صحيفة إسرائيلية: مصر وتركيا والسعودية.. خارطة سياسية جديدة لمواجهة بايدن بعد قمة “العلا” الخليجية

حجم الخط
4

إن إعلان مصر استئناف العلاقات مع قطر، ينهي النزاع الذي استمر ثلاث سنوات بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى. الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في بداية الشهر بمدينة العلا في السعودية – في عرض العناق الذي تبادله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحاكم قطر الشيخ تميم بن حمد – حظي بمباركة الدول العربية والغرب. وقد رافق إعلان مصر شرح من قبل “مصادر مقربة”، الذي تعهدت قطر –بحسبه- في اللقاء بين ممثلي قطر ومصر، بالتوقف عن التدخل في شؤون مصر الداخلية، وأن تعطي الأوامر لقناة “الجزيرة” بعدم مهاجمة النظام في مصر. وقد نفت قطر أن كان هناك لقاء كهذا، لكنها لم تنف التعهدات.

لم يكشف أي طرف حتى الآن تفاصيل التفاهمات والتعهدات التي أخذتها قطر على عاتقها. وليس معروفاً ما قصدته مصر بقولها إن قطر وافقت على عدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقد حدث شرخ عميق بين الدولتين منذ العام 2013 عندما عزل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سلفه فسجن محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين. وبهذا، حصل على وابل من الانتقاد والإدانة، سواء من قطر أو من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعتبر نظام السياسي حتى الآن نظاماً عسكرياً ديكتاتورياً اختطف الحكم تحت جنح الظلام.

لم يكشف أي طرف حتى الآن تفاصيل التفاهمات والتعهدات التي أخذتها قطر على عاتقها

إن حساب مصر مع قناة “الجزيرة” أطول من ذلك؛ فقد بدأ في فترة حسني مبارك الذي تلقى انتقاداً شديداً من القناة القطرية، وضمن ذلك كشوفات مدوية عن عمق الفساد في نظامه. عارضت مصر اتفاق المصالحة بين السعودية وقطر، ومثلها الإمارات أيضاً. ولكن ضغط السعودية تغلب. للسعودية اعتبارات ومصالح خاصة بها، خصوصاً أمام إدارة بايدن الجديدة. وهي تأمل تحويل الاتفاق مع قطر إلى رافعة إصلاح لعلاقتها مع واشنطن. لم تستطع مصر تخريب خطوة السعودية، لكنها تظهر عدم الرضى وتكتفي بوضع مستوى العلاقة بينها وبين قطر بمستوى القائم بأعمال السفير فقط. وحذرت مصر أيضاً من أن “سلوك قطر سيتم اختباره حسب أفعالها وليس حسب بياناتها”، وهي الصيغة المعروفة لوصف التشكك والبرود السائد بينهما.

         تنتظر مصر رؤية ما إذا كانت قطر ستتنازل عن دعم حركة الإخوان المسلمين، وتبعد قادة الحركة من أراضيها، ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي، وأن تنضم إلى حربها ضد الحركة. ولا يقل عن ذلك أهمية في نظر مصر، سلوكها في الأزمة الليبية التي دمجت فيها قطر قواتها مع تركيا في دعمهما العسكري للحكومة المعترف بها. كل ذلك مقابل مصر والإمارات والسعودية وروسيا وفرنسا التي تؤيد الجنرال الانفصالي خليفة حفتر. في الوقت نفسه، يعمل في قطر أكثر من 350 ألف عامل مصري، يضخون عشرات ملايين الدولارات سنوياً لعائلاتهم في مصر. وتتوقع مصر الآن أن تفتح قطر أبوابها مرة أخرى أمام عشرات آلاف العمال المصريين، وبذلك تخفض ولو قليلاً نسبة البطالة المرتفعة في مصر.

تأتي المصالحة مع قطر في الوقت الذي بدأ فيه التضامن بالتصدع؛ فبين مصر والإمارات خلاف يتطور حول الأزمة الليبية. وبدأت مصر في إظهار مرونة أكثر تجاه النظام الليبي. وفي المقابل، تتمسك أبو ظبي بسياسة عسكرية متشددة ضد الحكومة – الموقف الذي حسب رأي مصر يمكن أن يمس بجهودها للدفاع عن حدودها الغربية مع ليبيا. خاب أمل مصر من الإمارات أيضاً لأن الأخيرة لم تستخدم ثقلها على إثيوبيا كي تؤجل ملء سد النهضة، الذي تقوم إثيوبيا ببنائه على النيل وتعتبره مصر تهديداً لوجودها. وأيضاً لأنه لم يتم إشراكها في التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل. في المقابل، تفاجأت الإمارات من الاتصالات بين مصر وتركيا حول ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية في البحر المتوسط، ومن الاتفاق الذي وقعته تركيا مع ليبيا، وهو اتفاق قد يمس بمسار تصدير الغاز من مصر إلى أوروبا.

مؤخراً، أسمع زعماء في تركيا ومصر تصريحات جديدة، فيها ما يشير إلى نية الحوار، وربما حتى استئناف العلاقات السياسية. في كانون الأول الماضي قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بأنه “يوجد تعاون استخباري بين تركيا ومصر، وهناك اتصالات بين وزارات الخارجية في الدولتين”. وأوضح أوغلو بأن مصر وتركيا تعكفان على رسم خارطة طريق لإصلاح العلاقات. والإمارات معنية باستئناف العلاقات مع تركيا، لكنها تهتم بأن يقوموا هم أنفسهم بإملاء القواعد. وثمة تخوف من أن أي “مبادرة خاصة” لمصر أمام تركيا قد تمس بخططهم.

مصر والسعودية وتركيا تنتظر بيقظة وخوف ما سيقوله الرئيس الأمريكي بايدن

مصر والسعودية وتركيا تنتظر بيقظة وخوف ما سيقوله الرئيس الأمريكي بايدن. فوق رؤوس هذه الدول يحوم سيف التهديد بالمقاطعة: السعودية بسبب الحرب في اليمن وقضية قتل الصحافي جمال خاشقجي؛ وتركيا بسبب شراء الصواريخ المضادة للطائرات من روسيا والتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط؛ ومصر بسبب المس الواسع بحقوق الإنسان. جهود التقارب بينها وبين تركيا يجب رؤيتها في هذا السياق، ويبدو أن هذه الدول الثلاث تنوي طرح خارطة سياسية جديدة أمام بايدن، وستكون تركيا –بحسبها- جزءاً من الحلف الجديد، وستكون اتفاقات التطبيع مع إسرائيل مثابة عائق أمام العقوبات، واستهدفت المصالحة بين دول الخليج وقطر إقامة سور ضد أي انزلاق مؤيد لإيران يمكن أن يقوم به بايدن.

بقلمتسفي برئيل

 هآرتس 25/1/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بيبرس:

    وهل تصمد السعوديه بدون حمايه امريكيه
    اسرائيل هل هيه دوله قابله للحياه بدون رعايه امريكيه
    اما تركيا فاهيه الدوله الوحيده التى تحمى نفسها ولا تحتاج لامريكا فى شئ على العكس امريكا تعطل وتتامر على تركيا
    فالقصه فلم الهدف منه دمج اسرائيل فى المنطقه واعطاءها دور بطولى .

  2. يقول مجد الله:

    قامت في الوطن العربي دول وكيانات سياسية خاضعة بطريقة أو بأخرى لمعادلات دولية لا تمت إلى مصلحة العرب بوصفهم مجموعة لها تركيبتها الثقافية والاجتماعية بأية صلة، وأن الاستبداد والنموذج القبلي للدولة وما يترتب على ذلك من فساد وتخلف هو الغالب على هذه الدول أو الكيانات. ولعل مسرحية (كاسك يا وطن) للثنائي محمد الماغوط ودريد لحام، كانت من ضمن صعقات أحضرتنا من سماء عالم الأحلام الجميلة، إلى أرض الحقائق والوقائع المريرة. تريدون وحدة عربية من المحيط إلى الخليج، لا شيء حاليا سوى أن نبتهل إلى الله أن يؤلف بين قلوبنا التي تسكنها بقليل أو كثير الضغائن والأطماع والأنانية.

  3. يقول رائد البحري - داكار:

    تستطيع السعودية وتركيا (وضمنا ملحقاتهما من الدول) لو اتحدتا معا في وجه بايدن أن تكف يد بايدن عن التأثير في الشرق الأوسط بنسبة كبيرة جدا
    السؤال: متى تستيقظ هاتان الدولتان الأكبر تأثيرا في العالمين العربي والإسلامي؟ ويضعان أيديهما في أيدي بعض؟

  4. يقول صفي الدين لبات مبارك - موريتانيا:

    يقيني أن الرباعي ،تركيا و السعودية و مصر و قطر ، هذا الرباعي أن وحد جهوده و أزال خلافاته…لن يستطيع ،لا بايدن و لا بوتين و لا نتن ياهو …الوقوف في وجهه،و سيعم الرخاء و الاستقرار الشرق الأوسط و افريقيا الشمالية الشرقية.

إشترك في قائمتنا البريدية