باسم يوسف.. القط المصري الذي اخترق كل العوائق

ا الطفل الذي جعل من أوباما رئيسا’، هو العنوان العريض على غلاف مجلة الاقتصاد والأعمال الأمريكية اFirst Companyب مع صورة للفتى كريس هيوز، الذي قاد حملة أوباما الانتخابية للفترة الرئاسية الأولى.
إنه طفل إذن، أو صبي صغــــير، كما رآه الإعــلام الأمريكي، ولكنه الطفل المعجزة، الذي ألهب مشاعر الناخبــــين بخطابات استطاع أوباما أن’يتقمصها حتى بدا أنه صاحبها فعلا، وبها اخترق البيت الأبيض لأول مرة في تاريخ السلالة البيضاء لأباطرة الكاوبوي، فكان من حيث يدري او لا يدري ـ وعلى يد هذا الطفل ـ يعيد مجد أجداده الأفارقة الذين سبقوا كولومبس إلى العالم الجديد.
كريس هيوز ابن العام 1983، ينتقل من قيادة الحملة إلى قيادة الناخبين، حيث خصص له أوباما مكتبا في البيت الأبيض، ليدير صفحة الرئيس على الفيسبوك، الـــتي ضمت وقتها سبعة عشر مليونا من المعجبين، كان يتواصل معهم باسم الرئيس شخصيا.. ليصبح الفتى، شئنا أم أبينا، رئيسا فيسبوكيا لأمريكا، علما بأن الفيسبوك يُعتبر المجال الخامس للعمليات العسكرية، بعد البر والبحر والجو والفضاء، حسبما صرح وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس، فمن أكثر أهمية من الآخر يا ترى: الرئيس الافتراضي أم الواقعي؟
ربما تسهل الإجابة لما نعرف أن الصين التي تضم ثلث سكان العالم ترفض حتى الآن التعامل مع موقع الفيسبوك والتويتر وتحظرهما، لإدراكها مخاطر الوقوع في فخ الاستخبارات الإعلامي الحديث، رغم أن إدارة الفيسبوك لم تزل تتفاوض معها حتى بعد ابتكارها لنظامين بديلين هما (رنرن وسينا) استخدمهما حتى العام 2011 مئة وأربعة وخمسون مليون شخص، من أصل خمسمئة مليون مستخدم للإنترنت فيها.
كل هذا يدل على أن الزعامات المعاصرة تتكئ في وجودها وديمومتها على ترسانة إعلامية تكفل لها عنصري التحقق والاستمرارية، ومن يرفع الريس أو يخلعه بالضرورة هو ‘ابن … إعلام’! ولو افترضنا أو تخيلنا هكذا أن ‘الولد’ هيوز، أصابه أمر ما في دماغه، فخرج عن إطار الشخصية الفيسبوكية المفترضة للرئيس، هل سيسقط الرئيس يا ترى وقتها؟ ويضربه الناخبون بطماطم الشبكة العنكبوتية مثلا؟
نهاية التاريخ قد تكون على يد أنستغرامي مهوس أو تويتري محنك، أو إعلامي قرر أن يتحول إلى كاهن يوزع صكوك’الغفران على أعوان الدكتاتوريين بعد حفلات انقلاب تنكرية، ويُلقي الشعب في سلة المهملات الوطنية، أو على يد إعلامي جراح قرر أن يجري عملية استئصال ورم رئاسي من فخذ نعجة جف ضرعها ولم يزل ركابها يبيعون حليبها الافتراضي في المزاد الإعلامي.
فكيف يمكن أن يخرج الزعيم من غرفة الجراحة بلا قُطب ولا خدوش؟
أما الجراح فهو باسم يوسف، الذي هدد عرش الرئيس، لتتدنى مستويات التأييد الشعبي له إلى أكثر من النصف، مما يعني أن ليلة القبض على برنامج ‘ البرنامج’ لم تكن خطوة احترازية، وقد فات اوانها، إنما خطوة تهديدية بما ان مبدأ الضحك الذي يقوم عليه البرنامج ليس من اجل الضحك والسخرية فقط إنما لتحريك الوعي وتفعيل الإرادة، متخطيا حاجز الخوف تماما، مادام الرئيس نفسه تحت المجهر.
يوسف أول إعلامي عربي يهز عرش النظام بقهقهات الشعب، القهقهة التي تشي بمرونة تُحول الواقع إلى مشهد كوميدي للتخفيف من وطأته، من دون الاستكانة له، فالسخرية أرقى أشكال الثورة المصرية التي تتدفق منها روح النكتة الشعبية وثقافة التهكم وخفة الظل. وبين هيوز ويوسف شعرة، فأحدهما يصل بالزعيم إلى العرش، والآخر ينحيه!
وبين جدية حملة الناشط الإعلامي كريس هيوز وطابع حملة باسم يوسف التهكمي، يصبح الأول أشبه بمن يلعب رياضة الهبوط بالمظلة على أعلى قمة الهرم الإمبراطوري المعاصر، (البيت الأبيض)، وهبوطه ضمان لأمنه، طالما أن الارستقراطية السياسية هي الحاضن الأساسي له، وقد يلعب بالحرية كرهان فقط من أجل ضمان سلامة الهبوط.
أما صاحبنا المصري فهو لاعب الباركور الأكثر مهارة بين ‘الترايسورز’ لأنه وطوال فترات القفز وتخطي الحواجز، يمارس فنا قتاليا من أجل التصدي للخوف والعوائق، للظفر بالمزيد من الحرية، والقتال هنا لابد أن يظل في إطاره الفني كي لا يفقد مبدأ السيطرة بالمهارة، وليس بالعنف، مما يعني عدم الوقوع في فخ الجد في برنامج كان أساس نجاحه وتأثيره، الهزل الفني الهادف والواعي! مع الاحتفاظ بأكبر كمية ممكنة من الطاقة من دون استهلاكها إلى حد النفاد.
لاعب الباركور، قادر على ابتكار قفزات جديدة وترويض أخرى ضمن التزامه بالشرط الفني، وبين الابتكار والالتزام يكون الاتزان، إلى الآن لم يزل باسم يوسف يمشي على قمة الحاجز بتوازن معقول، وما يمارسه من دحرجات محتملة هو ضرورة لامتصاص الصدمة بعد الهبوط، مادام متمرسا وبالفطرة على لعب فنه القتالي بكامل رشاقته حتى على أكثر الجدران وعورة.
إعلام باسم يوسف لا يلمع الرئيس على طريقة البويهجية، الذين تكاثروا في عهد المباركية، ولا هو إعلام الهبوط بالمظلة على طريقة هيوز، الذي لا بد أن يكون سقوط أوباما – لو حصل – سقوطا له بالدرجة الأولى، مما يدفعه للشره لالتهام المزيد من الأصوات، كي يبقي الرئيس رئيسا، والافتراضية مبدأ وجودي له، فيصبح تطرفه همه الشاغل وليس شعارات حملته.
إعلام قفز الحواجز الذي ابتدعه المصري باسم يوسف، سجل سبقا في تاريخ الثورة الإعلامية التي جاءت حصادا مثمرا لثورة احبطتها القوى الحزبية وتطورات المشهد السياسي المضمر في كواليس اللعب مع الكبار. وربما يكون لقاؤه مع جون ستيوارت فنا قتاليا، لقفز حاجز وهمي طالما أن التطرف يتعلق في أحيان كثيرة بأصحاب اللحى الشقراء أيضا، والحذر يكون واجبا وطنيا في هذه الحالة، فلهذا الغرب مآرب ليس أولها الحرية، أو الاحتفاء بالأحرار حول العالم .
أذكر على سبيل المثال وليس الحصر لحروب اللحى الشقراء، لقاء الإنكليزي المتطرف ستيفن سكور صاحب برنامج ‘الهارد توك’، مع رئيسنا الفلسطيني بالتبني الراحل تشافيز، وقد تعامل مع هذا الرئيس من منطلق المحقق وليس المحاور، لمجرد أن تشافيز لا يقف في طابور المعسكر الغربي، بل وله رؤيته المناهضة له، وهو تعبير عن الحرية، التي تصبح من المحرمات لما يتعلق الأمر باسرائيل ومن وراءها.
كان الزعيم تشافيز ذكيا وماهرا أمام حروب التطرف الشقراء، حيث رفض اتهام سكور له باعتقال رفيق نضاله لمجرد أنه خالفه وقال له: ‘انا اعتقلته لانه متهم بالفساد، هل تريدني أن أغفر له فساده لمجرد أنه صديقي؟’.
باسم يوسف مع ستيورات كان محقا لما أخبره أن المتطرفين في مصر سيتهمونه بالعماله لأمريكا’واليهود على وجه الخصوص، وهذه حقيقة مرة يواجهها الكثير من المثقفين والإعلاميين العرب، لما يرسخون حضورهم واسمهم في الغرب، غير أن قول الحقيقة أمام أصحاب اللحى الشقراء يجعل الحقيقة عرضة للخطر، لأن التطرف ليس مقصورا على جماعة السلفيين في مشرق مدجج بسوء الظن وثقافة التخوين.
الحاجز الوهمي في هذه الحالة يصبح أكثر الحواجز خطورة على الإطلاق، لأنه موجود رغم أنك لا تراه، ووهميته أصل وجوده،’وكل ما يحتاجه باسم يوسف في هذه الحالة هو المرونة والثبات والذكاء المضاعف لقفز الحاجز حتى لو لم يتمكن من رؤيته.
لم تكن باربرا وولترز بحاجة إلى أكثر من لقاء واحد كي ترى في القذافي ما لم يكن يريدها أن تراه، فهو لم ينظر لها أبدا خلال الحوار، وهو ما دفعها لكشفه: ‘لقد كان خائفا’ …
كشْفُ ما هو ليس مرئيا لا يحتاج أبدا إلى نظارات أو حتى إلى عينين، عند الإعلامي يحتاج فقط إلى مخالب كي تمكنه من القفز بثبات وتوازن، وهو ما سنظل نتوقعه من الجراح الإعلامي باسم يوسف.
ليس لدينا أدنى شك بمهارة هذا القط المصري الذي اخترق كل العوائق لينتصر بالقفز وحده، وهذا كفيل بتطوير مهارة الحرية والمضي قدما، لا بل والبحث عن المزيد من الحواجز، من أجل الظفر بحرية اختراقها.

‘ رئيسة تحرير جريدة أسرانا الالكترونية – لندن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هشام حماد:

    رائع لينا ومبروك للقدس العربى عودتك اليها ومبرك لنا ايضا

  2. يقول سمير:

    من الواضح جدا أن عهد مرسي ليس عهد مبارك. ومجال حربه التعبير في ظل حكم الإخوان في مصر هو الأوسع على مستوى العلم العربي والعالمي.
    حبذا لو نرى نفس النوع من السخرية والتهكم الذي يصدر من مقدم البرنامج بما يشمل العالم العربي اجمع وبالأخص الخليج.
    اعتقادي انه لن يسخر من أولياء نعمته!

  3. يقول وجدي:

    يبدوا أن ثقافة التهريج اصبح من يدافع عنها أكثر مما يدافع عن قضية العرب الأولى (فلسطين)
    طبعا هي ثقافة تهريج على النمط الغربي وليس إبداع ذاتي لذا تأتي الصورة باهتة تماماً وحين نتأمل في برنامج المذكور تشعر انك خارج إطار الزمن برنامج لا يتفق مع قيمنا العربيه الاسلاميه الاصيله
    بالفعل كما ذكرت أنها قطط (سمان )خرجت علينا فجاه لتسوق لنا بضاعة باهته وساذجه في أن واحد
    نحن امه أصبحنا نجيد فن الكلام الغث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع
    هل تقدمنا بين الامم قيدانمله هل نعمل أكثر مما نتكلم
    للأسف مصيبتنا في من يدعون أنهم مثقفون
    يخوضون فيما لايعرفون ولا يجيدون إلا فن التلاعب في الكلام
    وما دمنا كذالك فاقرآ على الدنيا السلام
    والله الموفق

  4. يقول د. عامر شطا أستاذ طب الأطفال:

    لا أدافع هنا عن الرئيس مرسى وسياساته وكنت من المعجبين جدا بأداء باسم يوسف الى ان اوقع نفسه فى المستنقع الأمريكى وجون ستيوارت وفوكس نيوز وانحيازهم المعروف للصهيونية. لماذا كل ما يسئ للاسلام والمسلمين هو فى نظر الغرب حرية الرأى مثل قضية سلمان رشدى, ولماذا اي اشتباه بمعاداة السامية هو جريمة نكراء؟ لماذا طردوا الصحفية المخضرمة هيلين توماس من البيت الأبيض لمجرد انها قالت رأيا ينصف الفلسطينيين ويدين الاستيطان؟ ولماذا طردوا أوكتافيا نصر من ال سي ان ان لمجرد كلمة طيبة قالتها عند وفاة الشيخ حسين فضل الله؟ سخر باسم يوسف من د. مرسى وقبعته التى ارتداها فى جامعة باكستانية, فهل يجرؤ باسم يوسف ان يسخر من اوباما عند ارتدائه القبعة اليهودية وهو يقدم الولاء للمغتصبين الصهاينة؟ لو فعلها باسم فلننتظر هل سيحتفلون به فى فوكس نيوز مرة أخرى؟ أم أننا اصبحنا نكيل بمكيالين كما يفعل السادة اصدقاؤنا فى الغرب؟

  5. يقول فاروق قنديل ـ النمسا:

    ياسيدتي ؛ أنت تكتبين لقارئ باللغة العربية ام لقارئ باللغة الانكليزية او غيرها من اللغات الاوروبية ؟ فإن كان للأول فنرجوك ان تتكرمي علينا وتفسري لنا ، ما معنى { الباركور والترايسورز } .

  6. يقول ابو محمد من الشابورة - غزه فلسطين:

    كل ما يفعله باسم يوسف هو الهجوم الغير لائق على شخص الرئيس وهو بهذا يفرح كل الكارهين للنظام الاسلامي الذي لم يعطوه اي فرصة لكي يعمل..اسهل شئ ان يقوم اعلامي يأخذ ملاييين جنيهات مقابل تهجمه على اول رئيس منتخب في العالم العربي ولكن التحدي هو كيف ان المعارضة واعلامييها يقدموا بمشروع مقابل للمشروع الاسلامي..ان افلاس المعارضة هو الذي يجعل اعلامي يحارب الرئيس بالنيابة.

  7. يقول ناصر السعيد:

    العور الاخوانجى يرى ان باسم يوسف وقع فى المستنقع الصهيونى بلقائه مع جون ستيوارت وعميل للغرب والاجندات الغربية المعاديين لمشروعهم الاسلامى بالرغم من لايوجد طفل فى مصر وفى العالم العربى والاسلامى استطاع حتى الان ان يفهم ما هو هذا المشروع الاسلامى وهل هو الاخ فى الرضاعة لمشروه النهضه الغريب والعجيب كما ان يوسف قام بذلك ك اعلامى من الاعلام االخاص ليس سسياسيا ولا يتقلد مناصب تنفيذية او حزبية وليس رئيس ل مصر ولاقائم على اى امر فيها ولا يرون ان اخوان كلينتون القائمين على الامر فى مصرغارقين للنخاع فى هذا المستنقع بوصولوهم الى الحكم بعد تقديم كل القرابين الشرعية وغير الشرعية على حسب شرع الاخوان على المسالخ الصهيونية فى واشنطن الشيطان الاكبر فى ادبيات وخطب الاخوان سابقا فى عصر الضحك على الذقون والدجل قبل الوصول الى الكرسى من الالتزام الكامل ب كامب ديفيد التى ملئت شعاراتهم برفضها ولزوم الغائها ووصف من قام بها بالعمالة والخيانه والكفر وضمان امن اسرائيل واختفاء ملايينهم الجاهزة على القدس بالرغم اعلان اوباما القدس عاصمة لاسرائيل اليهودية ورسائل الود بين مرسى وبيريز الاول يصفه بالصديق الوفى ويتمنى الرغد لشعب صهيون والثاتى يدعوا له بالتوفيق فى تثبيت اركان حكمه ويقرون بزيادة التعاون الامنى معه غير الخط الساخن بين اوباما ومرسى لاجبار حماس على قبول هدنه 20 عاما يمباركة واشراف وختم مكتب المقطم ما عجر عنه الكنز الاستراتيجى مبارك ورجله سليمان وقوافل الحجيج الاخوانية لواشنطن وزيارات صهاينة الادراة الامريكية للاخوان فى مصر قبل وبعد الثورة والانتخابات الرئاسية وزيارات ودية لباترسون لبديع ومقار الرئاسة الفعلى لمصر فى المقطم …….اذا كان كل هذا لا يصلح مادة فكاهية فى برنامج اعلامى كوميدى فما هو الذى يستحق الفكاهة اعتقد يجب على الاخوان والمعترضون على يوسف شكر باسم والشعب المصرى ان رد فعلهم على هذه المساخر الاخوانية هو الفكاهة فقط حتى الان.

  8. يقول تامرمحمد حسن / فلسطين:

    الهر المصري وليس القط

  9. يقول محمود سالم:

    لا اعرف لماذا دئما تعتقدوا ان كل شي في أمريكا هو مثالي !
    لا تستطيعي ان تقارنين بين الشعب الأمريكي والشعب العربي
    الجميع في العالم يعرف ان الشعب الأمريكي الأغلبية فيه غير مثقفة وجهلة
    مثلا
    لا يوجد دولة في العالم الأوربي أو العربي يمكن فيها ان ممثل لا يفقه شي ان يصبح رئيس مثل رولاند ريقن وحاكم الولاية أرنولد شفارتسن اكر بلغة الأصل النمسا وسوارسنيكر الانجليزية .
    سيدتي الفضيلة باسم يوسف مجرد فكاهي مثله مثل اي فكاهي ولاكن قد علي صوته أو بالآخرين ناس آخرون أرادوا ان يعلوي صوته لانه ضدد الاخوان
    انا ليس من الاخوان ولاكن يجب ان نقول الحق
    باسم يوسف لم يستطيع ان يغير شي في السياسة انه في مصر
    مصر بلد الثقافة والمثقفين

إشترك في قائمتنا البريدية