دعوة القرضاوي لأمريكا..

حجم الخط
53

ناشد الشيخ يوسف القرضاوي أمريكا التدخل في سورية لقتال قوات الأسد، وذلك لإنقاذ الشعب السوري من براثن النظام الذي التزم بوعده منذ البداية – الأسد أو خراب البلد – وهذا يشبه المستجير من قطيع ذئاب بجوقة من التماسيح.
لن يقنعنا أي صنيعة أمريكي ولا جامعة الدول العربية بأن أمريكا ستهرع لإنقاذ الشعب السوري غيرة منها على حقوق الإنسان وخصوصا العربي، الذي عومل من قبل الأنظمة كمخلوق ثالث فلا عومل كإنسان عندما صمت، ولا عومل كحيوان عندما تململ، ففي كثير من الحالات عومل بأدنى من الحيوان، وعُذب كثيرًا قبل الإجهاز عليه، وفي نفس الوقت لن يُقنعنا أحد بأن النظام السوري ضحية مؤامرة خاطتها أمريكا وإسرائيل وعرب أمريكا وتركيا، فالنظام ومنذ البداية حاول ابتزاز تعاطف الشعوب العربية بالصراخ أنه ضحية لمؤامرة، وبدأ بالقتل والقمع في الوقت الذي لم يرفع الشعب السوري فيه سوى أغانيه ودبكاته ولافتاته، ومثلما لم نترحم على سابقه وشبيهه القذافي، الذي لو تُرك على هواه لقتلَ مئات آلاف الليبيين كي يضمن بقاءه في السلطة، لن نترحّم على هذا النظام سواء انتهى بيد شعبه أو انتهى بيد أمريكا وحلفائها رغم اختلاف النوايا.
هل تنتظر إسرائيل وأمريكا وحلفاؤهما في المنطقة انهيار النظام على أحر من الجمر!نشك في ذلك، فجميعهم نظروا إلى لربيع العربي الذبيح بتشكيك وتخوّف عن وجهته التالية فيما لو حسم الأمر في سوريا لصالح الشعب، ولهذا كانت إعاقة هذا الربيع وحرفه عن مساره وذبحه التقت فيها مصالح أمريكا وإسرائيل والأنظمة كلها بما في ذلك طرفا النقيض السعودي والسوري.
البكاء الآن على ما حصل في سورية من قبل النظام وأنصاره يثير الإشمئزاز، ومحاولة الظهور كضحايا مؤامرة بعد سفك كل هذه الدماء يثير التقيؤ، فالمكتوب كان مقروءًا من عنوانه، ‘أنا أو دمار البلد’، والنتيجة هي دمار البلد وسقوطك الحتمي.
هل وصل جهاديون أومرتزقة إلى سورية! نعم وصل في وقت متأخر من اشتعال الثورة، وبالمقابل هل تدخلت إيران وحزب الله بشكل مباشر! نعم تدخلوا! هل هذا كان محسوبًا بأنه سيحصل! نعم كان محسوبًا.
الأنظمة لم ترد أن ترى نظام الأسد يسقط في ثورة سلمية تطالب بحقوق اجتماعية وسياسية ووضع حد للدكتاتورية، لأن هذا يعني أن الأمر سينتقل إلى ساحتها بسرعة.
المخرج الوحيد من ورطة الربيع العربي لم يكن سوى خلط الأوراق، وهو أمر التقت فيه مصلحة النظام السوري مع مصلحة بقية الأنظمة، وهو تحويل الثورة إلى صراع مذهبي، النظام بهذه الحالة يكسب والأنظمة الأخرى تكسب، فقط بهذه الوصفة التدميرية أمكن حرف الربيع العربي عن أهدافه وأدواته الأساسية، هذا أيضًا ما يفسر الموقف الأمريكي والأوروبي المتريّث والمتسامح جدًا مع نظام الفظائع، أما من يدعون بدموية الثورة، فلن نملّ من تذكيرهم ببدايتها السلمية، وبأنها كانت ثورة رقص وغناء وهذا أرهب النظام السوري وبقية الأنظمة المنتظرة دورها، وبدلا من التفاهم مع شعبه قرر البطش والدك والمحق وإغراق سورية في الدم والظلام. النظام اعتبر أن أي تنازل للشعب ولو قليلا سيفسّر على أنه ضعف، ولهذا لم يعط أي فرصة للتفاهم مع الثوار، وسعى إلى تقسيم المعارضة، بين مسالم وعدواني، وبين علماني وسلفي، بين ممكن التفاهم معه ومعارض لا تفاهم معه، بين من يدعو للتدخل الأجنبي وبين من يعارضه، وراح يخوّف الأقليات المذهبية من مصير أسود بيد السلفيين والجهاديين الذين لم يكن يسمع بهم أحد في بداية الثورة، بل وراح يخوف اسرائيل وأمريكا والغرب منهم.
ويبدو أنه نجح إلى حد كبير وهذا لعب لصالحه ولصالح السعودية التي تزعم قيادة السنة في مواجهة الشيعة والعلوية، هذا برر تجييش سلفي جهادي وبالمقابل تجييش حزب الله.
المعارضة الحُرّة ارتبكت، فمن جهة هي تريد إسقاط النظام ومن جهة أخرى لا تريد وصمها بالتذيّل لأمريكا وخدمة مصالح إسرائيل والسعودية، وهكذا ‘سقطت بين الكراسي’، بينما فرض النظام معادلته الإرهابية، من ليس معنا فهو ضد سورية ومع تدميرها ومع التدخل الأجنبي، ضد النظام يعني أنك ضد سورية، وسقط كثير من الناس ضحية هذا المصطلح الفضفاض’ أنا مع سورية’، وكأن المعارضة ضد سورية! ولكن من يحب سورية لا يقبل بتدميرها ولا بذبح أبنائها وإذلالهم، من يحب سوريا يدعو للحوار الجدي ولو على مضض، من يحب سورية لا يجعل سلطته فوق مصلحة سورية، من يحب سورية لا يقبل التدخل الخارجي الأمريكي ولا الإيراني ولا الروسي، من يحب سورية لا ينتظر التدخل الأجنبي الأمريكي ليقول..هذا هي قد ظهرت المؤامرة.
نحن معارضي الأنظمة من العرب، سوف نشعر بالكبرياء لو تبين أن لدى جيش النظام الذي دك مدن بلاده بالسكود والطائرات صواريخ مضادة للطائرات متطورة جدًا تسقط عشرات الطائرات الأمريكية وتأسر العشرات من الطيارين الأمريكان، سنكون سعداء إذا رأيناهم يلاحقون فلول الأمريكان والإنكليز داخل الأراضي الأردنية والتركية ويقتلون ويأسرون المئات منهم، سوف نشعر بالاعتزاز والكبرياء إذا ردوا على إسرائيل بعنف اذا ما تدخلت، وسوف نكون سعداء أكثر إذا ما قامت هذه القوات السورية المنتصرة على العدوان الأمريكي في حال حصوله باعتقال الأسد وزمرته وقدمتهم إلى العدالة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعب السوري والإنسانية.. لتكون الفرحة بفرحتين والنصر انتصارين، طبعًا هذا هذيان لن يحصل في الواقع، لأن أمريكا إذا تدخلت ستضاعف مأساة السوريين والعرب…وسوف تعم الكارثة وتطمّ، ويعود الفضل الأكبر بهذا لتعنت النظام وأحابيله وفتنه وإصراره على عدم سماع صوت الشعب…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول العزازي:

    أحب أن ابدأ بأولادي لأني تجاوزت نصف القرن وتجرعت مرارة هزائم العرب …صحيح عنوان المقال اشهاري ايحائي ومحتواه شيء آخر …لكنني أتعجب من شيء في وصفكم ونعتكم للشيخ بانه مفتي الناتو من جهة، ومن جهة أخري تقييمون تصرفه ،مادا تنتظرون منه ؟ غير دلك …أتنتظرون منه التراجع والصدح بالحق الأحق : حيا علي الجهاد لتحرير أقدس المقدسات القدس المقدسة …أظنكم قلتم ما لايقال !

  2. يقول abdullah:

    كلام رائع

  3. يقول فادي عضل:

    كل واحد منا عندو ستيلو قال زياد الرحباني, وما بيمنع إنو يصير تمثيل. الاميركي الجنرال ويسلي كلارك قال أنه كان قد علم بأن الويلات المتحدة تخطط لغزو (تدمير؟) سبع دول, الدول هي العراق, سوريا, لبنان, ليبيا, السودان, الصومال وإنتهأ بإيران. من الممكن رؤية المقابلة مع ويسلي كلارك على اليوتيوب. ويأتينا أشخاص يخبروننا بأن الشعوب الجاهلة تقوم بثورات. ألويلات المتحدة الاوروأميركية عندها خطط لتدمير عشرات الدول من ليبيا لنيجيريا للسودان مرورا بالصومال, سوريا,لبنان إيران, باكستان و إنتهأ بالصين.

    ألمخططين والاستراتجيين الامركان من زبيغنييف برززينسكي والمدعو جوزف ناي, و جون ميرزهايمر, و روبيرت كابلان والعشرات غيرهم يكتبون بكل وقاحة أن الهدف الرئيسي هو الصين. كابلان يكتب في كتابه التحديات التي تجابه القوات العسكرية الاميركية في كل انحأ الارض التالي:” ان الويلات المتحدة أرسلت قوات خاصة الى كل من موريتانيا, تشاد, نيجر, مالي, تشاد, سنغال, وقريبا الى بلاد اخرى. كابلان يقول ان السبب هو محاربة السلفيين والقاعدة, ويسهب في الكذب عن كيف القوات الاميركية الخاصة تدرب ما يسمى بجيوش تلك البلاد لكي تواجه القاعدة التي تقوم ولا تقعد. و في ثلاثة سطور عابرة يخبرنا كابلان ان الويلات المتحدة تستورد 15 في المئة من نفطها من غرب أفريقيا وأن المعدل سيرتفع ل25 في المئة بحلول 2023 وهناك شبح صعود الصين التي تستثمر في غرب افريقيا ورغبة الولايات المتحدة أن تحد من نفوذ الصين.”

    هذه هي القصة بكل إختصار, وليست الشعوب الجاهلة اللذين يجهلوها بأحلامهم عن الثورات و ما هنالك من بدع.

  4. يقول فادي عضل:

    كيف بإمكان سلفيين جُهَل أن يهددوا الويلات المتحدة الاوروأميركية؟ ميزانية الويلات المتحدة الاميركية العسكرية تتعدى ال 700 مليار دولار. ميزانية الويلات المتحدة الاميركية تساوي ميزانيات الدول ال 42 التي تليها من ناحية ضخامة ألميزانية العسكرية. من أين للقاعدة أن تهدد هذه الامبراطورية الكونية. نحن لا نتحدث عن لبنان (حيث ولدت) نحن نتحدث عن إمبراطورية كونية تملك أكثر من 600 قاعدة عسكرية في أكثر من 150 دولة. قادة ما يسمى بألقاعدة لا يجرؤن عن الخروج من كهوفهم, كيف بإمكان هؤلأ ال… تهديد الولايات المتحدة التي كل يوم ترسل مئات, إن لم يكن الوف, الدورنز التي تقتل وتدمر في اليمن, باكستان, أيران, الصومال, ليبيا, فلسطين, أفغانستان من دون محاكمات ولا رقيب ولا محاسب. الويلات المتحدة ترسل طائرات تجسس على حدود الصين.

    نحن نتحدث عن إمبراطورية تقلدها كل الشعوب, الجاهلة منها و الاكثر جهلا. ما يسمى بألشعوب العربية تستأ من البطش و الهمجية الاميركية ويدخنون السجائر الاميركية ويقلدون اللهجة الاميركية لدرجة البلاهة والبذائة, ما يسمى بالشعوب العربية يدفعون أموالهم لروئية الافلام الاميركية الدعائية والتلذذية البلهأ. اللص الأميركي جوزف ناي يكتب في كتبه العديدة عن قوة الولايات المتحدة الناعمة وعن إمكانية الولايات المتحدة ان تستغل هذه القوة لكي تؤثر على ما يفضل الناس. الولايات المتحدة ليست دولة ديمقراطية, الولايات المتحدة مبنية على أراضي و دمأ وأشلأ ملايين الشعوب, أوروبا كذلك الامر, بنأً على ذلك الديمقراطية مبنية على دمأ وأشلأ ملايين الشعوب. لكي تكون البلاد المسماة عربية ديمقراطية على ملايين من البشر أن يدفعوا الثمن, على هذه الدول سرقة ونهب ملايين البشر.

1 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية