بشار افضل

حجم الخط
0

تُصر شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي مرة اخرى على ان تُبشر العالم بآرائها المتعلقة بالشرق الاوسط، بشأن السلاح الكيميائي هذه المرة الذي يستعمله بشار الاسد في ظاهر الامر على المتمردين. ومن العجيب أن هذه هي شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي التي أصرت سنوات على ان الاسد نفسه هو هو الحل لنا، وانه يجب على اسرائيل ان تنقل اليه هضبة جولاننا في مقابل معاهدة ‘سلام’. ويصعب ان نصدق هذا لكن كان هذا هو تقدير الاستخبارات الرسمي للجيش الاسرائيلي.
ويُسأل سؤال لماذا تتدخل اسرائيل الرسمية مرة اخرى في حمام الدم فيما كان سوريا ذات مرة. أهذا شأن اسرائيلي أم أمر يتعلق باسرائيل؟ إن الحديث عن مواجهة بين عمالقة ستستمر مدة طويلة بين الشيعة وأهل السنة، وهي مواجهة قد ربطت بين سوريا ولبنان والعراق لتصبح كيان فوضى واحدا يحارب فيه أهل السنة الشيعة وبالعكس؛ لكن لما لم نكن لا سنيين ولا شيعة فان المواجهة العسكرية لا تشملنا وهكذا يجب ان يبقى الأمر. لأنه وجد دائما من زعم أننا غرباء في الشرق الاوسط وهذا الأمر لمصلحتنا هذه المرة.
يوجب هذا الأمر سياسة صارمة لعدم التدخل وعدم الوقوف الى جانب أي طرف في هذه الحرب لا باستيعاب الجرحى ولا بالمستشفيات الميدانية ولا بالافعال ولا بالاقوال، وبخاصة الاقوال. فهؤلاء واولئك هم أعداء اسرائيل وقد سمى الرومان هذا المبدأ ‘فيديت نميني’ أي ‘لا تعتمدوا على أحد’.
جاء الجدل في السلاح الكيميائي خصوصا وبين يديه زخم للجيش السوري الرسمي مع حزب الله في الاسابيع الاخيرة، وهو ما يزيد فقط الضغط على المتمردين السنيين في سوريا ولبنان، فقد نجح آلاف المقاتلين من حزب الله في ان يحتلوا تقريبا منطقة المدينة السورية القصير قرب شمال لبنان. وهذا مهم لأن هذه المنطقة تسيطر على المنطقة الواصلة بين جيبي بشار وهما العاصمة دمشق والجيب العلوي في منطقة طرطوس واللاذقية. ويقوم حزب الله باحتلال حضري في سوريا ويقتل لكنه يدفع ايضا تكاليف باهظة من الأرواح بمئات القتلى. ومن المعلوم أن لا أحد في العالم يهتم بذلك لأنه يجوز في الشرق الاوسط كل شيء لكل الأطراف ما عدا اسرائيل التي لا يجوز لها ان تفعل شيئا بالطبع.
اذا أضفنا الى ذلك سلسلة انجازات لجيش بشار في مناطق دمشق أدركنا ان المتمردين مضغوطون. فالمتمردون وهم متعبون ومع معدات عسكرية قديمة على نحو عام ويواجهون دولة مصممة كايران، يُدفعون الى موقف ضعيف. وقد يكون هذا الضعف مؤقتا لأن الحرب الأهلية في سوريا هي أرجوحة كبيرة. لكن أهل السنة يحتاجون الى مدد ولهذا يثيرون موضوع السلاح الكيميائي كي يجروا الولايات المتحدة الى ترجيح الكفة والتدخل. والحقيقة هي ان الطرفين هناك يستعملان أنواعا من السلاح الكيميائي. أما بشار فيستعمله استعمالا حذرا كي لا يثير الولايات المتحدة عليه. أما المتمردون فيحصلون على مواد كيميائية كهذه من ليبيا والعراق ودول اخرى. وهم يستعملون الكلور والفوسفور في محاولة لاحداث ردع والحصول على كسر للتعادل. ولن تجدوا صدّيقين في سوريا.
هذا بالنسبة للمتمردين مصلحة وجودية لكن ما علاقته باسرائيل؟.
سيُحسن رؤساء الاستخبارات في اسرائيل الصنع اذا ما كفوا عن تقديراتهم المعلنة التي لا تُسهم بشيء كبير سوى البلبلة العامة واحراج الحلفاء ومنح أعداء اسرائيل سببا للتشهير بها. وينبغي إسماع هذه التقديرات وراء أبواب مغلقة في سياق المصلحة الاسرائيلية الدفاعية الضيقة فقط.

يديعوت 25/4/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية