«انتصارات» جديدة لإسرائيل: قتل آلاف الأجنة ورسم النجوم على الجثث في غزة

حجم الخط
0

200 يوم من حرب وحشية لم يوفر فيها جيش العدو الإسرائيلي لا كبيراً ولا صغيراً ولا مقمطاً بالسرير… حرب شرسة لم تستهدف سوى المساجد والمستشفيات والكنائس وأرواح الأبرياء وبيوتهم… حرب استند فيها جيش العدو على الإجرام وعلى صواريخه وهمجيته المفرطة، فيما تسلّح أهالي غزة بقوة إرادتهم، وصمودهم، وإيمانهم بالحق ،والعدالة. وحين كان المحتل مشغولاً بقتل الأطفال وبتر أعضائهم، كان أطباء غزة وممرضوها يعملون بجد وإخلاص في مستشفيات القطاع غير آبهين بالموت المخيّمِ فوق رؤوسهم، وذلك رغم قلة الإمكانيات والموارد المتاحة. هؤلاء الأبطال لم يتوانوا عن تقديم العناية الطبية للمصابين والجرحى، بل عملوا ليلا ونهارا من أجل إنقاذ الحياة بكل إنسانية ومسؤولية. لقد تجلى النصر الأخلاقي في كل تفاصيل يوميات الفلسطينيين، حيث استمروا بالمقاومة والتشبث بأرضهم بكل شجاعة وإيمان، محافظين على كرامتهم وقيمهم الإنسانية. لقد أثبتوا للعالم أن الإرادة الحرة والإيمان بالعدالة لا يمكن أن تكسرها أي قوة داعمة للظلم والاحتلال. هكذا ستُخلَّد حكايات الشعب الفلسطيني وقصص صموده، رغم الألم والخسارات الكبيرة، في وجه الظلم والاحتلال. إنها قصص مليئة بالتضحيات والبسالة، ترويها أرواح الشهداء وأصوات المظلومين الذين لم ينكسروا أبدا ، رغم تحديات الظروف والجرائم بحق الإنسانية التي يتباهى بها المُحتل الإسرائيلي.

«انتصارات» جيش بيبي!

لا بد ان نلقي الضوء أيضاً على بعض «انتصارات» الجيش الذي كان يزعم أنه «الأكثر أخلاقية «في العالم … ونود التشديد على كلمة «بعض» لأن إنجازاته كثيرة، لا تحصى ولا تعد… ولا يمكن حصرها في مقال ولا حتى في كتاب أو مجلد. إنها بعدد صرخات الأمهات وقطرات دماء الأطفال ودموع الشيوخ، وبعدد الثواني «الصاخبة» التي عاشها الغزيّون منذ السابع من أكتوبر.. إنها بعدد التفاصيل المحشوّة بالرعب والموت والذل والتعطيش والتجويع والتعذيب بكل أنواعه وفصوله. لذلك لا بد من محاولة تدوين ما استطعنا إليه سبيلا كي نحافظ على مصداقية الكلمة وقدسيّة التاريخ.
من أين نبدأ؟ ربما من حكاية «انتصاره «على أحلام طفلة صغيرة… إنها طفلة لا يتعدى عمرها سبع سنوات حلمت بأنها استشهدت ودُفِنت. تروي لإحدى المراسلات في القنوات الفضائية كيف ماتت في الحلم… أخبرتها بأنها كانت مرمية على الأرض وعناصر جيش الاحتلال يدورون حولها. كانت الصغيرة تروي حلمها بتصالح كبير مع فكرة الموت والاستشهاد، فالموت في غزة هو عزة وقدسية وفَرَجٌ لأنه موت في سبيل فلسطين. وهو راحة من الرعب والجوع والعطش… ربما يستأنس الأطفال بموتهم لأنه يخلق لهم مساحات جديدة يلعب فيها الملائكة الصغار مع بعضهم البعض…
الموت في غزة قطار مألوف يمر كل يوم عشرات المرات، بل أحياناً مئات المرات… يتسلل إلى شوارع القطاع، ثم يقف قليلاً ليحمل برفق أجساد الخدج والرضع والأطفال. وبعدها ينطلق بسرعة إلى السماء البعيدة حيث يجتمع الأحبة ويلتقي الأطفال بأمهاتهم وآبائهم… لقد ازدحمت السماء بالأهالي من غزة.. وها هي تنادي سماءً أخرى مجاورة تساعدها في استضافة الوافدين الجدد …
لم يكتف الجيش «الأكثر أخلاقية»!! في العالم باغتصاب حلم طفلة، بل قرر القضاء على أحلام نساء لا ينتظرن شيئاً من الحياة سوى أن تمنحهن فرصة الأمومة … نساء عانين طويلاً على أمل أن ينجبن طفلاً يضمنّه إلى صدورهن… هكذا «انتصر» جيش الاحتلال على آلاف الأجنة من أطفال الأنابيب… نعم لقد تمكن من القضاء عليها كلها بعد أن دمّرها بقذيفة واحدة قاضية، فجيش العدو لا يقتل فقط الخدج والأطفال، بل وصل إجرامه إلى الأجنة…
ولا يمكن أن نذكر إنجازات الجيش المجرم من دون التطرق إلى أكبر «انتصاراته» وهي حربه على الجثث… فهو خبير بقطع رؤوس الجثث، كما يتفنن بسحب الجلود عن الأجساد.. وقد يأخذ بعض الجثث رهائن. وهناك في مسالخه يسرق أعضاءَها، ونادراً ما «يُشفق» عليها ويتركها حتى تستحيل رماداً … لقد حقق أعظم «انتصاراته» في مجمع ناصر الطبي في خان يونس.
ليلة الاجتياح الإسرائيلي لمدينة ومعسكر خان يونس تم قطع الطريق التي تؤدي إلى المقبرة الخاصة فقرر السكان دفن شهدائهم في مستشفى ناصر لأنها كانت المكان الوحيد المتوفر. وفي ثاني يوم العيد أبلغ الناس بعضهم البعض بضرورة إخراج الشهداء لدفنهم بشكل فرديّ في مقابر خاصة تليق بهم. وكان هناك ما يقارب الألف شهيد. لكن المفاجأة كانت أن العدو الإسرائيلي استقوى على الجثث ولم يكتف بتقطيعها وسرقة بعضها، بل أيضاً غيّر ثيابها ورسم على بعضها النجمة الإسرائيلية وعلى بعضها الآخر وجوهاً ضاحكة لاستفزاز الأهالي والشماتة بهم.
تقول امرأة وهي تشهق في البكاء: أنا أتيت أبحث عن ابني.. يعني له 3 شهور(في الغياب).. وكل يوم أبحث عنه فلا غمضت لي عين ولا جفّت لي دمعة.. سألت الصليب الأحمر والدفاع المدني حتى وصل بي الحال أن أكشف عن وجوه الجثث في الشوارع…. وتنهي كلامها بجملة واحدة: «الحمد لله رب العالمين…».
قد تكون تلك الجملة الأخيرة هي سر الصمود الفلسطيني الذي انتصر على إسرائيل رغم الموت اليومي… وقد شهد على هذا النصر شاهد من أهل داره.. فقد أكّد يتسحاق بريك الخبير العسكري الإسرائيلي أن دولة الاحتلال خسرت الحرب وعليها ان تعلن نهايتها.

*كاتبة لبنانيّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية