انتقادات لاذعة لإدارة بايدن بعد عرقلة قانون مناهضة التطبيع مع الأسد

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: تواجه الإدارة الأمريكية انتقادات واسعة بعد عرقلة مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع النظام السوري” وذلك من قبل أطراف في مجلس الشيوخ والإدارة الأمريكية، وخاصة بعد تمرير مشروع القانون بأغلبية ساحقة في مجلس النواب في فبراير/شباط الفائت، حيث اعتبر المنتقدون أن تعاطي واشنطن مع الأزمة السورية كان باتجاهين متعاكسين، الأول حينما تفرض العقوبات العلنية على النظام السوري، بينما تعمل في الكواليس على تخفيف الضغط عنه.
وبينما وجه معارضون سوريون وعلى رأسهم رئيس الوزراء السوري المنشق عن النظام السوري، رياض حجاب، انتقادات لاذعة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد عرقلتها مشروع القانون، كشفت صحيفة “واشطن بوست” في تحقيق أجرته بالاعتماد على إفادات مسؤولين أمرييكن في الكونغرس والمنظمات الأمريكية – السورية، تدخل مسؤولين محددين لسحب مشروع القانون وعرقلته، حيث رفضت إدارة الرئيس الأمريكي وضع مشروع القانون ضمن حزمة التشريعات العاجلة التي جرى التصويت عليها في مجلس الشيوخ ووقع عليها بايدن خلال فترة قصيرة.
ونقلت الصحيفة عن نواب في الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومنظمات سورية – أمريكية، أن إدارة بايدن “تعمل بهدوء خلف الكواليس على تخفيف الضغط على نظام الأسد، بينما تقوم سياستها في العلن وبشكل رسمي، على الوقوف ضد التطبيع معه”.
وقال نواب ومعاونون في الكونغرس، وفقاً للصحيفة، إن البيت الأبيض اعترض أثناء المفاوضات على إدراج مشروع القانون ضمن حزمة التشريعات المستعجلة التي أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي، وذلك على الرغم من عدم اعتراضه على إدراج قوانين تقضي بفرض عقوبات على إيران.
وقال النائب الديمقراطي بريندان بويل، أحد المهتمين بقانون مناهضة التطبيع مع الأسد، ومؤسس مشارك للتجمع السوري في “الكونغرس”، إن “الحرب المنسية لهذا الجيل هي في الواقع سوريا”.
وعلّق النائب جو ويلسون الذي طرح مشروع القانون قائلاً: “لا يمكن تفسير القرار بإزالة هذا القانون الذي وافق عليه الحزبان من حزمة القوانين المكملة، إذ إن عدم محاسبة إدارة بايدن لبشار الأسد بعد ارتكابه المجازر، يقوّي بوتين والنظام الإيراني”.
وكشف التحقيق أن الإدارة الأمريكية ومكتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بين كاردين “لم يعملا على الدفع قدماً لإقرار هذا القانون”، عندما تقدم النائب جيمس ريش من الحزب الجمهوري، وهو عضو في اللجنة، بمشروع القانون وملحقاته أمام المجلس في أيلول/سبتمبر 2023.
وقال إن “الكونغرس ملزم بتحريك هذا القانون، ولكن على الرغم من المطالبات المتكررة للقيام بذلك، عرقلت الإدارة الأمريكية وشركاؤها في الكونغرس عملية محاسبة الأسد مرات متكررة”.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة الأمريكية “تعتقد بأن لديها من الأدوات ما يساعدها على ملاحقة الأسد وشركائه.
معدّ التحقيق جوش روشين، حذر بدوره من تداعيات بقاء الأسد في السلطة بلا حساب، معتبراً أن “العالم لقن جميع الطغاة درساً الآن حول كيفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والهروب من المساءلة”، مشيراً إلى أن إدارة بايدين تساعد في كتابة قواعد اللعبة هذه، من خلال السماح ضمنيًا بالتطبيع الرئيس السوري بشار الأسد. واستشهد روشين بقول أحد الساسة الأمريكيين: الحرب المنسية لهذا الجيل هي الواقع في سوريا والفظائع التي ارتكبها الأسد.
وأضاف وفقاً لمشرعين من كلا الحزبين، أن السياسة الرسمية لإدارة بايدين هي معارضة تطبيع الأسد من خلال العقوبات، لكن وراء الكواليس، تعمل الإدارة بهدوء بشكل متعمد من أجل تخفيف هذا الضغط.
وفي حال ما لم يقرّ هذا القانون قبل نهاية 2024، ستنتهي مفاعيل العقوبات الحالية المفروضة على النظام التي أقرها قانون “قيصر” في 2020، وسينتهي الضغط على كل من يسهم بالتطبيع مع الأسد.
عرقلة مشروع القانون لاقى انتقاداً واسعاً من قبل المنظمات القائمة عليه والمعارضة السورية على حد سواء، حيث عبّر المدير التنفيذي لمنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى، لـ “القدس العربي” عن استياء المنظمات السورية – الأمريكية العاملة على مشروع القانون من عرقلته من قبل الإدارة الأمريكية، معتبراً أن هذا المشروع هو “أفضل ضغط متاح لتأمين بعض الحماية للمدنيين السوريين”.
وكتب رئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب، في تغريدة عبر حسابه الشخصي على منصة إكس: “عرقلة الإدارة الأمريكية الحالية مشروع قانون مناهضة التطبيع، يخالف مبادئ القانون الإنساني الدولي ويناقض المواقف المعلنة لواشنطن”.
ووصف عرقلة مشروع القانون بأنه “ازدواجية مريبة تدفع بحمى التطبيع مع النظام الغاشم ومحاولات رفع العقوبات عنه (…) انتهاك جديد لمنظومة “الاخلاقيات” التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية”.
خالفه في ذلك المعارض السوري أديب الشيشكلي، الذي اعتبر من جانبه أن عرقلة مشروع القانون “ليست مريبة أبداً”، مبدياً اعتقاده بأن “الأمر أكثر من واضح”، وأضاف: “لم يكن هناك أي نية أمريكية لإزالة هذه الطغمة الحاكمة أبداً منذ انتفاضة الشعب السوري إلى يومنا هذا”.
وكتب زياد شيخاني يقول: “بعد رفض إدارة بايدن تمرير قانون مناهضة التطبيع مع بشار الأسد، يبدو أن صور قيصر لم يكف إدارة بايدين للتصديق على القانون، تحتاج لمزيد من صور التعذيب للشعب السوري على يد المجرم”.
وبفكاهة سوداء، اعتبر الناشط مدحت علي من طرطوس الساحلية، أن عرقلة إدارة بايدين للمشروع عبارة عن مكافأة أمريكية – إسرائيلية لموقف بشار من الحرب في غزة، وكتب: “الكرسي غال والكرسي عزيز.. أميركا تعطل قانون مناهضة التطبيع مع سوريا”.
وأضاف: “هذه أول مبادرات الرضى الإسرائيلي على القيادة الحكيمة بسبب منع الشعب السوري من التظاهر وعن عدم التدخل بالحرب على غزة”.
بينما عزا مؤمن محمد، عرقلة مشروع القانون إلى ضعف المعارضة السورية الهزيلة، وقال: “سياسة الدول أصبحت هكذا تجاه سوريا بسبب ضعف المعارضة والفشل بتشكيل جسم سياسي يسحب الثقة من نظام الأسد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية