د. عبد الملك سكرية: الاستعمار عدو كافة الشعوب وحملة المقاطعة أثبتت نجاعتها عربياً ودولياً

زهرة مرعي
حجم الخط
0

«أسبوع مقاومة الاستعمار في لبنان» وفلسطين كنمودج للاستعمار الأمريكي بوكالة صهيونية

بيروت ـ «القدس العربي»:  منذ السابع من اكتوبر وإلى حينه أثبت سلاح المقاطعة نجاعته في محاصرة داعمي الكيان الصهيوني، سواء في الدول العربية أو بلدان الغرب. العدوان على غزّة مستمر منذ ستة أشهر، والوعي يتنامى بقوة حول خطورة جرائم الإبادة التي ينفّذها العدو، والقراءة في ممارسات الصهيونية في فلسطين تُثبت أنه عُصارة للاستعمار الغربي، وأفعاله على مدى قرون.

ولأن الكيان الصهيوني يمثّل الحالة الاستعمارية الأكثر تطوراً، وهو صنيعة الدول الاستعمارية التي لم تتحرر بعد من عقليتها وممارساتها، أطلقت «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل» في 16 آذار/مارس «أسبوع مقاومة الاستعمار في لبنان». نشاط تزامن مع آخر مماثل في مئات المدن حول العالم، والتي تحيي ذكرى مقاومة الاستعمار بهدف تعزيز الوعي حول الممارسات الاستعمارية.
مع عضو «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» الدكتور عبد الملك سكرية هذا الحوار:

○ أين يلتقي أسبوع مقاومة الاستعمار في لبنان مع فعاليات عالمية مماثلة؟
• أطلقت حركة المقاطعة الدولية BDS أسبوع مقاومة الاستعمار. وكونها تنتشر في كافة أنحاء العالم من أوروبا إلى الأمريكيتين وغيرها، تشهد مئات المدن مئات الأنشطة. فكرة الأسبوع العالمي انطلقت من كون الكيان الصهيوني صناعة الاستعمار العالمي، زرعه على أرض فلسطين كياناً وظيفياً يخدم مصالحه في الهيمنة والسيطرة ونهب الثروات. عندما نحدد أسبوع مقاومة الاستعمار فهذا يعني أننا وضعنا الإصبع على الجرح، والنقاط على الحروف، ووجهنا البوصلة بإتجاه العدو الأصلي وليس وكيله. معركتنا المباشرة مع الكيان الصهيوني، إنما العدو الرئيس هو الاستعمار الذي كان بريطانياً فيما مضى، كونه مؤسس الكيان، ومنذ خمسينيات القرن الماضي بات متمثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية ومعها حلف الناتو. وجدير بالذكر أن طوفان الأقصى أدّى إلى فرز واضح وجلي كما الشمس، لمن يدعم الصهيونية، ولمن يدعم الحرية لفلسطين.
○ وهل كانت لكم كحركة مقاطعة مشاركة سابقة في أسبوع مقاومة الاستعمار؟
• كان الـBDS سابقاً موجوداً في لبنان، ويتولّى تنظيم هذا الأسبوع، ونحن نشاركه التنظيم. لم يعد في لبنان فرع للـBDS العالمية لأسباب خاصة بهم. وفي ظل حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزّة، أتخذت حركة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان مبادرة إحياء هذا الأسبوع. ولكل من يناصر حرية فلسطين، وحق كافة شعوب الأرض بالعيش بكرامة امكانية إحيائه، وله تنظيم انشطة مناهضة للاستعمار العدو لكافة شعوب الأرض. ونحن في لبنان حيث فلسطين هي قضيتنا المركزية، فهذا الأسبوع مرتبط بها. تعاني فلسطين من أطول احتلال في العصر الحديث، والأكثر اجراماً ودموية. استعمار استاصالي وإحلالي، استعمار اقتلع شعباً من وطنه ووضعه خارجها، وأحلّ مكانه آخرين.
○ أنتم حيال فعاليات تمتد من 16 إلى 31 آذار/مارس. كيف اخترتم البرنامج؟
• كوننا نستهدف جيل الشباب ونتوجه إليهم وخاصة في المخيمات الفلسطينية، ركزنا في فعاليات هذا الأسبوع على الأطفال، ومن خلال القراءات. وأخترنا «القنديل الصغير» لغسّان كنفاني. اغتال العدو الصهيوني كنفاني خوفاً مما يكتب. لهذا نرى أن نشر كتاباته يساهم في بناء أجيال مقاومة، كونه لماعاً ومشهوراً في الأدب المقاوم. ونشر هذا الأدب بحد ذاته يساهم بإنشاء جيل مقاوم. أدب يُثقِّف ويعبئ الشباب بالاتجاه الصحيح.
○ هل لنا وصف تفاعل الأطفال في المخيمات مع هذه الحكاية؟
• شعب المخيمات وفلسطين جبّار، شعب مُضحي وصابر، رغم بحر الآلام التي ما زالت تُلم به منذ مئة سنة إلى اليوم. يتمتع الشعب الفلسطيني بالثقة بالنفس، لا يخاف المستقبل، غير حزين بل العكس، ومتفائل ومتأكد بأن العودة إلى فلسطين مسألة وقت فقط، ومتمسك بحق العودة، والجميع مؤمن بأن هذا الكيان إلى زوال. ومنذ كنت أرافق الصديق ورفيق الدرب الراحل سماح ادريس (من مؤسسي حملة المقاطعة) إلى المخيمات ليقرأ القصص للأطفال كنت ألمس مدى التفاعل. سماح إدريس هو كاتب ممتع لقصة الأطفال، وراو يدرك تماماً كيف يترك أثراً لدى من يسمعه. كان ادريس المتخصص في الأدب العربي يُتقن تماماً كيف يخاطب الأطفال كي تصل الرسالة، كان تفاعل الأطفال ممتازاً والشعور بنشوة الفرح كبير. الأطفال يفرحون بمجرد أن يلمسوا أنّ أحداً مهتماً بهم، ويزورهم في مدارسهم. بعد كل جلسة قراءة يعبّر الأطفال عن اكتشافهم لعالم جديد، يفرحون لأن وعيهم ازداد واكتسبوا جديداً.
○ إلى جانب اللقاءات الافتراضية مع طلاب الجامعات هل عُقدت لقاءات مباشرة؟
• أكيد. عقدت لقاءات مباشرة في جامعة Usal وتميزت بتفاعل جيد جداً. وبات واضحاً خلال زمن طوفان الأقصى أن مقاربة القضية الفلسطينية باتت أسهل بكثير مما قبله. ثمة تغيير كبير في الرأي العام وخاصة في الغرب، والتغيير أكبر دون شك في مجتمعاتنا العربية. نحن كحملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان، بتنا نتلقى سيلاً من الأسئلة والاستفسارات، كذلك زيادة في عدد المتطوعين الراغبين بالانضمام لن، وهذا دليل على مدى تأثير الحرب الإجرامية على غزّة في تشكيل الوعي، خاصة لدى الشباب.
○ ختام «أسبوع مقاومة الاستعمار: ماذا فعلنا لفلسطين» عنوان نقاش افتراضي. ماذا في تفاصيله؟
• نظراً لأن المشاركين في النقاش ينتمون لعدّة دول سيكون افتراضياً، هم مشاركون ناشطون في المقاطعة، وفي دعم القضية الفلسطينية، من سيشترك في نقاش «ماذا فعلنا لفلسطين» سيكون صاحب تاريخ في النضال من أجل فلسطين. تشكل هذه الندوة فرصة لتبادل الخبرات، واستفادة كل طرف من الآخر في الرأي والمشورة، وكذلك توثيق العلاقة بين أكبر عدد ممكن من الناشطين، بما يؤدي إلى مزيد من القوة لدى المقاومة الشعبية إن صحّ التعبير، والدفع باتجاه مزيد من تعميق هذه الثقافة. وستكون الندوة مفتوحة على صفحة حملة المقاطعة على فيسبوك. وموعدها الساعة الثامنة والنصف بتوقيت القدس في 31 اذار/مارس.
○ لنوضح نتائج حملات المقاطعة الوطنية في لبنان والدول العربية منذ طوفان الأقصى إلى حينه؟
• حملات المقاطعة الوطنية موجودة في معظم البلدان العربية، والتواصل والتنسيق وتبادل الخبرات بيننا قائم. من نتائج هذا التواصل توحيد الخطاب والمعايير للمقاطعة. لهذا الفعالية إلى ازدياد كبير بخاصة بعد السابع من أكتوبر. نعلم من الزملاء في الدول العربية كم ارتفعت نسبة المقاطعة، وخاصة في الأماكن التي يمكن مراقبتها بالعين المجردة، كما ماكدونالدز، وستارباكس، وكانتاكي تشيكن وغيرها. إنما الأرقام ليست بالمتناول وليس لنا قدرة تحديدها، بينما الأمثلة ممكنة، كما ستارباكس المغرب الذي أقفل كافة فروعه، باستثناء فرع العاصمة الرباط القائم في المنطقة السياحية، وهذا مؤشر كبير جداً. وفي دول الخليج العربي فاقت نسبة مقاطعة هذه المحال 75 في المئة. الفكرة السائدة عن شعوب دول الخليج ليست صحيحة، هم متفاعلون ومؤيدون لفلسطين وبقوة.
○ كحملة مقاطعة ما هو ردّكم على مقولة أن المقاطعة قطعت أرزاق العاملين في هذه الأماكن؟
• بديل تلك المطاعم والمقاهي والمؤسسات يفترض أن يتوفر سريعاً وعبر مؤسسات محلية. نلاحظ إقفالاً لمؤسسة في شارع الحمراء لأسباب نجهلها. وفي الشهر الثاني يُفتتح المكان نفسه من قبل آخرين، والسبب رمزية المكان، وأنه استثمار ناجح، وهكذا يعود هؤلاء العمّال إلى عملهم. فهل يحتاج البرغر إلى «فرانشايز» من الغرب كي نأكله؟ عكس ما يُنشر فإن المقاطعة تُشجّع الصناعة المحلية لتكون البديل، وبازدهار الصناعة الوطنية تتقلّص البطالة. لنكن منتجين وليس فقط مستهلكين.
○ وما هو رأيك بالمقاطعة في دول الغرب؟
• المتضامن الغربي يقاطع بوعي كبير، وجميعنا شهد مظاهرات كبيرة في أمريكا وأوروبا وباقي دول العالم. المتظاهر دون شك يقاطع، والمقاطعة أسهل له. الحمدلله أن السردية الحقيقية للقضية الفلسطينية بدأت تنتشر في الغرب. ويساهم عملنا في تفكيك الرواية المزوّرة التي نشرتها الصهيونية من خلال سيطرتها على وسائل الإعلام، الرواية الحقيقية للصراع تنتشر بقوة، ما أدى لهذا التجاوب العظيم عبر التظاهرات غير المسبوقة في معظم عواصم الغرب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية