صحيفة عبرية: ما سبب “الهلع” الذي يتملك نتنياهو وإسرائيل بانتظار “لاهاي”؟

حجم الخط
0

 قبل بضعة أشهر، طرح عليّ مصدر في واشنطن فكرة أن “اجعلوا بيبي سلوبودان ميلوسيفيتش خاصتكم”. كان ميلوسيفيتش زعيم صربيا القومية، قاد إلى حروب يوغوسلافيا، وإلى إبادة جماعية في صربيا. انتهت حياته في سجن بـ “لاهاي”، متهماً بجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة الجنايات الدولية، أي المؤسسة إياها التي تفكر هذه الأيام بإصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين. لم يقصد المصدر اتهام إسرائيل أو نتنياهو بالإبادة الجماعية أو التمني بتسليمه، نقطته كانت سياسية: قد تلقى على نتنياهو كل أخطاء إسرائيل في الحرب، وهكذا تبدأ مسيرة تنظيفها وتطهيرها من الوصمات التي علقت بها. نعم، إلى هذا وصلنا، بعد بضعة أشهر من هجمات القتل الجماعي في 7 أكتوبر. إن إسرائيل هي التي تمر في ضائقة دبلوماسية عالمية، وتحتاج إلى الإنقاذ.

للأسف، التطورات المحتملة حول محكمة الجنايات تذكر بحروب يوغوسلافيا. فقد سُلم سلوبودان ميلوسيفيتش بعد أن فرضت عقوبات على صربيا. خصمه السياسي الصربي هو الذي قرر تحويله إلى لاهاي، في ظل تجاهل القانون المحلي، “في صالح الدولة”. لدي انطباع بأن نتنياهو يعرض هذا السيناريو. وهو يعيش في ضغط هائل حول إصدار الأوامر. مؤخراً، ضغط نتنياهو بنفسه على جهاز الأمن المرة تلو الأخرى لإدخال مزيد من الغذاء والمساعدات الإنسانية. والادعاء الذي سمع في الساحة السياسية والأمنية هو أن إدخال المساعدات ربما يساعد في تأخير أو منع الأوامر. رئيس الوزراء دفع في الأسبوعين الأخيرين نحو فتح معبر إيرز على عجل. “الرجل إياه الذي ضغط علينا كل الوقت لقصف المعابر إلى قطاع غزة، في بداية الحرب، وقال إنه لم تعد هناك صلة بين غزة وإسرائيل، قال لي مسؤول أمني كبير ما، “هو الذي يطالب الآن بفتح إيرز بأسرع وقت ممكن”.

أمس، عقب ضغط رئيس الوزراء بفتح المعبر؛ وهو مكان ارتكب فيه مخربو حماس قسماً من فظائعهم. ضغط نتنياهو كبير لدرجة أنه يتخذ أعمالاً مشكوكاً في جدواها. في الأيام الأخيرة، توجهت إسرائيل إلى رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة، وإلى سيناتورات بارزين ليتحدثوا مع المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية. هذا إعراب عن عدم ثقة بالإدارة الأمريكية. هذا الأسبوع، نشر أن نتنياهو طلب من عائلات المخطوفين (!) العمل أيضاً ضد الأوامر. وأمس، نشر باراك رابيد في “اكسيوس” أن إسرائيل رفعت رسالة إلى الولايات المتحدة تقول إنه إذا صدرت أوامر في لاهاي فإنها ستعاقب السلطة الفلسطينية وتؤدي إلى انهيارها.

نتنياهو يعرض هذه الأوامر كضرر قومي. هو محق. لكن في الساحة السياسية وكذا في الائتلاف، يتساءلون عما إذا كانت دوافعه مرتبطة أيضاً بمصيرة الشخصي، أو مثلما قال لي مصدر آخر: “إذا صدرت أوامر كهذه، فإن حرية الحركة الدولية لنتنياهو ستوازي حرية حركة فلاديمير بوتين، وهو على ما يبدو يفهم هذا”. يوجد ضد بوتين أمر اعتقال من محكمة الجنايات في لاهاي منذ آذار 2023.

فضلاً عن كل موضوع شخصي، فإن إصدار أوامر اعتقال ضد شخصيات إسرائيلية هو لحظة خطيرة، ليس فقط لهم، ولا لمكانة إسرائيل فحسب، بل أيضاً لجهازها الأمني كله ولجنود الاحتياط الذين يقاتلون وقاتلوا في قطاع غزة، ولفكرة أنه يمكن إدارة الحرب لاحقاً أيضاً. هذا موضوع كان ينبغي معالجته قبل ذلك بكثير؛ فالهلع الذي ألم بنتنياهو مثال جيد على ثقافة “النقص” في إدارته: التجاهل والتأجيل، وبعدها الفزع التام وإطلاق النار بكل المدافع. من الخسارة أنه لم يبذل جهوداً مشابهة في خلق رؤية ما لقطاع غزة بلا حماس أو تجنيد حقيقي للأسرة الدولية لتحرير المخطوفين.

بقلم: نداف ايال

 يديعوت أحرونوت 2/5/2024ش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية