دار “فابر” لصناعة القفازات تسعى في مئويتها إلى قفزة جديدة

حجم الخط
0

ميو (فرنسا):شهدت دار “فابر” الفرنسية المتخصصة في صنع القفازات خلال مسيرتها الممتدة منذ قرن، مراحل ازدهار زيّنت خلالها منتجاتها أيادي المشاهير والنجوم، ومحطات أخرى أكثر سوداوية، لكنها استعادت طريق النجاح وتسعى حالياً إلى التوسع نحو أسواق عالمية جديدة.

وشهدت “ميزون فابر” مدى مئة عام من وجودها تقلبات، تناوبت فيها مراحل الازدهار وحقبات الإفلاس على الشركة الفرنسية التي كانت تضع قفازاتها أشهر النجمات كغريس كيلي، تماماً كما كانت تتزيّن لها أيدي عسكريي الجيش.

والدار التي صنعت للممثلة الأميركية غريس كيلي قفازات زفافها من أمير موناكو، وكانت التصاميم التي تُنتجها حاضرة بقوة على شاشات السينما وفي عالم الأزياء، باتت اليوم، بعد مرحلة صعبة، تغطي أيدي نجمات من طينة بيونسيه، وتسعى إلى الفوز بأسواق جديدة.

ويبدي لوي فابر (83 عاماً) الذي يقول إنه انغمس طوال حياته في هذه المهنة، اعتزازه برؤية ولديه، أوليفييه (51 عاما) وجان مارك (58 عاماً) يواصلان حكاية الدار التي بدأها عام 1924 جدهما الأكبر إتيان.

إلاّ أن إبقاء الشركة على قيد الحياة لم يكن أمراً سهلاً، ولا يزال “توازنها هشاً” بعد مرور قرن على تأسيسها، بحسب ما أوضح أوليفييه لوكالة فرانس برس في قلب ورشة التصنيع الواقعة في قلب مدينة ميّو في جنوب فرنسا.

حتى ستينات القرن العشرين، كانت المدينة التي تُوصف بأنها عاصمة فرنسا للقفازات والجلود، نظراً إلى كونها معروفة تاريخياً بتربية الحملان، تضم نحو 80 شركة متخصصة. أما اليوم، فلم تبقَ منها إلاّ خمس، من بينها “ميزون فابر”، وهي أقدمُها.

فالقطاع تأثر سلباً بعاملَين، أولهما التخلّي التدريجي عن وضع القفازات، والثاني بروز منافسة في هذا المجال من دول أخرى، في مقدّمها الصين.

وكادت “ميزون فابر” تتوقف هي الأخرى تقريباً. وفي عام 1995، خسرت سوق الجيش الذي كانت تُنتج له أكثر من 160 ألف زوج من القفازات سنوياً. وكانت النتيجة إشهار الإفلاس “في شهر واحد”، على ما يروي لوي.

– جودة عالية –

إلاً أن الشركة التي أعيد إطلاقها بعد بضعة أشهر بإدارة أوليفييه، اختارت التموضع في فئة المنتجات العالية الجودة.

ويشرح أن قفاز “فابر” الذي بات يُصنع اليوم من جلد الخروف الإثيوبي المختلط، وهو في مجال الجلد بمنزلة “رولز رويس” في مجال السيارات نظراً إلى ليونته ومتانته، “يباع بسعر يراوح بين 120 و350 يورو، ويدوم مدى الحياة”، وتتولى الدار “تصليحه وصيانته”.

ويشدد على أن “اللون هو العنصر الرئيسي” في تصاميم الدار، وفق النهج الذي خطّته روز، والدة لوي، التي تسلّمت إدارة الشركة بعد الحرب العالمية الثانية، ومن أبرز مميزات منتجاتها أيضاً “الجودة، والاعتناء بالتفاصيل، وبساطة التصميم”، بحسب أوليفييه.

وبعدما استعادت الدار بريقها خلال العقدين الأوّلين من القرن الحادي والعشرين، جاءت أزمة جائحة كوفيد لتشكّل فصلاً صعباً جديداً من تاريخها.

ويقول أوليفييه “في عام 2020، فقدنا كل أسواق التصدير لدينا، ونستعيدها الآن ببطء”.

وكانت المبيعات الدولية للشركة وخصوصاً في الولايات المتحدة واليابان، تمثّل ما بين 40 و45 في المئة من إجمالي مبيعاتها، لكنها انخفضت إلى ستة في المئة فقط في الوقت الراهن.

ويتولى اليوم نحو عشرة فحسب من كبار صانعي القفازات إنتاج نحو خمسة آلاف زوج سنوياً على آلات متقادمة.

وتقول جاكلين سولانيه التي تبلغ 80 عاماً أمضت 55 منها في “ميزون فابر” “لقد شهدنا صعوداً وهبوطاً، والآن تسير الأمور على ما يرام. أتمنى أن تستمر على هذا النحو!”.

ويعمل الأخوان فابر على ضمان هذا الاستمرار، ويتولى أوليفييه مسؤولية التشكيلات والتواصل، فيما يهتم جان مارك بالإنتاج والإدارة.

ويقول جان مارك “أعرف كل ما يفعله ويعرف كل ما أفعله. لكلّ منّا طريقته الخاصة، ولهذا السبب كنا دائماً متفقين جيداً”.

أما شقيقه الأصغر فيقول “نحن نتجه إلى تحسين وضعنا لأننا نتمكن من التميّز وجذب عملاء جدد”.

فـ”ميزون فابر” باتت اليوم تهتم بإنتاج القفازات الرياضية المستخدمة في 45 لعبة، وابتكرت في الآونة الأخيرة قفازاً لرياضة سلاح الشيش اعتمده عدد من أبرز لاعبي المنتخب الأميركي الذي يشارك في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة.

ويأمل أوليفييه فابر في ضمان استمرار صناعة القفازات والجلود المحلية بأكملها مستقبلاً، من خلال إدراج مهنها في التراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية