رحيل عباس الجراري: بيت الأدب المغربي يودع أبرز رجالاته

حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: رزئ الوسط الثقافي والأدبي المغربي مساء السبت 20 كانون الثاني/ يناير 2024، برحيل المفكر والأديب العلامة عباس الجراري عن عمر يناهز سبعة وثمانين عاما، بعد رحلة علم زاخرة بالعطاء المعرفي والإنساني.

شهادات عن عالم جليل

وقد نعته مؤسسات وجمعيات دبلوماسية وثقافية وأكاديمية داخل المغرب وخارجه، بما في ذلك منظمة الإيسيسكو التي نوهت «بالدور الكبير للفقيد في إثراء المكتبة العربية بما يقارب المئة، من المؤلفات القيمة والدراسات الرصينة في الفكر والثقافة والأدب»، وبيت الشعر في المغرب، الذي قال إنه أغنى «الحياة الثقافية المغربية على مدى خمسة عقود من البذل الفكري والعطاء العلمي المنتظم، مُساهما من عِدّة مواقع في توطين الأدب المغربي وتعزيز مكانته داخل الفضاء الجامعي والأكاديمي، من خلال الإشراف وتأطير وتكوين أجيال من الباحثين والدارسين، الذين تتلمذوا على يديه، ليغنوا البحث والدرس الجامعي المتصِل بأدب الغرب الإسلامي، خاصة أدب المغرب والأندلس».
كما نعاه عدد من المثقفين والأدباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل محمد الفران مدير المكتبة الوطنية في الرباط، الذي عدّه «مثالاً للمثقف الملتزم والباحث المعطاء، ورجل المواقف والقيم النبيلة، دافع باستماتة عن الأدب والفكر المغربيين وأحلهما المكانة اللائقة بهما في الجامعة المغربية والبحث الأكاديمي، على وجه العموم. أحب بلده وهام بثقافته وتاريخه هياما. ولم يدخر جهدا في ذلك منذ أن التحق بالجامعة، بل قبل ذلك أيضا، رغم العوائق والصعاب التي يواجهها العاملون الصادقون». ووصفه الشاعر محمد الشيخي بـ»قيدوم أساتذة الأدب المغربي وتراثه وفنونه في الجامعة المغربية وخارجها. تخرجت على يديه أجيال من الطلبة والباحثين، وأغنى خزانتنا المغربية والعربية كلها بذخائر نفيسة». وفي نظر الشاعر والباحث صالح لبريني، كان الراحل «يسعى في صمت إلى بناء صرح الأدب المغربي، بإصرار وإرادة وعزيمة قل نظيرها، بكل تجلياته وتمظهراته، وتعبيراته وأشكاله، دون تمييز أو تفضيل، لكون الرجل يمتلك رؤية واضحة وتصورا لمشروعه المعرفي، وما مظانه ومتونه التي خلّفها إلا تجسيد لهذا الانشغال بالرأسمال الرمزي الذي يشكل علامة فارقة في الفكر العربي والإنساني». وقال المسرحي والأكاديمي مصطفى الرمضاني: «لقد كان عالما شامخا بعلمه وأخلاقه.. رافقني في مسيرتي العلمية زهاء اثنتي عشرة سنة حين أشرف على بحثي لنيل شهادتي دبلوم الدراسات العليا ودكتوراه الدولة، وكنت في كل لقاء يجمعني به أحس بأنه متفرد في كل شيء: في علمه وأخلاقه وإنسانيته وأريحيته وعطفه الأبوي على طلابه.. وطبعا في إشرافه الذي يمنحك الاطمئنان بأنك في هيبة العلم ومحرابه المقدس».

مسار حافل

ينحدر الراحل (1937- 2024) من قبائل أولاد جرار في إقليم تزنيت جنوب المغرب. تلقى تعليمه في الرباط، ثم درس في جامعة القاهرة في مصر، حيث حصل على شهادة الإجازة سنة 1961، والماجستير في 1965، والدكتوراه في1969. تولى وظائف ومناصب عديدة، سامية ودبلوماسية وأكاديمية، منذ أن التحق بالسلك الدبلوماسي لسفارة المغرب في القاهرة عام 1962، وانضم إلى هيئة التدريس في جامعة محمد الخامس في فاس ثم في الرباط عام 1966 إلى حين تقاعده. كما عمل أستاذا في المدرسة المولوية بين 1979 و2000، ورئيسا للمجلس العلمي في الرباط، وعميدا لكلية الآداب في مراكش، وعضوا في أكاديمية المملكة المغربية، ورئيس النادي الأدبي الجراري، أحد أقدم النوادي الأدبية في المغرب، منذ أن أنشأه والده عبد الله الجراري عام 1930؛ أي غداة إعلان الظهير البربري في الفترة الاستعمارية. وقد ظلّ إلى آخر رمق في حياته، يشارك بهمة ونشاط في مختلف التظاهرات الثقافية والفكرية داخل النادي وفي غيره من منصات الثقافة والفكر والتربية.
لُقّب بعميد الأدب المغربي نظير مشروعه الكبير في النهوض بوضع الأدب المغربي وربطه بروح العصر وقضاياه، كما تفصح عن ذلك مؤلفاته القيمة في مجالات اللغة والأدب والفكر والثقافة المغربية، منذ أن صدر له كتابه «القصيدة. الزجل في المغرب» عام 1970؛ وهو في الأصل أطروحة دكتوراه أشرف عليها عبد العزيز الأهواني، وناقشها في جامعة عين شمس في القاهرة ونال عنها مرتبة الشرف. ومن بين إصداراته الأخرى التي سارت بذكرها الركبان، نذكر: «الثقافة في معركة التغيير» 1972، و»موشحات مغربية» 1973، و»قضية فلسطين في الشعر المغربي حتى حرب رمضان» 1975، و»الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه» 1979، و»عبقرية اليوسي» 1981، و»خطاب المنهج» 1990، و»تطور الشعر العربي الحديث والمعاصر في المغرب من 1830 إلى 1990م» 1997.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية