عفيف صافية يسخر من الضغط الأمريكي على إسرائيل: يبدو وزنها السياسي كوزن ليختنشتاين

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: تقرر الإدارة الأمريكية أن تعلن إيقاف شحنة تضم حوالي 3500 قنبلة إلى إسرائيل، وتقول إنها خائفة من إسرائيل على رفح.. على المدنيين في رفح.
فيخرج لها عفيف صافية، الممتنع عن الكلام للإعلام، مغرّدا:
«في كل وقت تشير فيه الإدارة الامريكية إلى أنها تمارس ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية، يتبيّن أن وزنها السياسي يشبه وزن لوكسمبورغ، حتى أن الأمر أسوأ، وزن ليختنشتاين».
تبلغ مساحة لوكسمبورغ 2586 كلم مربعا، وليختنشتاين 160 كيلومترا مربعا.
ولا ندري فعلا مساحة إسرائيل، لأن هذه الدولة لا تعلن حدودها، ولم تعلن في أي وقت من الأوقات أين تنتهي هذه الحدود.
لكن بمعزل عن ذلك، أن يأتي هذا الكلام من عفيف صافية، فمن دون شك أن شخصية الرجل وتجربته النضالية الطويلة تجعلانه في مقدّمة الصف الفلسطيني للذين احتكّوا بالعقل الأمريكي.
فعضو المجلس الثوري في حركة «فتح»، والسفير السابق، شارك خلال ثمانينيات القرن الماضي في مفاوضات ستوكهولم التي أفضت إلى بدء حوار سياسي رسمي ومباشر بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة، للمرة الأولى، بعد أن امتنعت واشنطن على مدى عقود طويلة عن إقامة علاقات رسمية مع أي كيان ممثل حقيقةً للشعب الفلسطيني.
حسب معهد ستوكهولم للسلام، فإن 69% من واردات أسلحة إسرائيل تأتي من الولايات المتحدة، وواشنطن تقدم مساعدات عسكرية سنوية لإسرائيل بقيمة 3.8 مليارات دولار.
والشهر الماضي فقط، أقر الكونغرس حزمة مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار. وعدد الشهداء في غزة، ومعظمهم من المدنيين والنساء والأطفال والمسنين والبالغين، والعائلات بأكملها، يقارب الخمسة والثلاثين ألفا، والدمار فاق قصف الحلفاء لمدن ألمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية، ومشاريع التهجير العلنية تحت شعار «الهجرة الطوعية» تزدهر على ألسنة وزراء حكومة إسرائيل، وكل ذلك حصل بأسلحة معظمها أمريكية الصنع، وبأقل قدر من التأثر الرسمي الأمريكي.
الأمر نفسه في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، أكثر من 700 ألف مستوطن، وعنف المستوطنين سياسة رسمية تقودها الحكومة الإسرائيلية، واليوم مع بتسلئيل سموتريتش الذي يعرّف عن نفسه بالفاشي، ومؤيد مائير كاهانا، إيتمار بن غفير.
والتبرعات التي تجمعها منظمات استيطانية يهودية أو مسيحانية، من جيب دافع الضرائب الأمريكي، يذهب جزء منها لتعزيز الواقع المنافي للقانون الدولي في الضفة والقدس، وجزء آخر إلى صناديق دعم قتلة مثل إيغال عمير، وعميرام بن أوليئيل، ويوسف حاييم بن دافيد، وهذا وثقته مؤسسات بحثية أمريكية وإسرائيلية (أسوشييتد برس ومنصة شومريم).
وكل يوم في الضفة بيت يهدم، وبؤرة يتم «تشريعها»، ومعتقلون جدد، وحصار مالي، وتهجير تجمعات بدوية وتهجير الرعاة، وأخيرا، أمس الأربعاء، مصادرة مبنى بلدية الخليل القديمة.
وبعد ذلك، وكجزء من حملة علاقات عامة أمريكية تجاه الفلسطينيين، تفرض الولايات المتحدة بعض العقوبات على عدد محدود من الأفراد أو الجماعات، متجاهلة أن الاستيطان وكل ما يتصل به، هو سياسة رسمية لحكومة إسرائيل.

وها هو عفيف صافية يغرّد أيضا:
«في حقبة انتقالية من نظام عالمي أحادي القطب، باتجاه نظام آخر، فإن البلد الذي أسهم أكثر في تقويض وضعية الولايات المتحدة على الساحة العالمية، ليس روسيا ولا الصين، بل محميّتها إسرائيل».
يقول أشعيا كينين، رائد اللوبي الداعم لإسرائيل ومؤسس «أيباك» الحقيقي، قبل أكثر من 70 عاما، إن «الرأي الأمريكي في إسرائيل يتأثر بما تفعله إسرائيل».
ومن البديهي أن نضيف إلى ما قاله كينين أيضاً، أن الرأي العام في العالم، والرأي العام الإسلامي، والرأي العام العربي، والرأي العام الفلسطيني، يتأثرون حتما بما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية.
القضايا الخاسرة للولايات المتحدة عند العرب والفلسطينيين أصبحت كثيرة، ولا تقتصر على ساحة من دون أخرى.
لكن فلسطين تبقى مركزية في مجمل الساحات.
وعفيف صافية، باختصاره الرائع لحقيقة الصورة، وهو الممتنع عن الكلام للإعلام، يحيلنا إلى واقع لعل الولايات المتحدة تعرفه، بعيدا عن شعبوية التيارات السياسية التي تتحكم بالحزبين، وأنّه في كل ساحة تتراجع فيها أمريكا، تتقدم روسيا وتتقدم الصين، وأن سبب هذا يقع في الأول وفي الأخير، على الولايات المتحدة نفسها، وليس على أي أحد آخر، وأن الولايات المتحدة التي تدعي محاربة التطرف، تقوّض مصداقية كل عملية سلام محتملة، وكل داعية سلام، وكل سياسة تصب في إطار السلام.
وهي تفعل ذلك مجتمعة، بإداراتها، وحزبيها في مبنى الكابيتول هيل، وبلوبيها الأمريكي أصلاً قبل أن يكون يهوديا، وبسياستها التي توفر الدعم الأكبر لإسرائيل، ولا تمحو آثاره حملة علاقات إعلامية لتجميل الصورة عبر فتات عقوبات من هنا، ومن هناك، ولا ترقى حتى إلى موقف المحافظ المسيحي رونالد ريغان الذي طلب من مناحيم بيغن يوما ما، وقف قصف بيروت، بعد يوم دام ومروّع عام 1982، وهو ما لم يفعله الديمقراطي جو بايدن، ولن يفعله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية