صناعة الذات في يمن ما بعد صالح!

حجم الخط
0

لا يمكن لأي قوة مهما بلغت أن تهزم ذات الإنسان اليمني وأن تحوله الى هلامٍ لا ينتج سوى الخيبة، بل تساهم في تحوله الى منجم يصنع الأحلام العظيمة والأقدار الكبيرة، متى ما توفرت الإرادة والعزيمة الفولاذية.
اسقط اليمنيون نظاماً جعلهم في مرحلة ما يحلمون بتغيير رئيس اللجنة العليا للإنتخابات، نظام جعل من سكرتير رئيسه وجلاد الوعي الجمعي للناس يلقي محاضرات عن إعلاء الذات في الذاكرة الشعبية بعد أن مزقها إرباُ عبر مؤسسات اعلامية جعلها تسبح بحمد صالح وعائلته ليل نهار.
قبل ثورة فبراير بشهور كنت أمر على كشك جامعة صنعاء وأطالع مقالاً في صحيفة الجيش لقائد القوات الجوية حينها يصف قادة احزاب المعارضة بقطاع الطرق والمخربين ولصوص النفط، جلست على مقعد الدراسة، استمعت الى اللغة ذاتها من عميد كلية الإعلام هو نفسه أعطى درجة ‘صفر ‘ لطالبة تحمل احد أحزاب المعارضة.
أتت ثورة الأحلام لتكنس محمد صالح الأحمر وجلاوزة النظام الى منطقة معزولة لا ترى بالعين المجردة، وأعادت بناء ذات اليمن المكسورة والمحطمة، وصاغت لحنا جديدا للأبيات الوطنية التي كان يوردها كتبة صالح في معرض حديثهم عن ‘جلد الذوات’ و’ الهوية الوطنية ‘.
صحيفة ‘تشاينا ديلي’ كتبت اليوم عن قوة الذات الكورية الشمالية التي صعدت بها الى عالم الأمم النووية، تقول بيونج يانج ‘ طورنا صناعة نووية تعتمد على الذات يمثل حياة الأمة ولن يتم التقايض بها ولو بمليارات الدولارات’.
كنت أعيد مشاهدة فيلم ‘هل مر الربيع من هنا’ الذي انتجه الصحفي المصري اسعد طه وبث على الجزيرة، شكى شباب متحدثون من الإستحواذ على الثورة من قبل قوى سياسية بعينها رد عليهم شاب من بينهم ‘ هذا منافٍ للمنطق، كيف يمكننا اسقاط نظام بكل قوته المادية والعسكرية والعجز عن تغيير مسار قوىً سياسية، علينا الثقة بذواتنا لتغييرها من داخلها ‘
الثورة الشبابية أعادت صياغة ذواتنا بطريقة مختلفة، طريقة تجعل من ‘ المستحيل ‘ مفردة شبعت مواتاً، وتصنع جيلاً لا يعرف الكسل والعجز ودبج قصائد الرثاء على الأطلال .
أعجبني أوبريت ‘سوا نبنيها ‘ الذي انتجه فنانون يمنيون، البناء وحده لغة الثورة التي نزهوا بها، لم تقم الثورات الا من أجل بناء الفضاءات المثخنة بالدمار والتخلف، ومغادرة دائرة الفراغ والإحباط التي تحتلنا .
صنعاء وعدن وتعز ومدن وأرياف اليمن تنتظر منا العودة اليها، لنزيل عنها تجريف ثلاثون عقدا من الزمن، ونشكل منها وجها مضيئا لبلد اسمه اليمن السعيد بثورته وأبنائه وذواتهم الصلبة.

خليل محمد العمري
ناشط في الثورة اليمنية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية