المغرب: الانتخابات الجزئية في مدينة فاس تشعل التنافس بين الأغلبية والمعارضة

حجم الخط
0

الرباط – “القدس العربي”: تشهد الانتخابات الجزئية في مدينة فاس، التي تجري اليوم الثلاثاء، تنافساً شرساً بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، لشغل مقعد شاغر بمجلس النواب بعدما جرَّدت المحكمة الدستورية البرلماني عبد القادر البوصيري عن حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” بدائرة فاس الجنوبية، من صفته على إثر متابعته قضائياً بتهم “تبديد أموال عمومية والاختلاس والتزوير في محررات رسمية والارتشاء”.
وأعلنت أحزاب الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال)، دعمها لمرشح حزب “التجمع الوطني للأحرار” رجل الأعمال خالد العجلي في الانتخابات المزمع إجراؤها يوم 23 نيسان/ أبريل، فيما عملت قيادات وكوادر حزب “التجمع الوطني للأحرار”، وعلى رأسهم الوزراء محمد الصديقي وفاطمة الزهراء عمور ومصطفى بايتاس، على تأطير لقاءات تواصلية ومهرجانات خطابية دعماً لمرشح الحزب، حضرها عدد من البرلمانيين وممثلي أحزاب الأغلبية بمدينة فاس.
ودعا بيان مشترك لأحزاب الأغلبية، أهالي دائرة فاس الجنوبية للمشاركة بكثافة في هذا الاستحقاق الانتخابي. كما دعا جميع الفرقاء السياسيين والأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات الجزئية إلى التحلي بروح المسؤولية واحترام كل الضوابط القانونية والأخلاقية للانتخابات ودعم مرشح حزب “التجمع الوطني للأحرار” خالد العجلي والتصويت لصالحه.

مرشحون شتى

وإذا كانت أحزاب الأغلبية اختارت دعم مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار خالد العجلي فإن أحزاب المعارضة اختار كل واحد منها دخول السباق بمرشحيها، حيث رشح حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، ياسر جوهر، وعقد الحزب المعارض تجمعاً خطابياً أطره عُضوا المكتب السياسي عبد الحميد جماهيري وحنان رحاب، وحضره قادة اتحاديون وآخرون منتمون لحزب “التقدم والاشتراكية”.
وقال وكيل لائحة حزب “الوردة” ياسر جوهر، إنه يتشرف بالثقة التي وضعها فيه حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، وتعهد بأن يكون عند حسن ثقة الحزب وساكنة فاس، وأن يترافع بجدية ومسؤولية عن قضايا المدينة. من جانبه، نزل عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” بكامل ثقله ترويجاً لمرشح الحزب الإسلامي المعارض، داعياً سكان مدينة فاس إلى التصويت على محمد خيي للتنافس على المقعد النيابي.
وقال في كلمته بالمهرجان الخطابي للحملة الانتخابية الجزئية بدائرة فاس الجنوبية، مخاطباً أهل فاس: “يجب أن تُصوِّتوا على “العدالة والتنمية”، لكي نحارب المخدرات والفساد والرشوة، فالجميع يشهد لمُرشَّحينا بنظافة اليد والكفاءة والنزاهة والاستقامة والقدرة على الإنجاز”، وفق تعبيره.
وأكد أن حزبه “ليس حزباً مجهولاً ولا يحتاج اليوم ليتحدث عن نزاهة أعضائه”. كما اعتبر سعيد غازي عباسي، مدير الحملة الانتخابية لحزب “العدالة والتنمية” بفاس، أن “العدالة والتنمية” قدم “مُرشّحاً في المستوى، وذا كفاءة في التدبير والترافع عن قضايا المواطنين محلياً ووطنياً”، داعياً المواطنين إلى التصويت عليه.
من جانبه، رشح حزب “الحركة الشعبية” رشيد بلبوخ الذي دعا سكان فاس الجنوبية إلى المشاركة بكثافة في هذا الاستحقاق الانتخابي، فيما يراهن حزب “الاشتراكي الموحد” على أسامة أوفريد، ويدعم حزب “الديمقراطيون الجدد” عبد الباسط إغواز.

مصالح مشتركة

في هذا الصدد، قال محمد معاش، باحث في العلوم القانونية والسياسية، إن الذي يميز الانتخابات الجزئية التي تعرفها مدينة فاس، المنافسة الشرسة بين مختلف الأحزاب السياسية التي تسعى إلى تعزيز رصيدها النيابي بمقعد إضافي، ولعل التنافس يرتكز بالأساس بين مرشح حزب “التجمع الوطني للأحرار” المدعوم من طرف أحزاب الأغلبية ومرشح حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” الذي يسعى إلى استعادة المقعد الذي فقده.
كما يخوض حزب “العدالة والتنمية” بجدية غمار هذه الانتخابات ويسعى إلى الظفر هو الآخر بهذا المقعد.
وأبرز معاش متحدثاً لـ “القدس العربي” أن أهمية هذا المقعد تختلف بالنسبة لكل حزب، حيث يرى فيه حزب “التجمع الوطني للأحرار” على أنه “استفتاء جزئي على الإنجاز الحكومي” وأنه يعكس استمرار ثقة المغاربة في الحكومة، بينما يعتبر حزب “الاتحاد الاشتراكي” أن الأمر يتعلق بمقعده الذي فقده وبالتالي يتعين عليه استعادته.
وتابع: “الجديد في هذه الانتخابات هو الإنزال القوي لحزب “العدالة والتنمية” الذي سبق أن حل خامساً خلال الانتخابات التشريعية لـ 8 أيلول/ سبتمبر 2021 بدائرة فاس الجنوبية، حيث حصل مرشح الحزب آنذاك إدريس الأزمي الإدريسي على 332 5 صوتاً بفارق 367 صوتاً عن المرشح الاتحادي.
وفيما يخص تحالف أحزاب الأغلبية علاقة بدعم مرشح حزب “الأحرار”، يعلق المحلل السياسي المغربي أن الخطوة ليست جديدة على هذه الأحزاب، وأنها عملت في محطات سابقة، على دعم مرشح “الأحرار” في كل من الانتخابات الجزئية بمدينة مكناس ومدينة بني ملال.
الدعم الحاصل في محطات انتخابية عديدة، يجد له المتحدث تفسيراً، انطلاقاً من التنسيق الذي يجمع بين أحزاب الأغلبية سواء على مستوى البرلمان أو الحكومة، إضافة إلى وجود “مصالح متبادلة وأن الأمر يتم في إطار تسويات”، على العكس نجد أن المعارضة غير متناسقة نظراً لكون المصالح متعارضة وهو ما يجعل كل حزب يعمل بشكل منفرد، وفق تعبير محمد معاش.
وكانت المحكمة الدستورية قد قضت في قرار صدر في 3 كانون الثاني/ يناير 2024، بتجريد عبد القادر البوصيري، بصفته نائباً عن دائرة فاس الجنوبية، وكذا تنظيم انتخابات جزئية بالدائرة الانتخابية المحلية فاس الجنوبية، تطبيقاً لأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وعللت المحكمة قرار العزل، بأن المادة السادسة من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تنص في بندها الثاني على أنه لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب “الأشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائياً بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، في حالة الطعن في القرار الـمذكور، أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية