الوزير الحسيني لـ”القدس العربي”: المشاركة في انتخابات القدس لا تنسجم مع موقف منظمة التحرير

وائل الحجار
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: 

قال مسؤول دائرة القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، ووزير شؤونها في السلطة الوطنية، عدنان الحسيني، لـ”القدس العربي”، إن مشاركة المقدسيين في الانتخابات المحلية التي ينظمها الاحتلال الإسرائيلي في القدس، لا تنسجم مع موقف منظمة التحرير الفلسطينية، مشددا على أن القدس هي قضية سياسية وليست خدمية، وأنه لا يجب إعطاء الاحتلال صورة تظهره على أنه ديمقراطي.

وكان الحسيني يتحدث ردّا على أسئلة “القدس العربي” بشأن مشاركة مقدسيين للمرة الأولى في لوائح ترشيح في الانتخابات التي أجّلتها الحكومة الإسرائيلية من 31 تشرين الأول/ أكتوبر إلى يوم غد الثلاثاء.

وفي سياق آخر، قال الحسيني إن استقالة حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية تنسجم مع الترتيبات السياسية للمرحلة الحالية، داعيا إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، وشدد على أن أي توافق يجب أن يكون تحت مظلة منظمة التحرير.

مشاركة المقدسيين في الانتخابات المحلية التي تنظمها إسرائيل، لا تنسجم مع موقف منظمة التحرير الفلسطينية، فالقدس هي قضية سياسية وليست خدمية

وفي ما يلي نص الحوار:

س: هذه المرة الأولى التي تشارك فيها لائحة تضم فلسطينيين في الانتخابات المحلية التي يجريها الاحتلال بالقدس المحتلة.. كيف تقيّم هذه الانتخابات؟ وهل لديك تعليق على موضوع مشاركة المقدسيين فيها؟

ج: هذا موضوع لا يعنينا. هذه انتخابات بلدية وانتخابات خدمات. قضيتنا في القدس ليست قضية خدمات، بل قضية سياسية بامتياز. وبالتالي، ذهابنا إلى انتخابات بلدية يصغّر موضوع القدس كثيرا. موضوع القدس هو موضوع فلسطين. ويجب أن يأخذ بعده الحقيقي. القدس تحت الاحتلال. القدس هي عاصمة دولة فلسطين، وأيّ تعامل مع الاحتلال غير وارد لا من بعيد ولا من قريب. هذا الموقف الرسمي الفلسطيني، وهذا الموقف أعلناه قبل الانتخابات، وفي نهاية المطاف ليس لدينا تغيير فيه.

س: هذا يعني أنكم تدعون المقدسيين إلى مقاطعة هذه الانتخابات المحلية؟

ج: نحن قلنا وجهة نظرنا قبل الانتخابات، ويعرف المقدسيون ماذا يفعلون.

س: هل مشاركة المقدسيين في الانتخابات هي خروج عن موقف منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الإطار؟

ج: أنا أعتقد أنه طالما هذا موقف المنظمة، فهذا يفترض أنه (المشاركة في الانتخابات) لا يتماشى مع موقفها. ثانيا، نحن على يقين بأن قضية انخراط المقدسيين الفلسطينيين في هذه الانتخابات، حتى لو أخذوا بعض الأصوات، فإنّها لا يمكن أن تغيّر من توجهات حكومة يمينية متطرفة لا ترى الفلسطينيين أصلا. فلماذا نعطي فكرة أمام العالم بأننا نعيش في ديمقراطية، وأننا نشارك؟

وفي نهاية المطاف نحن نعيش وضعاً في غاية الصعوبة، نتحرك من حيّ إلى حيّ في القدس. هذه قضية معنوية أمام العالم. هل يرى العالم أن الأمور في القدس عادية، في حين أن القدس تحت احتلال جائر وصعب جدا؟ لا يمكن أن نعطي (الاحتلال هذه الصورة). لا يمكن أن نعطي هوية لهذا الاحتلال بأنه ديمقراطي، وأن أهل القدس يشاركون في الانتخابات، وأن القدس بخير.

القدس تعاني الأمرّين، وبالتالي علينا أن نسمّي الأمور بمسمياتها، وأن نحاول وضع حلول، ونفّكر في بعض الأشياء الجانبية التي يفترض البعض من وجهة نظره أنها يمكن أن تساعد المقدسي. قضية المقدسي سياسية، لا يمكن أن للمقدسي أن يساعد نفسه إلا بانتهاء الاحتلال، وأن تكون القدس فلسطينية لأصحابها.

س: رأينا حكومة الاحتلال تتّجه إلى فرض مزيد من القيود على الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وحذّرت جهات سواء كانت فلسطينية، أو حتى بعض الجهات الأمنية الإسرائيلية، من تداعيات مثل هذه الخطوة. كيف ترون الوضع بالقدس في شهر رمضان إذا مضت حكومة الاحتلال في مخططاتها؟

ج: شهر رمضان موسم في غاية الأهمية بمدينة القدس، ويمثل جزءاً من طابع المدينة وجمالها وروحانيتها، وهذا لا يتأتّى إلا من خلال وجود الناس وحضورهم من كل مكان إلى المدينة وإلى المسجد الأقصى المبارك، وإلى البلدة القديمة، وإلى أحياء القدس المختلفة. هذه القيود ستغيّر كل هذه القاعدة، وبالتالي نحن نرى في ذلك ظلماً للقدس وأهاليها، وليس من حق الاحتلال أن يغيّر في المفاهيم الجارية بالقدس. المسجد الأقصى كان دائما قبلة، والقبلة الأولى أصلا، وبالتالي هذا يعني أنّ الحكومة الإسرائيلية لا تفكر بعقلانية، بل بعقلية المستوطنين، وهدفهم هو السيطرة على المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم القانوني والتاريخي فيه.

الحكومة الإسرائيلية لا تفكر بعقلانية، بل بعقلية المستوطنين، وهدفهم هو السيطرة على المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم القانوني والتاريخي فيه.

نحن نقول إن هذا أمر خطير يجب إعادة النظر فيه، ويجب على الجميع أن يأتوا إلى مدينة القدس. لا يوجد خوف من الناس عندما يأتون، ولا توجد أي مظاهرات، ولا يوجد أي شيء طالما أن هذا الإنسان يأتي إلى مسجده ولا يُهان من أحد، ولا يستفزّه أحد. يأتي بسلام، ويذهب بسلام، وهكذا كانت الحال في السنوات الماضية، ولكن هذا الاحتلال يضع القيود، وتحصل تصرفات من قوات الاحتلال فيها إهانة للناس وتفتيش وما إلى ذلك، ومن ثم يحصل الاحتكاك. نحن لا نريد أن يحصل أي احتكاك، نريد أن يُترك الناس بحريتهم، وسيكون كل شيء هادئاً.

س: نرى أيضا مزيداً من هدم المنازل في حي سلوان وغيره، إلى ماذا تهدف هذه السياسة الإسرائيلية؟

ج: هذه إحدى نقاط التهجير، أي خفض عدد السكان، وتهجيرهم بطريقة يسمّونها قانونية. أنت تبني من دون رخصة، وبالتالي أنت غير قانوني، وعندما يُهدم بيتك تهاجر وهلمّ جرا. لو كانت القضية قضية رخصة، فالرخصة من أسهل ما يمكن، والبلدية تقوم بتخطيط الأحياء وتعطي رخصاً، كما في كل مكان. ولكن القضية ليست كذلك، إنها قضية سياسية. والمحصّلة واضحة، التهجير ولا شيء غيره. ولكن مع كل ذلك، يحاول المقدسيون أن يحافظوا على وجودهم في مدينتهم، وأن يتقاسموا البيوت ولقمة العيش. إنّهم في حصار صعب، وهذا قدرهم، وليس بإمكانهم أن يكونوا إلا مرابطين وصابرين.

س: هنالك حديث عن اليوم التالي للحرب المدمرة في غزة وعن ترتيبات معينة، أين موقع القدس من أي عملية تسوية سياسية؟

ج: الحرب على غزة يجب أن تتوقف، كما أن الحرب على الضفة الغربية والقدس يجب أن تتوقف.. بالتأكيد الحرب في غزة غير مسبوقة، ولكن نحن أيضا في كل بلدة، وفي كل مخيم بالقدس، نناضل. فالقضية واحدة. اليوم هنالك يعني تعاطف، وقد برز فهم دولي بأن الفلسطينيين يجب أن يحصلوا على دولة، ومن حقهم أن تكون لهم دولة. هذا العنوان يغضب الحكومة الإسرائيلية. هذه هي الطريقة الوحيدة ليعيش الجميع بسلام وهدوء.

هذه الأفكار وهذه الثقافة العدوانية تجاه المقدسيين هي التي تخلق كل التشنجات وتعطّل كل شيء في فلسطين المنطقة. الحرب يجب أن تتوقف. الإمدادات يجب أن تذهب إلى غزة، وقطاع غزة هو جزء أساسي من الأرض الفلسطينية، لا يمكن الاستغناء عنه. الأمر نفسه في الضفة الغربية والقدس. والدولة مقبلة لا محالة، لأن الوقوف عكس التيار المنطقي الذي يؤمن به كل العالم ويدعمه، لا يمكن أن ينجح في نهاية المطاف، وستقام الدولة الفلسطينية إن شاء الله.

س: اليوم، قدّم رئيس الوزراء محمد اشتية استقالته، وتحدّث عن أسباب عديدة. هل بحثت منظمة التحرير الفلسطينية في السابق أو تبحث خيارات يتم الحديث عنها كحكومة تكنوقراط؟ وهل سيكون ذلك في إطار توافق مع بقية الفصائل ومن ضمنها أيضا حماس؟

ج: بالتأكيد هناك جدل قائم حول اليوم الثاني بعد انتهاء الحرب. يعنينا أن تنتهي الحرب أولا، ويعنينا أن تدخل الإمدادات الإنسانية. هذه حرب الجوع في القرن الواحد والعشرين، ليست موجودة في أيّ مكان من العالم إلا عندنا في فلسطين. ونحن بلد الخيرات وبلد العزة. أهل فلسطين يعانون من الجوع، هذا شيء لا يمكن أن يكون مقبولاً بأي حال من الأحوال. على أيّة حال، بالنسبة للحكومة، قامت الحكومة بدور كبير في الفترة السابقة على مدى خمس سنوات تقريبا، ولا بد أن يحدث شيء من التغيير في الحكومة من فترة إلى أخرى، وأن تكون هناك ترتيبات للمرحلة السياسية التي نعيش فيها هذه الأيام.

يجب أن يحصل توافق فلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، لأنّ هذا التفاهم هو سبب النجاح والانتصار

س: هل هنالك توجه لتوافق وطني حول أية حكومة سواء كانت تكنوقراط أو غير ذلك؟

ج: يجب أن يحصل توافق فلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، لأنّ هذا التفاهم هو سبب النجاح والانتصار. يجب أن تكون منظمة التحرير هي التي تجمع الفلسطينيين تحت مظلتها، وتجسّد الكرامة الفلسطينية، ومن ثم تبحث كل التفاصيل الأخرى في هذا السياق. يجب أن يكون تفاهم وتعاضد، يجب إنهاء الانقسام. يكفي الفلسطيني ما يعانيه في حياته من ضنك وظروف صعبة وحياة قاسية. يجب أن نكون يداً واحدة حتى نتمكن من بناء فلسطين، ومن ثمّ نعيش بسلام في المنطقة، ونقدّم خدماتنا وقدراتنا كفلسطينيين إلى كل العالم.

س: ولكن حكومة الاحتلال سرّبت خطة اليوم التالي التي تسعى لفرض إدارة جديدة في قطاع غزة، وفصله عن الضفة الغربية، وعدم إعطاء أي دور للسلطة الوطنية، وبالتالي لمنظمة التحرير في مرحلة ما بعد الحرب. هل هذا سيناريو واقعي؟

ج: هذا السيناريو غير واقعي، نتنياهو يعاني أوضاعاً غير سهلة، هو محاصر من كل الاتجاهات، من المحاكم الدولية والاعتصامات في كل مكان والمظاهرات. وحتى أن الدول بدأت تشير إلى ضرورة قيام دولة فلسطينية وأن تتوقف الحرب وأن يحصل وقف إطلاق النار. والعالم كله في جهة، ونتنياهو وحكومته في جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية