صمودهم “معجزة”.. جراح تركي عائد من غزة يروي مشاهداته

حجم الخط
0

غازي عنتاب: أعرب الطبيب الجراح التركي طانر قاماجي عن دهشته من صمود الفلسطينيين في قطاع غزة، ووصفه بأنه “معجزة” في ظل حرب إسرائيلية مدمرة مستمرة للشهر السابع.

وعلى هامش مشاركته في فعالية بولاية غازي عنتاب التركية، تحدث قاماجي للأناضول عن مشاهداته خلال عمله ضمن فريق طبي تطوعي في غزة.

وقال إنه وصل غزة عبر معبر رفح الحدودي في مصر، يوم 18 مارس/ آذار الماضي، ضمن فريق من 25 شخصا، بتنظيم من جمعية الرحمة الأردنية وجمعية الأطباء الفلسطينيين في أوروبا.

وأشار قاماجي الذي يعمل طبيبا في مستشفى خاص بولاية ديار بكر التركية، إلى أنه بقي في غزة حتى 2 أبريل/ نيسان المنصرم، ثم عاد إلى البلاد.

وأفاد بأن عددا قليلا من مؤسسات الرعاية الصحية لا يزال تعمل في غزة، والأطباء يجدون صعوبة في تحديد أولويات إجراء العمليات الجراحية بسبب عدم كفاية غرف العمليات.

وخلفت الحرب على غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نحو 113 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.

تحت القصف

ووفق قاماجي، كان الأطباء يعالجون الجرحى بينما تتواصل أصوات إلقاء القنابل، ومن الصعب جدا توفير الرعاية الصحية في مثل هذه البيئة.

وتابع: “تأتي طائرة وترمي قنابل وتغادر، ويسقط شهداء، ومن يتم انتشالهم أحياء من تحت الأنقاض يُنقلون إلى أقسام الإسعاف في أحد المستشفيات المتبقية”.

وأردف: “كنا نحاول قدر الإمكان معالجة المصابين وإجراء العمليات الجراحية الطارئة. واجهنا العديد من الصعوبات تحت أصوات القنابل المستمرة”.

وشدد على أن “القذائف كانت تسقط أحيانا قرب المستشفى، لدرجة أن المبنى يهتز والنوافذ والأبواب تتحطم بسبب تأثير ضغط القنبلة”.

قرارات صعبة

و”كانت المستشفيات ممتلئة تماما، وأحيانا أثناء نقل مرضى الطوارئ إلى غرفة العمليات، لم نتمكن من المرور عبر الخيام التي تملأ الممرات”، حسب قاماجي.

وأفاد بأنه “كانت توجد طوابير كثيرة في أقسام الأشعة والتصوير المقطعي.. واضطررنا أحيانا إلى جعل المرضى ينتظرون. هناك مريضان وغرفة عمليات واحدة فارغة، وكلاهما بحاجة إلى عملية جراحية. فأيهما ستجري له العملية؟!”.

وتابع “مثلا، كان طحال شخص ما ينزف وأمعاء شخص آخر مثقوبة، وكنا نواجه صعوبة في اتخاذ القرارات”.

وأوضح: “عندما تأخذ أحدهما إلى الجراحة، وتترك الآخر فقد يموت.. كنا نأخذ أحدهما، وبعد العملية إذا كان الآخر على قيد الحياة، نجري له عملية”.

حروق غريبة

وبخصوص الحالات التي يتم نقلها إلى المستشفى بعد القصف الإسرائيلي، قال قاماجي إن أكثرهم كانوا أطفالا مصابين بحروق تختلف عن الحالات العادية التي شهدتها في تركيا.

وبيَّن أنه “في حالات الحروق بتركيا كان الجلد يتقشر ويتساقط وأحيانا تصل الحروق إلى العظام، دون أن يصاب الطفل بمشكلة في التنفس”.

واستدرك: “لكن في غزة كان الأطباء يضطرون إلى وضع الأطفال المصابين بحروق على جهاز تنفس اصطناعي، رغم عدم إصابتهم بحروق كبيرة في الوجه”.

وأضاف: “تساءلنا: هل هذه الحالة ناجمة عن استخدام غاز كيميائي؟ ما الذي كان يحرق القصبة الهوائية لدى الأطفال؟”.

واستطرد: “كيف يمكن لشيء لم يحرق شفتي الطفل أن يحرق قصبته الهوائية؟ تبادرت إلى أذهاننا مثل هذه الأسئلة، لكن للأسف لم تتح لنا الفرصة أو الدراسة لإثباتها”.

وأكد قاماجي أنهم كانوا يعطون مسكنات بسيطة لجرحى يعانون من كسور أو لخياطة جروح، وأحيانا لا تتوفر حتى المسكنات ذات التأثير الضئيل.

صمود مدهش

واصفا الأمر بـ”المعجزة”، أعرب الجراح التركي عن دهشته من جرحى لم يشتكوا الألم، وكأنهم غير مصابين بجروح تسبب آلاما كبيرة.

وتابع: “هذه معجزة من الصعب تفسيرها طبيا، ولم أستطع فهمها أو تفسيرها. كان موقفا مثيرا للاهتمام ومعجزة كبيرة”.

وأشاد قاماجي بصمود أهل غزة ومعنوياتهم العالية رغم تعرضهم لـ”الحرب والإبادة والظلم والخسائر والجوع والعطش دون أن يصابوا بالاكتئاب”.

وأكد أن “هذا الصمود يظهر مدى إخلاص سكان غزة لقيمهم المقدسة ووطنهم”.

وختم بأن “إيمانهم قوي، ولم يعتبروا ما تعرضوا له خسارة، بل ثمنا دفعوه في سبيل الله، وهم على يقين من أنهم سيجزون في الآخرة”.

ومنذ 17 عاما، تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية.

وجراء الحرب وقيود إسرائيلية تنتهك القوانين الدولية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي الشمال وغزة، في براثن مجاعة قاتلة وسط شح شديد في إمدادات الدواء والغذاء والماء.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية