دوامة ارتفاع الأسعار في تركيا: جدل حول جدوى مكافحة التضخم برفع الأجور المتكرر

حجم الخط
3

أنقرة ـ «القدس العربي»: يتواصل الجدل في تركيا حول جدوى سياسة الحكومة في رفع الرواتب والحد الأدنى للأجور لمكافحة التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، مع تأكيدات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على أن الدولة تعمل على مساعدة المواطنين على تحمل الضغوط الاقتصادية، وتشكيك المعارضة بجدوى هذه السياسية التي تقول إنها تؤدي إلى دوامة لا متناهية من ارتفاع الأسعار.

ويسعى الرئيس التركي إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين قبيل أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي توصف بـ«المصيرية والتاريخية» حيث يتوقع أن يلعب الاقتصاد دوراً محورياً في توجهات المواطنين في الانتخابات المقررة رسمياً في منتصف حزيران/يونيو المقبل، والتي لا تزال الكثير من التكهنات تشير إلى إمكانية إجراءها قبيل الموعد الرسمي بشهر أو شهرين.
والخميس، أعلن اردوغان رفع الحد الأدنى للأجور في تركيا للمرة الثالثة هذه السنة، في مسعى إلى احتواء الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك، حيث يقدر أن قرابة 40 في المئة من العاملين الأتراك يحصلون على رواتب توازي الحد الأدنى للأجور، ويتوقع أن يعقب هذه الخطوة رفع موازي لرواتب الموظفين في القطاع العام والخاص أيضاً.
وعقب سلسلة اجتماعات مع وزارة العمل ونقابات أرباب العمل أعلن الرئيس التركي رفع الحد الأدنى للأجور في البلاد إلى 8 آلاف و506 ليرة تركية لعام 2023 (نحو 455 دولار) وأوضح أن الزيادة في الحد الأدنى للأجور بلغت 100 في المئة مقارنة مع كانون الثاني/يناير الماضي و54.66 في المئة مقارنة بتموز/يوليو الماضي. وذكر الرئيس التركي أن متوسط ​​الزيادة السنوية بلغ 74.43 في المئة،
وبينما كان الحد الأدنى للأجور يبلغ 2826 ليرة تركية نهاية كانون الأول/ديسمبر 2021 تم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4253 ليرة تركية في كانون الثاني/يناير ثم إلى 5500 في تموز/يوليو وهو مستوى اعتبر غير كاف للعيش في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار العقارات والمواد الغذائية بشكل خاص.
وقال اردوغان إن كل طرف (نقابات العمال وأرباب العمل) قدم خلال المحادثات الخاصة بتحديد الحد الأدنى للأجور موقفًا يتماشى مع أولوياته ومصالحه وإن الحكومة تحترم مواقف الجميع في هذا الإطار.
وأكد أن «المسؤولية الواقعة على عاتق الحكومة هي ضمان التوصل إلى النتيجة الأسلم والأكثر مراعاة واستدامة بالنسبة إلى البلاد والشعب» مشدداً على أن حكومته «لا ترضى أن تهضم حقوق العمال ولا الإضرار بمستوى التوظيف من خلال وضع عبء لا يمكن تحمله من قبل أرباب العمل».
وخلال الأشهر الماضية، وصل التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له منذ 20 عاماً، وحسب البيانات الرسمية وصل التضخم إلى 85 في المئة، لكن المعارضة شككت في الأرقام الرسمية وقالت إن التضخم الفعلي وصل إلى ضعف ذلك أو أكثر وخاصة في قطاع العقارات والطاقة والخدمات الأساسية.
وتعهّد اردوغان الخميس بخفض التضخّم إلى 20 في المئة بحلول نهاية العام المقبل، وقال في خطاب متلفز «سنشهد تراجعا سريعا لنسب التضخّم اعتبارا من هذا الشهر» حيث يتوقع محللون أن يبدأ التضخّم بالانخفاض انخفاضا حادا، إذ إن البيانات ستقارن بأخرى تمتدّ على 12 شهرا سابقا عندما كانت الأسعار تشهد ارتفاعا كبيراً جداً وهو ما من شأنه أن يبقي تكلفة الحياة والأسعار مرتفعة على ذوي الدخل المحدود في البلاد.
وارتفع التضخم في تركيا بالتوازي مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت كافة الدول عقب انتشار فيروس كورونا وتضرر سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة، وعلى الرغم من أن المستهلك التركي لم يعاني من أي نقص في سلاسل التوريد إلا أن الأسعار ارتفعت بدرجة كبيرة جداً في كافة القطاعات.
إلا أن المعارضة تقول إن جانبا كبيرا من الأزمة يتعلق بسياسات الحكومة المتعلقة بخفض أسعار الفائدة، حيث أصر الرئيس التركي على خفض أسعار الفائدة بشكل حاد خلال الأشهر الماضية، والخميس أعلن البنك المركزي التركي، قراره بالإبقاء على سعر الفائدة عند 9 في المئة، عقب أشهر من قرارات الخفض المتتالية.
وجاء في بيان البنك المركزي: «رغم تقليص الآثار السلبية لقيود العرض في بعض القطاعات، وخاصة الغذاء، بفضل أدوات الحل الاستراتيجي التي طورتها تركيا، إلا أن المستويات المرتفعة لمعدلات تضخم المنتجين والمستهلكين مستمرة على المستوى العالمي».
ويقول اقتصاديون إن سياسات الحكومة برفع الرواتب وخفض أسعار الفائدة دفعت نحو طبع كميات كبيرة من الليرة التركية التي فقدت جزءا كبيرا من قيمتها في السنوات الأخيرة ووصل سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار إلى 18.6 وهو أعلى معدل تصل إليه منذ أكثر من عقدين، ومع كل رفع للرواتب تشهد البلاد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد الشمري:

    هو مشغول بارظاء الاوربيين والصهاينة والاوكرانيين ولا يهتم بالاتراك فهو أثبت أنة مع كل ريح يميل ومن أجل الكرسي مستعد أن يبيع اي شي

  2. يقول الدكتور جمال البدري:

    منذ أيام أحد أفراد عائلتي كان في إسطنبول…أكّد على غلاء الأسعار؛ لكن ليس على جميع البضائع والخدمات.هناك ارتفاع لبعضها وسعر معتدل لأخرى.وأرى أنّ التضخّم في تركيا ليس حكرًا عليها؛ إنه ظاهرة عالميّة.بعضهم يرجعها إلى ذهاب البركة عن النّاس بسبب الفساد؛ بعضهم يعزوها إلى قلّة الموارد وتزايد عدد السكان؛ والأرجّح هو التنافس بين القوى الاقتصاديّة الكبرى على احتكار أسواق مدخلات الموارد ومخرجات الموارد…مما يعرّض العرض والطلب للتنافس السلبيّ في الأسواق؛ ومنها أسواق تركيا؛ بدليل أنّ المواد المستوردة أعلى سعرًا من المواد المحليّة الإنتاج؟
    فلو كان التضخّم على جميع البضائع والخدمات؛ فهذا دليل على الاختلال الاقتصاديّ؛ لكنه جزئيّ وللمستورد خاصّة.

  3. يقول الدكتور جمال البدري:

    الأخ أحمد الشمريّ المحترم: السّيد أردوغان رئيس ناجح؛ سواء أتفقت معه أو لم تتفق.وهو من حقّه أنْ يكسب لصالحه جمهورًا لنيل فرصة أخيرة في منصب الرئيس…ولا تنسى هو قام بإنجازات كبيرة لبلاده؛ فليس سهلًا عليه هكذا { التنازل } عنها لمنْ كان يجلس في مقعد المعارضة؛ ولم يقدّم إلا الكلام.ولولا أنّ الدستور التركيّ حدد مدد الرئاسة؛ لما غادرها أبو بلال بل لظلّ على عرش السلطان عبد الحميد حتى بزوغ الهلال؛ في شفق القطب الشماليّ؛ وهذا محال…
    أما أنه مشغول بغير الأتراك؛ فليس مطابقًا للحال؛ بل الصواب { يكدح } من الجميع ؛ لرفد سكان الأناضول بمزيد المال.
    سأقول لك شيئًا…زرت إسطنبول وأنا طالب في الجامعة قبل ثلاثة وثلاثين سنة…كانت إسطنبول { واشلة } إلا من الآثار والمساجد وبعض الأحياء الجديدة…تنمو هنا وهناك.الآن إسطنبول تضاهي باريس ولندن وبرلين ومدريد وبرشلونة عاصمة البرتغال.يعجبني التعليق الموضوعيّ البعيد عن الدعاية والانفعال ولو كان ضد خصمك المفترض في المقال.

إشترك في قائمتنا البريدية