طوفان استيطاني يهدد الأقصى في العيد اليهودي.. وتحذيرات من عمليات “استدراجية” لجيش الاحتلال

أشرف الهور
حجم الخط
1

غزة– “القدس العربي”: لم يكن العيد اليهودي الأول، الذي صادف يومي الإثنين والثلاثاء، وشهد بداية الاقتحامات الاستيطانية الكبيرة للمسجد الأقصى، سوى “بروفة” لطوفانات من الاقتحامات التي تخطط الجماعات الاستيطانية المتطرفة، تنفيذها في الأعياد القادمة التي تحل الشهر القادم، بعد أن دعت أنصارها لأكبر عملية اقتحام في العيد القادم، لحلوله في يوم مميز وفق “الطقوس التلمودية”، وهو أمر يدفع بالأمور الميدانية إلى مزيد من التوتر والتصعيد.

وجدد المستوطنون اقتحام باحات المسجد الأقصى، على شكل مجموعات متتالية، تعمدوا خلالها أداء “طقوس تلمودية” علاوة عن استماعهم خلال الجولات الاستفزازية لشروحات حول “الهيكل” المزعوم.

ما كان لافتاً في اقتحام اليوم الثاني للعيد اليهودي “رأس السنة العبرية”، هو استخدام قوات الاحتلال طائرة مسيرة حلقت فوق سماء الأقصى، بعد أن دفعت سلطات الاحتلال بقوات كبيرة من الأمن، والتي انتشرت في محيط المسجد وعلى البوابات وفي منطقة القدس القديمة، علاوة عن مرافقة قوات أخرى كبيرة للمستوطنين، إذ كان أبرز أفراد الأمن المقتحمين، المفتش العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال يعقوب شبتاي.

ورغم دخول المستوطنين بأعداد كبيرة، إلا أن سلطات الاحتلال وضعت قيوداً على دخول المصلين الفلسطينيين، وحالت دون دخول من يقل عمره عن 40 عاما، فيما اعتدت على آخرين خلال تواجدهم في باحات المسجد، ومن بينهم مسنّون، بالتزامن مع عملية اقتحام المستوطنين.

التصعيد القادم

وحاليا باتت الأنظار تتجه إلى الأعياد القادمة التي تحل في شهر أكتوبر، خاصة أن الجماعات الاستيطانية، دعت أنصارها لأكبر عملية اقتحام يشهدها المسجد الأقصى منذ احتلاله، خلال العيد القادم، وذلك من خلال دعوات استغلت مواقع التواصل الاجتماعي في توزيعها، علاوة عن وسائل الإعلام الأخرى وطرق التواصل التي تنتهجها تلك الجماعات للوصول إلى أنصارها.

وستكون الأعياد القادمة أكثر خطورة على المسجد الأقصى، بسبب برنامج الاقتحامات التي تريد تلك الجماعات تنفيذها، والتي تشمل إلى جانب النفح بالبوق داخل الأقصى وعلى بواباته، إدخال القرابين، ومنها القرابين النباتية، لتقدم أمام “الهيكل” المزعوم.

ودعت منظمات استيطانية متطرفة عناصرها إلى أكبر اقتحام للمسجد الأقصى المبارك، والاحتشاد بعائلاتهم وأطفالهم. وقد حددت يوم الثلاثاء الموافق 11 من شهر أكتوبر القادم، والذي يصادف “عيد العُرُش” ليكون اليوم الأكبر للاقتحامات، كونه يمثل فرصة لا تتكرر إلا مرة كل سبع سنوات، معتمدة في ذلك على مزاعم توراتية، تفرض على اليهود أن يجتمعوا في اليوم الأول من الأيام الوسطية لـ “عيد العرش” في السنة التالية للسنة السبتية مباشرة.

وحتى أيام العيد اليهودي القادم، وخلال فترة رفع الإغلاق العسكري الذي فرضته مطلع الأسبوع سلطات الاحتلال على الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي ينتهي ليل الثلاثاء، ستستمر حالة التأهب القصوى التي أعلنتها دولة الاحتلال في صفوف قواتها، خاصة تلك التي دفعت بها للمناطق الفلسطينية وإلى مناطق الحدود والتماس والقدس الشرقية.

وتثير هذه المخططات حفيظة الفلسطينيين، خاصة المقاومة التي توعدت بالتدخل والرد على استفزازات المستوطنين، ومحاولات دولة الاحتلال تقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا.

ويتوقع في حال زادت هجمات المستوطنين، أن تتضاعف عمليات المقاومة التي ينفذها الفلسطينيون، والتي تستهدف الحواجز العسكرية والمستوطنين، في الضفة الغربية ومناطق الـ 48، وذلك بعد طلب فصائل المقاومة بهذا الأمر من كل من يستطيع تنفيذ تلك الهجمات، ودعوتها للفلسطينيين بتصعيد المواجهة في كل مناطق التماس وفي كل الجبهات.

وشهدت الساعات الأخيرة تصاعدا في أعمال المقاومة، والتي ارتفعت وتيرتها بسبب هجمات المستوطنين على الأقصى، ووفق إحصائية فلسطينية، فقد نفذ المقاومون الفلسطينيون والشبان الثائرون 27 عملاً مقاوماً ضد قوات الاحتلال والمستوطنين خلال 34 ساعة.

وذكر مركز المعلومات الفلسطيني أن أبرز تلك الأعمال كان عملية إطلاق نار صوب مستوطنة، والتصدي لاقتحامات المستوطنين بالأقصى، واستهداف حواجز للاحتلال بالعبوات محلية الصنع والزجاجات الحارقة.

ولذلك فقد أصدر مسؤولون في مؤسسة الأمن الإسرائيلية، تحذيراً للجيش الإسرائيلي، بسبب ارتفاع مؤشر التوتر، وذكر تقرير نشره موقع “واللا” العبري، أن التحذير اشتمل على وجود نية لمجموعات المسلحين الفلسطينيين، لتنفيذ “هجمات استدراجية”، تقوم على قاعدة استدراج قوات الجيش الإسرائيلي إلى ملاحقة المسلحين إلى مناطق محددة، وهناك تكون عملية استهداف القوة الإسرائيلية بعد وضعها داخل كمين.

وجرى الطلب من قوات جيش الاحتلال التي دفعت دولة الاحتلال بأعداد كبيرة منها إلى الضفة ومناطق التماس والقدس وإلى مناطق الحدود مع المناطق الفلسطينية، في إطار حالة الطوارئ والتأهب التي أعلنت بسبب الأعياد اليهودية، إلى أخذ اليقظة وتوخي الحذر، خشية من مخطط المقاومة المسلحة.

وجاء ذلك بعدما قالت تقارير عبرية، إن حركة “حماس” تحاول إشعال الوضع الميداني، وأن الحركة تقوم بحملة إعلامية كبيرة تطالب الفلسطينيين في الداخل، والضفة الغربية والقدس الشرقية، بالتوافد إلى الأقصى في الأيام المقبلة، والدفاع عنه.

تحذيرات فلسطينية

وفي السياق، جددت حركة “حماس” التزامها بالدفاع عن حقوق ومقدسات الشعب الفلسطيني، بكل الوسائل المتاحة، مهما كان الثمن، وحملت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات الانتهاكات في القدس والمسجد الأقصى.

ومع استمرار المخططات الاستيطانية التي تمس بالأقصى، تواصلت التحذيرات والتنديدات الفلسطينية والعربية والإسلامية، إذ أنذر عدنان الحسيني رئيس دائرة القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، من تفجر الأوضاع في المدينة المقدسة، بسبب الاقتحامات المتواصلة لقوات الاحتلال والمستوطنين للمسجد الأقصى، وأكد أن القيادة الفلسطينية تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في الأقصى، وتجري اتصالاتها مع كافة الأطراف العربية، والإقليمية والدولية، ودعا العالمين العربي والإسلامي إلى وقفة جدية مساندة الشعب الفلسطيني في تصديهم لعدوان الاحتلال الإسرائيلي.

وحذرت وزارة الخارجية والمغتربين من المخاطر الحقيقية التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، والوضع التاريخي والقانوني والديموغرافي القائم، نتيجة عمليات التهويد التدريجية المتواصلة للمسجد وباحاته، وقالت إن التصعيد في أداء المزيد من “الطقوس التلمودية” داخل الأقصى، يأتي ضمن محاولة لتكريس المضمون التهويدي لتقسيمه زمانيا، على طريق “شرعنة” تقسيمه المكاني.

كما حذرت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في دولة فلسطين من تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاتها على حرمة المسجد الأقصى المبارك بحجة الأعياد اليهودية، التي قالت إن الاحتلال يستغلها لمزيد من القمع والتنكيل والاعتقال بحق المقدسيين والاعتداء على المصلين وانتهاك قدسية المسجد الأقصى.

وطالبت المؤسسات الدولية ذات الصلة والدول التي تدعي حرصها على تطبيق القانون الدولي وحماية الأماكن الدينية وتمكين المصلين من أداء صلواتهم بحرية تامة، بالخروج عن صمتها الذي يشجع هذا الاحتلال ومجموعات المستوطنين على مواصلة اعتداءاتهم على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وقالت “إن محاسبة إسرائيل على جرائمها ستكون الرادع الذي ينهي معاناة أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه”، كما طالبت مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته بتوفير الحماية الدولية الفورية للشعب الفلسطيني، ودعت كافة كنائس العالم إلى إعلان تضامنها الفعلي واستنكار جرائم الاحتلال وانتهاكه الأمكنة الدينية والمس بحرمة المقدسات واستهداف حياة المصلين في المسجد الأقصى.

تنديد عربي

وعربيا، أعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاقتحام جيش الاحتلال الغاشم وعدد من المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، واعتبرته انتهاكاً للقانون الدولي واستفزازاً لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وحذَّرت وزارة الخارجية القطرية، من أن تؤدي محاولات المحتل الممنهجة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى إلى تفجر الأوضاع وتجدد أعمال العنف، وأكدت موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وكانت الخارجية الأردنية أكدت أن تصاعد وتيرة الاعتداءات على المسجد الأقصى والمقدسات، تمثل “اتجاها خطيرا” ينذر بالمزيد من التصعيد.

كما أدانت وزارة الخارجية المصرية، الانتهاكات المتصاعدة للمسجد الأقصى، وأكدت، في بيان، أن استمرار مثل هذه الخروقات، والمحاولات المستمرة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم بالقدس، يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وحذرت من الخطورة البالغة لاستمرار الممارسات الاستفزازية في محيط المقدسات الإسلامية بالمسجد الأقصى.

وأعربت الكويت عن إدانتها واستنكارها لاقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، والاعتداء على المصلين وفرض قيود على دخولهم واعتقال العشرات منهم.

كذلك أدان البرلمان العربي اقتحام قوات الاحتلال والمستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، محذرا من خطورة هذا التصعيد كونه يقوض فرص السلام ويهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ووقف الغطرسة الإسرائيلية.

وأدانت أيضا جامعة الدول العربية اقتحامات الأقصى، وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن “إذكاء التوتر وإشعال الموقف” بهذه الأعمال التصعيدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    اللهم انصر فلسطين واهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين عاجلا غير آجل ????????????????????????????

إشترك في قائمتنا البريدية