تمثال يلغي مباراة!

إلغاء مباراة سباهان الإيراني والاتحاد السعودي في الجولة الثانية من مسابقة دوري أبطال آسيا صنع الحدث في وسائل الإعلام العالمية، وخلف ردود فعل متباينة حول الأسباب والتداعيات، التي وصفها الاتحاد الآسيوي بالظروف غير المتوقعة، مؤكدا التزامه بضمان سلامة وأمن اللاعبين وحكام المباريات والمتفرجين. وقال عنها الإعلام السعودي أنها سياسية مستفزة لمشاعر السعوديين، بينما اعتبرها الجانب الايراني حجة واهية، في حين تساءل الكثير من المتابعين عن رفض المنظمين ازاحة تمثال قاسم سليماني من على خط التماس، ورفض الاتحاد السعودي خوض المباراة بسبب وجود التمثال، في وقت راح البعض الآخر يتهم الاتحاد الآسيوي بالضعف والعجز عن فرض سلطته وتطبيق لوائحه في مثل هذه الحالات، حتى ولو كان هو صاحب قرار الغاء المباراة.
لاعبو الاتحاد السعودي رفضوا دخول أرضية الميدان ما لم تتم ازالة الشعارات والصور والمجسمات والتماثيل السياسية التي ترمز للقائد العسكري الإيراني قاسم سليماني الذي ارتبط اسمه بممارسات ايرانية تعتبرها السعودية معادية لمصالحها، وله علاقة بعديد الصراعات في الشرق الأوسط، خاصة في حرب الخليج الأولى، والحروب في ايران والعراق وسوريا ولبنان وأفغانستان، ما اعتبره الجانب السعودي اقحاماً للسياسة في الرياضة، واستفزازا لمشاعرهم وقناعاتهم، فرفضوا خوض المباراة وعادوا إلى الفندق ومن ثمة الى مدينة جدة، وهو التصرف الذي لقي استحسانا في الأوساط السعودية ووسائل الإعلام التي طالبت بمنح نقاط المباراة لفريقها بسبب عدم احترام نادي سباهان للقوانين واللوائح التي يقرها الاتحاد الآسيوي في مختلف مسابقاته.
ومن جهته، رفض الجانب الإيراني الاستجابة للمطلب السعودي وأصر على وجود تمثال قاسم سليماني الذي يشكل بالنسبة لهم رمزا من رموز الثورة الايرانية، وزعيما في صفوف الحرس الثوري الإيراني الذي صنفته الولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية فقتلت قائده في مطار بغداد قبل ثلاث سنوات. وكانت تعتبره السعودية عدوا لها لأنه كان يشكل مصدر خطر لمصالحها، في حين يعتبره البعض الآخر أحد مهندسي التقارب الايراني السعودي خلال الأشهر الأخيرة بعد قطيعة دامت سبع سنوات، دفعت بالاتحاد الآسيوي إلى برمجة مواجهات الأندية والمنتخبات السعودية الايرانية على ملاعب محايدة تجنبا لمزيد من الاحتقان، قبل أن تعود عن قرارها بالموازاة مع إعادة تطبيع العلاقات بين المملكة السعودية والجمهورية الإيرانية.
الاتحاد الآسيوي الذي يبدو أنه كان وراء الالغاء، أحال القضية الى اللجان المختصة لدراستها، لكن أغلب الظن أنه يسعى لارضاء الطرفين ويقرر اعادة برمجتها على ملعب محايد والعودة بالمناسبة إلى برمجة كل المباريات التي تجمع الأندية والمنتخبات السعودية والايرانية على ملاعب محايدة كما كان عليه الحال قبل موسمين، تجنبا لتكرار أحداث تعود كل مرة بين الطرفين لأسباب سياسية وتاريخية، جعلت المختصين يصنفون المواجهات الكروية الايرانية السعودية أنها أحد أكثر عشر مواجهات دولية مشحونة بسبب الخلافات السياسية والمذهبية على مر التاريخ، وتمسك كل طرف باستغلال الرياضة في السياسة، أمام أنظار اتحاد آسيوي يبدو ضعيفا، غير قادر على تطبيق القوانين واللوائح، من دون أن يأخذ في الحسبان الاعتبارات السياسية.
مهما كان القرار الذي يتخذه الاتحاد الآسيوي، فان مسؤولية الغاء المباراة مشتركة بين تصرف الإيرانيين ورد فعل السعوديين وضعف وهشاشة الاتحاد الآسيوي الذي لم يتمكن من فرض سلطته وتطبيق قوانينه بعيدا عن كل الاعتبارات السياسية الأخرى مهما كانت حساسيتها.

إعلامي جزائري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية