الوجه المُعتقل من سوريا فنان الكاريكاتير السوري ‘أكرم رسلان’

حجم الخط
1

بثبات ومثابرة وهدوء عمل فنان الكاريكاتير السوري ‘أكرم رسلان’ على انتقاد آليات تعاطي الحكومة السورية مع أحداث درعا، وانتفاضة سوريا التي تحوّلت إلى ثورة عارمة في مختلف مناطق البلاد. وبشجاعة استثنائية تنسجم مع ما تتطلبه محاولة تحطيم التابوهات الجاهزة كانت رسوم ‘رسلان’ التي لم تخش تناول شخص الرئيس السوري ‘بشار الأسد’، وهو الأمر الذي يعتبر أقصى الخطوط الحمراء الممنوع تناولها أو المس بها. وكلنا لا نزال نتذكر الواقعة الشهيرة عام 2007 يوم أوقفت صحيفة ‘بلدنا’ المملوكة لنجل السفير السوري في الأردن حالياً ‘بهجت سليمان’ بسبب كاريكاتير نشرته الصحيفة، وذلك لمدة ثلاثة أشهر، مع إقالة رئيس تحريرها آنذاك. يومها لم يتعرّض الكاريكاتير المنشور حتى لما هو أقل بكثير من شخص الرئيس السوري.
كاريكاتير رسلان هو كاريكاتير موقف يعرضه دون الحاجة إلى الاستعانة بتكنيكات مستهلكة مثل تضخيم أحجام الشخصيات لتثير الضحك، أو إثقال اللوحة بتفاصيل تشوش الفكرة الرئيسية والهدف من استخدامها أساساً كان التوضيح والشرح. شخوص قليلة، ألوان متوازنة، ومباشرة في قول قضيته التي هي رفضه لسياسة النظام السوري الذي اعتمد الحل الأمني العسكري في ردّه على مطالب الشارع السوري بالكرامة والحرية.
كذلك، تتميّز أعمال أكرم رسلان الانتقادية بضآلة شحنتها الساخرة، إذ يطغى عليها طابع أكثر جدّية في إطار الشكل المرسوم. وهي بهذا تنجو من المطب الأكثر شهرة الذي يغرق فيه رسامو الكاريكاتير، لتتمسّك بموقفها النقدي وتمارس دورها كوسيلة احتجاج سلمي. الرد على رسوم رسلان لم يتأخر كثيراً، إذ داهمت قوى المخابرات العسكرية مقر عمله في جريدة ‘الفداء’ في حماة، واعتقلته من مكان عمله يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2012. أكرم رسلان من مواليد مدينة صوران 1974، في محافظة حمـاة، تخرّج من كليّة الآداب في جامعة دمشق عام 1996، كان يعمل في جريدة ‘الفداء’ الرسمية، ومجموعة متنوعة من الصحف العربية بالإضافة إلى عمله في موقع ‘الجزيرة نت’.
مؤخراً، تناقلت المواقع الاجتماعية خبر وفاة أكرم رسلان في معتقله السوري، وهو ما لم نستطع التحقق منه. إلاّ أنّ صفحتين مخصصتين للتضامن معه على موقع ‘فيسبوك’ نفتا الخبر. من جهتها أطلقت منظمة ‘آفاز’ الدولية عريضة تطالب الجهات الدوليّة الضغط على النظام السوري للكشف الفوري عن مصيره. وكان سبق لـ ‘المركز السوري للإعلام وحرية التعبير’ أن أصدر بيانين لمطالبة الحكومة السورية بالكشف الفوري عن مصير رسلان، وجهات حقوقية دولية وسورية أخرى عديدة.
بعيداً عن البيانات الحقوقية، فقد حظيّت قضية فنان الكاريكاتير السوري المُعتقل بالتكريم والتضامن العالمي، في مقابل ضعف التحرّك والتضامن السوري معه خاصة من قبل المُثقفين وفناني الكاريكاتير السوريين.. علماً أنّ رابطة ‘المغتربين السوريين في اليونان’ ساهمت مؤخراً بعرض أعمال رسلان الكاريكاتيرية. إلاّ أنّ تكريم رسلان الأبرز تمثّل بنيله- وهو في المُعتقل- جائزة الشبكة الدولية لحقوق رسامي الكاريكاتير ‘كرني CRNI’ للعام 2013، وفي البيان الذي أصدره رئيس مجلس إدارة الشبكة ‘جويل بيت’ بهذا الشأن ذكر: (‘كرني’ يعطي أكرم رسلان جائزة الشجاعة السنوية لمؤسسة ‘دينا’ في الرسوم الكاريكاتيرية تقديراً لشجاعة استثنائية له في مواجهة قوى العنف عبر رسومه، لقد حاول قول الحقيقة فقط).
مضيفاً أنّ رسلان قد يُحاكم أمام محكمة الإرهاب في دمشق، مُضيفاً أنّه ربما يواجه تهماً منها (التعاون مع الجماعات المتمرّدة، والعمل ضدّ الدستور السوري، وإهانة رئيس البلاد، والتحريض على الفتنة، وتشجيع الثورة ضدّ النظام العام، والنيل من هيبة الدولة السورية).
في بيانها طالبت الشبكة الدولية لحقوق رسامي الكاريكاتير: (إننا ندعو الحكومة السورية إلى إسقاط التهم الموجهة إلى السيد رسلان، وإعادته إلى أسرته).
إلاّ أنّه لم يكن هناك أي رد من الجانب السوري، لتقوم بعدها مجموعة من أشهر رسامي الكاريكاتير العالميين بالتوقيع على صورة الفنان السوري أكرم رسلان من أجل إطلاق سراحه مع ذكرى اعتقاله الأولى، وذلك في فرنسا، خلال مهرجان الكاريكاتير الدولي ‘سان جوست لو مارتيل’ في تشرين الأول/ أكتوبر 2013.
وكان من الموقعين على الصورة التي حملت (120) توقيعاً: أنطونيو أنطونس / البرتغال (مدير مسابقة الكاريكاتير الصحافي العالمية)- دارل كاغلي/ الولايات المتحدة الأمريكية (مدير موقع كاغلي للكاريكاتير)- ستيف ساك/ الولايات المتحدة الأمريكية (رسام صحيفة الستار تريبيون)- يوغوسلاف فلاهوفيتش / صربيا (رسام صحيفة نين)- مارلين بول / ألمانيا (نائبة رئيس منظمة فيكو للكاريكاتير)- بيير فياز / فرنسا (رسام صحيفة نوفيل أوبسيرفاتور) وكل من الرسامين الفرنسيين: موان فيليب و غاب وبريتو، ومن العالم العربي وقّع اللبناني حبيب حدّاد (رسام صحيفة الحياة) والمصري جورج بهجوري.
اعتقل أكرم رسلان منذ أكثر من عام لأنه مارس بكل سلميّة حقه الدستوري في حريّة الرأي والتعبير، والذي تحفظه جميع الشرائع والاتفاقيات الدولية. وإلى اليوم لم تتوفر أي أنباء حول مصيره وحياته، لم يحوّل إلى أي سجن مدني، ولم تعلن الحكومة السورية أي اتهامات مباشرة بحقه، ولم تره عائلته منذ اعتقاله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ديمة -سورية:

    الاعتقال = العار

إشترك في قائمتنا البريدية