انتخابات الأردن: كيف سيتحالف «الاجتماعي العشائري» مع الحزبي وما هو الخليط المتوقع؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

عقد الانتخابات محطة في غاية الأهمية لكن الوضع الإقليمي وضع ضاغط بحيوية ملموسة، وجاهزية الأحزاب عموما فيها شكوك وتعقيدات.

عمان ـ «القدس العربي»: لا يجادل كثيرون في الطبقة السياسية الأردنية بأن «الإصرار على تنظيم الانتخابات النيابية» في البلاد يوم 10 من شهر أيلول/سبتمبر المقبل «مغامرة سياسية» وإن كانت محسوبة في ظل توسع نطاق الصراع الإقليمي وتداعيات الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني ومعركة طوفان الأقصى.

مبكرا وعلنا صوت رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب لـ«تأجيل الانتخابات» حيث لا ثمة مبررات للانتظار. ومبكرا أبلغ السياسي ممدوح العبادي بأن انعقاد الانتخابات في الظرف الحالي هو الأصعب وتأجيلها هو الأسلم حيث لا مسوغ للاستعجال.
عمليا وبصرف النظر عن تلك الطروحات انطلقت مسيرة التحضير في الأردن لانتخابات عام 2004 المثيرة للجدل حتى قبل أن تبدأ، فيما نتائجها لا يمكن التنبؤ بها بسبب «زحام شديد» من الأحزاب السياسية الجديدة ليس فقط على مقاعد القوائم الحزبية وعددها 41 مقعدا من 130 بل أيضا على اختيار مرشحين «ملائمين» لمقاعد الدوائر الفرعية. لاحقا بدا أن حسم مسألة التوقيت ضرورة ملحة لحسم كل المقاربات المرتبطة بترتيب الوضع الداخلي عموما بما في ذلك قياس مقدار نجاح وتسلل الخطوة الأولى في برنامج تحديث المنظومة السياسية، وسط قناعة شخصيات متعددة من بينها طبعا رئيس الهيئة المستقلة موسى المعايطة على أن المسيرة يتوجب أن تمضي وتتوقف عملية النظر للخلف كما شرح لـ«القدس العربي».
ينظر سياسيون كثر في جوار ومحيط دوائر القرار إلى أن الانتخابات المقبلة في غاية الأهمية لأنها الأولى التي ستجري بعد اعتماد وثيقة تحديث المنظومة السياسية كإستراتيجية عمل طويلة الأمد،
وبعد تغيير قانون الانتخاب بمعنى أن انتخابات 2024 محطة اختبار أساسية لمسار التحديث برمته خلافا لأنها الأولى التي ستشهد انبثاق أول تجربة في سياق البرلمان الحزبي.
الانتخابات المقبلة هي الأولى التي تنظم في الأردن على أساس وجود 41 مقعدا من أصل 130 في مجلس النواب مخصصة تماما وحصرا للأحزاب السياسية وبقية المقاعد بالتأكيد مخصصة فرعيا عبر قوائم في دوائر انتخابية أعيد صياغة حجمها وشكلها ومضمونها ما يجعل الأحزاب أيضا حسب القطب البرلماني خليل عطية وكما فهمت منه «القدس العربي» قادرة على المزاحمة في الدوائر الفرعية أيضا.
يتوقع خبراء أردنيون بأن قوى المجتمع التقليدي التي تهتم بالانتخابات قد تحصل على 50 في المئة على الأقل من مقاعد الدوائر الفرعية وعددها 89 مقعدا وذلك عبر تحالفات اجتماعية أو مناطقية البصمة.
لكن الأحزاب الكبيرة النافذة قد تزاحم وبقوة على النصف الثاني من المقاعد إذا ما تمكنت من بناء قوائم انتخابية صغيرة بطريقة مدروسة وفي إطار تحالفات اجتماعية حزبية أيضا، الأمر الذي يشكل اختبارا وطنيا حقيقيا لنوايا الاتجاه نحو التنمية السياسية، لكنه يشكل برأي عضو مجلس النواب يزن شديفات أيضا مقاربة على شكل تحدي ليس لخيارات الناس والمواطنين في الاقتراع ولكن لمستوى إقناع ومصداقية وبرامج الأحزاب السياسية التي تتوفر لها الآن قاعدة عريضة لاحتلال موقع متقدم في سلطة التشريع.
القيادي في حزب الميثاق أبرز أحزاب الوسط محمد الحجوج والذي يصفه الأمين العام الدكتور محمد المومني بأنه «حزب محافظ» أبلغ «القدس العربي» بأن الفرصة متاحة لكي تثبت الأحزاب السياسية للشعب الأردني جدوى وإنتاجية برامجها.
يقدر الحجوج بأن الأحزاب بعد الكوتا المتمثلة بـ 41 مقعدا لا يوجد ما يمنعها من اقتناص «حصة معقولة» من عدد مقاعد الدوائر الفرعية المحلية أو ثلثها على الأقل بمعنى أن كلمة الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان قد تكون مؤثرة وقابلة للتدريج في مسار التحديث خصوصا وأن القانون ينص على توسيع حصة الأحزاب في الانتخابات اللاحقة لتلك التي تجري أو يفترض أن تجري قبل نهاية العام 2024.
في انتخابات 2028 وفقا للخريطة الموضوعة مسبقا يفترض أن تصل حصة الأحزاب إلى 50 في المئة ثم 70 في المئة وصولا إلى 100 في المئة.
ذلك التدريج كان مقصودا حتى ينتهي المشهد بعد 10 سنوات على الأقل ببرلمان حزبي تماما ولاحقا بتشكيل حكومة أغلبية برلمانية. لكن التحديات ليست سهلة في اتمام هذا التدرج فأحزاب الوسط لا تبدو بعد جاهزة لكنها قد تتعلم من الممارسة والتجربة لاحقا.
والسلطات التي كانت تميل الى هندسة الانتخابات فرض عليها المسار إيقاعات مختلفة أو جديدة أكثر انضباطا، ونصوص القوانين تؤدي إلى تجريم التدخل في الانتخابات الآن من قبل الموظف العمومي، والتيار الإسلامي وهو الإطار الحزبي الأكثر خبرة في الاشتباك الانتخابي مولع بربط كل الأمور بمعركة طوفان الأقصى.
فوق ذلك تداعيات الإقليم تفرض إيقاعها على السلطات المرجعية وعلى منظومة الأولويات السيادية وتحدياتها والمعنى هنا أن أول تجربة انتخابية في عهد مسار المنظومة السياسية في البلاد على أهميتها لا تجد بيئة إقليمية سياسية مواتية لإجراء الاستحقاق في ظروف ملائمة لان صخب الإقليم والقضية الفلسطينية فرض إيقاعاته حقا بكل الاتجاهات. الخلاصة في الاستنتاج السياسي المحلي أن عقد تلك الانتخابات محطة في غاية الأهمية لكن الوضع الإقليمي وضع ضاغط بحيوية ملموسة وجاهزية الأحزاب عموما فيها شكوك وتعقيدات.
بالمقابل الهيئة المستقلة المعنية جاهزة تماما وأحزاب الوسط على الأقل تختبر امكاناتها وتخاطب الميدان وكل السيناريوهات بالضرورة مطروحة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية