حل مشاكل اسرائيل الامنية لا يتم عن طريق الاحتلال واعادته ولكن بانهاء التحكم بمصير الفلسطينيين

حجم الخط
0

حل مشاكل اسرائيل الامنية لا يتم عن طريق الاحتلال واعادته ولكن بانهاء التحكم بمصير الفلسطينيين

دولة تفقد صورتها الانسانية باستمرارها في الهيمنة علي شعب آخرحل مشاكل اسرائيل الامنية لا يتم عن طريق الاحتلال واعادته ولكن بانهاء التحكم بمصير الفلسطينيين موتي مورال، الناطق المجمد لحزب العمل اتهم ارييل شارون قبل عدة ايام بالتصعيد المقصود للوضع الأمني حتي يخدم أهدافه السياسية ـ وضع القضايا الأمنية للدولة في مركز الحملة الانتخابية وإزاحة الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي الي الزاوية. رغم أن عمير بيرتس سارع للتحفظ علي ما قاله المتحدث باسمه، إلا أنه هو ورفاقه في حزب العمل مصابون بالاحباط علي ما يبدو لأن الفوضي التي تدب في السلطة الفلسطينية تطفو علي جدول الاعمال في اسرائيل وتمنعهم من تركيز الانتباه علي الضائقة الاجتماعية. بدلا من أن يكون حزب العمل حائرا من إملاءات الواقع يجدر به أن يتحدي الوضع الأساسي الذي يُغذي الوضع الأمني، اذا لم يكن سببا له، وأن يسأل نفسه عن حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.ارييل شارون لا يسيطر علي عصابات الجهاد الاسلامي التي تتسلل الي شمالي القطع وتطلق صواريخها من هناك باتجاه اسرائيل. كما أنه ليس ضالعا في تصعيد النزاعات الداخلية داخل الجمهور الفلسطيني التي يعتبر قصف عسقلان أحد انعكاساتها. هذه تطورات داخلية فلسطينية، وتأثير اسرائيل عليها في هذه الايام هامشي فقط. أضف الي ذلك أن تصعيد الوضع الأمني لا يخدم مصلحة شارون السياسية. لا بل انه يعمل ضده لأنه يُذكر الناس بتحذيرات بنيامين نتنياهو من أن الانسحاب من القطاع بصورة أحادية الجانب ومن دون مقابل سيكون شبحا يطارد اسرائيل. النتيجة في هذه اللحظة مربكة فعلا: فك الارتباط لم يُحسن الوضع الأمني، والمدن الاسرائيلية مُعرضة للصواريخ ذات القدرة التدميرية ونهج حياة مواطنيها يتشوش بصورة شديدة ومن دون أن يكون لدي الجيش الاسرائيلي رد ناجع علي الخطر. الرد العسكري علي الهجمات الصاروخية متأثر بالحملة الانتخابية: يوفال شتاينيتس (الليكود) يقترح احتلال أجزاء من القطاع في الوقت الذي لا يرغب فيه رئيس الوزراء الآن بشن عملية برية شاملة ويخشي ايضا قصف القطاع من دون تمييز حتي يوفر علي نفسه التورط علي المستوي الدولي. الرد العسكري الحالي هو تحديد منطقة أمنية وفق مدي الصواريخ علي أمل أن تكون هذه المظلة النارية قادرة علي ردع الخلايا الفلسطينية من تقريب قواعد الاطلاق من منطقة الحدود. لا يعرف أحد اذا كانت هذه الوسائل الردعية كافية خلال الاشهر الثلاثة القريبة لمنع الاصابات البالغة في الجانب الاسرائيلي التي يمكنها أن تؤثر علي نتائج الانتخابات.التصعيد الأمني يدفع حزب العمل وباقي الاحزاب لصياغة مواقف مبلورة وموثوقة بصدد مستقبل العلاقات مع الفلسطينيين: هل تتمسك باتفاق اوسلو وتري فيه خطة وحيدة لانهاء الصراع؟ وهل سيتمسك حزب ميرتس بحل اتفاق جنيف حتي في ظل الفوضي الفلسطينية؟ وهل سيتمسك حزب كديما ببرنامجه الجديد الذي ينادي بتقسيم البلاد، إلا أنه يسعي الي اضافة مناطق أمنية حيوية جديدة والاحتفاظ بها؟ ماذا يقترح الليكود وكيف سيحل التناقض بين تطلعه للاحتفاظ بأغلبية المناطق وبين الادراك بأن اسرائيل قد تفقد هويتها الصهيونية؟ وما هي ردود كل الاحزاب الصهيونية علي امكانية اختبار حماس لادارة شؤون السلطة الفلسطينية؟اتفاق اوسلو أحدث انعطافة تاريخية في علاقات اسرائيل والشعب الفلسطيني. الشعبان يمران منذئذ في فترة انتقالية يخوضان فيها معركة نهائية حول المناطق ومراكز القوة. الميل الاسرائيلي حتي الآن كان تمديد فترة الغسق الغامضة هذه حتي تتجنب الحواسم المؤلمة. هذا الاتجاه يتلقي تعزيزا من التفاعلات داخل الشعب الفلسطيني التي تثير الشكوك حول قدرته علي أخذ مصيره بيده.هذا واقع معقد وينطوي علي إغراء التهرب من القرارات، ولكن من الأفضل لنا أن نكافح ضد هذه الإغراءات: المسألة لا تتوقف فقط عند عدم التفكير حتي باعادة السيطرة علي قطاع غزة وانما يتوجب التطلع ايضا الي انهاء احتلال الضفة علي الفور. دولة لا يعرف قسم التحقيقات مع الشرطة فيها كيف يقرر فورا أن الفلاح البائس الذي جره حماره قد قُتل في حادثة عارضة، وليس نتيجة لإقدام جنود حرس الحدود بربطه بالبهيمة، هي دولة آخذة في فقدان صورتها الانسانية نتيجة لهيمنتها علي شعب آخر. دواء هذه المصاعب الأمنية ليس الاحتلال.عوزي بنزيمانكاتب رئيس في الصحيفة(هآرتس) ـ 2/1/6002

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية