بريكست بدون توافق يهدد القطاع المصرفي في بريطانيا

محمد المذحجي
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”: مع اقتراب موعد اجتماع القادة الأوروبيين خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر لوضع اللمسات الأخيرة على ملف بريكست، تصاعدت التحذيرات والتهديدات من الجانبين الأوروبي والبريطاني، ولم يمر يوم يخلو من التحذير بشأن التداعيات السلبية لفك الارتباط بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة البريطانية. ودخلت على هذا الخط 3 من المصارف الدولية الكبرى، معلنةً أنها من المرجح ستسحب عدداً من وظائفها الحالية من بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى، معللةً ذلك على فك بريطانيا ارتباطها بالتكتل الأوروبي.

وتوقع مدراء كبار في هذه المصارف الدولية بأنه قد يتم سحب ما لا يقل عن 450 وظيفة من المملكة المتحدة خلال المرحلة الأولى بعد بريكست، لكن توقعات الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات المالية والصناعية تظهر أن عدد الوظائف التي قد يتم سحبها من بريطانيا بفعل بريكست، هو أكثر بكثير من العدد المعلن من قبل هذه المصارف. وأبلغ مسؤولون في مصرفي “سيتي” و”باركليز إيرلندا” أعضاء لجنة الخزانة في مجلس النواب الإيرلندي بأنهم يتوقعون سحب 150 وظيفة من إنكلترا، وأكد أحد كبار مسؤولي مصرف “جي بي مورغان” أن من المحتمل أن المصرف يسحب مئات الوظائف من بريطانيا.

وبيّن نائب رئيس بنك “جي بي مورغان” الاستثماري، مارك غاروين، أن عدد الوظائف التي قد يتم سحبها من بريطانيا سيتزايد مع مرور الزمن وبعد خروجها من الاتحاد، وسيصل إلى المئات، موضحاً أنه خلال المرحلة الأولى بعد بريكست سيتم سحب 150 وظيفة، يليها ما لا يقل عن 400 وظيفة خلال المرحلة الثانية.

وأكد رئيس مصرف “سيتي” والرئيس التنفيذي لمجموعة “غروب غلوبال ماركتس”، جيمس باردريك، خلال اجتماع لجنة الخزانة في البرلمان الإيرلندي، أن المصرف سينقل ما لا يقل عن 150 وظيفة من أصل 9 آلاف من إنكلترا إلى باقي الدول الأوروبية. وقال “هدفنا هو أن الأشخاص يعملون في المكان والمرتبة الوظيفية المناسبين”، مؤكداً على أن الهدف ليس القيام بتغييرات جوهرية وبنوية في عمل المصرف.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك باركليز إيرلندا، كوين وال، أن البنك سينقل ما يقارب 150 وظيفة من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الأولى بعد شهر آذار/مارس 2019، مضيفاً أن “باركليز إيرلندا” لديه ما لا يقل عن 30 ألف موظف في إنكلترا، وإن نسبة الوظائف التي سيتم سحبها من بريطانيا هي قليلة جداً، وأنها لا تذكر.

وفي النتيجة وحسب تصريحات مسؤولي المصارف الـ3، سيتم سحب أكثر من 450 وظيفة خلال المرحلة الأولى بعد تنفيذ بريكست، ويعتبر هذا العدد أقل بكثير من التوقعات السابقة التي تحدثت عن سحب آلاف الوظائف من قبل البنوك الدولية من بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى. وكان البنك المركزي البريطاني قد توقع أن المملكة المتحدة ستخسر أكثر من 10 آلاف وظيفة بسبب تدعيات انسحابها من الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2016، خمّن الممثل الخاص للشركات الأوروبية في لندن، جرمي براون، أن فك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي سيكلف بريطانيا خسارة ما لا يقل عن 16 ألف وظيفة في القطاع المصرفي فقط.

وكانت المراكز الاستشارية والبحثية قد توقعت خسائر أكبر من ذلك لبريطانيا في الوظائف المتعلقة بالقطاع المصرفي. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كانت مؤسسة “أوليور وايمان” قد توقعت العام الماضي بأن بريكست سيخلف لبريطانيا خسارة أكثر من40 ألف وظيفة في قطاعي المؤسسات المالية والمصارف. وسبق أن قدّرت مؤسسة BRUEGEL الاقتصادية بأن أكثر من 30 ألف وطيفة في القطاع المصرفي ستغادر بريطانيا نحو الدول الأوروبية.

رغم أن التقديرات الرسمية المعلنة من قبل المصارف الـ3 تظهر خسائر في الوظائف أقل بكثير من التقديرات التي تم الحديث عنها خلال الفترات السابقة ومن قبل مراكز الأبحاث، لكن نائب رئيس بنك “جي بي مورغان” أوضح أن سحب الوظائف من بريطانيا لن يكون بشكل عملية سريعة ومفاجئة، بل سيحدث خلال فترة أطول وعملية منتظمة قد تطول سنوات. وقال إن التقديرات الأولية التي تم الإعلان عنها، هي تخمينات مرشحة للزيادة، ولا يمكن التكهن ما هي التغييرات التي ستطرأ إلى السطح خلال فترة ما بعد بدء تنفيذ بريكست، مضيفاً إنه في الظروف الراهنة لا أحد يستطيع أن يقدم تقديراً دقيقاً حول ما سيحصل بالنسبة للوظائف، والأعداد التي سيتم سحبها من بريطانيا.

ولفت النظر إلى أن أهم متغير سيؤثر على ذلك هو صيغة الحل النهائي التي سيتم التوصل إليها من قبل لندن وبروكسل، وفي المرتبة الثانية ستكون تأثيرات المرحلة الانتقالية وكيفية التأقلم مع مرحلة ما بعد بريكست، مضيفاً أن الاستراتيجيات بعيدة المدى في هذا المجال لن تكون ثابتة، وبل ستشهد تغيرات كثيرة حسب معطيات كل مرحلة.

وذكر مارك غاروين أن تحديد عدد الوظائف المرشحة للسحب من بريطانيا، تم على أساس معطيات اليوم، وأن من الصعب للغاية تحديد ما سيحصل خلال الفترات المقبلة، مؤكداً على أن هذه العملية وآلياتها معقدة للغاية، وأن التنبؤ في هذا المجال صعب جداً.

وسبق للرئيس التنفيذي لمصرف “جي بي مورغان” جيمي ديمون، أن صرح أن بريطانيا إذا غادرت الاتحاد الأوروبي ستخسر إمكانيتها للوصول السهل للأسواق الأوروبية، وأن ذلك سيكلفها خسارة ما لا يقل عن 4 آلاف موظف يعملون لصالح هذا المصرف في إنكلترا.

لكن الرئيس التنفيذي لمصرف “سيتي” جيمس بادريك، كان أكثر تفاؤلاً بين زملائه، حيث أكد لأعضاء لجنة الخزانة في البرلمان الإيرلندي، أن “لندن ستبقى أحد أهم المراكز العمل بهذا المصرف، ويشكل نشاطنا في عاصمة المملكة المتحدة الجزء الأهم من نشاطنا الدولي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية