تحذير من تفشي الإدمان على السجائر الإلكترونية بين طلاب المدارس المغربية.. الدكتور حمضي: “تهديد قاتل للأجيال الجديدة”

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
0

الرباط- “القدس العربي”: دق الطبيب المغربي، الدكتور الطيب حمضي، ناقوس الخطر حول ظاهرة إدمان الأطفال والمراهقين والشباب السجائر الإلكترونية، واعتبر المسألة مخططا لها لأنها تدخل في صناعة التبغ، موضحا أن ذلك الإدمان يعد “تهديدا قاتلا للأجيال الجديدة”، لأن هناك “اتجاهات مقلقة، رغم كون أرقام التعاطي بالمغرب هي أقل من دول شمال أفريقيا، وأقل بكثير من معدلات الدول الأوروبية”.

وفي تصريحات خاصة بـ”القدس العربي”، وصف حمضي الاستراتيجيات الدعائية التي تتبعها صناعة التبغ بـ “الشرسة”، خاصة وهي توجه سهامها نحو المراهقين والشباب وتقدم لهم هذه السجائر بروائح الفاكهة وألوان الشباب، وسهولة الوصول إليها في كثير من الأحيان، لذلك فإن هذه المنتجات الجديدة توقع بشكل متزايد الأطفال والمراهقين والشباب والنساء في دوامة من الإدمان المميت، وفق تعبيره.

ويبدو ذلك واضحا من خلال الأرقام والمعطيات التي ذكرها الدكتور الطيب حمضي، وتتمثل في أن “واحدا من كل ثمانية شبان أو مراهقين مغاربة في المدارس، يستعمل أو سبق أن استعمل السيجارة الإلكترونية، كما أن الذكور أربعة أضعاف الإناث”.

واحد من كل ثمانية شبان أو مراهقين مغاربة في المدارس، يستعمل أو سبق أن استعمل السيجارة الإلكترونية

ويبرز حمضي أن “التعاطي والتجريب يبدأ مبكرًا جدًا، حتى قبل سن العاشرة، ولكنه يبدأ بشكل عام بالنسبة لغالبية المراهقين بعد سن الرابعة عشرة، وأضحت الجهود المبذولة للحد من استخدام التبغ تؤتي ثمارها بانخفاض معدل انتشار التدخين بين التلاميذ بنحو الثلث في غضون عقد من الزمن. لكن هذا الانخفاض يتعرض للنسف للأسف بسبب وصول السجائر الإلكترونية”.

في الاتجاه نفسه، كشف وزير الصحة المغربي خالد أيت الطالب عن “معطيات مقلقة”، وهو يؤكد خطورة ارتفاع نسبة استخدام السيجارة الإلكترونية بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية. فخلال رده على سؤال كتابي للمجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية”، حول التعاطي للتدخين الإلكتروني، أكد الوزير ارتفاع نسبة الاستخدام بين طلاب المدارس المتراوحة بين 15 و17 سنة والتي تبلغ 21.1% بين الذكور و5.2% بين الفتيات، وذلك استنادًا إلى دراسة أجرتها وزارة الصحة حول انتشار هذا النوع من السجائر في المدارس.

وأبرز أيت الطالب أن وزارة الصحة قامت بإرساء استراتيجية شاملة تستجيب لتوصيات وكالات الأمم المتحدة في هذا المجال، بهدف التوعية بخطورة هذه الآفة وتوفير الرعاية والخدمات الصحية اللازمة للوقاية الشاملة من تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية بين الفئات الشابة. وأشار إلى أنه في إطار الجهود الحكومية للحد من هذه الظاهرة، سيتم توقيع اتفاقية شراكة لمخطط العمل المشترك 2024-2026 حول الصحة المدرسية، بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم، بهدف التصدي بفعالية لمختلف القضايا الصحية والوقاية من التدخين وسلوك الإدمان بشكل عام، لا سيما تدخين السيجارة الإلكترونية بين الأطفال والمراهقين.

بالنسبة لفئات واسعة من الشباب والمراهقين الذين يعتبرون السيجارة الإلكترونية حلا “آمنا” لممارسة نشوة التدخين، عوض السجائر العادية، لم تكن هذه التحذيرات لتؤخذ على محمل الجد، لكن ارتفاع النسب جعلها مقلقة وتستدعي التدخل لوقف تمدد الظاهرة.

وبسط الدكتور حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، الأسئلة المقلقة من قبيل: ما هي مخاطر السيجارة الإلكترونية؟ ما مدى تعاطيها من قبل الأطفال والمراهقين المغاربة في المدرسة؟ ما هي تحديات مواجهة هذا التهديد الجديد؟ وأكد على كون السجائر الإلكترونية هي مجرد “منتجات جديدة من أجل إعطاء (حياة جديدة) لصناعة الموت”، وهي “بالنسبة لصناعة التبغ، سلاحها الجديد (الإدمان وقوة البيع)، وحصان طروادة (تسهيل المرور للتعاطي للمواد الأخرى التقليدية)”، لذلك فهي “مخاطر حقيقية وليست مخاطر إلكترونية”، لأن استخدامها “يتسبب في الإدمان، ويضاعف ثلاث مرات تقريبا خطر تعاطي السجائر التقليدية”.

استخدام السجائر الإلكترونية يتسبب في الإدمان، ويضاعف ثلاث مرات تقريبا خطر تعاطي السجائر التقليدية

محليا، استعرض حمضي أنواع تعاطي الشباب والمراهقين المغاربة، والتي تتوزع بين السجائر الإلكترونية والتبغ والشيشة و”الحشيش وغيرها من أنواع المخدرات مثل الكوكايين وحتى بعض الحبوب المهدئة دون وصفات طبية.

واستشهد الطبيب حمضي في حديث بدراسة ظهرت سنة 2021، تفيد بأن تعاطي المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما، للمواد ذات التأثير النفساني خلال حياتهم، جاءت كما يلي، 12.5% منهم استعملوا السجائر الإلكترونية، الشيشة 11.4%، التبغ 11.1%، المهدئات دون وصفة طبية 8.5%، الكحول 7.2%، الحشيش 5.8%، الإكستاسي 2.5%، الكوكايين 1.6%، والهيروين 0.9%.

وبالنسبة لمعيار الاستخدام خلال الأشهر الـ 12 السابقة للدراسة، انخفض معدل انتشار تعاطي التبغ بين المراهقين من 9.3% إلى 6.5% بين عامي 2009 و2021، وبنفس القياسات، تضاعف استخدام المهدئات دون وصفة طبية ثلاث مرات تقريبًا، من 2.2% عام 2009 إلى 6% عام 2021، الإناث أكثر من الذكور.

وبعد سرد العديد من الأرقام والاحصائيات، أكد حمضي، في حديثه لـ “القدس العربي”، أن “معدلات تعاطي المراهقين المغاربة للسيجارة والسيجارة الإلكترونية تبقى الأقل في دول شمال إفريقيا التي شملتها الدراسات، بمعدل أقل من معدل المنطقة واقل بكثير من معدلات الدول الأوروبية. لكن ذلك ينبهنا إلى أين يمكن أن تتجه الأمور مستقبلا”.

وشدد حمضي على أن “صناعة التبغ مسؤولة مسؤولية تامة عن الأضرار الناجمة عن استراتيجياتها المتعمدة”، فهي “من الواضح (عدو) الحياة والصحة الذي يجب إدانته، في ضوء جميع البيانات”، لأنها “تخلق عمدا – لأغراض تجارية بحتة – إدمانا قاتلا بين الشباب والأجيال القادمة”.

وقال “إن حماية الأطفال والأجيال القادمة من هذه التلاعبات، ومواصلة الحرب ضد التبغ للحد من استهلاكه بشكل أكبر، تتطلب التزاماً من جميع الأطراف، الحكومات والمشرعين والمنظمات غير الحكومية والآباء والشباب”.

وشدد على أنه “إذا كانت الدراسات، بالنسبة لتاريخ التبغ، لم تظهر سميته وخطورته إلا ابتداء من سنة 1950، قرونا بعد البدء في استخدامه؛ فإننا هذه المرة، بالنسبة للسيجارة الإلكترونية، نعرف ما ينتظرنا، وما ينتظر أطفالنا والأجيال القادمة، إن صناعة التبغ مسؤولة عن الضرر الذي تسببه استراتيجياتها، والصمت سيكون تواطؤا قاتلا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية