برلمان فرنسا يناقش ضربات ماكرون لسوريا وواشنطن وأنقرة تتنصلان من تصريحاته 

حجم الخط
0

باريس-“القدس العربي”- آدم جابر: 

 يناقش البرلمان ومجلس الشيوخ في فرنسا، الاثنين، الضربات العسكرية الأخيرة ضد سوريا التي شاركت فيها فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، كما ينص على ذلك الدستور الفرنسي. وستجري هذه المناقشة، التي تأتي وسط تباين في مواقف الطبقة السياسة، من دون تصويت.

وخلافا لما كان عليه الحال في عام 2013 عندما حظيت الضربات الجوية في جمهورية مالي، بإجماع من الطبقة السياسية الفرنسية، فإن الضربات في سوريا لاقت انتقادات كبيرة من المعارضة بشتى أطيافها، حيث اعتبرت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان، أن فرنسا ’’تفقد من جديد فرصة الظهور على الساحة الدولية كقوة توازن مستقلة على الصعيد العالمي’’. أما كريستيان جاكوب رئيس كتلة حزب الجمهوريين اليميني المحافظ بالبرلمان فقد أعرب عن “قلقه حيال خطر تصعيد عالمي” في ضوء تطور النزاع السوري، محذرا من مغبة سيناريو حرب الخليج الثانية في عام 2003، التي اندلعت استناداً إلى وجود أسلحة الدمار الشامل والتي اتضح أنها غير موجودة في نهاية المطاف.

من جانبه، اعتبر جان ليك ميلانشون زعيم حركة فرنسا العصية اليسارية أن هذه الضربات تم تنفيذها’’ من دون أدلة ولا تفويض من الأمم المتحدة’’، مطالبا من الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم الأدلة التي قال بأنه يمتلكها وتثبت استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، إذا كان فعلا يريد من الفرنسيين أن يقتنعوا. وأضاف ميلانشون الذي نظم مسيرة مناهضة للرئيس ماكرون، يوم السبت في مرسيليا، أنه” حزين” و “قلق” بشأن هذه الضربات.

مناقشة الضربات الفرنسية-البريطانية-الأمريكية في سوريا تأتي غداة الحوار المطول للرئيس إيمانويل ماكرون، ليلة الأحد، على شبكة “بي إف إم تي في” التلفزيونية وموقع ’’، والذي هيمن عليها الملف السوري وتطوراته الأخيرة. فقد أكد فيه الرئيس الفرنسي أن الضربات الجوية الفرنسية-البريطانية-الأمريكية في سوريا’’ شرعية’ باعتبار أنها تمت من قبل’’ المجتمع الدولي’’ وأنها’’ حققت’’ نجاحا’’ على الصعيد العسكري، مشددا في الوقت نفسه على أنها لا تشكل إعلان حرب على بشار الأسد.

واشنطن تناقض 

كما أن ماكرون أكد خلال هذا الحوار الذي تابعة أكثر من 3,8 مليون مشاهد أنه ’’أقنع’’ الرئيس الأمريكي دونالد بالإبقاء على القوات الأمريكية لـ’’ وقت أطول’’ في سوريا، بعد أن كان هذا الأخير قد قرر الانسحاب منها. كما صرح الرئيس الفرنسي أن الموقف الروسي و التركي’’ انفصل’’ حيال الضربات الجوية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في سوريا.

وقال ماكرون: ’’ قبل عشرة أيام قال الرئيس ترامب إنّ الولايات المتحدة تريد الانسحاب من سوريا.. ترامب بات الآن مقتنعا بضرورة الإبقاء على الوجود الأمريكي في سوريا..، أؤكد لكم أننا أقنعناه بضرورة البقاء مدة طويلة’’.

غير أنه بعد وقت قصير من تصريحات الرئيس الفرنسي التي تصدرت وسائل الإعلام العالمية، أصدرت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز  بيانا أكدت فيه أن: مهمة القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا ’’لم تتغير’’ وأن الرئيس دونالد ترامب يريد أن تعود هذه القوات إلى الولايات المتحدة ’’في أقرب وقت ممكن’’. كما ذكر البيان أيضا بطبيعة مهمة القوات الامريكية في سوريا باعتبار أن واشنطن’’ عازمة على سحق تنظيم الدولة بالكامل وخلق الظروف التي تمنع عودته. وأضاف ’’ نتوقع من الحلفاء والشركاء الإقليميين ان يتحملوا مسؤولية عسكرية ومالية أكبر لتأمين المنطقة’’.

وكان الرئيس الأمريكي قد صرح في 3 من إبريل الجاري قائلا:’’ مهمتنا الأساسية هي التخلص من تنظيم الدولة.. لقد أوشكنا على إنهاء هذه المهمة وسنتخذ قرارا سريعا بالتنسيق مع الآخرين.. أريد أن أعيد قواتنا في سوريا إلى الوطن’’. واعتبر ترامب أن’’ التدخل الأمريكي في سوريا مكلف لواشنطن’’. و أضاف ترامب قائلا في نفس السياق: ’’ السعودية مهتمة جدا بقرارنا.. قلت حسنا، إذا كنتم تريدوننا أن نبقى في سوريا فعليكم أن تدفعوا’’.

أنقرة تتنصل

وفي نفس الحوار أيضا أعلن الرئيس الفرنسي أن الضربات الجوية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في سوريا مكنت:’’ من الفصل بين موقف الروس والأتراك، الذين دانوا الضربات الكيميائية ودعموا العملية العسكرية ”. إلا نائب رئيس الوزراء بكر بوزداغ أكد’’ الاثنين’’ من الدوحة أن: ’’ السياسة التركية تجاه سوريا مستقلة عن سياسات الدول الأخرى، وأن سياسة تركيا تجاه سوريا لا تقضي بأن نقف مع دولة ما أو ضدها”، وذلك ردا على سؤال صحافي بشأن تصريحات ماكرون.

وكان بيان لقصر الاليزيه يوم السبت قد أعلن الرئيس ماكرون شكر نظيره التركي طيب أردوغان على تصريحاته الداعمة للضربة العسكرية التي قامت بها فرنسا وبريطانيا وأمريكا في سوريا، مؤكدا له على إرادته متابعة العمل المشترك من أجل السماح بإنشاء آلية موضوعية وصلبة في الأمم المتحدة’’.

وفي هذا السياق أكد ماكرون في الحوار التلفزيوني، ليلة الاحد، أن باريس تسعى إلى بناء ’’ حل السياسي شامل’’ في سوريا، مسلطا الضوء على الحركة الدبلوماسية الفرنسية الهادفة إلى “التحدث مع الجميع” بمن فيهم داعمو الأسد والدول الإقليمية الفاعلة مثل تركيا.  وتابع أنه من أجل التوصل إلى “هذا الحل الدائم، يجب أن نتحدث مع إيران وروسيا وتركيا”، متحدثا من جهة أخرى عن ضرورة تحريك العمل الدبلوماسي والمفاوضات بين الغربيين في إطار مجلس الأمن الدولي حيث تملك روسيا حق النقض (الفيتو).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية