حملة ‘أنتِ أقوى’ احدث سلاح لمواجهة انتشار التحرش الجنسي في مصر الحكومة تحضر قانونا خاصا لتشديد العقوبات على المتحرشين

حجم الخط
0

القاهرة ‘القدس العربي’ من منار محمد: بنات الأسكندرية أو ثوارها كما عرفهم الشـارع السكندري، يكسرون قيود الخوف والخضوع لعادات وتقاليد المجتمع السيئة، ويُحاولون إجبار الجميع على إحترامهم.
فليس بغريب على شباب أستنشق هواء الحرية بعد أن خرجوا إلى الشوارع حاملين أرواحهم على أيديهم أن تَخرج من بينهم فكرة جديدة تواجه ظاهرة ‘التحرش’ توسعت بل ‘توحشت’ في الفترة الأخيرة.

ثلاث فتيات من الإسكندرية، شاهدن التحرش ينتشر في كل مكان، وانضممن إلى حملات وقف التحرش، لكن بلا جدوى.. من هنا قررن ابتكار حملة جديدة لمحاربة التحرش عن طريق تقديم دروس لأخريات في طرق الدفاع عن النفس باستخدام حركات قتالية بسيطة الا ان بعضها يمكن ان يؤدي ‘بسهولة’ الى احداث اصابات مؤثرة في المتحرش، بينها كسر في اليد او كدمات مؤلمة تشل حركته حتى تنجو الفتاة بنفسها او تحصل على مساعدة من اخرين، وأطلقن على حملتهن عنوان ‘أنتِ أقوى’.
سارة عرفات، مي عبده ونجوى شمس الدين، جمعهن حلم القضاء على التحرش في مصر، لم يمنعهن الخوف من انتقادات المجتمع ‘الذكوري’، وانطلقن بقوة مع نهاية العام الماضي للوصول لمحافظات مصر.
وتقول سارة عرفات، المتحدث الإعلامي للحملة، ‘اشتركت في حملة لمواجهة التحرش بالإسكندرية، ولم أجد لها نتيجة رغم العمل الشاق الذي كانت تقوم به الحملة، ومع التفكير، وجدت أن الحل يكمن في مواجهة كل فتاة بنفسها لما يحدث لها من تحرش.
وتقوم فكرة الحملة على تدريب الفتاة على تقنيات الدفاع عن النفس لمواجهة من يقوم بالتحرش بها بطريقة لا تعرضها للخطر، وتحفظ حقها القانوني إلى تخطي المشكلات النفسية التي تتعرض لها نتيجة التحرش، وتهيئتهن لمواجهة حالات التحرش التي قد تحدث لهن فيما بعد.
وتضيف ‘الجميع في الحملة هم متطوعون بداية منا، وصولاً إلى المدرب البدني، والمحامي القانوني والطبيب النفسي، ونقوم بتدريب من تريد بالمجان على الوسائل الثلاث لمواجهة التحرش، ليس لنا اي مكان أو مكتب ثابت ولكننا نقوم باستئذان مراكز ثقافية أو قاعات في نوادٍ اجتماعية لأخذ المكان لساعات محددة نقوم فيها بالتدريب’.

توسيع الحملة

وتشير سارة إلى أنهن يخططن لتوسيع حملة ‘أنتِ أقوى’ الى جميع المحافظات، نظراً لوجود حالات تحرش في بعض المحافظات ولا يوجد هناك من يتعامل مع حالات الفتيات اللاتي يتكتمن دائمًا على ما حدث مهما وصلت درجة التحرش بهن، وهذا خطأ تقع فيه الفتيات، لأن الفضيحة الحقيقية ليس بقولها ‘إن هناك من تحرش بها’، ولكن الفضيحة هي تسترنا على الجريمة ومن قام بها.
وفي أقرب وقت سنصل للجميع تحت شعار ‘كوني عقل العالم وواجهي التحرش’، وحتى نعلمهن كيف يدافعن عن أنفسهن لمواجهة ظاهرة غريبة على مجتمعنا الشرقي بما فيه من قيم وعادات وتقاليد تحافظ على كل من على أرضه.

وقالت دعاء نبيل، المنسق الخارجي للحملة،لابد من مساعدة وتهيئة الفتيات لكيفية مواجهة حالات التحرش والتعامل معها والتعافي من آثارها حال حدوثها، وتسعى الحملة من خلال تلك التدريبات والجلسات إلى إعطاء مزيد من الثقة للفتيات لمواجهة التحرش الجنسي، الذي زاد في الأونة الأخيرة في غياب تام من الأمن، واكدت ان الاشتراك معنا لا يشترط شيئا غير ارتداء ملابس رياضية أو تتناسب مع التدريب الرياضي الذي سوف نقوم به، ويتم التدريب على مدار يومين فقط.
وتؤكد الحملة أن 85′ من سيدات مصر تعرضن للتحرش الجنسي حسب احدث الاحصائيات، وأن المشكلة الرئيسة في وجود عائق نفسي بين ضحايا التحرش من السيدات والشرطة.
وحسب المدرب القتالي عصام شعبان، الذي استعانت به الحملة لتدريب الفتيات فانه توجد العديد من الحركات البسيطة للدفاع عن النفس، وطرق للإفلات من المتحرش او حتى المغتصب عن طريق كسر عظام أصابعه على حد قوله.

حماية قانونية

الا ان مبادرات المجتمع المدني لا يمكنها وحدها ان تقاوم هذه الظاهرة التي تصاعدت بشكل خاص منذ ثورة كانون الثاني/يناير 2011.
وقال أحمد السرجاني، مساعد وزير العدل لشؤون المكتب الفني وحقوق الإنسان،’إن مشروع قانون التحرش الجنسي الذي تصيغه الوزارة حاليا سوف يكون على طاولة اجتماع مجلس الوزراء في وقت قريب بعد الانتهاء من صياغة مواده’.
وأوضح السرجاني ‘أن مشروع القانون، الذي يعد الأول من نوعه، يضع عقوبات على التحرش اللفظي والجسدي، وكذلك عقوبات على التحرش الجماعي، وتحت تهديد السلاح، كما قدم تعريفا لمفهوم التحرش’.
واضاف ‘لا يوجد حتى الآن قانون خاص بالتحرش في مصر، لكن توجد مواد في قانون العقوبات تعاقب المتحرشين جسديا. لكن العقوبات كانت أقل من ناحية مدة الحبس والغرامات، فضلا عن عدم احتوائها لعقوبات على المتحرشين لفظيا’.
وكانت مديرة الأبحاث للمجلس القومي للمرأة، نجلاء العادلي اقترحت قانونا جديدا العام الماضي لحماية النساء بتشديد العقوبات على المتحرشين، الا انها لم تجد اذانا صاغية.

اسباب اجتماعية

وتقول شيرين النجار، مديرة مركز إيزيس لبحوث المرأة في مدينة الأقصر، ‘إن قضايا المرأة تعد جزءا هاما من قضايا المواطنة وعدم التمييز’، مشيرة إلى كثرة العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، ‘وأبرزها انتشار معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع تكاليف الزواج، لذلك انتشرت حالة من حالات شيوع الفوضى’.
ويقول الدكتور السيد عوض، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، ‘إن ظاهرة التحرش الجنسي بالغة التعقيد من حيث طبيعتها ومضاعفاتها وأسباب حدوثها، لذلك فإن معالجتها والقضاء عليها يحتاجان إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانيات وتعاون شرائح المجتمع كافة، بما في ذلك منظماتُ المجتمع المدني، لمحاربة هذه الظاهرة السلبية باعتبارها تهديدا خطيرا للأمان الاجتماعي’.
وتقول الباحثة المصرية دعاء مهران، ‘إنه بعد انتشار وقائع التحرش الجنسي يجب عمل دورات تدريبية لرجال الشرطة في كيفية التعامل مع قضايا التحرش، مع مجابهة الأمر بتكثيف الوجود الأمني وسرعة تحرير المخالفات ومساندة الضحية، وكذلك إنشاء مكتب لتلقي شكاوى التحرش بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في وضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة’.
وقال اللواء حسين فكري، مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الانسان ‘نظرا لأهمية المرأة وايمانا من وزارة الداخلية بدور المرأة المحوري في المجتمع وأن الاهتمام بها يمثل حجر الزاوية في كل تنمية، بادرت وزارة الداخلية لإنشاء ادارة لمتابعة جرائم العنف ضد المرأة بكل أشكاله التحرش، هتك العرض، بث صور مسيئة للمرأة’.
وحرصت الوزارة على أن تضم الادارة الجديدة ضابطات شرطة مؤهلات وعلى مستوى عالي للتعامل مع كافة صور العنف ضد المرأة.
كما ضمت الادارة الجديدة طبيبات متخصصات في الأمــراض الـنــفسية والعصبية مهمتهن ازالة الآثار السلبية لدى الضحية واعادة تأهيلها للانخراط مع المجتمع.
ويقول د. أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر’ارتفع معدل التحرش الجنسي في المجتمع نتيجة لانصراف الدعاة الدخلاء والجهلاء وغير المتخصصين في العمل الدعوي الى الشكليات والمظاهر فشغلوا الناس بأمور لا تتفق مع فقه الواقع، وتركوا معالجة وتقويم السلوكيات وطغت الممارسات السياسية في دور العبادة مع ضعف الوازع الديني’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية