جولة تفاوض جديدة بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة- “القدس العربي”:

تتواصل في أديس أبابا اليوم، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، في وقت بدت تصريحات المسؤولين المصريين أكثر تشاؤما حيال التوصل لاتفاق مع إثيوبيا.

الجولة الجديدة من المفاوضات بحضور الوزراء المعنيين من الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا، تأتي استكمالا للجولة التي عقدت في القاهرة يومي 27 و28 أغسطس/ آب الماضي، في أعقاب لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في يوليو/ تموز الماضي.

لم تمنع جولة المفاوضات الجديدة وزير الخارجية المصري سامح شكري، من انتقاد ما وصفه بـ”تمادي إثيوبيا في ملف سد النهضة”.

وقال شكري إن بلاده تعاني من ندرة مائية مع تعداد سكانها الذي يبلغ 105 ملايين نسمة، الأمر الذي أدى لانخفاض شديد في نصيب الفرد من المياه، ووجود عجز شديد سنويا يزيد على 50% من احتياجاتنا المائية، مما يفرض علينا إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة لعدة مرات.

وأضاف خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مصر تعتمد على نهر النيل بصفة أساسية، ما جعلها عرضة للتأثر بشدة بأي استخدامات غير مستدامة لمياه النهر.

وأكد أن إثيوبيا تمادت بالاستمرار في الملء والتشغيل بشكل أحادي في خرق لقواعد القانون الدولي واتفاق إعلان المبادئ 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في عام 2021. وشدد شكري على رفض مصر الممارسات الإثيوبية في ملف المياه، وفرض سياسة الأمر الواقع من خلال سد النهضة.

وزير الري والموارد المائية المصري، هاني سويلم، انتقد هو الآخر التعنت الإثيوبي، وقال إن بلاده تستمر في التعامل مع المفاوضات، كعهدها دائماً، بالجدية وحسن النوايا اللازمين بغرض التوصل لاتفاق عادل ومتوازن، يراعي مصالحها الوطنية ويحمي أمنها المائي واستخداماتها الحالية، ويحفظ حقوق الشعب المصري، وفي الوقت ذاته، يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، بما يضمن تحقيق التنمية والرخاء لشعوب مصر وإثيوبيا والسودان .

كما أكد سويلم على أهمية حشد الجهود ليتسنى التوصل للاتفاق المطلوب في المدة الزمنية المقررة، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار وجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح إبرام اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث.

من جهتها، تحمّل المعارضة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسي مسؤولية أزمة سد النهضة.

المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة أحمد الطنطاوي، قال إن إثيوبيا مستمرة في سياسة فرض الأمر الواقع، مستفيدة من ضعف وتهاون موقف السلطة المصرية في قضية وجود الدولة.

وأضاف الطنطاوي في بيان: “التعنت الإثيوبي في توقيع اتفاق يوقف فورا استمرار هذا المخطط العدائي، ويعترف بحقوقنا في مياه النيل، يمثل جريمة صريحة على الشعب المصري وأمنه المائي، بل على مستقبل وجود الدولة المصرية، وهو الأمر الواجب مواجهته على وجه السرعة وباستخدام كل موارد القوة الشاملة للدولة المصرية للوصول إلى حل تعاوني يحفظ حقوقنا، أو يفرضها إذا لزم الأمر”.

وزاد: “النتيجة الكارثية التي نعيشها اليوم وتمثل أكبر تهديد في تاريخ الدولة المصرية، يُسأل عنها بشكل شخصي رئيس الجمهورية الذي تصدى لإدارة هذا الملف بطريقته الخاصة، والذي وقّع في مارس/ آذار 2015 على الاتفاق الإطاري الذي يُفرّط في حقوق مصر التي نصت عليها المعاهدات الدولية الموقّعة بين مصر وإثيوبيا، والتي يسري عليها مبدأ التوارث الدولي، وكذلك نصوص القانون الدولي فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية في أحواض الأنهار الدولية”.

وواصل: الحل الذي ناديت به على مدار 8 سنوات، كنائب بالبرلمان، ثم كرئيس حزب سياسي، والآن كمرشح رئاسي، يبدأ بعرض هذا الاتفاق غير المُلزم للدولة المصرية على البرلمان احتراما وتطبيقا للدستور”.

واعتبر الطنطاوي أن تغيير الرئيس الحالي في الانتخابات القادمة، يفتح الباب أمام فرصة حقيقية لإنقاذ النيل قبل فوات الأوان، في ظل استمرار إثيوبيا في خططها بشأن هذا السد وغيره، حيث أنهت التصميم الخاص بسد كاردوبي، والذي يأتي أيضا ضمن سلسلة من السدود الكبرى والصغيرة، لاستكمال العمل العدائي المخطط لتركيع الدولة المصرية وسلب استقلالها وسيادتها مستقبلا.

وأكد “أننا في حاجة ملحّة وعاجلة لإفساح المجال لرئيس جديد، وإدارة جديدة تتحلى بالكفاءة اللازمة والرؤية الواضحة لمواجهة تلك الكارثة”.

وتابع: “التصدي لتلك القضية الوجودية يأتي في رؤيتي ضمن استراتيجية مكتملة لاستعادة الدور القاري للدولة المصرية”.

وختم بيانه بالقول: “الرؤية الواقعية تدرك أن استجابة إثيوبيا للمطالب المصرية لن تكون دون أن تقدّم لها مصر مكتسبات فعلية على الأصعدة السياسية والاقتصادية، بحيث ترى معها إثيوبيا أن من مصلحتها كسب مصر إلى جانبها واحترام حقوقها، كما تلمس بالمقابل في صورة إجراءات محددة وبرسائل واضحة، أن استمرار الاعتداء على حقنا في الحياة ستكون عواقبه مباشرة ووخيمة”.

وفي 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد نجاح بلاده في إنهاء عملية الملء الرابع للسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية