جنون الاعتقالات الإسرائيلية في الضفة الغربية… محاولة ردع وعقاب جماعي

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله ـ «القدس العربي»: في يوم 23/10/2023 اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم الجلزون شمال رام لله، استمر الاقتحام العنيف لساعات طويلة، واستخدم خلاله شتى أنواع الترهيب والتنكيل. تقول والدة الأسيرين محمد وعدي نخلة، إنّ «قوات مدججة من جيش الاحتلال كانت قد اقتحمت المنزل فجرًا، وقاموا بضرب الأبناء بشكل مبرح أمام والديهم، حيث قاموا بربط الابن الأصغر ريان (16 عامًا) بعصبة وبدأوا بضربه أمام باقي أفراد العائلة وتهديده بالقتل، ولم يكتف الجنود بضربه بل أحضر أحد الجنود سكينًا وقام بوضعها على رقبته ثم هدده بالقتل، واستمر اقتحام المنزل أكثر من ثلاث ساعات، واستخدموا فيها شتى طرق الضرب والتنكيل مع معظم أفراد العائلة وعاثوا خرابًا في المنزل قبل انسحابهم واعتقالهم لمحمد وعدي نخلة».

أما في بلدة جناته في بيت لحم، فقد تعرضت عائلة المسن عبد الله العروج، لعملية اعتقال جماعية طالت أربعة من أبنائه، ليرتفع عدد المعتقلين من أبنائه إلى 6 اثنان منهم معتقلان قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر وهم: إسماعيل، وإبراهيم، ومحمد، وجعفر، وأحمد وعيسى العروج، وخلال عمليات الاقتحام التي تعرضت لها العائلة، نفّذت قوات الاحتلال اعتداءات بالضرب المبرح على والدهم المسن البالغ من العمر 70 عامًا، عدا عن عمليات التخريب الواسعة التي طالت منازل العائلة، والتهديدات المتكررة.
وفي شكل آخر وجديد للجرائم الإسرائيلية، قام جنود الاحتلال بتصوير فيديوهات للمواطنين الذين تم اعتقالهم في منطقة الخليل، وكان من بينهم فيديو ظهر فيه جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، يقومون بتعذيب مجموعة من المواطنين المدنيين العزل في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية، بعد تجريدهم من ملابسهم، وكان هذا الفيديو جزءًا من مجموعة مقاطع مصورة أخرى نشرها جيش الاحتلال، يقوم فيها جنود الاحتلال بتصوير مواطنين فلسطينيين بعد اعتقالهم وهم في ظروف مهينة، والتعمد بوضع علم الاحتلال على المعتقلين وهم معصوبو الأعين، ومقيدون.
وفي مثال رابع، قام جيش الاحتلال باقتحام بلدة بيت ريما شمال رام الله، وخلال ذلك نفذ عملية الاعتقال لشابين من البلدة، حيث يظهر فيديو قيام جندي بتسليم المعتقلين الفلسطينيين إلى مستوطن، ويظهر المستوطن مصورا الشابين وهما ملقيان في خلفية سيارته ويسمع الأغاني الصاخبة مسرورا ومبتهجا بالصيد الثمين.
وفي حالة خامسة، أجبرت قوات الاحتلال الأسير المحرر عبد الله رصرص من مخيم الفوار جنوب الخليل على تسليم نفسه، بعد اعتقال والده والدته.
والسابق هي مجرد أمثلة كثيرة تسعى مؤسسات فلسطينية تعنى بالأسرى إلى عملية حصرها والتعامل معها، حيث تصدر يوميا تحديثات لا تتوقف لقوائم الأسرى والمعتقلين، قوائم تلو القوائم. أما تفحص هذا القوائم يجعلنا ندرك أنها تضم مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، سواء الأطفال والأمهات والشبان وكبار السن والنشطاء والصحافيين…ألخ. لا يتوقف فعل الاعتقالات اليومي في الضفة الغربية على مطلوبين أو شخصيات محسوبة على حركة حماس، إنها حالة عامة من الجنون الإسرائيلي.
وبعد أن كان الرقم اليومي للمعتقلين ما بين 10 – 20 معتقلا تضاعفت الأرقام بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر في عملية «طوفان الأقصى» لكن الأهم بالنسبة لمؤسسات الأسرى الفلسطينية هو أن السياسة الاحتلالية ذاتها لم تتغير، وما حدث هو أن تضاعفت الأرقام وتنوعت القوائم وزادت حدة الجرائم والانتهاكات بحق المعتقلين وعائلاتهم في سبيل تكرس حالة ردع وكعقاب جماعي حسب الباحثة في شؤون الأسرى أماني السراحنة.

2070 حالة اعتقال

وفي آخر استعراض لمؤسسات الأسرى الفلسطينية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي لأبرز المعطيات حول عمليات الاعتقال التي نفذها الاحتلال وواقع الأسرى في السجون في ضوء العدوان الشامل والإبادة في غزة جاء «أن سياسة الاعتقال الممنهجة والثابتة، شكلت إحدى أبرز السّياسات التي اتبعتها المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية على مدار العقود الماضية، لاستهداف الوجود الفلسطينيّ».
ورأت المؤسسات أن الاعتقالات تأتي في ظل العدوان الشامل الذي يشهده الشعب الفلسطيني، والإبادة الجماعية التي تنفّذها في غزة، وذلك ضمن إطار عمليات المحو المستمرة، لكل ما هو فلسطيني. فتصاعدت حملات الاعتقال الممنهجة والتي طالت كافة فئات المجتمع الفلسطينيّ محاولة جديدة من منظومة الفصل العنصري الإسرائيلية، لتقويض أي حالة نضالية تسعى لترسيخ حق الفلسطيني في تقرير مصيره.
ووفقًا للمتابعة التي أجرتها مؤسسات الأسرى، (هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة – القدس) فقد وثقت 2070 حالة اعتقال في الضّفة بما فيها القدس خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، من بينها 145 طفلًا، وأكثر من 55 من النساء.
وكان التّحول الأبرز على معطيات الأسرى، هو التصاعد الكبير في جريمة الاعتقال الإداريّ، حيث أصدر الاحتلال خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1034 أمر اعتقال إداريّ، من بينها 904 أمر اعتقال إداري جديد، و130 أمر تجديد.
وصعّد الاحتلال من حملات الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبلغت حالات الاعتقال حتى نهاية الشهر الماضي 1760 شملت كافة الفئات، حيث بلغ متوسط عمليات الاعتقال اليومية بعد هذا التاريخ، نحو 73 حالة اعتقال، وهذه النسبة تزيد بثلاثة أضعاف عن حملات الاعتقال التي كانت تنفّذ من قبل، ومن بين حالات الاعتقال 17 صحافيًا، فيما بلغ عدد النواب الذين جرى اعتقالهم 14 وعلى صعيد جريمة الاعتقال الإداري فقد أصدر الاحتلال 872 أمرًا بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، غالبيتها أوامر جديدة، هذا وتشير مؤسسات الأسرى إلى أنّ حملات الاعتقال تركزت بعد هذا التاريخ في محافظة الخليل وبلداتها، حيث بلغت حالات الاعتقال فيها 500 تليها القدس التي سُجل فيها أكثر من 400 حالة اعتقال.

الأعلى منذ الانتفاضة

وذكرت مؤسسات الأسرى أن هذه النسبة من أعداد حالات الاعتقال في الضّفة التي نفّذت خلال شهر تعتبر الأعلى منذ سنوات انتفاضة الأقصى، هذا إلى جانب عمليات الاعتقال التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 والتي لم تتوفر معطيات دقيقة عنها، وكذلك عن أعداد المعتقلين من غزة بمن فيهم العمال.
ووفقًا للمعطيات فإن عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر نحو 7000 أسير، من بينهم 62 أسيرة، فيما لا تتوفر أعداد دقيقة للمعتقلين الأطفال، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين (المعتقلون دون تهمة) 2070 وبلغ عدد المعتقلين من غزة الذين صنفهم الاحتلال بمقاتلين غير شرعيين 105.
وأكدت المؤسسات أن أعداد المعتقلين من عمال غزة سواء من اُعتقلوا في الأراضي المحتلة عام 1948 أو من جرى اعتقالهم في الضّفة لاحقًا، لم تتوفر معطيات حول مصيرهم، وتفاصيل احتجازهم، بسبب رفض الاحتلال تزويد المؤسسات الحقوقية بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أي معطيات عنهم حتّى اليوم.
ووثقّت مؤسسات الأسرى، العشرات من الشهادات الأولية، من معتقلين جرى الإفراج عنهم بعد اعتقالهم بفترة وجيزة، وكذلك عائلات المعتقلين الذين استهدفوا خلال حملات الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والتي عكست مستوى عال من الاعتداءات والانتهاكات والجرائم الممنهجة، والتي وصلت إلى حد تهديدهم بإطلاق النار بشكل مباشر، والضرب المبرح، والتحقيق الميداني معهم، والتهديد بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية وغيرها من الانتهاكات الوحشية.
وأدت هذه الاعتداءات، والجرائم الممنهجة إلى إصابة العديد من المعتقلين، وأفراد من عائلاتهم، بإصابات جسدية مختلفة، وتعمد الاحتلال بعد اعتقالهم بتركهم دون علاج، وعكست شهادات العائلات العديد من الأعراض النفسية التي ظهرت على أفراد من العائلة ومنهم الأطفال جرّاء عمليات الاقتحام الوحشية التي جرت لمنازل المواطنين.

العائلات كرهائن

وصعّد الاحتلال من سياسة احتجاز بعض أفراد العائلة كرهائن للضغط على أحد أفراد العائلة بتسليم نفسه، وذلك ضمن سياسة العقاب الجماعي المستمر الذي تمارسه سلطات الاحتلال، والذي يعتبر جريمة حرب، حيث سجلت عدة حالات اعتقال واحتجاز لنساء، وأطفال، للضغط على ذويهم لتسليم أنفسهم، وقد وثقت المؤسسات العديد من الحالات التي تعرضت فيها عائلات بأكملها للاعتقال بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه، واستهدفت النساء بشكل أساس، وتركزت هذه العمليات في محافظة الخليل التي شهدت أعلى نسبة في عمليات الاعتقال، حيث تم رصد 22 حالة اعتقال لأباء وأبناء، و30 حالة اعتقال لأخوة، فقط في محافظة الخليل.
ولم يكتف جيش الاحتلال باعتقال البالغين للضغط على ذويهم من أجل تسليم أنفسهم، بل شملت السياسة احتجاز أطفال الأسرى كنوع من الضغط كما حدث مع الطفل الذي لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات من قرية بيت لقيا قضاء مدينة رام الله، والذي احتجزته قوات الاحتلال لساعة ونصف ثم أطلقوا سراحه، وقام والده (ن.ب) بتسليم نفسه لقوات الاحتلال لاحقًا.

وإجراءات انتقامية

شرعت إدارة سجون الاحتلال، بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بفرض إجراءات انتقامية جماعية في إطار جريمة (العقاب الجماعي) الثابتة والممنهجة بحقّ الأسرى، وكانت الأشد والأخطر منذ عقود، وقد تمكّنت المؤسسات المختصة، من خلال زيارات محدودة نفّذتها لبعض السّجون، وجرت ضمن ظروف بالغة الصعوبة، ومن خلال الشهادات التي حصلت عليها المؤسسات لأسرى أفرج عنهم مؤخرًا؛ من رصد هذه الإجراءات، والتي تشكّل امتدادًا لجملة من السّياسات والإجراءات التي انتهجتها بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة.
فقد نفّذت قوات القمع المدججة بكافة أنواع الأسلحة، عمليات اقتحام واسعة لأقسام الأسرى وزنازينهم، ووضعت الأسرى بعزل جماعي، ومضاعف، حيث تحوّلت كافة غرف الأسرى إلى زنازين بعد تجريدهم من كافة مقتنياتهم، ومصادرة كافة الكهربائيات البسيطة التي كانوا يستخدمونها، لتلبية احتياجات أساسية لهم، ونفّذت اعتداءات واسعة بحقّ الأسرى، من خلال الضرب المبرح مستخدمة العصي والهراوات، وتسببت بإصابة العشرات بصفوفهم، وتعمدت بعد ذلك تركهم دون علاج.
ومسّت هذه الإجراءات مقومات الحياة الأساسية (الطعام، الماء، العلاج، والكهرباء) بعد أن أقدمت في البداية على قطع الكهرباء عن أقسام الأسرى، وتقليص كمية المياه، والساعات توفرها لهم، وضيقت بشكل غير مسبق على الأسرى المرضى، وضاعفت من سياسات الحرمان من العلاج القائمة أصلا بحقهم، وأوقفت نقل الأسرى إلى عيادات السّجون، وكذلك المستشفيات، كما وفرضت عملية تجويع، بعد إغلاق (الكانتينا) ومصادرة ما تبقى مع الأسرى من مواد غذائية كالمعلبات، وقلصت وجبات الطعام إلى وجبتين، والتي لم تعتد ترتقي إلى وصف الوجبات فهي عبارة عن لقيمات غير صالحة للأكل.
وأغلقت كافة المرافق منها المغسلة التي كان الأسرى يستخدمونها لغسل ملابسهم، وذلك بعد أن صادرت ملابسهم وأبقت للأسير غيار واحد فقط، وفي بعض السّجون صادرت الأحذية، والمخدات، كما ونفّذت عمليات نقل جماعية بحق الأسرى، وعزلت العديد منهم انفراديًا بعد الاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ونتيجة لحملات الاعتقال اليومية، فقد اكتظت السّجون بالمعتقلين الجدد، فالغرفة التي تتسع لستة أسرى، تجاوز عدد الأسرى فيها العشرة، وإلى جانب كل هذا نفّذت عمليات استجواب وتحقيق للعديد من الأسرى حول الوضع الراهن.
وشملت هذه الإجراءات كذلك «عيادة سجن الرملة» والتي يحتجز فيها الأسرى المرضى، حيث اشتكى الأسرى في سجن عيادة سجن الرملة من صعوبة التفتيشات وكميات الطعام التي لا تتناسب مع كمية الأدوية التي يتناولونها، إضافة إلى ذلك شملت الإجراءات سجن «الدامون» حيث تتواجد فيه الأسيرات، وقد تعرضت الأسيرات منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر لعدة عمليات قمع ترافقت مع رش الغاز، وقمع ثلاث أسيرات ووضعهن بالعزل، حيث لم تزل ممثلة الأسيرات مرح باكير في العزل الإنفرادي في معتقل الجلمة حتى اليوم.
كما ووصلت إجراءات الاحتلال إلى حد استهداف الأسرى عبر عملية اغتيال ممنهجة بحق المعتقلين وعن سبق إصرار حيث استشهد المعتقلان، عمر دراغمة (58 عامًا) من طوباس، وعرفات حمدان (25 عامًا) من رام الله، وهما من ضمن من جرى اعتقالهم بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وقد جرى تشريح جثامينهم إلا أنّ الّتقارير الطبية لم تصدر بعد، إضافة إلى ذلك فقد اغتال الاحتلال العشرات من الأسرى المحررين ومنهم من أبعد خلال السنوات الماضية إلى غزة، وذلك في إطار عمليات الإبادة الجماعية.
وأكدت المؤسسات أنّ واقع الحياة الاعتقالية للأسرى اليوم، هي أشد صعوبة وخطورة، وهي أقرب إلى واقع الأسرى في سنوات نهاية الستينيات، وبداية السبعينيات.
من بين الإجراءات الإسرائيلية عمل الاحتلال على تفعيل المادة 33 من الأمر العسكري رقم 1651 والتي تنص على إجراءات الاعتقال «في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب» والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة 8 أيام قبل عرضه على المحكمة بدلًا من 96 ساعة، بحيث يمنع تلقائيًا من لقاء محاميه لمدة يومين.
أما فيما يتعلق في الأسرى الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال من قطاع غزة، فقد صدر بتاريخ 8/10/2023 أمر سجن المقاتلين غير الشرعيين (أمر مؤقت) الذي يفيد باعتبار أسرى قطاع غزة (كمقاتلين غير شرعيين) بناءً على قانون المقاتل غير الشرعي الإسرائيلي الصادر عام 2002 وبتاريخ 13/10/2023 صدر تعديل على قانون المقاتل غير الشرعي تحت عنوان «المواعيد النهائية للتعامل مع المقاتلين غير الشرعيين أثناء الحرب أو العمليات العسكرية للعام 2023» والذي يستبدل مدة إصدار أمر الاعتقال من 7 إلى 21 يوماً، ومدة المراجعة القضائية من 14 إلى 30 يوما، وزيارة المحامي تكون خلال 21 يوما قبل موعد المراجعة القضائية بدل من 7 أيام، والمنع من لقاء المحامي على يد المسؤول عن إصدار قرار الاعتقال يصبح 28 يوما من تاريخ الاعتقال بدل 10 أيام.
وأشار تقرير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية أن دولة الاحتلال تستمر بانتهاك ضمانات المحاكمة العادلة وحق الأسرى في الحصول على الاستشارة القانونية من خلال تعليمات تُعدل على قانون الاعتقالات لعام 1996 الذي يسري على فلسطينيي الأراضي المحتلة لعام 1948 وسكان قطاع غزة والذي أعطى الحق لمسؤول التحقيق في تأجيل لقاء المحامي حتى 15 يوما، ومسؤول وحدة التحقيق يمنع أنّ يمدد المنع مدة 15 يوما إضافية بحيث لا تتجاوز المدة 30 يوما، أما رئيس أو نائب رئيس المحكمة المركزية يمكن أن يمدد المنع لمدة 20 يوما في المرة الواحدة بحيث لا تتجاوز مدة المنع الكلية 90 يوما.
وجاء في التقرير أن دولة الاحتلال تواصل إصدار التعديلات التعسفية والتي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين الفلسطينيين كالأمر الذي صدر بشأن «تشديد التعامل مع مخالفات التحريض ودعم منظمات معادية (تعليمات مؤقتة)» والذي رفع العقوبة على «التحريض» ودعم «المنظمات المعادية» التي تم ذكرها في الأمر بالحبس لمدة عامين كحد أدنى. ومع العلم أن انتهاج دولة الاحتلال لسياسة الإدانة على تهم التحريض ليست بالسياسة الجديدة، إلا أن تشديد العقوبة خلال «حالة الحرب» يهدف إلى ترهيب الفلسطينيين وقمع أي مظاهر دعم وتأييد للفصائل الفلسطينية المذكورة في الأمر.

ردع وعقاب جماعي

تقول الباحثة أماني السراحنة، وهي مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، إن الحالة الاعتقالية اليوم ليست منفصلة عما جرى في الأشهر السابقة وكذلك العام الماضي، فـ»رغم انه هناك تحول كبير في كثافة حملات الاعتقال وبروز سياسات تستهدف العائلات وارتفاع مستوى الجرائم إلا أنها سياسات تتعاطى مع الوضع في الضفة الغربية على أنها انتفاضة ضد الاحتلال».
وترى السراحنة أن ملامح الحملات الأخيرة هو أنها «محاولة لتحقيق عملية ردع أكثر من كونها عملية استهداف لأشخاص عليهم شبهات أو قاموا بعمليات مقاومة».
وتشدد ان ذلك يمكن ملاحظته من خلال عشوائية حملات الاعتقال اليومية، حيث تعتبر عملية انتقام جماعية ومحاولة ردع لأي محاولة تصعيد في عمليات المقاومة داخل الضفة الغربية.
وتكمل: نوعيات المعتقلين تشير أنها عمليات لا تستهدف مثل شبان في العشرين من العمر أو مطلوبين للاحتلال، إنما نتحدث عن شخصيات مؤثرة اجتماعية وسياسيا وثقافيا على مستوى التنظيم السياسي كفكر، وتحديدا في مدينة الخليل حيث يلاحظ أن أغلب المعتقلين من أصحاب التأثير الاجتماعي.
وتشير الأرقام إلى أن محافظة الخليل شهدت أعلى نسبة عمليات اعتقال وذلك بمعدل 500 معتقل، وترى السراحنة أن ذلك يأتي رغم أن المدينة طوال الفترة الماضية لم تشهد حالة نضالية مثل مدن شمال الضفة الغربية.
وتعلق على طريقة الاعتقال حيث تشير إلى وجود «عنف عالي جدا، وذلك بشهادة كل من عمل في حقل متابعة عمليات الاعتقال منذ سنوات، فما يجري يشير إلى مستوى الجرائم والانتهاكات التي مارسها الجيش في انتفاضة الأقصى الثانية وانتفاضة الأولى عام 1987».
وتتابع: «يتعامل لاحتلال وكأن هناك انتفاضة شعبية حقيقية قد وقعت ضده».
وترى أن أبرز الجرائم إلى جانب الاعتقال هو حالة الخراب الكبير التي ينفذها الاحتلال داخل منازل المواطنين، وهو أمر يكبد العائلات خسائر مالية كبيرة جدا، إلى جانب الضرب الميرح والتعذيب، والتهديد بالقتل وإطلاق النار، واستخدام الألفاظ النابية والشتائم ومحاولات اذلال الناس داخل البيوت وأمام عائلاتهم، مثل ضرب الأب أمام زوجته وأطفاله والعكس، أو إذلال الأولاد أمام أمهاتهم وضربهم بطريقة مبرحة، إلى جانب اعتقال أفراد من العائلة (الأقرب إلى الشخص المطلوب اعتقاله).
وتشدد أن هناك تهديدات وصلت حد تهديد بعض المعتقلين الشبان الصغار بالاغتصاب أمام العائلات.
وتصف سياسة احتجاز العائلات كرهائن بإنها من أبشع السياسات الاحتلالية وهو أمر صعد الاحتلال من ممارسته حيث طال زوجات وأمهات وأبناء المعتقلين رغم أن ذلك يصنف جريمة حرب حسب ميثاق روما.
وتعلق سراحنة على عمليات تصوير المعتقلين المذل معتبرة أن هذا يرتبط بسياسة يستخدمها الاحتلال في الداخل الإسرائيلي وللفلسطيني أيضا، حيث ينم ذلك عن صدمة يعيشها الاحتلال ويريد من خلال التصوير المذل أن يثبت للجمهور الإسرائيلي أن هذه الطريقة المثلى للتعامل مع الفلسطيني، وكذلك تحقيق هدف موجه للفلسطيني يتمثل في ترهيب وترويع المجتمع الفلسطيني.
وتؤكد أن جدلا أثير داخل المؤسسات المهتمة بالأسرى حول كيفية التعامل مع هذا النوع من الفيديوهات، حيث كان السؤال: هل ننشرها أم لا؟ وتعلق: «برأيي أنه جزء من التخوفات لدى المؤسسات كان مصدرها أن هذه سياسة هدفها بث الرعب بين نفوس المواطنين، وبالتالي كان لدى المؤسسات الحقوقية خوف من التعميم مخافة تحقيق غاية الاحتلال من تصوير الفيديوهات المذلة».
وتلخص المؤسسات الحقوقية الفلسطينية أن جرائم الاحتلال تعيد الفلسطينيين والعالم إلى محطات سجني (أبو غريب، غوانتانامو) بكل ما تحمل تلك المحطات من جرائم وانتهاكات يجب أن يتم الوقوف في وجهها فورا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية