شبح الجفاف يتربص بتونس

حجم الخط
2

تونس- يسرى ونّاس:
بداية فصل الشتاء لهذا العام في تونس كانت “استثنائية” في ظل انخفاض معدلات تساقط الأمطار وارتفاع متواصل لدرجات الحرارة خلال الأشهر الماضية.
تلك التغيرات المناخية باتت ننذر بحالة طوارئ مائية وتدق ناقوس الخطر مهددة بالجفاف ونقص منسوب الموارد المائية في حال تواصل غياب الأمطار.
وعن معدلاته الطبيعية انخفض منسوب المياه في السدود، ومع صور متداولة لتشقق جانب من بعض السدود الخاوية من فرط الجفاف تتصاعد مخاوف من أزمة مائية قد تهدد تونس.

وضع صعب جدا

واصفا الوضع بأنه “صعب جدا”، صرح مدير عام مكتب التخطيط والتوازنات المائية بوزارة الفلاحة (الزراعة) حمادي الحبيب في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بأن نسبة امتلاء السدود في تونس (آنذاك) لا تتجاوز 25.5 بالمئة.
وأفاد في حديثه للتلفزيون الرسمي، بأن كميات المياه الموجود في السدود “قليلة جدا”، حيث تقدر بحوالي 660 مليون متر مكعب.
الحبيب عزا هذا التراجع في احتياطيات السدود إلى التغيرات المناخية وسنوات الجفاف الثلاث (الماضية) التي مرت بها تونس.
وأوضح أن الأولية تتمثل في توفير مياه الشرب ثم الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة وأخيرا الخضروات، وجدد دعوته للمزارعين إلى استعمال زراعات تتفاعل مع التغيرات المناخية ولا تتطلب مياها كثيرة.
وبحسب المعهد الوطني للرصد الجوي، فإن نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي احتل المركز الثالث لأشهر نوفمبر الأشد حرارة في تونس منذ عام 1950، وتجاوز فيه متوسط درجات الحرارة المعدل المرجعي بمقدار 1.5+ درجة.
ورغم هطول بعض الأمطار المتفرقة مع بداية يناير/ كانون الثاني الجاري إلا أنها تظل غير كافية، كما أن مستويات الحرارة تتراوح بين 16 و20 درجة هذه الأيام.

حالة طوارئ مائيّة

المهندس البيئي المختص في الشأن المناخي حمدي حشاد، اعتبر أن “تونس تعيش هذه السنة حالة طوارئ مائية نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري والتراجع في كميات التساقطات التي تعودنا تسجيلها في مثل هذه الفترة”.
حشاد أضاف أن “نسبة امتلاء السدود إلى حدود اللحظة قُدرت بـ27 بالمئة مسجلة نقصا كبيرا مقارنة بالسنوات الفارطة، ما يحيلنا إلى اختلال وعدم استقرار مائي”.
وتابع أن “أنشطة اقتصادية مهددة، وبعض الإدارات المحلية التابعة لوزارة الفلاحة أصدرت نشرات تلزمهم (المزارعين) بعدم زراعة بعض الغرسات التي تتطلب مياها سقوية”.
و”يوجد مشكل كبير في مجال المياه وتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية، والحكومة لم تتخذ تدابير استعجالية للتعامل مع الوضع، ويجب أن تكون هناك مراجعة ورؤية أشمل لحوكمة المياه”، بحسب حشاد.
واعتبر أن “تونس تعيش حالة فقر وحالة طوارئ مائية، ذلك أن بعض السدود جفت تماما وأخرى في مستويات حرجة، فيما لا تتجاوز طاقة استيعاب البعض الآخر منها 50 بالمئة”.
ولم يخف أمله في أن “تبتعد تونس قليلا عن الأزمة بإمكانية تسجيل تساقطات للأمطار خلال 4 أشهر قابلة لذلك”.

أزمات اجتماعية

وفق حشاد فإن “المجتمع التونسي فلاحي بامتياز، والتراجع في كميات الأمطار قد يؤدّي إلى تراجع في الصادرات وبالتالي اختلال اقتصادي وأزمات اجتماعية”.
وبالأساس تعاني تونس منذ فترة أزمة اقتصادية زادتها تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط الماضي، فضلا عن استقطاب داخلي حاد جراء أزمة سياسية.
وحذر حشاد من “سيناريوهات مخيفة ربما تهدد الاقتصاد التونسي، وهذا الأمر منوط بيد الحكومة لمحاولة السيطرة عليه، فالمياه تعني الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتراجعها يجعلنا أمام مشكل جدي للغاية”.
و”يجب أن تعتني الحكومة بصيانة المنشآت المائية، فأكثر من 50 ألف كيلومتر من قنوات تصريف المياه للسدود تحتاج صيانة، كما تُهدر كميات كبيرة من المياه قبل أن تصل إلى وجهتها”، بحسب حشاد.
وشدد على أنه “لابد من القيام بمراجعات أخلاقية للتصرف في مجال المياه فنسبة المسابح الخاصة تتطور بامتياز ولا يدفع أصحابها أي ضرائب”.
كما أفاد بأن “زراعات الزينة تستعمل كميات هامة من المياه، ويجب مراجعة هذه التصرفات العشوائية لبعض الأوساط النخبوية”، على حد قوله.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الكريم البيضاوي:

    لماذا يحتل تصدير المواد الفلاحية المكانة البارزة في اقتصاديات دول شمال افريقيا مثلا ؟ هذا القطاع الذي يستهلك مياها كثيرة مع العلم أن بعض الدول الغربية أصبحت اليوم تنتج خضروات عديدة كالطماطم والفلفل والخيار مثلا دون الحاجة للري بالمرة. يكفي أحواضا بها سوائل تتغذى عليها النبتة كي تنمو, حتى التربة لاوجود لها , بالعين المجردة يرى المرء جذور النبتة معومة في هذه السوائل. هولندا وبلجيكا من أكبر المصدرين لهذه الخضروات في أوروبا.

    لكن ماهو أفضل وأجدى – برأيي – هو فقط تقليد بعض دول آسيا. البدء بتصنيع آلات بسيطة ” التقليد ” فقط. تفكيك آلات ربما منزلية أو غيرها ثم تصنيع وتركيب شبيهاتها بأشكال مختلفة ومحاولة إيجاد أسواق لها داخلية وخارجية, يد العمل رخيصة , حتى حقوق العمل النقابية تساعد ثم وفرة كفاءات كبيرة متعلمة عاطلة.
    إعادة التفكير والتشجيع هو مايلزم.

  2. يقول منير:

    الحاجة ام الاختراع

إشترك في قائمتنا البريدية