ثنائية روائية لنور عبد المجيد في الدار المصرية اللبنانية: أنا شهيرة .. أنا الخائن

حجم الخط
0

القاهرة ـ ‘القدس العربي’: ‘ أنا شهيرة’ و’أنا الخائن’ رواية من جزءين لنور عبد المجيد، صدرت عن الدار المصرية اللبنانية بغلاف الفنان عمرو الكفراوي، وتدور الرواية على لسان بطلين حيث تحكي شهيرة حكايتها كما عاشتها، ويحكي رؤوف في ‘أنا الخائن’ حكايته كما جرت معه، وهو يمثل الوجه الآخر لشهيرة أو الطرف الثاني في العلاقة.
في هذه الرواية تغوص نور عبد المجيد مجدداً في خفايا النفس البشرية راصدة لحظات انتصارها وانكسارها، فرحها بالحب وفزعها من الخيانة.
حيث تشكل تيمة الخيانة بطلا رئيسيا في هذه الحكاية بجزئيها وهي تيمة فنية عند نور عبد المجيد ، فهي دائماً ما ترمي من خلال تناولها إلى الوقوف على دوافع النفس البشرية واحساسها الوجودي الضاغط، ومن خلالها تستخرج المناطق المظلمة في الروح وتعرضها للضوء حتى تتطهر.
تذكرنا تيمة الخيانة هنا برواية أخرى لنور عبد المجيد هي ‘أريد رجلاً ‘
وبطلتها أمينة التي أمضت حياتها متعاطفة مع والدتها المجروحة من خيانة زوجها لها ‘والد أمينة’ وتتعرض هي الأخرى لخيانة زوجها الذي تزوج عليها سراً بضغط من والدته لينجب صبياً بعدما أنجبت هي له ابنتين، ويكون رد فعل أمينة الانتقامي هو الطلاق بحجة أن زوجها لا ينجب الذكور.
تجعل نور عبد المجيد من تيمة ‘الخيانة الزوجية’ مدخلاً نفسياً دائماً، واستعارة تعبر من خلالها عن قوة ارادة المرأة، ونضالها من أجل الوجود المستقل، فلا تستجيب للعادات والتقاليد، ولا تقبل بالذل والمهانة، أو بدور التابع غير الفاعل في العلاقة الإنسانية، حتى أنها في ‘أنا شهيرة’ تصل بها إلى ذروة الانتقام بأن تقرر شهيرة خيانة من خانها.
فنياً نور عبد المجيد لديها قدرة هائلة على تكثيف الفكرة واكتشاف الجديد دائماً، فضلاً عن غرامها بالغوص الملح في النفس البشرية محاولة اكتشافه.
كما أنها تعتمد تقنية الرواية داخل الرواية، فالجزء الأول من هذه الثنائية
‘ أنا شهيرة’ و’أنا الخائن ‘ تبدأ بخطاب من بطلة الرواية ‘شهيرة’ ترسله إلى الكاتبة تحكي فيه حكايتها، وتصف فيه نفسها، ثم تسير الرواية بعد ذلك في طريقة السرد المستقيم زمنياً، مع تعدد الحكايات الفرعية التي تغنى الموضوع وتظهر الجانب الخفي منه، والاستقامة الزمنية دائماً ما تركز على الزمن النفسي، ورصد خلجات الذات في مواجهة العالم وفي مواجهة النفس والاعتراف بلحظات الضعف والوقوع في الخطأ بوعي للانتقام أو للضعف البشري الذي هو جزء من التكوين النفسي للأبطال لدى الكاتبة.
لدى نور عبد المجيد عادة تصرعليها في أغلب رواياتها فتبدأها بإهداءين، تحاول فيهما منح القارئ مفتاح فهم شخصياتها وهذا الجزء من هذه الثنائية لم يخرج عن هذه العادة فجاء إهداؤه الأول إلى ‘ نور وكريم… إلى من علمتهما الحب والصدق والحنان، ولا أعلم هل يغفران لي عندما يدركان أنها ذنوب وخطايا لا تغتفر’.
والإهداء الثاني يمثل جزءاً من الرواية وتقول فيه ‘إلى شرفة مهجورة تئن في القلب .. يعبرون ويعزفون الألحان كثيراً، لكن ما أستحق سكناكِ أحد بعد’
الجزء الثاني من هذه الثنائية يمثل الوجه الآخر لحكاية شهيرة، أو الطرف الثاني الذي خان والذي تمت خيانته، وكيف وقع هو في الخيانة، وكيف استقبلت ‘ شهيرة ‘ اعترافه، وتتركه الرواية معلقاً في براثن العذاب، بعد أن قامت هي برد خيانته، بوعي وبدافع الانتقام والثأر للكرامة الشخصية لكن الأمر كان مريراً على كليهما، وفي تفاصيل هذه الرواية الثنائية أو ذات الوجهين نطالع عوالم كثيرة ذاتية وجمالية أقرب إلى الملحمة الإنسانية الكبيرة، وكيف يقع البطل في لحظة الاعتراف تحت ضغط الضمير .
والإهداء الثاني: .. إلى حبيبة عاهدتني لأن يبقى الحب بيننا وإن ‘نفخت فيه من روحها’ إلى دعاء سليمان هل تراه حقا يبقى.
وعلى عكس الجزء الأول الذي جاء على هيئة رسالة طويلة أرسلتها البطلة إلى المؤلفة، يبدأ الجزء الثاني حيث يقول رؤوف البطل في ‘أنا الخائن’ وفي أول جملة ‘أحتاج امرأة’.
في كلمة كاشفة عن طبيعة الرجل ومدى استجابته للخيانة.
نور عبد المجيد روائية وكاتبة صحافية، صدر لها من قبل :
‘ وعادت سندريلا حافية القدمين’ ديوان شعر، وروايات مثل ‘الحرمان الكبير’ و’نساء ولكن’ و’رغم الفراق’ و’أريد رجلاً’ و’أحلام ممنوعة’.
عملت نور عبد المجيد فترة في الصحافة حيث شغلت منصب مسؤولة تحرير مجلة ‘مدى’ السعودية لمدة عامين، ومنصب مساعدة رئيس تحرير مجلة ‘روتانا’، ولها عامود ثابت في مجلة ‘كل الناس’ الأسبوعية، وهي الأن متفرغة للكتابة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية