي والاخيرة. فان من حق حركة حماس الفائزة في انتخابات تشريعية حرة، والحاصلة علي اغلبية المقاعد في المجلس التشريعي ان تحصل علي بعض هذه الوزارات ان لم يكن كلها.فتجربة الاشهر الستة الماضية اثبتت ان هناك محاولة لتفريغ هذا الانتصار الانتخابي من محتواه، ووضع العصي في دواليب الحكومة المنبثقة عنه. فمن غير المنطقي ان لا تخضع الاجهزة الامنية برمتها الي وزير الداخلية، ومن غير المقبول ان يصدر الرئيس عباس مرسوما بوضع السفارات كلها خارج صلاحية وزارة الخارجية ووزيرها.فاذا لم يقدم الطرفان تنازلات حقيقية تعكس رغبة اكيدة في المشاركة والثقة المتبادلة، فانه من المستحيل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي لا يكف الجميع عن التغني بمحاسنها، ومدي حاجة الشعب الفلسطيني المحاصر المجوع لتشكيلها في أسرع وقت ممكن كخطوة اساسية لانهاء الحصار الاسرائيلي الامريكي العربي المفروض عليه. وفي ظل ترسخ اجواء عدم الثقة بين الجانبين الرئيسيين في الحوار لتشكيل هذه الحكومة، فان كلا منهما يلجأ الي المناورة من اجل كسب الوقت، ودفع الطرف الآخر الي اتخاذ القرار بالطلاق النهائي. فحركة حماس تتمسك بالحكومة ولا تريد مغادرتها، وتدفع الرئيس عباس نحو اصدار مرسوم بحلها لتحميله مسؤولية تبعات هذا القرار. والرئيس عباس يستند الي دعم امريكي عربي، ويحاول استغلال حالة الجوع والمعاناة في الشارع الفلسطيني لتحميل حركة حماس مسؤولية فشل الحوار وتشكيل الحكومة بالتالي.السيد اسماعيل هنية يطوف حاليا بالدول العربية في اول جولة له الي خارج زنزانة غزة بعد تسميته رئيسا للوزراء، وهو قطعا لن يعود قبل ثلاثة اسابيع علي الاقل ان لم يكن اكثر، وهذا يعني ان الحوار حول تشكيل الحكومة سيتوقف، مما يخلق فراغا سياسيا يقود الي المزيد من التأزم والاحتقان، اللهم الا اذا ملأه السيد عباس بقرار حل الحكومة والدعوة الي استفتاء او أنتخابات عامة، وفي هذه الحالة ربما يضطر السيد هنية الي قطع جولته او اختصارها استعدادا للمواجهة السياسية او حتي العسكرية المقبلة.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية