رضوان نويصر الخبير المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان: هناك فظائع تحدث في دارفور وتم التثبت من ذلك

حاورته: ميعاد مبارك
حجم الخط
0

قال الخبير المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر لـ«القدس العربي» إن هناك انقسامات داخل مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان بشأن الوضع في السودان.
في وقت رسم صورة قاتمة لأوضاع حقوق الإنسان التي قال إنها تدهورت بشكل كبير في أعقاب الحرب، خاصة في إقليم دارفور، غربي البلاد، وقال «إن هناك فظائع تحدث في دارفور وتم التثبت من ذلك» لافتاً إلى وجود بعض الاتصالات مع السلطات السودانية، لكنه أوضح أن تركيزهم ينصب على وقف الحرب.
وأضاف أنه من المنتظر تقديم تقرير شفوي لمجلس حقوق الإنسان حول تطورات حقوق الإنسان في السودان في أيلول/سبتمبر المقبل، ثم في شهر آذار/مارس من العام المقبل سيكون هناك تقرير كتابي مفصل حول أوضاع حقوق الإنسان.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر ترك، تعيين التونسي، رضوان نويصر، كخبير له بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان، خلفاً لأداما دينغ الذي استقال من المنصب. وفي ما يأتي نص الحوار.

○ بداية، ما هو تقييمكم لأوضاع حقوق الإنسان في السودان؟
• كان الوضع في السودان صعباً قبل حدوث اشتباكات 15 نيسان/أبريل الماضي وكنا في نقاش متواصل مع السلطات السودانية حول تحسين أوضاع حقوق الإنسان وكانت لديهم قائمة طلبات وواجبات. كنا نتقدم مثل السلحفاة رويدا رويدا، لكن كان هناك تقدم. كان يبدو لنا أن هناك اتفاقا حول تسليم السلطة للمدنيين وحول اتخاذ إجراءات سريعة للتعامل مع حدوث بعض الانتهاكات واستعمال العنف الشديد مع المتظاهرين وقانون الطوارئ، غير المطابق للقوانين الدولية التي سبق ووقعها السودان، وحول الإدلاء بخطاب واضح وصريح حول عدم التسامح حول العنف ضد النساء، لكن مع الأسف استفقنا في منتصف نيسان/أبريل الماضي على أصوات الحرب والمدافع والعنف.
○ وبعد اندلاع الحرب؟
• بعد 15 نيسان/أبريل، تدهورت الأوضاع الإنسانية في السودان، اجتمع مجلس حقوق الإنسان في 11 أيار/مايو، بعد معاناة شديدة لأن دولا عديدة لم تكن موافقة على دعم وظيفة الخبير المعني بالسودان ولا في إعطاء وظائف أكثر ودعم عمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الدول العربية عن بكرة أبيها كانت غير موافقة، مبررة ذلك بعدم احترام سيادة السودان. وكأن مسألة الدفاع عن حقوق الإنسان صار فيها مس بالسيادة، العديد من الدول الأفريقية كذلك اتجهت في ذات الاتجاه لم توافق على توسيع مهام الخبير المعني بحقوق الإنسان في السودان. الانتهاكات أصبحت أكثر بكثير من السابق خاصة الخسائر البشرية، وعمليات النزوح. الذين نزحوا منذ 15 نيسان/ابريل إلى أواخر حزيران/يونيو يعادل عدد النازحين خلال السنوات العشر الماضية. نزوح داخلي وأكثر 730 ألف لاجئ إلى الدول المجاورة في مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وليبيا.
بالإضافة إلى من نسمع انهم قتلوا أو نهبت بيوتهم أو نزحوا داخل البلاد أو خارجها، الذين لا نتحدث عنهم بما فيه الكفاية هم الملايين الذين بقيوا في بيوتهم لا يقدرون على التحرك بسبب عدم وجود أمان ومحرومين من الأكل والماء والدواء ووسائل الاتصال وان الإغاثة الإنسانية لا تصلهم لأنهم محتجزين في بيوتهم. وضع أليم وصعب كارثي، ونأمل أن تعود الحكمة للقادة والإسراع بالخصوص لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية تسير مرحلة انتقالية غير طويلة وتذهب نحو إعادة الإعمار والبناء خاصة الإعداد لإجراء انتخابات نزيهة وحرة لكل السودانيين.
○ كيف تقيمون الأوضاع في إقليم دارفور؟
• في دارفور كانت واحدة من مخاوفنا أن يمتد الأمر من مشكلات بين الأطراف العسكرية إلى مشكلات قبلية وعنصرية وهذا ما حدث هناك. والأخبار غير مطمئنة تماما. من المؤسف أن الإغاثة الإنسانية لا تستطيع أن تسلم الإعانة لكل السودانيين المحتاجين لعدم وجود أمان في الشارع السوداني، في دارفور وكذلك في الخرطوم ومناطق أخرى. هناك فظائع مؤلمة تحدث في دارفور وتم دفن 87 شخصاً جماعيا وتم التثبت من ذلك. كانت عملية إجرامية واضحة وعدم احترام لأبسط حقوق الإنسان، احترام الحق في الدفن. نخاف من تطورات هذه الأعمال، لأن المشاكل القبلية والإثنية ليست موجودة في غرب دارفور فقط وإنما في عموم دارفور وقبائل أخرى، وهناك كذلك، امكانية أن تمر عبر الحدود إلى مناطق أخرى نظرا إلى الاضطراب القبلي والإثني والتاريخي في كل تلك الدول.
○ ما هي أبرز التحديات التي تواجه عملكم في السودان؟
• هناك تحديات عديدة تواجه عملنا بسبب عدم توافر الأمن، في العديد من مناطق السودان، تم تقريبا إجلاء كل أعوان الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية إلى مناطق أخرى في السودان أو دول أخرى. لكن ما تزال لدينا امكانية التواصل والرصد والمراقبة، لدينا زملاء سودانيون داخل البلد يمدوننا بالمعلومات حول ما يحدث.
○ هناك انتهاكات حدثت للاجئين وهم في طريقهم إلى خارج السودان؟
• حدث عند هروب العديد من العائلات والأشخاص من غرب دارفور إلى أدري في تشاد صار منع العديد منهم من الوصول إلى مصحة أو الحصول على الدواء أو الرعاية الصحية وهناك من قتل في الطريق.
○ هل تقومون بالتنسيق مع السلطات في تلك الدول للوقوف على أوضاع اللاجئين؟
• لدينا زملاء في الحدود وفي منظمات إنسانية قريبة، مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتواصل مع السلطات وتمدنا بالمعلومات بخصوص الوضع هناك. هناك مشاكل دخول على الحدود مع مصر تتعلق بتعطيل الدخول والبقاء في مدينة وادي حلفا الحدودية لوقت طويل للحصول على رخصة أمنية للدخول، كما تجدر الإشارة إلى الإمكانيات المحدودة لمصر. الأمم المتحدة نفسها ليست لديها الإمكانات التي تغطي كل حاجيات هؤلاء الأشخاص، لكن على الأقل هناك إمكانية مدهم بالماء وبعض المساعدات والإغاثة وكونهم وصلوا بأنفسهم بأمان أكثر من البقاء.
○ هناك حديث عن رفض السلطات المصرية السماح بفتح معسكرات مؤقتة على الحدود للعالقين هناك في ظروف صعبة؟
• لقد عملت على قضايا اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة سنوات طويلة، وأؤكد لك أنه من الصعوبة أن تقبل دولة عربية بوجود مخيمات لاجئين على أراضيها.
○ لماذا؟
• ما حصل للفلسطينيين في الأربعينيات، وما أصبح هاجسا أمنيا متعلقا بتوطين وبقاء مطول، لذلك يختارون غالبا أن يندمج اللاجئون، وعندما تنظر إلى سوريا وصلها الملايين من اللاجئين العراقيين في العام 2003 والدول المجاورة لسوريا الأردن ولبنان وغيرها وصلها الملايين من السوريين عندما اندلعت الأحداث في سوريا عام 2011 لكن لم يبق أحد في مخيم خاص كذلك في تونس عندما حدثت أحداث ليبيا كان هناك مخيم صغير لفترة ثم اندمجوا هناك وهكذا.
○ هل لديكم تواصل مع الحكومة السودانية؟
• نحن نحاول لكن الاتجاه والضغط كله حول إنهاء الحرب.
○ ولا حتى مندوب السودان في الأمم المتحدة؟
• هناك تواصل على المستوى الدبلوماسي والتقيت مندوب السودان في جنيف في حزيران/يونيو الماضي، لكن في حالة الحرب عملية تحسين أوضاع حقوق الإنسان تدهورت وأصبحت المشاكل والانتهاكات أكبر. في حالة الحرب والعنف تصبح قضايا حقوق الإنسان في آخر سلم أولويات الدول.
○ الأمم المتحدة طالبت الأطراف المتقاتلة في السودان بحماية المدنيين هل تلقيتم وعوداً في الصدد؟
• لقد تلقينا وعوداً واضحة وجلية بخصوص حماية المدنيين وجرى سابقا نقاش متواصل حول قانون الطوارئ، وتم تكوين لجنة خاصة للنظر في هذا القانون الذي يعطي لوالي الولاية سلطات غير معقولة لسجن المواطنين لستة أشهر مع امكانية التجديد بدون حسيب ولا رقيب.
○ هل سيتم تقديم تقرير عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان قريبا؟
• من المفترض أن يتم تقديم تقرير شفوي لمجلس حقوق الإنسان حول تطورات حقوق الإنسان في السودان في أيلول/سبتمبر المقبل. ثم في شهر آذار/مارس من العام المقبل سيكون هناك تقرير كتابي مفصل حول أوضاع حقوق الإنسان. لكن أملنا ودعائنا اليومي ان تنجلي هذه الغمة وهذه السحابة في أقرب وقت حتى يعود بعض الأمان للسودان وتتم محاسبة كل من قام بانتهاك واضح وجلي لحقوق الإنسان. لكن بصراحة ما زلنا بعيدين الآن إلى حد ما، حتى الآن هناك مناقشات سياسية على مستوى معين خاصة في المملكة العربية السعودية وهناك محاولات عديدة من وراء الستار تسعى لإنهاء الصراع في السودان وتنهي العنف والحرب لكن لا يوجد بصيص للنور واضح وجلي حول تقدم فعلي في هذه المناقشات لكن الأمل يبقى قائم لأنه بدون أمل لا يمكن أن نمضي للأمام.
○ دخلت حرب السودان شهرها الرابع في ظل استمرار الانتهاكات، إذا استمر الأمر على هذه الوتيرة، ما هي الآليات التي يمكن أن تستخدمها الأمم المتحدة في الصدد؟
• كنا نتمنى منذ البداية أن يكون لمجلس الأمن موقف واضح وجلي ويوفر الضغط الكافي على السلطات حتى تنتهي هذه الحرب، لكن هناك انقسامات داخل مجلس الأمن وهذا واضح مثل الانقسامات الموجودة في مجلس حقوق الإنسان، لا يوجد وفاق واضح وجلي باتجاه دعم وتحسين وضعية حقوق الإنسان، وهذا وضع جيوسياسي ليست لنا أي سلطة أو مقدرة على تغييره إلا بالنقاش والمحادثات. أنا أقدم تقريري للمفوض السامي وهو ينظر فيه، الذي نجمعه من كل ما يصلنا من معلومات، بعد التأكد من مصداقيتها والذي يعمل عليه بدوره ويقدمه لمجلس حقوق الإنسان، الذي من المعلوم أن السودان عضو فيه، منذ سنوات عديدة ولكن في نفس الوقت السودان تحت على خريطة أجندة حقوق الإنسان منذ ثلاثة عقود متواصلة بدون انقطاع. يجب احترام التزامات الدول الأعضاء بتحسين أوضاع حقوق الإنسان لكن مع الأسف هناك أمور داخلية أثرت على ذلك.
○ في حال تواصلت الانتهاكات وعدم إيفاء الأطراف العسكرية المتقاتلة بالتزاماتها بحماية المدنيين، ما هي التوصيات التي يمكن أن يتقدم بها مجلس حقوق الإنسان في السودان؟
• نحن مثلا المدعي العام للجنائية الدولية أعطانا خبر جيد بأنه بدأ في التحقيق في الجرائم التي حدثت في دارفور. لكن الانتهاكات ليست في دارفور فقط التي حدثت فيها فظاعات يندى لها الجبين، إنما هناك مناطق أخرى مثل الخرطوم وكردفان وغيرها، لذلك نأمل أن تستفيق المجموعة الدولية والإقليمية والعربية الأفريقية وتصل إلى اتجاه متناسق وجماعي حول وضع كل ما يمكن من الضغوط لإيقاف هذا الوضع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية