رفح بين القلق من دعوات الإخلاء الإسرائيلية والتفاؤل الحذر بوقف لإطلاق النار

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة – «القدس العربي»: عاش سكان رفح، أمس الإثنين، مشاعر متضاربة بين التفاؤل الحذر بوقف، ولو مؤقت، للحرب، عقب موافقة حركة «حماس» على اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى، والخوف والقلق بعد طلب جيش الاحتلال منهم إخلاء شرق المدينة.
واستفاق السكان على تهديدات بالطلب منهم بإخلاء المناطق الشرقية من مدينة رفح، والنزوح إلى مدينة خان يونس المجاورة لها من الجهة الشمالية.
ودعا الجيش الإسرائيلي في بيان «السكان المدنيين» إلى «الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح الى المنطقة الإنسانية الموسّعة»، حسب مزاعمه.
وأدعى أنه قام بتوسعة «المنطقة الإنسانية في المواصي» الواقعة الى شمال غرب مدينة رفح والتي «تشمل مستشفيات ميدانية وخيماً وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات».
وردا على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، قال متحدث عسكري إسرائيلي «التقديرات هي نحو 100 ألف». وأكد أن الإخلاء «عملية محدودة النطاق».
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني لوكالة «فرانس برس» إن «المربّعات المطلوب إخلاؤها يوجد فيها حاليا 250 ألف شخص»، موضحا أنها تشمل «أكثر من ثلث المحافظة».

«قوة شديدة»

واشتملت أوامر الإخلاء بلدة الشوكة وأحياء السلام والجنينة وتية زارع والبيوك، وكذلك الأحياء (10، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 28، و270».
وجاء في منشور جيش الاحتلال الملقى من الطائرات والذي نشره على مواقعه الخاصة، إنه سيعمل «بقوة شديدة» في تلك المناطق، كما فعل حتى الآن، وكان بذلك يهدد السكان بعملية برية على غرار تلك التي نفذها سابقا في مناطق أخرى في القطاع.
وحذر سكان القطاع من التوجه إلى مدينة غزة والشمال، وقال إنها لا تزال تعتبر منطقة عمليات عسكرية خطيرة، كما حذر المواطنين من الذهاب إلى الحدود الشرقية للمدينة التي تجاور المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، أو الحدود الجنوبية لمدينة رفح مع مصر.
وهدد بأنه سيواصل العمل لـ «تحقيق أهداف الحرب»، ومنها تفكيك «حماس» وإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة. جاء ذلك من خلال منشورات ألقتها طائرات إسرائيلية على تلك المناطق، ومن خلال إرسال رسائل مكتوبة على الهواتف النقالة لسكان رفح، هددهم الجيش خلالها بترك المناطق الشرقية في المدينة.
والمناطق التي جرى الطلب من سكانها بإخلائها تحت التهديد تضم أحياء سكنية فيها كثافة سكانية كبيرة، خاصة وأن مدينة رفح باتت أكبر مدينة في القطاع يعيش فيها السكان، بعد أن نزح إليها أكثر من نصف سكان القطاع بسبب الحرب، وكان جيش الاحتلال يطلب من سكان المناطق التي يقوم بمهاجمتها برا كغزة والشمال ووسط القطاع وخان يونس بالذهاب إلى المدينة، باعتبارها منطقة «عمليات إنسانية»، وهو ما أدى إلى تكدس كبير للنازحين الذين يقيمون إما في خيام مقامة في مناطق كثيرة في المدينة، أو في «مراكز إيواء» .
وبين ليلة وضحاها تغيرت أحوال السكان في المدينة، خاصة سكان تلك المناطق المهددة، سيما وأن جيش الاحتلال طلب منهم النزوح إلى مدينة خان يونس المدمرة، والتي كان الاحتلال قد انسحب منها قبل نحو شهر، بعد عملية برية دمرت كل أركان المدينة، وفي ظل بدء ارتفاع درجات الحرارة، حيث يصعب أكثر السكن في الخيام البلاستيكية.
كما أن المنطقة التي طلب من سكان رفح النزوح إليها، لا تتسع لنصب خيام لكل هذه الأعداد الكبيرة من السكان، خاصة وأنها أيضا تعج بأعداد كبيرة من النازحين من مدينة غزة وشمالها، ومن أحياء مدينة خان يونس المدمرة.
وجاء هذا الطلب بعد فترة طويلة من التهديدات الإسرائيلية ضد المدينة، والتي توعد فيها قادة الاحتلال بالدخول إلى رفح وتنفيذ عملية برية، رغم التحذيرات الدولية بأن هذا الأمر من شأنه أن يخلف مجازر أكثر دموية من تلك التي نفذت خلال فترة الحرب السابقة، بسبب الكثافة السكانية العالية في رفح، والتي يقيم فيها نحو 1.4 مليون نسمة.
وحسب الخريطة التي وزعها جيش الاحتلال، فإن المناطق المهددة بالنزوح تضم مشفى أبو يوسف النجار، المشفى الرئيس في المدينة، والواقع في حي الجنينة شرقي المدينة، وكذلك من ضمن المناطق التي طالب بإخلائها جيش الاحتلال منطقة معبر رفح البري على الحدود مع مصر، وهو المعبر الذي تمر منه شاحنات المساعدات لقطاع غزة، وقد سبق جيش الاحتلال وأن أعلن الأحد عن إغلاق معبر كرم أبو سالم، الذي يقع أيضا في منطقة العمليات العسكرية، والذي تمر منه أيضا مساعدات غذائية وإنسانية لسكان القطاع. وقام بعض العائلات القاطنة في تلك المناطق بإخلاء مناطق سكنها، وتوجه بعضها الى غرب المدينة، وأخرى إلى مناطق في مدينة خان يونس، ومن المتوقع ان تزداد عمليات النزوح خلال الساعات واليومين المقبلين.
وعادة تقوم قوات الاحتلال بشن غارات عنيفة ودامية على المناطق المهددة بالإخلاء، لإجبار سكانها على الرحيل القسري.
هذا واستبقت قوات جيش الاحتلال تحذيرات إخلاء شرق رفح، ونفذت عدة غارات جوية دامية، طالبت 11 منزلا في تلك المناطق، أسفرت عن وقوع عشرات الضحايا.
وهناك خشية في مدينة رفح من أن تتسع العملية البرية لجيش الاحتلال، في حال امتدت إلى مناطق أعمق في المدينة، بعد دخول جيش الاحتلال الى تلك الأحياء السكنية الواقعة في الشرق، على غرار ما قام به في أوقات سابقة من الحرب، حيث نفذ عملية اجتياح لمدينة غزة وشمالها. وكذلك على غرار العملية العسكرية البرية الكبيرة التي استهدفت مدينة خان يونس من قبل، والتي بدأت بأطرافها الشرقية، وثم وصلت إلى وسط المدينة، قبل أن تجتاح قوات الاحتلال غالبية المناطق، بعد أن وصلت إلى غرب خان يونس، خاصة وأن جيش الاحتلال لم يطلب من سكان المناطق الشرقية لرفح الذهاب صوب المناطق الغربية منها. مع ذلك، فقد أكدت حركة «حماس» أن «أي عملية عسكرية في رفح لن تكون نزهةً لجيش الاحتلال الفاشي، وأن مقاومتنا الباسلة وعلى رأسها كتائب القسّام، على أتَمِّ الاستعداد للدفاع عن شعبنا ودحر هذا العدو وإجهاض مخططاته وإفشال أهدافه».
وقالت في بيان لها: إن الخطوات التي يتّخذها جيش الاحتلال الإرهابي، تحضيراً للهجوم على مدينة رفح المكتظة بقرابة المليون ونصف المليون من المواطنين والنازحين، وإنذاره السكان بإخلاء المناطق الشرقية منها، وسط قصف جوي ومدفعي متواصل، خلَّف مجازر في المدنيين الأبرياء؛ هو جريمة صهيونية.
وأضافت أن هذه الجريمة تؤكّد إصرار حكومة الإرهابي نتنياهو على المضي في حرب الإبادة ضد شعبنا، مدفوعاً بحساباته السياسية المرتكزة على التهرُّب من استحقاقات أي اتفاق يُنهي العدوان، دون اكتراث للكارثة الإنسانية المتواصلة في القطاع، أو لمصير أسرى العدو في غزة.
ودعت المجتمع الدولي للتحرُّك العاجل لوقف هذه الجريمة، التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ.
كما دعت المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة «الأونروا»، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها، أو الرضوخ لإرادة الاحتلال الفاشي، واستمرار القيام بدورها في تقديم العون للنازحين المدنيين العزل، الذين يتعرّضون لأبشع الجرائم بفعل آلة القتل الصهيونية، المدعومة بلا حدود من الإدارة الأمريكية الشريكة في حرب الإبادة.
كما اعتبر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف ، أن المطالبة بإخلاء مناطق في شرقي رفح «استمرار لنهج الجرائم والإبادة الصهيونية» ضد الشعب الفلسطيني. وقال في بيان إن «إعلان جيش الاحتلال عن أن مناطق شرق رفح أنها خطرة ويجب إخلاؤها من السكان، يؤكد النية المسبقة لشن عدوان على المدينة ويتوافق مع التصريحات المعلنة من رئيس حكومة الاحتلال». وأضاف أن هذا الإعلان «يدلل أن الاحتلال ذهب إلى مفاوضات التهدئة في القاهرة مخادعا دون التخلي عن فكرة العدوان الواسع على رفح». وتابع: «نؤكد أن عدوان الاحتلال لم يتوقف لحظة في كل مناطق قطاع غزة، وحتى رفح لم تسلم طوال الفترة الماضية من عمليات القصف والتدمير». ورأى أن «إعلان اليوم (أمس) يأتي استمرارا لنهج الجرائم والإبادة الصهيونية ضد شعبنا، ويهدد حياة 1.5 مليون فلسطيني يتواجدون بالمدينة، رغم كل التحذيرات الدولية والإنسانية لمخاطر أي عدوان بري على رفح». وأشار إلى رصد تجاوب محدود من المواطنين مع أوامر الإخلاء الإسرائيلية. وأكد أن المؤسسات الحيوية شرقي رفح مازالت تعمل كالمعتاد، وفي مقدمتها معبر رفح البري ومستشفى أبو يوسف النجار.
وشدد على «رفض مزاعم الاحتلال بربط هذا الإعلان بخصوص رفح بعملية المقاومة (أول أمس الأحد) في موقع كرم أبو سالم العسكري»، لافتا إلى أن «العدوان على رفح مستمر منذ اليوم الأول لجريمة الإبادة حيث ارتقى في المدينة نحو ألفي شهيد». واعتبر أن «هذا الإعلان هو اختبار حقيقي لجدية المواقف الدولية المحذرة والرافضة لأي عدوان بري على رفح، ويضع مصداقية كل الجهات التي أعلنت مواقف رافضة للعدوان على المدينة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية على المحك».

مقتل 4 جنود إسرائيليين

وفي سياق قريب، تواصل الكشف عن معلومات حول مقتل جنود إسرائيليين في قصف صاروخي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد منطقة كرم أبو سالم، حيث أعلن جيش الاحتلال عن مقتل جندي رابع متأثر بإصابته.
وذكرت تقارير عبرية أن جيش الاحتلال فتح تحقيقًا في سبب عدم انطلاق أي صواريخ من منظومة «القبة الحديدية» لاعتراض صواريخ «القسّام» التي استهدفت موقع كرم أبو سالم العسكري شرق رفح.
وحسب التحقيقات الأولية، فإن ️المعلومات أظهرت سقوط قذيفتين داخل خيمة لتجمع الجنود ما أوقع قتلى وجرحى، حيث تزامن هذا الأمر مع استهداف معسكر «أميتاي» القريب، مما أدى إلى قطع التيار الكهربائي، وكذلك استهداف منزل في كيبوتس كرم أبو سالم، وهو ما أوقع أضرارا مادية، وذلك في وقت جرى فيه استهداف موقع «صوفا» العسكري بالصواريخ ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية