الاحتلال يفجر منزل “أسد رام الله التحتا” منفذ “التفجير المزدوج” في القدس.. ومواجهات عنيفة بالحجارة والسلاح- (فيديوهات)

حجم الخط
0

رام الله- “القدس العربي”:

قبل وقت قصير من اقتحام مدينة رام الله وتحديدا منطقة بلدتها القديمة التي يطلق عليها الأهالي تسمية “رام الله التحتا”، وزعت مخابرات الاحتلال “الشاباك” رسالة وجهت إلى الأهالي، جاء فيها: “اليوم قوات جيش الدفاع الإسرائيلي يقوم بهدم منزل إسلام حربي فروخ.. الذي قام بعمل تخريبي داخل إسرائيل. نرجو من جميع السكان عدم الاقتراب من مكان الهدم وذلك حفاظا على سلامتكم وسلامة أفراد بيتكم… كما ونرجو الابتعاد عن القوات وعدم القيام بأعمال الشغب. سوف ننفذ النشاط والهدم دون ضرر بنمط حياة الحارة ومختلف سكانها ومبانيها. قوات الجيش لن تسمح بأي تشويش أو شغب خلال تنفيذ الهدم ومن يخالف سوف يعاقب”.
النص السابق الذي جاء محمولا على نصف ورقة بيضاء بالتهديد والوعيد وبرسائل الاطمئنان للأهالي، قبل تفجير منزل الأسير فروخ، وهو المتهم الوحيد بالتخطيط وتنفيذ عملية تفجير متزامنة في القدس المحتلة قبل نحو ثمانية أشهر.

لكن ما جرى في “رام الله التحتا” كان عكس ذلك تماما، حيث تحولت البلدة القديمة إلى ساحة حرب حقيقية بين مئات الشبان القادمين من كل حدب وصوب، الذين عملوا طوال ساعات على مشاغلة الجنود وسياراتهم بالحجارة والزجاجات الحارقة وإلقاء كل ما وقعت أيديهم عليه.
وإلى جانب الاشتباكات العنيفة بالحجارة وقعت اشتباكات مسلحة، ربما تحدث لأول مرة في فضاء مدينة رام الله والبيرة خلال العامين المنصرمين، حيث سمعت طوال فترة الاقتحام، التي استمرت من الساعة العاشرة من مساء أمس وحتى الساعة السابعة من صباح اليوم، زخات من الرصاص أطلقها مقاومون فلسطينيون صوب دوريات الاحتلال المحاصرة.
وإلى جانب تفجير المنزل انقلبت البلدة القديمة الجميلة والنظيفة إلى ساحة معركة، حيث استخدم الشبان فيها حاويات القمامة الحديدية والبلاستيكية والحجارة والطوب وقطع الخشب والحديد، وحمل الموقف الشعبي الرافض للاقتحام ردا بليغا على رسالة الجيش للأهالي الذي حذرهم من محاولة المساس بالجيش.
وبعد ساعات من محاصرة المنطقة التي يقع فيها المنزل الذي تبلغ مساحته 250 مترا، وهو جزء من بناية تضم ثلاث طبقات، فجّرت قوات الاحتلال المنزل على مرحلتين، مخلفة وراءها تدميرا هائلا وأضرارا جسيمة بالبناية والمنازل المجاورة.
واقتحمت قوات الاحتلال برفقة آليات عسكرية كبيرة وجرافة، مدينة رام الله الليلة الماضية، وحاصرت منزل الأسير إسلام فروخ، الذي عُلقت في وقت سابق ملصقات ضخمة تمجد فعله المقاومة ولقب خلالها بـ”أسد رام الله التحتا”.

واندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال، أصيب خلالها 13 مواطنا بالرصاص، إلى جانب إصابة العشرات بالاختناق بينهم مصوران صحافيان.
وأخلت قوات الاحتلال المنازل المحيطة بالمنزل طوال ليلة كاملة، حيث قامت بتفخيخه بالمتفجرات قبل أن تقوم بعملية التفجير صباحًا.

وكانت سلطات الاحتلال قد صادقت في 10 إبريل الماضي على قرار هدم منزل الأسير إسلام فروخ، منفذ عملية التفجير المزدوجة في القدس المحتلة في ديسمبر 2022، التي أدت إلى مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة آخرين.

ويسلك الاحتلال سياسة هدم منازل منفذي العمليات البطولية ضمن سياسة “العقاب الجماعي“، التي أثبتت فشلها في وقف عمليات المقاومة بالضفة الغربية.

ويقع منزل عائلة الأسير فروخ في بناية سكنية مكونة من أربع طبقات وتبلغ مساحته 250 مترا مربعا، ويأوي والدي الأسير وشقيقاته الأربع.
وبعد عملية هدم المنزل صعدت والدة الأسير فروخ إليه وقالت إنها والعائلة ستسير على درب ابنها في مقاومة الاحتلال.
وعلق نشطاء وأقارب للشهيد ملصقا ضخما على صدر البناية التي جرى تفجيرها، حمل صورة الأسير فروخ كتب عليه: “فلسطين كلما أغفو توقظني وتقض مضجعي.. فلسطين هي الزهرة وسط الأشواك، أسياد ولسنا عبيدا ونحن من يولد منا كل يوم شهيد وأسير”.
واستهدف جنود الاحتلال الطواقم الصحافية الموجودة لتغطية الاقتحام، بالرصاص وقنابل الغاز السام، ما أدى إلى إصابة المصور الصحافي مؤمن سمرين بالرصاص في الرأس، وجرى نقله إلى المستشفى، والمصور الصحافي ربيع المنير بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط في البطن، ووصفت إصابته بالطفيفة.
وكانت قوت الاحتلال اعتقلت الأسير إسلام فروخ الذي يحمل الهوية المقدسية في 27 كانون الأول/ديسمبر 2022، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية تفاصيل اختراق فروخ أجهزة الأمن الاحتلالية وتمكنه من تنفيذ عملية مزدوجة فجر خلالها عبوتين ناسفتين متزامنتين في القدس المحتلة، في 23 شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وأدت إلى مقتل مستوطنين وإصابة 25 آخرين، وهو ما عبر عن “إخفاقات” أمنية إسرائيلية، خلال مراحل العملية.
وقالت قناة “كان” العبرية بعد إعلان مخابرات الاحتلال عن اعتقال المهندس فروخ، من بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة، إن الأخير عبر من حاجز “عوفر” وهو يحمل أجزاء من العبوات الناسفة داخل مركبته، من دون أن يتعرض للتفتيش.
وأشارت تحقيقات الاحتلال إلى أن المهندس فروخ، الذي يحمل الهوية المقدسية، نجح في إخفاء أجزاء من العبوات الناسفة التي صممها داخل المدينة المحتلة من دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية في دولة الاحتلال من اكتشافها، قبل أن يجمعها ويزرعها على مداخل القدس وقرب مفرق حي “راموت” الاستيطاني.

درس فروخ الهندسة المكيانيكية في كلية “عزرائيلي” الإسرائيلية، قبل سنوات، وتؤكد وسائل إعلام إسرائيلية أنه لم يعترف في التحقيق على أي شريك معه في العملية، وقال إنه نفذ خطواتها كافة.
وكان الفروخ قد نفذ العملية في أوج الاستنفار العسكري والتحذيرات الأمنية الإسرائيلية من احتمال وقوع عمليات في الداخل المحتل، وذلك بعد سنوات من انقطاع العمليات التفجيرية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 والقدس.
وكانت التحقيقات قد أظهرت أن المهندس تمتع بأعصاب وتركيز ذهني قوي، خلال مراحل العملية، حيث توجه إلى منزله بعد العملية بهدوء ومن دون أن يثير أي انتباه، وهو ما عزز من تقديرات الاحتلال الاستخباراتية والأمنية في البداية أن يكون من يقف خلف العملية “خلية منظمة”.
وحاول الاحتلال بعد اكتشافه إلصاق تهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة “داعش” بحق الفروخ الذي نفى ذلك، إذ صرح خلال جلسة المحاكمة بأنه لا ينتمي إلى أي فصيل سياسي، مشددا على أنه “مسلم مقدسي فلسطيني” وليس له علاقة بما ينشره الاحتلال عن انتمائه إلى تنظيم داعش.
ونددت فصائل فلسطينية ومنها الجبهة الشعبية، بهدم المنزل، واعتبرت أن “سياسة هدم منازل الأسرى تؤكد عجز الاحتلال وفشل سياساته، وهدم منزل عائلة الأسير إسلام فروخ لن يكسر الأسرى وذويهم، وشعبنا سيُفشل بصموده وإرادته سياسة العقاب الجماعي”.
فيما قالت حركة الجهاد الإسلامي إن الهدم يأتي في سياق السياسات العدوانية للاحتلال التي ستفشل أمام المقاومة التي تزداد قوة وإصرارًا في ظل تزايد العدوان.
واعتبرت حركة حماس تفجير المنزل جريمة حرب مكتملة الأركان، وسياسة عقاب جماعي بشعة يمارسها الاحتلال منذ قيام كيانه الغاصب.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” فإن الاحتلال الإسرائيلي هدم واستولى على 42 مبنى في القدس، والمنطقة “ج” في الضفة المحتلة، خلال الفترة ما بين 2 – 15 أيار/ مايو الماضي، وأن عمليات الهدم أسفرت عن تهجير 50 فلسطينيًا بينهم 23 طفلًا.
وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني “معطى” فإن قوات الاحتلال ومنذ مطلع العام هدمت 9 منازل تعود ملكيتها إلى عوائل شهداء أو أسرى نفذوا عمليات ضد قوات الاحتلال أو أسرى، فيما منزل الفروخ يعتبر المنزل العاشر، كنوع من العقاب الجماعي بحق عائلات منفذي عمليات مقاومة ضد الاحتلال.
ففي مطلع العام الجاري فجرت قوات الاحتلال ثلاث شقق تعود ملكيتها إلى عائلتي الشهيدين عبد الرحمن هاني عابد وأحمد أيمن عابد في جنين، وبتاريخ 25 يناير فجر الاحتلال منزل عائلة الشهيد عدي التميمي، وبتاريخ 11 فبراير فجر الاحتلال منزل عائلة الشهيد حسين قراقع، وبتاريخ 16 فبراير فجر الاحتلال منزل عائلة الشهيد محمد كمال الجعبري في الخليل، وبتاريخ 2 مايو فجر الاحتلال منزل عائلة الأسير يونس جلال هيلان، ومنزل عائلة الشهيد محمد صواف في سلفيت، وبتاريخ 23 مايو فجرت منزل عائلة الشهيد معتز الخواجا في رام الله.

وفي السياق ذاته، أفادت مصادر محلية أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مخيم عقبة جبر جنوب أريحا، وحاصرت منزل الأسير شلون (44 عاما) وسلمت ذويه إخطارا بهدم المنزل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية